تحليلات

عاصفة “الوهابية” تفرز أحقادها الطائفية ضد “الزيدية”

images

شرعية “هادي” على فراش “داعش الكبرى”

الهوية – خاص.

في ظل العدوان السعودي على اليمن، يتردد بين الأوساط السياسية والفكرية والمحللين والإعلاميين، سؤالا: هل ما يحدث في اليمن صراع سياسي أم أنه صراع مذهبي؟.

أحيانا، يتحدث الإعلام السعودي بأن هذا الصراع، صراع سياسي على السلطة، لكنه سرعان ما يختلف مع نفسه ويجعل من هذا الصراع يأخذ بعدا مذهبيا لأن “أنصار الله” وحلفاءهم من أتباع المذهب الزيدي، و”هادي” و”أذنابه”، و”القاعدة” و”داعش” و”الإخوان” من المذهب الشافعي، بالرغم من أن “الزيديين” أقرب للسنة من الشيعة. ولكن الحقيقة هي أن “آل سعود” يتبنون عاصفة الطائفية السياسية على القبيلة اليمنية.

ما من شك، من أن شن الحرب على اليمن، ما هو إلّا اندفاع كبير وتهور سيدخل مملكة “آل سعود” جحيم الصراع العسكري والميداني الذي لا يمكن أن ينتهي إلّا بسقوط نظامهم، خصوصا، أن هناك من الشعب السعودي، بل من العائلة المالكة نفسها، من يعترض على ما قام به “الكيان السعودي” من اعتداء على اليمن، بذريعة حفظ السلام وإعادة الشرعية لشخص “هادي”. وهل يعقل، أن تدمر البنية التحتية لبلاد بأكملها وكل مطاراتها وموانئها، وتدك معسكرات وتحرق مساكن وتجمعات سكانية ومصانع وطنية من أجل إعادة الشرعية لرئيس قدم استقالته وهرب من الميدان إلى الخارج.

يبدو أن الأمر أخطر بكثير من ذلك، وبما يدل على أن الورقة الطائفية قد احتلت الصدارة في تعامل “الكيان السعودي” مع الجيران، ومن يحاول تقليص دورها في تشكيل الحكومات العربية، ومنها اليمن.

ما من مشكلة لدى “الكيان السعودي”، ولا حرج، من استخدام “شرعية” ‏هادي لتدمير اليمن، سيما و”هادي” عرف عنه، بأنه شخصية ضعيفة ولا يمتلك رؤية وطنية أو حتى خبرة اجتماعية. حسب وصف “الإندبندنت” البريطانية له.

ما يلاحظ، هو أن “حاخامات” مذهب ‏”عاصفة الحزم”، كانوا في كل يوم يعتنقون هدفا جديدا، فمن دعم الشرعية وإعادة الفرقاء السياسيين للمفاوضات، تحولت إلى القضاء على القوة العسكرية لصالح والحوثيين، قبل أن تتحول إلى هدفا مفتوحا حتى يعود هادي إلى الحكم، امتدادا إلى محاربة إيران والمد الشيعي في اليمن، وغيرها من الأهداف الرخوة والسخيفة، بسخف متبنيها.

ربما “شرعية هادي”، فقط، قدمت طلب العدوان، في حين تركت لـ”آل سعود” تحديد التفاصيل وتعديلها. وفي الوقت الذي بالغ المجتمع الدولي و”الإخوان المفلسون” في تكريس هذا المعنى لـ”شرعية هادي” الذي يبدو أنه يقبع في الرياض لفترة غير محددة، لا ليحكم، وإنما لـ “يحلل”، إذ بات “هادي” مجرد دمية رئيس شبه معتقل في دولة أجنبية، ذو شرعية بائرة، ومغتصبة من أمراء “داعش” الكبرى “آل سعود”، وبين الحين والأخر يمنحونه في أوقات فراغه الطويلة، فرصة للتسلية، بإصدار المزيد من التسهيلات لتدمير الوطن الذي عجز عن أن يحكمه. هو ومن معه من الدمى البائرة.

علماء الدين في اليمن، أكدوا أن العدوان السعودي استهدف كل مقومات الحياة وانتهك كل الحرمات التي أجمعت على حرمتها كل الشرائع السماوية والدساتير والمواثيق الدولية.

وقال العلماء في بيان، إن اليمن يتعرض لعدوان سعودي غاشم وآثم وحرب إبادة وقتل وتخريب وتجويع وحصار جوي وبري وبحري أهلك الحرث والنسل.

ودعا العلماء شعوب الدول الإسلامية وفي مقدمتها شعوب الدول التي تشارك حكوماتها في العدوان أن يخرجوا في تظاهرات للضغط على حكوماتهم لوقف العدوان.

بالمقابل، ومنذ بداية العدوان على اليمن، فإن علماء الإصلاح كـ”الزنداني” وغيره من علماء التكفير والإرهاب، وكل من يدور في فلك “الإخوان”، غازلوا “آل سعود”، فأعلنوا انضمامهم إلى دين الدمار، في محاولة منهم لاستثمار العدوان السعودي على اليمن طائفيا وسياسيا، خاصة، وأن “فقه المصالح” فرض عليهم أن يركعوا تحت إقدام “آل سعود” لتدمير اليمن، وهم على علم مسبق أن المعادلة لن تعود وأن نفوذهم بعد ثورة (21 سبتمبر 2014 )، من الصعب أن يعود مجددا.

مخابرات “الإخوان”، ارتدت قميص “أبو رغال” ولا تزال، هي من يقود المعركة في اليمن، من خلال التسريبات في وسائل الإعلام عن أماكن تواجد سلاح الجيش اليمني، وعن تحركات “أنصار الله” والألوية والمعسكرات التابعة للجيش اليمني، وذلك لجر الطيران السعودي إلى ارتكاب مجازر جديدة في حق الشعب اليمني، ولم يعد خافيا، أن “الإخوان المسلمين” هم أيضا، يسعون لإسقاط نظام “آل سعود”، وبأدوات الطائفية، يجرونهم لحروب عبثية، وبالفعل استطاع إعلام “حزب الإصلاح” أن يثير المخاوف بين أفراد العائلة المالكة السعودية عن مستقبل مجهول في ظل تواجد “الحوثيين” على الحدود اليمنية السعودية، وهي المناطق التي تعايش فيها “الزيدية” مع “الشافعية” و”الهادوية” مع “الاسماعلية” قرون من الزمن وكانت الصراعات قبلية ويغلب عليها الطابع السياسي ومصالح الجماعات.

ربما أن العدو الحقيقي لـ”آل سعود”، هو الذي يقودهم إلى التهلكة ولارتكاب المزيد من المجازر بغية إنهاكهم وإسقاط هيبتهم أمام الشعوب بعد الهزيمة التي ستطالهم في مواجهة قبائل وجيش اليمن واللجان الشعبية التي لها خبرة في القتال والميدان ولم تهزم ولن تهزم، وما يؤكد ذلك عودة الدعاة إلى المشهد، ممن كانوا قد اعتقلوا في أحداث 2001 مثل “القرني” و”العودة” وغيرهم من المشائخ المحسوبين على “الإخوان” والذين تم اعتقالهم مثل “العريفي” و”طارق السويدان” إبان الربيع العربي، حيث بدأت تحركاتهم في المساجد وحديثهم عن استقدام الثورة إلى الخليج وكانت فاجعة للدول الخليجية التي ألجمت ألسنتهم وغيرهم من مشائخ “الإخوان” الذين ينصبون العداء للعائلات المالكة في الخليج.

يبدو أن العدوان السعودي على اليمن، مثل الظهور الأول لـ”داعش الكبرى”، والذي بدأ واضحا وجليا في تدمير أضرحة ومساجد و آثار اليمن، حتى وإن حاولت “الوهابية السعودية” أن تتبرأ، من أبنائها الشرعيين مثل “القاعدة” و “داعش الصغرى” و”النصرة” وباقي المجموعات التكفيرية الإجرامية الأخرى. لكن ذلك سيبقى دون جدوى، لأن الفكر الوهابي التدميري الكارثي الذي يسري في عروق هذه المجاميع الإرهابية، فضح الوهابية السعودية وأثبت وبشكل قاطع وشائج القربى بين الجانبين.

فـ”الوهابية السعودية” التي تبرأت، قبل أشهر، من أفعال “داعش الصغرى” وأخواتها، والمتمثلة بتفجير الأضرحة والمساجد والمعالم الأثرية في العراق وسوريا وغيرها من الأماكن الأخرى، ووصفت هذه الأفعال بأنها غير إسلامية وغير إنسانية، إلّا أنها سرعان ما افتضحت وأثبتت أنها الرائدة والسباقة في القيام بمثل هذه الأفعال المشينة التي تجسد الحقد المرضي للوهابية السعودية “داعش الكبرى”، والذي ظهر بأبشع صوره في العدوان على اليمن، فهذا العدوان الذي مضى عليه نحو 50 يوما، والذي لم يرحم لا البشر ولا الشجر و لا الحجر، استهدف وبحقد واضح وجلي كل الأماكن المقدسة والأضرحة والمعالم الأثرية اليمنية العريقة، حتى انه استهدف جامع ومقام الإمام “الهادي إلى الحق” بمحافظة صعدة بعدة غارات، في صورة تعكس الإفلاس الحقيقي الذي وصلت إليه قوى العدوان على الشعب اليمني وحضارته العريقة، حيث إنها لم تعد تملك أمامها سوى المساجد والأضرحة لاستهدافها بالطيران، بعد أن قتلت وجرحت آلاف اليمنيين في مساكنهم وحاصرت اليمن برا وبحرا وجوا.

المؤرخون أعدوا الجامع على مدى أكثر من عشرة قرون خلت، جامعة علمية ومنار إشعاع فكري وديني وثقافي، قبل أن تحوله غارات التحالف إلى ركام وغبار متناثر.

والإمام “الهادي إلى الحق” يحيى بن القاسم الرسي بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن أبي طالب… وهو الإمام الأول في اليمن ومؤسس الإمامة وناشر المذهب “الزيدي” فيه، وكان “الهادي” يسكن في ” الرس”، بين الحجاز ونجد، وفي سنة 280هـ قدم إليه وفد من أهالي اليمن، يطالبه بالقدوم إلى اليمن لمبايعته إماما كونه من آل بيت الرسول محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولتخليصهم من ظلم الحكام والولاة الظالمين. وقد باشر الإمام الهادي بناء الجامع في العام 290 هجري وتوفي الإمام في العام 298 هجري، فقام بإكمال بناء الجامع ابنه الإمام الناصر في العام 315 هجرية.

أما “الزيديون”، فهم من أبناء زيد بن الأمام الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، أحد أبطال الحرية وشهداءها في الإسلام، وأحد الذين لم يصبروا على ظلم وجور الحاكمين المتسلطين على الأمة ومن سياساتهم المنحرفة واستبدادهم، لذلك عمد إلى الثورة المسلحة أيقاظا للأحرار وإنذارا للظالمين، وإلى جانب أبنائه من ذريته، كذلك له أتباعه ومريديه وممن ناصروه وناصروا أبناءه من بعده، وكانوا دعامة قوية لحماية الدولة الزيدية التي قامت في فترة من فترات التاريخ الإسلامي.

استهداف جامع ومقام الإمام “الهادي إلى الحق”، جاء بعد تدمير العدوان السعودي، مقام وضريح الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، مؤسس حركة “أنصار الله”، والذي تم استهدافه بأكثر من 23 غارة متتالية في صعدة بمنطقة مران، وقبل ذلك دمرت الطائرات السعودية المسجد التاريخي العريق في مدينة صنعاء.

نعم إنها “الوهابية السعودية” “داعش الكبرى”، المتخلفة التي لم تكتف بذلك بل دمرت أيضا مسجد وضريح الإمام عبد الرزاق همام الصنعاني، ومسجد وضريح الإمام سفيان بن عينية المتوفي سنة 211 هجرية في صعدة، كما دمرت سور وسوق والأبنية الأثرية في صنعاء وكذلك قلعة القشلة التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث الهجري، وكذلك قلعة صيره الأثرية في محافظة عدن، معبد “اوعال” في مأرب والذي يعود تاريخه إلى ما قبل الإسلام ، و”دار الحسن” في محافظة الضالع، وقلعة فج عطان في جبل عطان في صنعاء، والذي يعتبر من أهم المعالم التاريخية في صنعاء، إلى جانب العديد من الآثار التاريخية المهمة الأخرى التي لم يعد لها وجود الآن، والتي لا تقدر بثمن.

ربما أن بشاعة أفعال “داعش الكبرى” ضد الحضارة في اليمن، جعلت  أفعال النسخ الباهتة لها في العراق وسوريا، تتضاءل أمامها، ولما كانت “الوهابية السعودية” تعتقد أن بالإمكان أن تنجو بجرائمها عبر شراء الذمم، فأنه محال. ولكن على “الوهابية السعودية” أن تعلم أن الزمن الذي كانت تسلط السيف على رقاب عباد الله، وتهدم معالم الإسلام والحضارة، وتنفث سموم الطائفية في المجتمعات العربية والإسلامية، دون حسيب أو رقيب قد ولّى، وأن الجرائم التي ترتكبها اليوم في اليمن ستعود عليها وبالا، وأن مصير كل المجرمين السعوديين الذين شاركوا في قتل الشعب اليمني وتجويعه وتدمير حضارته، ستحدده محكمة الجنايات الدولية، عاجلا أم آجلا، لاسيما أن هناك جهات عاقدة العزم على عدم ترك هؤلاء المجرمين أحرارا، عبر توثيق كل جرائمهم بالصوت والصورة.

بيد أن السيناريو في الأيام القادمة، قد يكون أصعب مما يتصور أمراء “داعش الكبرى”. فهذه الحرب، ليست أول حرب يتعرض لها الشعب اليمني، بينما تعتبر أول حرب يخوضها “آل سعود” بشكل مباشر، وهي الحرب التي منحت الشرعية الكاملة لـ”أنصار الله” وأي مكون سياسي يمني أن يتعاون مع الجيش اليمني للدفاع عن بلده وكرامته، خاصة، الشباب الذي يطمح في إقامة دولة يمنية  تحجم تدخلات “آل سعود” وغيرهم في الشأن اليمني.

يا ترى، متى سيعي “آل سعود” وقادة “داعش الكبرى” أنهم مهزومون، وحتى وإن استمروا في النفخ في بوق الطائفية، عليهم أن يدركوا أن التحالف القائم بينهم وبين قاعدة “الإصلاح” ليس إلّا نتيجة للرد على تحالف “أنصار الله” و أنصار المؤتمر والرئيس السابق “صالح”، وهو التحالف الذي يعتبر قائم على أسس دينية وقبلية ووطنية، ولا يمكن أن يتراجع أو ينفض ولو رحل “صالح”، فأن كل مؤتمري، سيتحول إلى جندي من جنود “أنصار الله” بينما تحالف الإخوان مع السعودية محكوم بـ”فقه المصالح” الإرهابية، الذي يسعى للتخلص من خصم وتنصيب دولة في اليمن ولائها المطلق لـ”آل سعود” وبرموز قبلية تتسكع في قصور الرياض وتتقاضي رواتب وتفتح الساحة اليمنية للتحركات “الاخوانية” و”القاعدة” و”الدواعش” لعرقلة إقامة دولة يمنية مستقلة قوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى