تقارير

كيف أصبحت السعودية أكبر “خدّام” أمريكا؟

الهوية| متابعات.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تخلصت أمريكا من عبء مراقبة شرقي أوروبا ومن ثم صبت اهتمامها على الشرق الأوسط لأنها كانت بحاجة ماسة إلى خلق عدو جديد للناتو لكي يستمر هذا الحلف وتستمر معه هيمنة أمريكا وتواصل مصانع السلاح عملها وتبقى ممرات النفط والغاز العالمية تحت سيطرة واشنطن.

ومن ثم تذرعت أمريكا بهجمات 11 سبتمبر للتدخل العسكري الواسع في الشرق الأوسط وبررت حروبها الإستباقية بمواجهة القاعدة وطالبان وصدام حسين، وهنا قدمت السعودية نفسها كأهم حليف عربي يخدم المشاريع الأمريكية لكي تضمن الرياض لنفسها تحقيق مصالحها الإقليمية أيضا.

انتاب السعوديين القلق بعد سقوط صدام واستلام الأغلبية الشيعية الحكم في العراق بشكل عادل، وعندما أتى نوري المالكي إلى سدة الحكم توهَّم السعوديون بأن هلالا شيعيا يتكون في المنطقة وسيزيد ذلك من قوة ونفوذ إيران ولذلك بادروا إلى ضرب استقرار العراق.

وظن آل سعود أن حفاظهم على أمن الكيان الإسرائيلي سيجنّبهم المساءلة حول حقوق الإنسان وحرية التعبير في مملكتهم وسيسمح الغرب لهم بالاستمرار في حكمهم، واستمر الحال هكذا إلى حين انطلاق الصحوة الإسلامية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وحينها زاد آل سعود بشكل كبير من تحركاتهم وتحالفوا مع تركيا وقطر لإسقاط النظام السوري خدمة لأمريكا والكيان الإسرائيلي.

ويقول الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك أن السعوديين لعبوا دورا رئيسيا في إيجاد تنظيم داعش الإرهابي بصرف مليارات الدولارات ومازالوا يدعمون داعش.

وعلى الصعيد الاقتصادي بادرت السعودية إلى المساهمة بقوة في تحريك عجلة الاقتصاد الأمريكي عبر مشتريات السلاح من مصانع السلاح الأمريكية وقد رأينا كيف أبرم السعوديون أكبر صفقة لشراء الأسلحة في تاريخ أمريكا بعد مضي عام واحد فقط من مجيء باراك أوباما إلى الحكم وقد بلغت قيمة تلك الصفقة 60 مليار دولار وكل ذلك من أجل أن يثبت آل سعود أهميتهم وأهمية نظامهم لأمريكا ومشاريعها.

وبعد أن أنتهج أوباما سياسة الاستدارة نحو شرق آسيا ظن بعض المحللين أن البيت الأبيض سيقلل تركيزه على منطقة الشرق الأوسط لكن أهمية النفط وأمن الكيان الإسرائيلي وسوق السلاح في المنطقة منع الأمريكيين من مغادرة هذه المنطقة رغم مخططاتهم في شرق آسيا وفي مواجهة الصين.

إن مخطط “الشرق الأوسط الجديد” لازال جزءا هاما من الإستراتيجية الأمريكية في العالم، ورغم مشاهدة السعوديين لاسمهم مدرجا على قائمة الدول التي تنوي أمريكا تقسيمها بادر هؤلاء إلى تعزيز ورفع مكانتهم في أعين الأمريكيين ليطرحوا نفسهم كحليف لا غنى عنه في المنطقة ويلعبوا دور الأداة الطيّعة، لذلك عمدوا إلى التجاهر بعلاقاتهم مع تل أبيب وتعزيز هذه العلاقات وتحركوا باتجاه مصر لأخذ جزيرتي تيران وصنافير منها ومنحهما للكيان الإسرائيلي وكذلك ممارسة الضغط على العواصم الخليجية لفتح السفارات الإسرائيلية.

ويعقد آل سعود أيضا الأمل على احتياطات بلادهم النفطية والتي تبلغ خمس احتياطات النفط العالمية لكي يهتم بهم الأمريكيون.

ونظرا إلى ما ذكرناه آنفا قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالدفاع عن السعودية لكي لا يشملها قانون جاستا الذي أقره الكونغرس لمعاقبة حماة الإرهاب، كما هددت السعودية ببيع ممتلكاتها في أمريكا البالغ قيمتها 750 مليار دولار إذا تم ملاحقتها وهذا كله يدل على أن أوباما وإدارته يخشون تنفيذ وتطبيق هذا القانون ضد السعودية.

إن رفع الشكاوى ضد السعودية وملاحقتها سيضعف نظام آل سعود في المنطقة كحليف وفيّ وهذا ينعكس سلبا على ساسة البيت الأبيض وربما يؤدي إلى انكشاف مؤامراتهم وصفقاتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى