استطلاعات

يا نفس ما تشتهي .. عادة لا يمكن الاستغناء عنها في اليمن

 

تنزيل (6)يتوارث اليمنيون، عادة شعبية لوداع أيام الفطر، بالتداعي إلى موائد متنوعة فيها كل ما تشتهيه النفس من الطعام والشراب، قبيل حلول شهر رمضان.في الغالب يكون يوم التاسع والعشرون من شعبان،هو اليوم المحدد لإحياء هذه العادة المعروفة بالعامية بموائد”يا نفس ما تشتهي”، موائد قد تحضرها أحيانا مشروبات روحية، ليبدو هذا اليوم وكأنه آخر أيام العمر.

حول هذا الموضوع نزلت الهوية إلى الشارع لتعرف على أراء اليمنيين بالاحتفال بهذه المناسبة و كانت الحصيلة كما يلي :

استطلاع / صابرين المحمدي

الفتيات أكثر من الرجال احتقالا

تقول ليلى جمال بخصوص  الاحتفال بيوم نفس ما تشهي أنتم تعلمون أن الفتيات أكثر من الرجال اهتماماً بالعادات الاجتماعية وأكثر حرصاً على التجمع واستمرار الصداقات و العلاقات، كما أن المرأة فيها طبع التمسك بكل شيء عاطفي يولد لديها الشعور بذكرى جميلة مع أهلها أو صديقاتها.

الشباب لا يهتم بذلك

أما ماهر علي فكان له وجهة نظر أخرى حيث قال : نحن الشباب لا نهتم كثيراً بقضية صنع الحلويات أو الأكل فأنا وأصدقائي نجتمع بعد العصر وكل واحد منا لديه ” علاقية ” القات المختارة بعناية أما لفتيات أو النساء فمعروف عنهن حب الأكل حيث يقضين ساعات يأكلن أي (مفجوعات).

الاحتفال ضرورة ملحة

ولم تقتصر هذه العادة اليوم بالاحتفال في البيوت بل أخذت طابع آخر حيث يقوم الكثيرون بالخروج إلى الحدائق والمنتزهات وينقلون معهم طعامهم في رحلة يقضون فيها  أجمل الأوقات مع يا نفس ما تشتهي .. أما عن انتقال هذه العادة إلى الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات تقول ”  ريهام محمد بالنسبة لي كنت وأنا طالبة احتفل بهذه المناسبة في المدرسة مع صديقاتي ومدرساتي حيث تسمح لنا إدارة المدرسة في الحصص الأخيرة بالأكل واللعب، وكنا نجلب من البيت أشهى المأكولات ونحتفل إما مع صديقاتنا أو بشكل جماعي مع الفصل كاملاً .

وكذلك كنت احتفل بها في الجامعة مع صديقاتي واليوم احتفل من جديد في المدرسة مع طالباتي.

تكلف  الكثير من المال

كما تقول أم احمد  ربة منزل مع إن هذه العادة تكلف الكثير من المال إلا أنها تمارس من قبل الجميع لا فرق بين غني وفقير أو محدود الدخل وكل حسب طاقته وربما أكثر قليلاً.

 وتضيف أم احمد التاريخ لا يعرف زمناً محدوداً لنشأة هذه العادة ولا دعواها ، لكن الموروث الشعبي في اليمن يقر أنها عادة قديمة جداً توارثها اليمنيون جيلاً بعد آخر وهي من الناحية النفسية ووجهة نظر النفسانيين ، تكسر حاجزاً نفسياً لدى الأفراد وتمهد الانتقال إلى شهر رمضان فتساعدهم على تهيئة نفوسهم للصيام والامتناع عن تناول الطعام والشراب لأنهم يكونون بممارستها قد بلغوا أو هكذا يتوهمون قناعة النفس وكبحوا جماحها .

اجتماع للأهل و الأصدقاء

مهيب حسن يقول  إن في هذا اليوم “نفس ما تشتي” يجتمع أفراد الأسرة والأهل في مكان واحد على مائدة الطعام الزاخرة بمأكولات متنوعة وبعدها يتبادلون الحديث، وهو ما يطلق عليه “المجابرة” ويقومون بعدها بترديد الموشحات الدينية اليمنية وقراءة القرآن الكريم ابتهاجاً برمضان .

 مضيفا أن هذه الخصوصية الاجتماعية متوارثة منذ الحكم العثماني لليمن عندما كان السائد أن رمضان شهر للعبادة والتقشف والزهد، وكون آخر يوم من شعبان يخصص للاستمتاع بملذات الأكل والشرب .حيث كنا نتجمع في منزل جدي في يوم (يا نفس ما تشتهي) قبل حلول شهر رمضان، و كانت تعد موائد من الطعام من وقت مبكر لنتجمع ونودع أيام الفطر ونستعد للعبادة والزهد طوال شهر رمضان المبارك .

ويشير في حديث إلى أن تلك العادة تم توارثها من السلف، وتوجد بشكل كبير في مدينة صنعاء القديمة، مبيناً أنها انتشرت أيام وجود الأتراك في اليمن .

عادة متوارثة عبر الأجيال

كما تقول أم هيثم  أن عادة يا نفس ما تشتهي” عادة توارثتها الأجيال من قديم الزمن وما زالت موجودة في الكثير من المحافظات ، مشيرة إلى تنوع العادات والتقاليد من محافظة إلى أخرى باستقبال الشهر الكريم.

وتضيف بأن المتوارثين لعادة يا نفس ما تشتهي” يقوم العديد من الأسر بتجميع مبالغ مالية كل حسب قدرته وإمكاناته ويشترون أصنافا من الطعام واللحوم والحلويات ويتجمعون في منزل واحد ومن ثم تناولها.

صرفه رمضان تقضي على الفرحة

الأستاذ علي محسن يقول :اليمنيون اعتادوا أن تكون أيام الأسبوع الأخير من شعبان فترة جمع المال وتقدير حجم الصرف منه في الشهر الكريم وفي حالة يشوبها التوتر، والقلق. كل أرباب البيوت يفكرون بـ «صرفة رمضان». فالمتطلبات كثيرة، الأكلات متعددة ومتنوعة، الحلويات تزداد شعبية.

ويشير: «قبل أن يدخل رمضان بأسبوع يقوم بعض أئمة المساجد بالترحيب به طيلة هذا الأسبوع ومن العبارات التي كانت تردد في بعض المساجد «يا مرحبا بك يا رمضان، شهر التوبة وشهر الصيام»، ويقوم الأطفال بترديد هذه العبارة في القرى والحارات والليالي وبصورة مستمرة». ومع غروب شمس الأيام الأخيرة من شهر شعبان يستعد الكثير من أبناء العاصمة والمدن اليمنية للذهاب إلى قراهم في هجرة معاكسة تدل على تمسك اليمني الشديد بهويته وانتمائه للريف.

عادة منتشرة في المجتمع العربي بأكمله

وتقول أم عادل لأهل صنعاء ومناطق أخرى قليلة عادة ينفردون بها عن سواهم، فالليلة السابقة لرمضان يعملون بها ما يسمونه بـ(يا نفس ما تشتهي)، حيث يلتقي الرجال والشباب والصبيان في المساجد، وبعض الأحيان في المنازل وقد أحضر كل فرد منهم شيئا مما تطيب له نفسه من المأكولات والمشروبات، فيجتمعون في حلقات صغيرة واضعين ما أتوا به مع بعض ليشتركوا في تناوله، ويتبادلوا الأحاديث الممتعة وذكريات رمضان ثم يتفرغون للتسبيح والتكبير وحمد الله.. وهو الحال نفسه بالنسبة للنساء لكن في البيوت.. وبلا شك سيدعى إلى هذا كل مسكين ومستطرق وعابر سبيل.

كما أنه يوجد مثيلها في دول الخليج وبلاد الحجاز خاصة إذ أن لديهم عادة في مناطقهم حيث تقوم بعض الأسرة بما يسمى بـ (الشعبنة) لديهم ..

وهي في الغالب قد تكون نزهة تقوم بها تلك الأسر في شهر شعبان وغالباً ما تكون في العشر الأواخر منه ونزهتهم قد تكون في جدة أو الطائف حسب رغبة كل أسرة وربما تكون في اجتماع عدة أسر في احتفالية يتم تناول الطعام فيها والتهنئة بقرب شهر رمضان المُبارك ..

أقضيها مع أصدقائي

ويقول فارس علي ليلة نفس ما تشتي في كل عام تعتبر ليلة مميزة ولها نوع من القداسة في نفوس أهل صنعاء بالذات لما لها من خاصية في أذهان الناس الذين توارثوها من الأجداد للأجيال، في هذه الليلة بالذات أجتمع مع العائلة بعض الوقت ثم أجتمع مع أصدقائي بحيث لا نخزن بعد الغداء، ولا نجتمع إلا بعد العشاء بحيث نذهب نتعشى في أحد المطاعم، ثم نذهب لشراء القات ويشترط في هذه الليلة وجود الضحك والمقالب الثقيلة بين الأصدقاء وبعدين نجتمع في بيت واحد من الشلة لتناول القات، ويتم مناقشة مختلف المواضيع منها السياسية وغلاء المهور وبعد ذلك يتم الدخول في الشؤون الدينية ويتم الاستماع للأناشيد والاستغفار و التسابيح تهلل بدخول الشهر الكريم وقد نتفق على ما سيتم في رمضان ومن ثم نختم السهر بالدعاء والاستغفار .

تجمع الأهل

كما يقول أبو أيهم لليوم الأخيرة في شعبان مكانة كبيرة في حياة أهل صنعاء، حيث يتجمع الأهل حول الموائد والولائم، والنساء مع بعضهن يتجمعن للجلوس مع بعض والرجال كذلك يتجمعون بمقيل القات ويستمعون إلى الأناشيد والدعاء، حتى الأطفال يستقبلون رمضان بالأغاني والألعاب النارية، ولهذا اليوم خصوصية الشهر الكريم منه استقبال ومنه التقارب من البعض ونسيان الأحقاد والتسامح والتصافح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى