تحليلات

هل يقود هادي نفسه الى مصير الحمدي ؟

جاء بعد إجبار الرئيس السابق له على التنحي فأضعف القوى القبلية والعسكرية التي كانت تتحكم بكرسي الحكم وتمرد على  المملكة العربية السعودية   وأصبح  قويا  من حيث لم يتوقع الكثيرون

هل يقود هادي نفسه الى مصير الحمدي ؟

لا يمكن أن يقال الآن أن ما أنجزه الرئيس المشير عبد ربه منصور هادي  يقارن  بما حققه  الرئيس الراحل الشهيد ابراهيم الحمدي لكن في المقابل يمكن القول أن الخطوات التي يتبناها الرئيس هادي  حتى الآن تشبه الى حد ما ما تبناه الراحل الحمدي أو أن الأخير يتقمص سيرة الأول وبالتالي فالمخيف بالنسبة لهادي أن يواجه المصير نفسه الذي واجهه الشهيد  الحمدي  ومع أن الوقت لا يزال مبكرا على إطلاق التشابه بين الرجلين إلا أن كثيرا من التفاصيل ظهرت حتى الآن تشير الى وجود التقارب وان الاختلاف فقط أن هادي يزيد على الأول بأن خطواته مستدنة على دعم دولي أوروبي وأمريكي وليس خليجيا  وهو مالم يكن للحمدي فهل حقا يقود هادي نفسه الى مصير لم يعد مجهولا ؟!

العقيد إبراهيم الحمدي

الحمدي

المقدم إبراهيم محمد الحمدي (1943 – 11 أكتوبر 1977). رئيس الجمهورية العربية اليمنية من 13 يونيو 1974 حتى 11 أكتوبر 1977. وهو الرئيس الثالث للجمهورية العربية اليمنية بعد الإطاحة بحكم الإمامة عام 1962م .
ولد في عام 1943 في (قعطبه) محافظه (إب) وتعلم في كلية الطيران، ولم يكمل دراسته وعمل مع والده في محكمة ذمار في عهد الإمام أحمد يحيى حميد الدين ( أصبح في عهد الرئيس عبد الله السلال قائداً لقوات الصاعقة، ثم مسئولا عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى.
في عام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عين في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة، وفي 13 يونيو 1974 قام بانقلاب عسكري أبيض أطاح بالقاضي عبد الرحمن الأرياني في حركة 13 يونيو 1974، وقام بتوديع الرئيس عبد الرحمن لأرياني رسمياً في المطار مغادراً إلى دمشق المدينة التي اختارها للإقامة مع إفراد عائلته .
انتهج سياسة مستقلة عن السعودية خارجياً، وسياسة معادية للقبائل داخلياً.   بالانقلاب وهو برتبة عقيد وأصدر قراراً في ما بعد بإنزال جميع الرتب العسكرية إلى رتبة المقدم. وبدأ بالخطوات الأولى للحد من سلطة المشائخ ونفوذهم وقام بإقصاء العديد منهم من المناصب العليا في الجيش والدولة.

هادي

عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية. يحمل رتبة فريق ركن العسكرية. فوض بموجب المرسوم الرئاسي رقم (24) لعام 2011، تفويضاً لا رجعة فيه بالصلاحيات الرئاسية اللازمة

ولد في 1 أيار 1945 في قرية ذكين، مديرية الوضيع في محافظة أبين الجنوبية.

قائد سياسي وعسكري  انضم إلى الجيش اليمني عام 1970 ورقي إلى رتبة لواء في عام 1991.
تخرج في1964م من مدرسة (جيش محمية عدن) العسكرية الخاصة بالتأهيل وتدريب أبناء ضباط جيش الاتحادي للجنوب العربي.
– ابتعث إلى بريطانيا، فالتحق بدورة عسكرية لدراسة المصطلحات العسكرية، ثم التحق بدورة عسكرية متخصصة لمدة عام ونصف، وتعلم فيها اللغة الإنجليزية، وتخرج سنة 1966م.
– عاد إلى مدينة عدن ثم ابتعث إلى القاهرة لدراسة عسكرية متخصصة على سلاح الدبابات حتى 1970م.
– في عام 1976م ابتعث إلى روسيا للدراسة المتخصصة في القيادة والأركان أربع سنوات.هادي
– عمل قائداً لفصيلة مدرعات إلى أن تم الاستقلال سنة 1967م، وبعد الاستقلال عُين قائداً لسرية مدرعات في قاعدة (العند) في المحور الغربي للجنوب، ثم مديراً لمدرسة المدرعات، ثم أركان حرب سلاح المدرعات، ثم أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديراً لدائرة تدريب القوات المسلحة.
– في سنة 1972م انتقل إلى محور (الضالع)، وعُين نائباً ثم قائداً لمحور ( كرش)، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب مع الشمال، ثم استقر في مدينة عدن مديراً لإدارة التدريب في الجيش، مع مساعدته لرئيس الأركان العامة إدارياً، ثم رئيساً لدائرة الإمداد والتموين العسكري بعد سقوط حكم الرئيس سالم ربيع علي، وتولي عبد الفتاح إسماعيل الرئاسة.
– حين أبعد عبد الفتاح إسماعيل عن الحكم، وتولى الرئاسة خلفاً له الرئيس علي ناصر محمد؛ ظل في عمله إبان فترة صراع دموي ريفي في شمال اليمن بين النظام في شمال اليمن والجبهة المدعومة من نظام جنوب اليمن.
– وفي سنة 1983م، رُفي إلى درجة نائب لرئيس الأركان لشئون الإمداد والإدارة معنياً بالتنظيم وبناء الإدارة في الجيش، وكان رئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفيتي، وتكوين الألوية العسكرية الحديثة.
– عمل مع زملائه على لملمة شمل الألوية العسكرية التي نزحت معهم إلى الشمال، وإعادة تجميعها إلى سبعة ألوية، والتنسيق مع السلطات في الشمال لترتيب أوضاعها مالياً وإدارياً، وأطلق عليها اسم ألوية الوحدة اليمنية. وظل في شمال اليمن حتى يوم 22 مايو 1990م، تاريخ تحقيق الوحدة اليمنية.
– عُين هادي قائداً لمحور البيضاء، وشارك في حرب 1994م وفي مايو 1994م صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينه وزيراً للدفاع.
– في 4/10/1994م صدر القرار الجمهوري بتعيينه نائباً لرئيس الجمهورية.
– تدرج في الترقيات العسكرية ابتداء بدرجة ضابط في جيش الجنوب العربي عام 1966م حتى رتبة الفريق عام 1997م .

فكلاهما وصل إلى السلطة بعد أجبار الرئيس السابق على التنحي  وإن كان هادي لم يشارك في الإطاحة  بصالح بالفعل لكنه كان جزءا مهما من حلقات  ترحيل صالح  مع بعض أقاربه مع بقاء كثير ممن عملوا معه للحياة في دبي كما يتوقع الكثيرون بعد تسلم هادي مقاليد الحكم كما سلمها القاضي عبد الرحمن الإرياني  للعقيد الحمدي الذي ودعه للمطار أثناء توجهه للإقامة بدمشق  كما أنهما جاءا الى الحكم من السلك العسكري بعد أن تدرجا فيه إلى مناصب قيادية عسكرية وسياسية قريبة من دوائر الحكم  أي أنهما كانا قد خبرا  كثيرا من الأمور العسكرية والسياسية  وان كان هادي يتفوق على الرئيس الشهيد الحمدي من حيث الشهادات الأكاديمية العسكرية التي حصل عليها من كل من القاهرة وروسيا وبريطانيا  ويلتقيان ثانية أن كليهما كانا منتميين الى أحزاب يسارية وقومية فالأول  ناصريا قوميا تأثرا بالزعيم المصري جمال عبد الناصر فيما الآخر اشتراكيا قبل أن يتحول مضطرا بعد حرب 94 الى المؤتمر الشعبي العام الذي يحاول صالح الآن التمسك برئاسته كآخر الموروثات العتيقة من حكمه الذي امتد لـ 33 عاما لم يحقق خلالهما شيئا مذكورا الأمر الذي كان سببا في المطالبة بخلع نفسه كما حدث للقاضي الإرياني فقد وصفت فترة حكمه بأنها كانت  فترة استشرى فيها الفساد المالي والإداري وعبث بأجهزة الدولة فقد قال الحمدي في أول خطاب له واصفا فترة حكم القاضي الإرياني:

لاشك في أنكم قد تابعتم وعلمتم الموقف وتطوراته سواء من خلال الأحاديث اليومية المتداولة من قبل حدوث الأزمة بأيام قليلة او من خلال البيان الأول لمجلس القيادة الذي أذيع عليكم بعد انفجار هذه الأزمة السياسية المؤسفة… أن الجو السياسي في بلدنا قد تعكر وامتلأت سماؤه بغيوم كثيفة ، وان تباينا في وجهات النظر قد ظهر وبحدة حتى سحب نفسه على أوضاع البلاد العامة ، وجعل الفساد الإداري والمالي يستشري بصورة واضحة وكاد الانفلات والاستهتار بالمسؤولية يشملان أجهزتنا ومؤسساتنا المختلفة، الأمر الذي حدا بسيادة القاضي عبد الرحمن الإرياني وزملائه في المجلس الجمهوري الى تقديم استقالتهم الى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بصفته رئيسا لمجلس الشورى ، والذي قام بدوره فأرسل إلينا باستقالته مع استقالة رئيس وأعضاء المجلس الجمهوري ، ولان الموقف قد وصل الى هذا الحد الذي يصعب معه الإقناع بالعدول عن الاستقالة وتسوية الأزمة …كان لابد من أن نواجه المسؤولية ونتحمل العبء حاسبين للمتاعب والصعوبات حسابها.

وهو الخطاب ذاته الذي يكرره هادي في كثير من تصريحاته وخطاباته ، فعلى سبيل المثال  قال  الرئيس هادي في مقابلته مع القناة الروسية روسيا اليوم أثناء زيارته لها  الشهر الماضي قال إننا ثرنا في الستينات على الفقر والجهل والتخلف والمرض التي ما نزال نعاني منها بعد مضي 50 عاما وقال مستطردا ” لا نكذب على أنفسنا ” في إشارة إلى أنه لم يتحقق أي شيء يذكر في فترة حكم صالح ،

كان الرئيس الحمدي يحمل شعار ” من أين لك هذا ” فيما يحمل الرئيس هادي شعار لا يقل أهمية عن الأول ” لن يكون هناك لا ظالم ولا مظلوم ” فكلا الشعارين يحملان مدلولا واحدا هو تحقيق العدالة عبر محاسبة المسئولين ، وكان أول القرارات التي اتخذها الحمدي حين توليه منصب الرئاسة  :
إنزال كل الرتب العسكرية الى رتبة ( مقدم ) بما فيها رتبته الشخصية.

وزيادة المرتبات للجنود واعتماد صرف 4 مرتبات إضافية في الأعياد الرسمية ( الفطر والأضحى والثورة وذكرى الحركة ) لموظفي الدولة وهو ما فعله هادي وان كانت صلاحيته في الجوانب الاقتصادية لا تقارن بأي وجه من الأوجه مع الرئيس الحمدي فقد حدث بالفعل تحسن ملموس في الرواتب التي تصرف للجنود، كما أن الرئيس الحمدي أمر بعدم تعليق صوره في المكاتب الحكومية وأمر أن يكتب مكانها الله جل جلاله في حين أمر هادي بشطب مصطلح (فخامة) والاكتفاء بالأخ الرئيس كما أمر بعدم رفع صوره في الشوارع العامة بعد فترة الانتخابات الرئاسية، ويتلقي الرجلان في أنهما لا ينتميان الى قبيلة عريقة كما أنهما من مواليد الفترة ذاتها إذ يفصلهما عن بعضهما عام واحد فقط فالشهيد الحمدي من مواليد 1944م فيما هادي من مواليد العام الذي يليها مباشرة أي في العام 1945م وسارعا كليهما الى إنهاء دور القبيلة وتأثيراتها فللحمدي دوره البارز المعروف في استعادة أموال الدولة التي كانت تحت سطوة المشائخ والنافذين وهو ما فتح الباب على مصراعيه في صراعه مع المملكة العربية السعودية التي كانت تمد نفوذها عبرهم وهو ما يحدث الآن فأن هادي وحسب كثير من المعطيات يسعى الى تقليص نفوذ المشائخ عبر إلغاء أو بالأصح حتى نكون دقيقين الاعتمادات المالية التي كانت تعطى للمشائخ أيام حكم صالح لكسب ولائهم للدولة وهذه الخطوة الهامة في الإصلاحات الهادوية ما جعل الوضع مرشحا لزيادة التوتر بينه وبين المملكة بالإضافة  الى عدم رضوخه لها في التوقيع على كثير من الاتفاقيات والعقود التي كان قد حصلت عليها أثناء النظام السابق وهي الأمور نفسها التي لم يقبل بها الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي . ما دفع بالمملكة بالتفكير للتخلص منه عبر تلك الأيدي التي انتصر عليها الحمدي وبالفعل فقد استطاعت المملكة اغتياله في 11 أكتوبر1977 م .

واتهمت أطراف كثيرة بالوقوف وراء قتله أبرز المتهمين الرئيس الغشمي الذي كان من المقربين له كما اتهم صالح وعبد الله بن حسين الأحمر بتدبير من بعض أمراء المملكة العربية السعودية، بعد ثلاث سنوات أمضاها الحمدي في رئاسة البلاد وربما ستكون الأعوام نفسها التي سيقضيها الرئيس هادي إذا ما تم التمديد له للعام القادم ويكون بذلك قد حكم ثلاثة أعوام بالتمام والكمال كما حكم الحمدي إذا لم يكن مصير الثاني يشبه مصير الأول بعد أن استبقت السعودية كثيرا من المواليين لها قريبين من هادي كما كان الغشمي قريبا من الحمدي، لقد وصف الرجلان بأنهما رجال اللحظة التاريخية حيث استبقاهما القدر لحقن الدماء فانقلاب الحمدي سمي انقلاب أبيض لم تسفك فيه قطرة دم واحدة فقد سلم القاضي الإرياني مقاليد الحكم وخرج منها دون أي مقاومة كما تسلم هادي مقاليد السلطة بسلمية تامة في مبادرة وضعت حقنا للدماء، ومن المفارقات العجيبة أنه طول حكم الرئيس الحمدي كان الحديث الأكثر تداولا هو الحديث عن الوحدة التي لم تتحقق في عهده على الرغم من الرغبة الشعبية الكبيرة بين الجنوب والشمال على السواء على تحقيقها، فهل سيحدث أيضا في عهد الرئيس هادي بعد أن أصبح الحديث عن الانفصال أكثر شيء جدلا أن لا يتحقق الانفصال على الرغم من شعبيته في الجنوب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى