تحقيقات

نضوب المياه وتلوثها يقتل أكثر من4آلاف يمني سنوياً

فيما نضوب المياه وتلوثها يقتل أكثر من4آلاف يمني سنوياً

الحلول منعدمة !! والقروض في جيوب العاملين عليها !! والوفاق تتفرج !!

الماء

وأخيراً وصل الحال ببلادنا إلى القبوع تحت خط الفقر ولكن ليس الفقر الغذائي فهذا يهدد أكثر من السكان بالجوع منذ سنوات حيث لم تفلح سياسيات الترقيع الحكومية المتمثلة في جمع المساعدات والقروض الخارجية في معالجة هذا الوضع بل كلما زادت المساعدات والقروض زادت معهما رقعة الفقر والبطالة توسعاً وفق التقارير الحديثة والتي أكدت آخرها أن نسبة الفقر وصل إلى أكثر من 75% من جملة سكان البلاد فيما نسبة معدل البطالة  وصلت إلى نحو 17.3% من حجم القوي العاملة ما يعني أن معدلا الفقر والبطالة في تصاعد مستمر.

غير ان الفقر الذي نقصده وكان تحقيقنا لهذا العدد حوله هو الفقر المائي والذي تتفاقم مشكلته عام بعد آخر وأصبح الآن يشكل أم المشاكل.

فيا ترى ما هو حجم هذا الخطر ؟ وهل هناك تحركات رسمية جادة نحو وضع حد لهذا الخطر؟ ولماذا تضيع المساعدات والمقروض الخارجية المخصصة لمعالجة هذه المشكلة؟ هذه الأسئلة حاولنا الحصول على إجابتها فكانت الحصيلة..

إعداد / قسم التحقيقات   

نصيب الفرد اليمني من المياه سنوياً 1/10من نصيب الفرد العربي!!

كشفت التقارير الأخيرة أن اليمن تقع حاليا تحت خط الفقر المائي فنصيب الفرد الواحد لا يتجاوز 140 مترا مكعبا في السنة وأن 5ر4 مليون طفل في اليمن يعيشون في منازل لا يتوفر فيها مصدر مياه محسن.

كما تعاني من الاستخدام والضخ المفرطين للمياه الجوفية  حيث يقدر معدل استنزاف المياه بحوالي 138 % من المياه المتجددة سنويا والتي تقدر بنحو 2.1 مليار متر مكعب سنويا.

هذا ما تقوله تقارير حكومة الوفاق في برنامجها المرحلي للاستقرار والتنمية للأعوام 2012 – 2014م.

وفي المقابل يصل نصيب الفرد في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا  من المياه إلى 1250 مترا مكعبا في حين يصل إلى 7500 متر مكعب كمتوسط عالمي.
ومع هذه المؤشرات نجد الحكومات اليمنية المتعاقبة تواجه أزمات ومشكلات المياه بصنع استراتيجيات لا تجد طريقا للتنفيذ حتى غدت الجملة المألوفة (لكل مشكلة إستراتيجية) (ولكل إستراتيجية أدراج تقبع فيها)!!!.

وعلى إثر عدم تنفيذ تلك الإستراتيجيات والخطط الموضوعة لمعالجة مشاكل المياه ينتقل الواقع من سيئ إلى أسوأ.

حصة اليمن من المياه تتناقص  بمعدل مليار متر مكعب سنوياً!!
وعلى إثر تواصل وتزايد مشكلة استنزاف المياه في ظل عدم تنفيذ الإستراتيجيات والخطط المذكورة تقول تقارير الحكومة إن الأحواض والمناطق المائية كافة في اليمن تتعرض  لدرجة أكبر من الاستنزاف تصل إلى ما بين 250 – 400 % وأبرزها أحواض محافظات تعز وصعده وصنعاء وأبين – تبن. وتعكس الدراسات ارتفاع فجوة الموارد المائية إلى 900 مليون متر مكعب في عام 2000م وتصبح المشكلة واضحة عندما يتبين أن أكثر من 90 % من استهلاك المياه يستخدم في الزراعة وخاصة زراعة القات والذي يخذ نحو 60% من مياه البلاد حسب التقارير الدولية.

كما تبين الإحصاءات الحكومية تزايد المساحات المزروعة بالقات لتشكل حوالي 30 % من إجمالي المساحة المزروعة في بلادنا عام 2011م  وفي حين ترتفع تكلفة إنتاج هكتار القات المروي بنسبة 1.5 عن البن  ويمثل نحو 70 % من ناتج قطاع الزراعة.
فيما زراعة الهكتار الواحد من أشجار القات تحتاج من المياه ما بين ألف إلى 15 ألف متر مكعب.

 ومع هذا الاستنزاف الجائر قدرت التقارير الخارجية الحديثة نمو الاحتياج من الموارد المائية في اليمن إلى نحو 3,521 ملايين متر مكعب في عام 2010 مع انخفاض نصيب الزراعة إلى 2,869 مليون متر مكعب وفي المقابل يزداد نصيب الاستخدامات المنزلية والأغراض الأخرى إلى 563 مليون متر مكعب و89 مليون متر مكعب على التوالي مما يوسع الفجوة لتصل إلى نحو مليار متر مكعب وبالتحديد إلى 921 مليون متر مكعب سنوياً.
العطش يهدد سكان المدن والأمراض تهدد سكان الأرياف!!

وفي جانب المخاطر التي تحدق بالبلاد نتيجة شح المياه وتواصل استنزافها وتلويثها أكدت التقارير الأخيرة التي حصلت الهوية على نسخ منها أن تزايد أزمة المياه في المدن الحضرية بصورة تنقطع معها المياه إلى المنازل لفترات تصل إلى أكثر من شهرين ومن ابرز تلك المدن محافظة تعز والعاصمة صنعاء والتي تؤكد التقارير أيضا أنها معرضة للجفاف حيث انخفض منسوب المياه الجوفية فيها أكثر من المستويات المستدامة.

وفي جانب انتشار الأمراض التي تنقلها المياه الملوثة تشير التقارير إلى أن انعدام الحصول على إمدادات المياه المحسنة فقد انتشرت الأمراض التي تنقلها المياه على نطاق واسع بين السكان ومن تلك الأمراض التي تهدد السكان حمى الضنك والإسهال والكوليرا بمعدلات مثيرة للقلق في المناطق الريفية التي تعاني من محدودية الوصول إلى المياه النظيفة ففي عام 2011م أصيب أكثر من 30,000 يمني بالإسهال المائي الحاد.
نضوب المياه يقتل 4آلاف يمني ويشرد آلاف الأسر سنوياً!!

وفي هذا الجانب أكد تقرير نشرته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في الفترة الماضية أن  الخلافات والعنف الاجتماعي على بعض العيون والمواد المائية بقتل أكثر من 4,000 شخص سنوياً فيما يهجر الجفاف في الآبار والمصادر المائية في الكثير من المناطق الريفية مابين 20:30 ألف أسره سنوياً والتي تترك مناطقها نتيجة انعدام المياه وتتوجه صوب المدن الحضرية وخاصة في ذمار وريمه والمحويت وحجة وهو الأمر الذي يزيد من تزايد استنزاف المياه الجوفية في المدن.
الحكومة تنشد القروض الخارجية والحلول في الإدراج !!
وبحسب تقرير رسمي فقد تركزت جهود وزارة المياه خلال السنوات العشر الماضية على  إقرار خطط والاستراتيجيات المتعلقة بالإدارة البيئية والاستدامة البيئية والوقود النظيف والتنوع الحيوي ومنح وتنظيم تصاريح حفر الآبار.

إضافة إلى تنفيذ مشاريع عديدة منها حفر آبار مياه وإقامة حواجز مائية
وعقد الورش والمؤتمرات غير أن كل هذا (لا يروي ولا يغني من عطش) فلا زالت الخطط والإستراتجيات حبيسة الأدراج ولا يزال الاستنزاف الجائر في المدن والحفر العشوائي للآبار في الريف والحضر جاريا على قدم وساق ولا زالت عجلة التدمير للموارد المائية دائرة منذ عقود والحكومة بجهاتها المعنية واقفة في حكم المتفرج العاجز كما يقول خبراء المياه فهي لا تعمل شيء غير أنها تقدم تقاريرها عن وضع المياه في البلاد والتي تشوبها الكثير من المغالطات والأرقام غير الواقعية وكل الهدف طبعاً من وراء ذلك هو الجري وراء المنح والقروض وهذه هي الجهود الوحيدة التي تقوم بها حكومتنا الموقرة في قطاع المياه بكل كفاءة واقتدار حتى الاستراتيجيات والخطط التي تقوم بعملها وتصر عليها مئات الملايين فهي قابعة داخل إدراجها تنتظر الوقت المناسب  لتنفيذها وهذا الوقت ربما لن يحين بعد حتى نستورد المياه من أمريكا وارويا كالأغذية والدقيق!!!

استيراد المياه وتحليه مياه البحر خياران أوحدان أمام اليمن الآن  !!!
وبما أن المياه تشح باستمرار في اليمن يقول الخبراء أن خياران أوحدان أمام اليمن تفرضهما المرحلة وهما تحلية مياه البحر لمواجهة النقص الحاد في مياه الشرب في المدن أو استيراد المياه من الخارج كباقي السلع الضرورية المستوردة .

موضحين أن هذين الخيارين أحلاهما مر خاصة وان التكاليف شراء المياه ستكون باهظة جداً على المواطن العادي أو البسيط والأغنياء وحدهم هم من سيصبح قادراً فقط على الحصول على المياه.

وما يؤكد فرضية لجوء الحكومة إلى أحد هذين الخيارين ضعف بل انعدام جهودها المبذولة في معالجة مشكلة المياه فهي لم تتمكن حتى الآن من تحقيق الأهداف المنشودة والمتعلقة بشمولية الخدمة لكل مناطق اليمن.

ولأن استيراد المياه لتغذية المدن قد بدأ من خلال ظهور أسواق المياه والتي تمد مدن صنعاء وتعز والتي تعتمد بالكثير من حاجتها عن طريق نقل المياه من الريف إلى المدينة أضحت حلول آنية فرضتها الحاجة مع أنها غير مدروسة ولا منتظمة سنجد اليمن قريباً يلجئ إلى أحد الخيارين المذكورين آنفاً كون الاعتماد  الحاصل اليوم  على الناقلات التي تمد المدن بالمياه  تمثل نظام مرتفع التكلفة للمستهلك ولأنه  بالطبع لا يخضع لأي أنظمة أو ضوابط فإنه عموما يؤدي إلى مزيد من الاستنزاف للموارد المائية لكنه يمثل الحل قبل لأخير لمد المدن بالمياه.

ولو نظرنا للمشروع المرعب حسب وصف الخبراء والمتمثل في التحلية من البحر والذي معه قد تصل تكلفة المتر المكعب إلى حوالي 6.6 دولار والذي ستفرضه الضرورة ربما قريباً خاصة وأن التعميق في حفر الآبار في حوض صنعاء قد وصل إلى نحو2 كم.

فإن هذا الخيار يعتبر مكلفا فإزالة الملح من الماء سواء كان عن طريق التسخين وتكثيف البخار (الذي يعرف بعملية التقطير) أو عن طريق التنقية والترشيح من خلال الغشاء (الذي يعرف بعملية الانتشار الغشائي) تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة، واليوم تعد التحلية بالنسبة للمناطق الجبلية البعيدة عن البحر واحدا من أكثر الخيارات تكلفة خاصة إذا ما أضيف تكاليف هذه العملية إلى التكاليف المرتبطة بالنقل والإمدادات، فتحويل مياه البحار والمحيطات إلى مياه للشرب يكلف ما بين أربعة إلى ثمانية أضعاف التكلفة المتوسطة للإمدادات من مياه المدن، وما لا يقل عن عشرة إلى عشرين ضعفا لما يدفعه المزارعون سنويا في الوقت الحالي .
ومع ذلك تظل التحلية خيارا لابد منه وقد دخل هذا الموضوع حيز النقاش الجدي وطرح كبديل لمواجهة أزمة المياه في تعز ويتوقع أن تكون التحلية عاملا منقذا للحياة وباهظة الثمن لعدد كبير من المدن والقرى الساحلية تعويضا عن الموارد المائية المحدودة.
مشروعات المياه واقع ينذر بقرب الكارثة!!
وفيما يخص واقع المياه ومشاريعها في كافة مدننا الحضرية وبعض المناطق الريفية فقد التقارير الحديثة ان معظم أنظمة الري المقامة في المدن وبعض المناطق الريفية تعيش وضع سيئ للغاية فمع مضي الزمن تمتلئ قنوات التوزيع بالرمال وتتكسر وتقفل فتحات صرف المياه وبذلك تدمر البنية التحتية الأمر الذي يتطلب سرعة في الصيانة وهو ما لم تقوم بت حكومتنا منذ عقود.

وهذا بالطبع وجهاً من وجهي مشاريع المياه في بلادنا فيما واقع الوجه الآخر لمشاريع المياه والمتمثل في الاستنزاف الجائر وغير الدروس  فقد حذّر تقرير حكومي حديث من خطورة الوضع المائي الحرج في اليمن على السلم الاجتماعي والوضع الاقتصادي في البلاد.

موضحاً ان أهم الأحواض المائية المهددة بالاستنزاف حالياً هي خمسة أحواض من بين 14 حوضاً في البلاد.

كما حذر التقرير الحكومي من خطورة التأخير في وضع الحلول العاجلة لمشكلة المياه والتي قد تؤدي إلى تدهور الاقتصاد الريفي وتضخم أسعار الغذاء وتزايد في معدلات الفقر والهجرة إلى المدن وتدهور الاستقرار والسلم الاجتماعي.

مشددا على ضرورة الدفع بقضية المياه إلى أعلى سلم أولويات مؤتمر الحوار الوطني وتحديد هوية البلاد الاقتصادية وفقاً لمواردها  ودعا إلى التركيز على تنمية المناطق الساحلية وتطبيق القانون.

القروض والمساعدات للجيوب وبلادنا في ذيل القائمة !!

وفيما يخص جاب القروض والمساعدات التي حصدتها الحكومات السابقة والحالية والتي جاءت بشأن دعم قطاع المياه تشير الكثير من التقارير أن معظم تلك المساعدات تذهب سدى وتصرف في غير محلها ومنها جزء كبير يذهب إلى جيوب المتنفذين والعاملين عليها وفق التقارير التي حصلنا عليها والتي منها تقرير احد تقارير منظمة الشفافية الدولية والذي فضحت فيه حجم الفساد في قطاع المياه في بلادنا حيث أكدت في تقريرها أن اليمن تقبع في المركز 137من بين دول العالم التي يخيم الفساد المالي والإداري على قطاعاتها المائية حيث لم يعطي التقرير تقديراً لعمل القطاع المياه سوى 2.5 من 10 وقد دعا التقرير الحكومة اليمنية إلى سرعة إلقاء الضوء على قطاع المياه واعتماد تشريعات جديدة وتنشيط استثمارات تنموية تتناسب مع المحافظة على هذا المصدر الحيوي من الفساد.

خلاصة القول:
وخلاصة ما توصلنا إليه في نهاية تحقيقنا لهذا العدد هو أن أبناء اليمن سيعطشون مكرهين في ظل تواصل مشكلة استنزاف المياه وانعدام الحلول وتخزين الإستراتيجيات واقتصار الجهود الحكومية على الجري وراء القروض والمساعدات وهذا هو الواقع الذي نعيشه الآن فهل ستعي الحكومة حجم الخطر أم أنها ستسقي الشعب من البحر!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى