حواراتعناوين مميزة

مقابلة مع الدكتور محمد عبده قباطي

مقابلة مع الدكتور محمد عبده قباطي المستشار السياسي والاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء سفير اليمن الأسبق بلبنان..

 حاوره : رئيس التحرير

في حواره معنا تحدث عن أبزر قضايا الوضع الراهن في اليمن و التحديات التي يجب علينا تخطيها في بلدنا كما تحدث أيضا عن مؤتمر لندن و قضايا الجنوب اليمني والانفصال المنادى به البعض هذه الفترة ،وكشف الدكتور محمد عبده  قباطي نائب رئيس اللجنة التحضيرية للتجمع الجنوبي الديمقراطي ( مجد) سفير اليمن الأسبق بلبنان للهوية عن أبرز ما سيناقشه اجتماع قيادات يمنية في الداخل والخارج خلال اجتماع لندن المقرر عقده يومي 11- 12 يناير الجاري حول تحديات مستقبل اليمن

ــ نبدأ من آخر تقييمكم لجديد المشهد السياسي في الوقت الراهن؟

المشهد السياسي يمر بحالة طبيعية خاصة بعد قرارات فخامة رئيس الجمهورية الخاصة بإعادة هيكلة وتوحيد القوات المسلحة والأمن، وقد مثلت انفراجة جيدة إلى حد ما في طبيعة المشهد، وهي تمثل بادرة أمل ونافذة مهمة من أجل إنجاح الحوار الوطني، ونجاح حكومة الوفاق في بعض الجوانب وخاصة فيما يتعلق باستيعاب المعونات التي قدمت من قبل المانحين والتي تقدر بثمانية مليارات دولار، وأيضا فقد كانت الانفراجة الأخرى في مسألة الحوار الوطني وتوافق اللجنة الفنية للحوار الوطني خاصة ما يتعلق بالقضية الجنوبية ومسألة المناصفة في التمثيل، هذه فتحت حالة من الأمل في إمكانية انعقاد الحوار المرتقب، وعلى صعيد التكتلات والتجمعات الجنوبية المختلفة، فقد أضافت بعدا إيجابيا في المشهد السياسي، ونوعا من التفاؤل في إمكانية انعقاد مؤتمر الحوار، ونحن كتكتل جديد أو تجمع مدني اسمه التجمع المدني الجنوبي الديمقراطي “مجد” أشهرنا هذا المكون قبل حوالي أسبوع، وملامحه في طور النمو الذي يبعث على التفاؤل، وقد طالبنا رئيس الجمهورية بعمل جدول زمني للعشرين النقطة التي توافقت عليها لجنة الحوار الوطني، حتى يؤسس لإمكانية انعقاد المؤتمر، ونحن طبعا قد تبنينا رؤية جديدة في هذا التكتل وهي تكوين دولة اتحادية من إقليمين، وفي إطار كل إقليم تتكون مقاطعات فيدرالية أو لا فيدارلية، ولكن مبدأ المناصفة في لجنة الحوار أصبح يؤسس لإمكانية تعزيز المناصفة على صعيد الدولة الاتحادية بحيث تكون مفاصل الدولة متناصفة في مرحلة معينة من أجل تعزيز الثقة حتى يتم إنجاز الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وهو مطلب اليمنيين جميعا لأكثر من مائة عام.

ــ دكتور ألا ترى أن مبدأ المناصفة يحمل في أحد وجوهه ميلاد الانفصال خاصة وأن الدولة من إقليمين؟

لا أبدا. ما دامت الدولة دولة واحدة والعلم علما واحدا، والبنك المركزي واحدا، والنشيد الوطني واحدا، والعملة واحدة، والسفارات واحدة، والتمثيل الدبلوماسي واحدا، فهي دولة واحدة، معززة على صعيد دستوري، أريد أن أقول أن الدولة عندما كانت بالمناصفة من عام 90م إلى عام 93م لم يكن يشوبها أي شيء..

ــ هذه الدولة أعقبها حرب 94م الذي نعاني آثاره إلى اليوم؟

ليس بسبب المناصفة، إنما إسقاط المناصفة هو الذي أدى إلى الحرب، المناصفة أصلا سقطت في انتخابات 93م وأصبح الجنوبيون يقولون نحن نمثل اليوم كأننا محافظة واحدة من محافظات الشمال، عندهم خمسون عضوا في البرلمان كما لو أنها أمانة العاصمة أو تعز أو غيرها، لكن الموضوع الآن بعد أن تم قبوله في لجنة الحوار أن المندوبين سيكونون مناصفة، هذه المناصفة ستكون من أجل استعادة الثقة، وإشعار الجنوبيين بأن مشروع إقامة الدولة المدنية الحديثة مشروع بالإمكان قيامه بعد يأسهم من هذا الوضع المزري، الجنوبيون يدركون أن المشروع السابق فشل، وأنهم هم أصحاب مشروع الدولة المدنية، وأنهم قد أصبحوا أقلية بعيدين عن موقع صناعة القرار، لكن حين يكون لهم نصف مقاعد البرلمان الاتحادي فإن بإمكانهم أن يمرروا الكثير من القضايا، هذا الموضوع ليس فيه أي إجحاف وهو بالنهاية مطروح للحوار، وقابل للأخذ والرد.

ــ قلت دولة اتحادية من إقليمين، لماذا لا تكون دولة اتحادية من خمسة أقاليم أو سبعة؟

لا مشكلة، الأمر طبيعي، نحن قلنا دولة اتحادية من إقليمين وفي إطار كل إقليم مقاطعات فيدرالية، مثلا ممكن الجنوب يكون ثلاث مقاطعات فيدرالية والشمال ثلاث مقاطعات فيدرالية أخرى، هذه الثلاث المقاطعات التي في الجنوب ستوازن من حيث الثقل المقاطعات التي في الشمال على صعيد مفاصل الدولة الاتحادية.

ــ فيما نعرف أنكم هذه الأيام تتهيؤون لمؤتمر لندن الذي ينعقد خلال الأيام القادمة لبحث مشكلة اليمن.. نبذة مختصرة عن المؤتمر وأهدافه والأوراق التي ستناقش فيه؟

في الحقيقة هذا أحد التطورات الجديدة، وقد تم الترتيب له منذ أكثر من ستة أشهر، تعده كلية لندن للدراسات الشرقية والإفريقية، وهو متعلق بالتحديات المتعلقة باليمن، وله أكثر من سنة ونصف، طبعا هو مؤتمر علمي بالدرجة الأولى، وستقدم فيه أبحاث علمية على عدة محاور، محور عن التحديات على الصعيد السياسي ببعده الإقليمي والدولي، محور آخر عن قضية صعدة، محور حول القضية الجنوبية، محور يتعلق بالقضية الاقتصادية، وأضيف الآن محور جديد في الفترة الأخيرة، يتمثل بالتحديات التي أمام الحوار الوطني، وفي هذا المحور عرفنا مؤخرا أنه سيتم تقديم خمسة خطابات، الخطاب الأول يقدمه جمال بن عمر داخل الجلسة الرئيسية الأولى، ضمن خطابات رؤى أساسية، إضافة إلى ورقة يقدمها الدكتور عبد الكريم الإرياني، والدكتور ياسين سعيد نعمان، والدكتور محمد السعدي، والدكتور أبو بكر القربي، والملاحظ فيها التوازي في اختيار المتكلمين، اثنان للقاء المشترك، واثنان للمؤتمر الشعبي العام، طبعا هناك اليوم حديث عن بعض المصاعب حول الشخصيات التي ستشارك في المؤتمر، ولم تقدم الأسماء حتى الآن.

ــ هذا عن الجلسة الأولى بعد الافتتاحية طبعا ما ذا عن بقية الجلسات والأوراق التي ستقدم..؟

بقية الجلسات ستتناول قضايا الأبعاد الدولية والإقليمية لطبيعة التحديات التي تواجهها اليمن، وستقدم أبحاث وأوراق عمل من عدة باحثين من أنحاء العالم، من أمريكا، من كندا، من بريطانيا، من كثير من الدول..

ــ وهل سيشارك فيها يمنيون غير الذي ذكرت سابقا؟

طبعا، سيشارك يمنيون، كمتداخلين ومعقبين ومناقشين، وربما على الصعيد الاقتصادي ستتم المشاركة بورقة عمل، لأحد الباحثين من جامعة صنعاء.

ــ هل لهذا المؤتمر علاقة بالمؤتمرات المحلية التي سبقته في الداخل أو في الإقليم، مثلا كالمؤتمر الجنوبي الذي انعقد قبل أسابيع قليلة، وأيضا باللقاءات التي تمت في الرياض مع بعض الشخصيات؟

لا. لا. هذه مؤتمرات جنوبية، سواء في الجنوب أو حتى في الرياض أو القاهرة، هذا مؤتمر علمي، يقدم فيه سياسيون قراءات ورؤى لطبيعة التحديات وليسو سياسيين عاديين، إنما سياسيون كبارا..

ــ سيحضر فيه علي سالم البيض أو ممثل عنه؟

هذا مؤتمر عالمي مفتوح، من حق أي شخص الحضور والدخول بعد دفع الرسوم طبعا، عبد الله الأصنج مثلا سيكون من ضمن الحاضرين، وهذه الكلية للعلم عقدت فيها الكثير من المؤتمرات المتعلقة بالشأن اليمني، أشهرهم مؤتمر عام 95م. الذي عقدته معارضة الخارج، “حركة موج”.

ــ أنتم في التجمع المدني الجنوبي الديمقراطي “مجد” ما هي رؤيتكم للقضية الجنوبية أولا ولليمن بشكل عام؟

نحن نرى أن مسألة الهوية وإقامة الكيان الجامع والدولة الجامعة في هذه البقعة من هذا الجزء من الجزيرة العربية بأبعادها التاريخية الحديثة، هذا أصلا منتج جنوبي بامتياز، الجنوبيون هم أول من طالب بإقامة دولة مدنية حقوقية حديثة، ليس من منطلق وحدة أو استعادة وحدة، وإنما من منطلق إيجاد دولة واحدة في جنوب الجزيرة العربية، الجنوبيون منذ زيارة  الثعالبي عام 1924م طرحوا القضية اليمنية بشكل عام ليس من منطلق عاطفي، وإنما من منطلق عقلاني يريد أن يقيم دولة مدنية حقوقية حديثة، ولا يمكن لأحد أن يزايد على الجنوبيين ويقول إنهم انفصاليون، تاريخهم يثبت وحدويتهم، أول تشكيل للجيش الجنوبي في الحرب العالمية الأولى عام 1918م اسمه الفوج اليمني المسلح الأول، الجنوبيون هم أصحاب مشروع الدولة اليمنية الجامعة ولكن ليس أي دولة، ليست كالدول التي قامت سابقا أيام الأئمة، وخاصة أيام المتوكل على الله إسماعيل، تلك الدولة التي قامت على النهب والسلب والضم والإلحاق وعودة الفرع إلى الأصل، وغير ذلك، نريد دولة يمنية حديثة مدنية تتحقق فيها المساواة العادلة في الثروة والسلطة، وتتحقق فيها كل مقومات وأبعاد الدولة الحديثة، لكن للأسف دولة 22 مايو 90م قضت على كل أبعاد وحقائق هذا المشروع، واستبدلته بالهيمنة والظلم والضيم والاستعباد الذي لحق بالجنوبيين، و الناس اليوم يطالبون بمشروع جديد، يتمثل في الدولة اليمنية الحديثة، بعد أن نهبت أراضيهم وأموالهم وحقوقهم وممتلكاتهم، اليوم مطلوب إعادة قراءة صحيحة لما حصل سابقا وتجاوز الظلم والضيم الذي لحق بالجنوبيين من أجل إقامة دولة واحدة تعطي فرصة لمشروع دولة يمنية حديثة، وللعلم فملامح الدولة المدنية الحديثة كانت موجودة في الجنوب، عدن مجتمع مدني حقوقي منذ زمن..

ــ دكتور.. أين هي النخب الشمالية من هذا المشروع الذي تتحدث عنه؟

للأسف .. وهنا أهمية مؤتمر لندن، إخوتنا من النخب الشمالية وخاصة من الأحزاب السياسية والشمالية الكبيرة كالمؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والناصريين والبعثيين، هؤلاء جعلوا الجنوبيين يعلنون الانفصال، ارتفع سقف المطالب قليلا قليلا حتى أصبح المزاج الشعبي اليوم مع فكرة فك الارتباط..

ــ ألا تمثل لكم فكرة فك الارتباط عائقا لكم أنتم في تكتل “مجد”؟

بلى، بالتأكيد، لما نطالب نحن بدولة واحدة هؤلاء يقفون ضدنا، ولهذا نحن نقول الشراكة يجب أن تكون مناصفة لبناء دولة مدنية حقوقية حديثة، حتى نعطي التنمية الاقتصادية بعدها الحقيقي، لأنه في ظل الدولة المركزية التي حصلت، وفي ظل غياب دولة النظام والقانون قضية التنمية تراجعت للخلف، قضية المؤسسات تراجعت للخلف، هذه الدولة التي ننشدها بنمطها الجديد تعطي فرصة لكل الاحتمالات لبناء الدولة الحديثة ولإنعاش الوضع الاقتصادي والتنمية المحلية. إمكانيات اليمن الاقتصادية ضخمة جدا ومهولة وليست قليلة.

ــ ولكن ما هي الضمانات الحقيقية لنجاح هذا المشروع ولعدم حدوث انفصال في المستقبل؟

الضمانات هي ما يطالب به المجتمع الدولي والإقليمي، لأن المجتمع الدولي والإقليمي، يرى اليوم في الدولة اليمنية الواحدة مصلحته، ووحدة الدولة ضمان لاستقرار المنطقة كلها، والمجتمع الإقليمي والدولي يناصرون هذه الفكرة من أجل مصلحتهم طبعا.

ــ ما هي الضمانات المحلية وهي الأهم في تقديري؟

إذا وجدت المناصفة فهذه وحدها كفيلة وضمانة أكيدة وكافية.

ــ لكن الجنوبيين اليوم منقسمون في مواقفهم وآرائهم؟

الانقسام موجود في كل النخب، وهذه ليست قضية القضية أن يدعي أي طرف أنه يمتلك الحقيقة لوحده، أو يدعو لنفي الآخر وإقصائه، التنوع طبيعة الحياة، ومطلوب من هذا التعدد في الرؤى أن يقبل بالآخر وأن يعزز من ثقافة الحوار، وهذه طبيعة الديمقراطية أصلا.

ــ ما يتعلق بالنقاط العشرين التي سمعنا عنها سابقا تأخر العمل بها حتى الآن.. برأيك ما هذا التأخر؟

أظن أن فخامة الرئيس سينتظر الظرف المناسب، هناك أطراف وجهات كثيرة مستفيدة من التجاوزات التي حصلت، وبالذات على الصعيد الجنوبي، هي في الواقع مصفوفة زمنية مجدولة، بعض هذه النقاط يمكن تنفيذها خلال أسبوع، وبعضها خلال شهر، وبعضها أكثر، وهكذا.. هي تحتاج استعادة وحدة القوات المسلحة والأمن، انظر اليوم عن عملية الاغتيالات التي تتم للقادة الجنوبيين هناك حالة من عملية خلط الأوراق تذكرنا بالأحداث التي جرت في الأعوام 91م و92م و93م هذه الاستهدافات تعمل على إفشال إعادة هيكلة وتوحيد القوات المسلحة والأمن، وتحويلها إلى مؤسسة وطنية بعيدة عن السياسة. ونحن نرى أهمية أن تتحول هذه المؤسسة إلى مؤسسة وطنية حقيقية يشارك فيها كل أبناء الوطن. تصبح تحت قيادة موحدة وتتلقى تعليماتها من القيادات المدنية التي انتخبها الشعب عبر البرلمان..

ــ ما ذا عن نمط الحكم السياسي الذي تراه أيضا؟

طبعا يجب أن يكون نظام الحكم في الدولة التي ننشدها برلمانيا لا رئاسيا، وبغرفة تشريعية من غرفتين..

ــ النظام البرلماني ألا تراه جديرا بحل المشكلة اليمني بعيدا عن نظام الإقليمين؟

لا. هذا النظام هو للدولة المركزية، الشراكة فيها مناصفة، وكل مقاطعة محلية لها حكومتها المحلية المصغرة، لكن الحكم البرلماني هو تجاوز للمشاكل التي يعانيها الوطن العربي بشكل عام، من تجاربنا أن النظام الرئاسي المزدوج هذا أتى بكل المصائب، يأتي لنا بفرعون لا يقبل الخطأ أو التصويب، هذا النظام أثبت فشله. والنظام البرلماني لا يكون على رأسه رئيس الوزراء فحسب، بل على رأسه الحكومة كلها. رئيس الوزراء صاحب صوت واحد فقط. الحكومة المحلية القائمة يجب أن تقوم على أساس نظام برلماني.  والسلطات كلها بيد رئيس الوزراء، ووزير الدفاع مدني يوجه الجيش، وزير الداخلية مدني أيضا يوجه الأمن، المقاطعات لها صلاحياتها الكاملة في إدارة شئونها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى