حواراتشريط الاخبارعناوين مميزة

رئيس اللجنة التحضيرية للحزب الليبرالي اليمني

رئيس اللجنة التحضيرية للحزب الليبرالي اليمني لـ«الجمهورية»:
الليبرالية مذهب سياسي واقتصادي شامل لا يتناقض مع الدين أو الهوية الوطنية

من مخرجات الثورة الشبابية الشعبية ظهور العديد من الأحزاب السياسية الجديدة, وكان الإعلان عن تأسيس حزب ليبرالي يمني هو الفكرة التي اتسمت بالجرأة والمغايرة في ظل واقع سياسي واجتماعي معقد لا تزال تعتاش معظم مكوناته على تنصيب الغرب بحضارته ومعتقداته ومنظماته وأحراره الإنسانيين باعتبارهم أعداء أوكلوا إلى أنفسهم مهمة التربص وإلحاق الأذى بأوطاننا وشعوبنا.. “الجمهورية” أجرت حوارا مع الأخ منصور الصمدي ـ رئيس اللجنة التحضيرية للحزب الليبرالي اليمني, تم فيه التطرق إلى العديد من القضايا.
حاوره: محمود الهجري

>>.. لماذا تأخر الحزب الليبرالي اليمني عن الإعلان رغم ظهور عدد من الأحزاب منذ انطلاق الثورة الشبابية الشعبية؟
ـ الحزب الليبرالي اليمني لم يكن وليد اللحظة، بل إن عملية إشهاره جاءت نتيجة لجهود مضنية وطويلة بذلناها في الدراسة والتخطيط والإعداد والترتيب دامت قرابة عشرة أشهر، حيث تمكنا خلال تلك الفترة من دراسة واقعنا المعاش وقراءته بشكل متأن ودقيق، وشخصنا كافة مشاكله ومتطلباته، وعلى ضوء العجز الذي أصبح واضحا في مسار التسوية السلمية التي تحاول إفراغ أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية من مضامينها، أعددنا مشاريع وثائق الحزب المتمثلة في “دستور الحزب _ والنظام الداخلي _ والبرنامج السياسي” إلى جانب قيامنا بالتنسيق والتواصل مع العديد من المكونات الثورية الشبابية؛ وذلك لأننا لا نريد فقط أن نؤسس لكيان سياسي نؤطر أنفسنا فيه، وإنما سعينا لوضع الأساس لنظام سياسي مدني حقيقي متكامل وحديث، حيث إننا نراهن عليه كمشروع المستقبل في اليمن وإنقاذه من دوامة الأزمات التي تهدد كيانه السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وعندما توصلنا إلى رؤية موحدة حول شكل ذلك الكيان التقى أكثر من(122) مؤسساً من شباب الثورة مطلع شهر رمضان وعقدنا اجتماعنا التأسيسي الذي خلص إلى إقرار مشاريع الوثائق وانبثق عنه إعلان لجنة تحضيرية شملت تسعة أعضاء يمثلون ثماني محافظات، وطبعا هذه اللجنة لا يعني أنها قيادة الحزب ولن تتولى قيادته عبر التاريخ كما قد يفهم البعض, لكنها لجنة مهمتها تسيير شئون الحزب حتى انعقاد المؤتمر العام التأسيسي فقط, وفي هذا المؤتمر ستجرى انتخابات حرة ونزيهة وفيها سيفتح المجال للتنافس الشريف بين كافة الأعضاء الراغبين بترشيح أنفسهم, ومن سيحظون بالأغلبية هم من سيتولون قيادة الحزب.

>>.. ما الذي أنجزته اللجنة التحضيرية إلى الآن؟ وإلى أين وصلتم في إجراءات تسجيل الحزب لدى الجهات المختصة؟
ـ نحن في اللجنة التحضيرية نعمل بخطى متزنة وليس كل ما يهمنا الحصول على الاعتراف الرسمي بالحزب فقط, بل إننا حريصون بأن يكون ظهوره مشرفا وعلى مستوى الفكر والنهج الليبرالي العظيم الذي اختاره مسلكا له, وبالتالي كرسنا جهودنا منذ لحظة انتخابنا في التنسيق والتواصل مع كل المكونات السياسية والشبابية وكذا الشخصيات والأفراد في مختلف المحافظات وعرضنا عليهم وثائقنا وطلبنا منهم ملاحظاتهم ومقترحاتهم حولها, والحمد لله لقينا تفاعلا وترحيبا واسعا وغير مسبوق من قبل الجميع فاق كل توقعاتنا, ومن خلال ذلك تم تعيين مندوبين أو ممثلين للحزب في عدد من المحافظات, كما أن الإعلان عن تأسيس الحزب حظي بترحيب عربي من قبل كل الأحزاب العربية ذات التوجه الليبرالي, حيث تلقينا برقيات تهان من عدد منها وفي مقدمة ذلك التحالف العربي للحرية والديمقراطية المعروف بشبكة الليبراليين العرب الذي يضم ثمانية أحزاب عربية وعددا من المنظمات, والذي بدورة وجه لنا دعوة للمشاركة في كل الفعاليات التي يقيمها ومؤخرا تم ترشيح إحدى الأخوات للمشاركة في ندوة عن النساء والتغيير في العالم العربي، وتم سفرها وهي حاليا في تونس هذا فيما يتعلق بجانب التواصل والتنسيق.. وفيما يتعلق بإجراءات التسجيل فنحن لسنا مستعجلين؛ لأن الليبرالية ليست حزبا صغيرا يسعى في سبيل إثبات نفسه، ولكنها موجودة في المجتمع اليمني بشكل عميق وكبير, ومع ذلك نستطيع القول إننا قطعنا شوطا كبيرا في استكمال إجراءات التسجيل, ومؤخرا تمكنا من توفير مقر رئيسي للحزب في العاصمة ودشنا فعاليات المنتدى الليبرالي الأسبوعي حيث أقمنا خلال ثلاثة أسابيع ورشة عمل وندوتين, كما قمنا بطباعة كمية من استمارات العضوية ووزعناها على المندوبين في المحافظات وعملية الاستقطاب مستمرة في المحافظات, وإلى ذلك نحن نسعى حاليا للبحث عن تبرعات حتى نتمكن من إنشاء مكاتب ومقرات الحزب, ولله الحمد الإجراءات تسير بشكل جيد، ونحن متفائلون كثيرا.

>>.. ذكرتم في مشروع برنامجكم السياسي بأن الحزب الليبرالي اليمني “يمني الهوية والانتماء”- مع أن الليبرالية ذات منشأ أوربي, أو قل إنساني؟..
أردنا من خلال ذلك التأكيد على الهوية الوطنية للحزب, كون مصطلح الليبرالية جديدا على الكثير من اليمنيين الذين لا يزالون يجهلون حقيقة أن بإمكان الفكر والنهج الليبرالي أن يتماشى ويتكيف وفق أخلاق وقيم وعادات وتقاليد وظروف أي مجتمع يتبناه, أي إننا أجبنا مسبقا على كل الأقاويل التي قد تشكك بوطنية الحزب, وبصراحة لسنا نخشى أحدا كون الليبرالية مذهبا سياسيا أمميا معروفا ومحددا ولا مجال فيه للعب على التناقضات.
الفارون من الأيديولوجيات المحبطة, يلقون بذواتهم في مساحات الليبرالية الشاسعة, ومن يدعون الحداثة أيضا يمارسون ذات الفعل, بمعنى أن الليبرالية في واقع يشبه واقعنا صارت بيئة لاحتضان الفرار .. ما رأيكم؟
ـ الواقع الذي تمر به اليمن الوقت الحالي بكل أحداثه ومتغيراته وتداعياته ومفرداته يؤكد حقيقة واحدة هي أنه ليس أمام اليمنيين الحريصين على أمن واستقرار وسلامة هذا الوطن، من خيار سوى الاصطفاف تحت مظلة الليبرالية باعتبارها النهج والفكر الوحيد الذي يستوعب كل التيارات والطوائف والتكتلات والقبائل والأقليات والأفراد دون النظر إلى الصراعات والأحقاد والمفاهيم الضيقة التي يتمترسون حولها الليبرالية تطرح الانتخابات كمرتكز أساسي لعملية التغيير بدلا من الولاءات الشخصية والقبلية والدينية وغيرها, وتوفر الأرضية القوية لبناء اقتصاد وطني حر وقوي يعتمد على الفرد باعتباره محور التنمية الاقتصادية, كما أن الليبرالية تضع كافة مكونات المجتمع على قدم المساواة أمام المهام والمسئوليات والواجبات المتعلقة ببناء المستقبل, بمعنى أن الليبرالية هي الحل الوحيد والأمثل القادر على انتشال المجتمع اليمني من الواقع المتأزم الذي يعيشه؛ لذلك من الطبيعي أن يكون الحداثيون والمثقفون المبادرون إلى هذا الاصطفاف باعتبارهم النخبة الأكثر دراية بأوجاع البلد والسبل الكفيلة بمداواتها.

>>.. الليبرالية هي التحرر غير الخاضع لإملاءات الخصوصيات الثقافية.. هي احترام وتقبل الآخر, وهي كذلك ثقافة إنسانية لا تقبل التعاطي مع هوية معينة باعتبارها الأصل, أو الحقيقة، كيف تتصورون خارطة تحالفاتكم السياسية في المستقبل, في ظل سيطرة مفردات القومية, والوطنية, والإسلامية, على طبيعة الفاعلين في الحياة السياسية اليمنية؟
ـ نحن سعينا إلى وضع اللبنات الأساس لحركة وعي اجتماعي قائمة على التسامح والحب والعدالة والمساواة واحترام الآخر دون النظر إلى شكله أو لونه أو طائفته أو قبيلته، ومهما كانت أو تكن قناعاته؛ وبالتالي ليست لدينا مشكلة مع أي تيار أو حزب أو طائفة، الكل في نظرنا إخوة متساوون، يجمعنا حب الوطن والعمل لما من شأنه تحقيق استقراره وتقدمه وتطوره وازدهاره، والسعادة والرفاه والعيش الكريم لأبنائه؛ لذلك أؤكد لك بأننا سنسعى بكل جهودنا وطاقاتنا للتحالف مع الجميع، وسنعمل أيضا جاهدين على المواءمة والتوفيق والمصالحة بين الجميع، وبما يضمن قيام دولة يمنية مدنية حقيقية خالية من الأحقاد والضغائن والثأرات والنزعات الضيقة بكل أنواعها, كما أن برنامجنا السياسي قائم على أساس بناء شراكة سياسية حقيقية مع كل القوى السياسية الأخرى بما فيها منظمات المجتمع المدني التي نؤمن نحن بالحزب الليبرالي اليمني بأهمية وضرورة أن تكون شريكة فاعلة وحقيقية في عملية التنمية السياسية والتحول المدني وبدونها لا يمكن أن نصل إلى الدولة المدنية الحديثة التي ينشدها الجميع.

>>.. توجد أقلية يهودية في اليمن هل لديها تمثيل في حزبكم؟ وهل لديكم الاستعداد لإفساح المجال أمام هذه الأقلية للتعبير عن ذاتها عبر حزبكم؟
ـ حتى الآن ليس هناك تمثيل للطائفة اليهودية كوننا مازلنا لجنة تحضيرية ومن السابق لأوانه التحدث عن تمثيل لهذه الطائفة أو غيرها, وفي حال وصلنا طلب بالتأكيد لن نرفضه كون أبناء هذه الطائفة هم في المقام الأول مواطنون يمنيون، ومن عاش كمواطن يخدم هذا البلد لا يمكن أن نعاديه.
بل إن واجبنا الإنساني والقيمي والأخلاقي يفرض علينا احترامه والوقوف إلى جانبه حتى ينال كافة حقوق مواطنته كغيره من اليمنيين, وعلينا أن لا ننسى أن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, توجب جميعها التعدد والتنوع, والتمايز والاختلاف, والتسامح والقبول بالمختلف والتعايش معه, وتجرم التمييز بكل أشكاله وأنواعه.. وتقوم أيضا على مدماك أن التعاطي مع الفكر والرأي والموقف المختلف يجب أن يتم من خلال وعبر الحوار العقلاني المسئول القائم على المناقشة والتفنيد, والتحليل, بل والنقد والنقض وغيرها, ولكن بأسلوب علمي ومنهجي رصين ورفيع أخلاقياً.
>>.. ما موقفكم من الوحدة الوطنية؟ وهل ستقفون في حال فشلت كل الخيارات أمام المطالبين بفك الارتباط؟
ـ نحن مع وحدة الوطن، وفي ذات الوقت نحن مع مطالب الآخرين، والمطالبين بفك الارتباط لديهم جملة من المطالب المشروعة، ورفعهم مطلب فك الارتباط جاء نتيجة للظلم الكبير والجائر وعمليات الإقصاء والتهميش والمصادرة للحقوق التي تعرضوا لها خلال السنوات الماضية، وباعتقادي أنه إذا تم إنصافهم ومساواتهم بغيرهم من اليمنيين، وأعيدت لهم حقوقهم فإنهم سيتخلون عن هذا المطلب وسيكونون في صدارة المدافعين عن الوحدة؛ ومن هنا نؤكد استعدادنا الكامل للوقوف إلى جانبهم ومساندتهم حتى تتحقق كافة مطالبهم.
وأقول لك أيضا نحن في الحزب الليبرالي اليمني نكاد نكون الحزب السياسي الأول الذي يقوم بناؤه الداخلي وهيكله التنظيمي على أساس فيدرالي.. فقد أكدنا في برنامجنا السياسي بشكل واضح وصريح على أهمية تبنى نظام فيدرالي يضمن حقوق وكرامة المواطن اليمني وفقاً لدستور اتحادي يحفظ سيادة الدولة الاتحادية ويعطي للمقاطعات حقها في إدارة شئون نفسها بنفسها.. وهناك جملة من الحلول طرحناها في برنامجنا السياسي وجميعها تعالج هذه القضية.

>>.. هل لديكم رؤية لتحرير الحياة السياسية من الديكتاتوريات المعشعشة في داخلها؟
ـ بالتأكيد لدينا رؤية كاملة وشاملة لتحرير اليمن بشكل عام وإنقاذه من أتون الأزمات والمشكلات السياسية والاقتصادية وغيرها التي تتفاقم يوما بعد يوم، والبرنامج السياسي العام للحزب يتضمن رؤية كاملة للكيفية التي يجب أن نتبعها في حلحلة كافة المشكلات والآلية الناجعة التي ستمكننا من تخطي جميع الأزمات التي نعيشها، وتمكن الشعب من انتزاع حقه في الحياة بكرامة وحرية ومساواة تحت سقف القانون, وحتى يصبح بلدنا مكاناً أفضل للعيش، بلدا يحرر نفسه من أغلال الماضي ويصنع نظاماً سياسياً يستلهم الروح الوطنية التي جسدتها الثورة الشبابية الشعبية لأول مرة في التاريخ اليمني للوصول إلى أفضل نماذج الإدارة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، يُلغي مركزية الدولة ويتيح للمجتمعات المحلية إدارة نفسها بحرية واستقلالية تامة وبما يفضي إلى التعايش الحر بين مختلف المعتقدات والأفكار والفئات داخل المجتمع ويحقق التوزيع العادل للموارد والفرص وبما يتيح للمواطنين المشاركة الواسعة في صنع القرار؛ وهذا البرنامج منشور ومتاح حاليا على الإنترنت ونأمل من الجميع قراءته.

>>.. تتشكل الآن ملامح صراع مذهبي بين شيعة وسنة, واليمن مرشحة لاحتلال المركز الأول في مضمار هذا الصراع.. ما هو الدور الذي ستبذلونه في سبيل حلحلة الاحتقانات التي تقود الى هذا الصراع؟
ـ كما سبق وذكرت السبيل الوحيد الذي سيجنب اليمن ويلات تلك الصراعات والاحتقانات هو الاصطفاف تحت مظلة الحزب الليبرالي اليمني كونه سيتقبل ويساوي بين الجميع، وهو المكان الوحيد الذي تنتفي فيه النزعات والادعاءات والصراعات الضيقة تلك؛ لذلك فإنني أوجه دعوتي لكل فرقاء الحياة السياسية لترك خلافاتهم جانبا, والابتعاد عن سياسة العناد والمكابرة التي لا تقود الوطن سوى إلى مزيد من الفوضى وتأزيم المشكلات وتعقيدها, والالتفاف حول هذا الحزب وتسخير كل ما لديهم من قدرات وإمكانات في سبيل دعمه، كونه يمثل فرصة ذهبية ستمكن اليمنيين من صنع مستقبلهم بإرادة سياسية حرة وإطلاق طاقاتهم الكامنة وانبعاث الروح اليمنية العظيمة كقوة دافعة يمكنها أن تقود نهضة شاملة في اليمن ليصبح نموذجاً جذاباً في منطقة إقليمية تفتقر شعوبها لروح الحرية والحق في تقرير المصير والمشاركة السياسية الواسعة, ولا ننسى هنا أنه لابد من استنهاض قوى الشباب الفاعلة في الساحة اليمنية لحماية ثورتهم ومحاصرة قوى التخلف والفساد وإنهاء نفوذها على مستوى الوطن كله, وعلى هذه القوى أيضا تجديد رؤيتها العتيقة للواقع وذلك بما يتوافق ويتماشى مع متغيرات ومتطلبات العصر.

>>.. كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن في ظل تنامي ذلك الصراع المذهبي الذي يتغذى من أجندة إقليمية ودولية؟
ـ رغم أن هناك حالة من فقدان اليقين بشأن المستقبل لدى الكثيرين إلا أننا لسنا متشائمين؛ بل إن إيماننا كبير بأن التحديات والأخطار الحاشدة التي تتربص بنا لن تقف عائقاً في طريق اليمنيين الذين خرجوا بالملايين لأول مرة من أجل صناعة بلد جديد يكون فيه سيد نفسه, وطالما نحن في الحزب الليبرالي نشق طريقنا بمعزل عن ذلك الصراع فإننا واثقون بأن كل قوى الخير, وكل الشرفاء والوطنيين سيغلبون المصلحة الوطنية العليا, ويلتفون حول هذا الحزب ذي التوجه الأممي والإنساني الرفيع والسامي, ويعملون معنا في سبيل بناء يمن جديد يسوده الأمن والاستقرار والمحبة والإخاء والتسامح والإيثار.
>>.. منذ قيام ثورة الشباب تشكلت في الساحة العديد من الأحزاب السياسية الجديدة, وكل يدعي أنه حامل لواء التغيير، ترى ما الذي يميز حزبكم عن بقية الأحزاب؟
– ما يميزنا هو أن حزبنا يشكل امتدادا لنهج فكري وسياسي أممي أثبت نجاعته في شتى أقطار الدنيا التي اتخذت منه نظاما لها, إلى جانب أننا ومن خلال استقرائنا للتاريخ اليمني الطويل الممتد لأكثر من خمسة آلاف سنة, وللواقع الحالي الذي نعيشه اليوم؛ توصلنا إلى حقيقة أن الفيدرالية, والانتقال السريع إلى اللامركزية السياسية والإدارية بالنسبة لبلدنا تمثل أفضل نموذج سياسي للحكم والإدارة, كونها النهج الفكري الوحيد الذي سيتناغم مع كافة أطياف ومكونات النسيج الاجتماعي اليمني, ويلبي تطلعات وطموحات مختلف المجتمعات المحلية التي تشكل تنوعا فكرياً وثقافياً واجتماعياً, ويوائم التركيبة السياسية المتعددة الميول والاتجاهات.. وكما سبق وذكرت لك أننا أكدنا في برنامجنا السياسي ضرورة تحقق نظام الاتحاد الفيدرالي الذي يكفل التعايش الإنساني والوطني القائم على أسس الوحدة والشراكة والتعاون والتوافق والهدف المشترك؛ وذلك من خلال إقامة دولة فيدرالية تتكون من مقاطعات، وكل مقاطعة عبارة عن نسيج اجتماعي يتعايش على مساحة جغرافية محددة ويعيش نمطاً اجتماعياً متوائماً فكرياً ومعيشياً, على أن تتمتع كل مقاطعة على حدة بإمكانيات وصلاحيات كاملة في حرية وإدارة شئونها باستقلالية تامة تحت سقف دستور اتحادي يجسد سيادة الوحدة الوطنية.

>>.. من الذي يدعمكم ويوفر لكم التمويل اللازم لاستكمال مراحل التأسيس؟
ـ ليس هناك أي دعم, ولم نتلق من أحد حتى فلساً واحدا, ولو كان هناك داعم كما تقول كنا على الأقل فتحنا مكاتب للحزب, منذ لحظة تأسيسه، لكننا كنا نعمل من ساحة التغيير التي نعتبرها مقرنا, وقبل أيام تمكنا من افتتاح مقر متواضع للحزب في العاصمة وطباعة بعض وثائقه وكل ذلك كان بجهود ذاتية من أعضاء اللجنة التحضيرية, بالإضافة إلى تبرعات بسيطة من قبل بعض الإخوة المؤمنين بفكرة الحزب.
وبصراحة نحن حريصون على أن لا نقبل أي دعم من جهة أو شخصية كانت داخل الوطن أو خارجه تشترط ارتهاننا أو تبعيتنا لها, وذلك حتى نضمن استقلالية الحزب, وابتعاده عن الصراعات والمماحكات والأحقاد والمفاهيم الضيقة التي تشهدها الساحة السياسية, والحقيقة أن كل ما نتلقاه هو عبارة عن دعم معنوي عبر الاتصالات ورسائل الفيس بوك والبريد الالكتروني من مختلف الشخصيات والجهات اليمنية داخل الوطن وخارجه.

>>.. طالما لا يوجد هناك من يدعمكم إذن كيف ستتمكنون من توفير مقرات الحزب واستكمال مراحل التأسيس, وتوفير المتطلبات والإمكانيات الكبيرة في المرحلة المقبلة؟
ـ رهاننا على اشتراكات الأعضاء, وكذلك تبرعاتهم.. وكما ذكرت لك نحن نسعى في الوقت الحالي للبحث عن تبرعات بحيث نتمكن من مواجهة المتطلبات المادية لمرحلة التأسيس هذه, وقد وصلتنا عروض من جهات اشترطت موالاتنا لها لكننا رفضناها, وأكدنا صراحة ونؤكد هنا بأننا لن نقبل أية تبرعات مشروطة مهما كانت مغرية, من لديه الاستعداد أن يتبرع ويدعم هذا الحزب دون شروط فأهلا وسهلا به.. وأقول لك رغم أننا نواجه الكثير من الصعوبات إلا أننا متفائلون كثيرا, وسنواصل مشوارنا في إرساء داعم هذا الحزب مهما واجهتنا من تحديات وعقبات.

>>.. هناك من يقول إنكم عبارة عن تيار تابع للإخوان المسلمين “الإصلاح” ولكن بصورة جديدة، وآخرون يؤكدون تبعيتكم لجماعة الحوثي، فيما فريق ثالث يعتبركم من بقايا النظام السابق ما هي حقيقة تبعيتكم؟
ـ الأقاويل كثيرة والإشاعات أكثر في وقتنا الحالي، ولن نستبعد أن يقال عنا في الفترة القادمة أننا من أتباع النظام الإسرائيلي؛ ولذلك نحن لا نلقي بالا، ولا نضع أي اعتبار لما يقال وما يشاع، يقولون ما يريدون، ثقتنا بذواتنا وبوطنية وعظمة واستقلالية وطهارة ونقاء مشروعنا بحجم هذا الكون، ومن يدعي عكس ذلك فعليه أن يثبت ويبرهن وإلا فليخرس، والزمن كفيل بكشف أية خبايا، وللعلم نحن لسنا نعمل بالسر نحن ليبراليون والليبرالية متسمة بالشفافية والوضوح، عملنا وتحركاتنا كلها بالمكشوف وحزبنا فاتح ذراعيه لكل اليمنيين، ومن في نفسه ذرة شك حول ما يقال ويشاع عنا عليه أن يأتي ويتقصى حقيقة ذلك بنفسه.

>>.. بماذا تردون على من يقولون عنكم إنكم مجرد ظاهرة إعلامية, ولا أثر أو تأثير لكم على الواقع اليمني؟
ـ إن غدا لناظره قريب.

>>.. ماهي العلاقة القائمة بين الدين والليبرالية هناك من يقول إن الليبرالية تقوم على هدم الدين وضح ما هي الليبرالية؟
ـ بالعكس هناك تكامل وتوافق كبير بين المبادئ الليبرالية و المبادئ الإسلامية، حيث تؤكد الليبرالية على “حرية الاعتقاد” وهذه الحرية يقرها الإسلام في قوله تعالى:(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ, وقوله أيضاً: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا), كما تؤكد الليبرالية “حرية الفكر” ويقرها الإسلام في قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ), وتؤكد الليبرالية “حرية التعبير” ويقرها الإسلام في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ), وتقوم الليبرالية على “المساواة بين الجميع” وهذه يقرها الإسلام في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ), وتقوم الليبرالية على مبدأ “الحياد أمام جميع أطياف المجتمع” ويقرها الإسلام في قوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ), وتؤكد الليبرالية التسامح, احترام كرامة الإنسان, ضمان حق الإنسان في الحياة, المساواة أمام القانون, والكثير من القيم الإنسانية العظيمة التي تأتي في صميم تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وأكدها القرآن الكريم في الكثير من الآيات, وبالتالي من يقول إن الليبرالية تقوم على هدم الدين ليس إلا جاهلا أو حاقدا أو متطرفا.

>>.. ماذا عن مكانة المرأة وتمكينها من حقوقها عندكم؟
ـ المرأة في الفكر الليبرالي شريكة أساسية وحقيقية للرجل, حيث إن لها كامل الحرية في الحياة والعمل والتعبير عن ذاتها كما تريد؛ وهذا ما عملنا وسنعمل عليه وقد أفردنا لها حيزا كبيرا في وثائق الحزب, حيث أكدنا في برنامجنا السياسي أن المرأة شريكة رئيسية في بناء المجتمع والوطن, وأكدنا ضرورة تمكينها سياسيا من خلال الدفع بها للمشاركة الفاعلة في دوائر صنع القرار عن طريق توسيع نطاق الفرص والخيارات والبدائل المتاحة لها بشكل عام، وأكدنا أيضا بأننا سنعمل على إعادة بناء وعيها بما يضمن التغيير الجذري للمفاهيم الخاطئة التي ترسخت لديها عن نفسها وحقوقها أولا, ولدى المجتمع عن الأدوار المختلفة التي يمكن أن تمارسها كإنسان وتتفوق فيها ضمن عملها وأدائها جنباً إلى جنب مع الرجل، وبما يضمن أيضا وصولها إلى مراكز صنع القرار والمراكز التي تؤثر في وضع السياسات.

>>.. هل يوجد لدى الحزب مانع في قبول عضوية شخصيات سياسية اشتهرت سابقا بالفساد؟
ـ كما سبق وأكدت لك نحن ليست لدينا مشكلة مع أحد، والليبرالي حزب كل اليمنيين باستثناء القتلة والملوثة أياديهم وبطونهم بالفساد وأموال الشعب؛ لأن الثورة الشبابية التي يعد هذا الحزب أحد مخرجاتها جاءت للقضاء على تلك الثلة الفاسدة وهذا معناه أن لا مكان لهم في هذا الحزب.

>>.. أي حرية تنشدونها وأنتم ترفضون شخصا قد يكون تاب واهتدى؟
ـ تلك الحرية التي لا تتعارض مع مصالح الوطن والشعب، ومن دمر مصالح الوطن وصادر حقوق الشعب لا يعيننا، وليس لدينا الاستعداد لمنحه فرصة جديدة لممارسة نزواته في التدمير والمصادرة والإقصاء والبطش، وإن كان اهتدى وتاب كما تقول فنصيحتي له أن يكمل ما بقي له من عمر في طلب العفو والمغفرة من الله، وأن يترك الوطن والسياسة لغيره.

>>.. ماهي ضمانات استقلالية الحزب التي تحول دون تأثره وتبعيته لأي كيان سياسي محلي؟
ـ الضمانات هي أننا حزب ليبرالي والليبرالية قائمة على قيم ومبادئ إنسانية ثابتة ومحددة والجميع يدركونها، ومن الصعب تجاوزها أو الالتفاف عليها أو الخلط بينها وأية مبادئ أخرى، ولعلمك هناك من أبدى اعتراضه على تسمية الحزب بـ”الليبرالي” مبررا ذلك بصعوبة المصطلح وعدم قدرة الكثير من اليمنيين على استيعابه وتقبله، وقد كان ردنا عليهم بالقول:” نحن نعمل بالمكشوف ولا يوجد لدينا مجال للمساومات أو المغالطة” نحن ليبراليون وضمانات استقلاليتنا هو أننا سنواصل مشوارنا على ذات الفكر والنهج بكل دقة وحيادية وموضوعية، باستثناء ما يتعارض مع قيم وطبيعة مجتمعنا فقط.

>>.. كلمة أخيرة؟
ـ هذا حزبكم أيها اليمنيون, ونحن لسنا أول من يؤمن بالنهج والفكر الليبرالي ولسنا الأخيرين, بل إننا ندرك أن غالبية الشعب ليبراليون بالفطرة, كما ندرك أننا لسنا سوى تلاميذ, وأن هناك من هو أعلم وأفقه منا بماهية الليبرالية؛ لذلك فإننا ندعو الجميع إلى مؤازرتنا ومساندتنا والوقوف إلى جانبنا وتوجيهنا وتصويب أخطائنا؛ لأن الحزب هو المستقبل وعملية تأسيسه وبنائه على أسس وقواعد سليمة تهمنا جميعا.

نقلا عن الجمهورية نت وسيتم نشرها صباح اليوم في صحيفة الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى