تقاريرعناوين مميزة

الساعات التي تسبق حسم الملف اليمني

تحاول الدول الأوروبية إنهاء العدوان على اليمن بتسوية مرضية تكون فيها أيديهم عبر الرياض هي العليا بشروط سعودية فعلى رأس جدول مباحثات وزير خارجية بريطانيا في طهران اليوم الموضوع اليمني إلى جانب الملف النووي وملحقاته كلها حاضرة بقوة، ليؤكد فيه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني بعد استقباله مساء اليوم الإثنين وزير الخارجية البريطاني جرمي هانت أن غضّ النظر عن الجرائم المهولة التي ترتكبها السعودية والامارات في اليمن ومحاصرة شعبه المظلوم من أجل المصالح الإقتصادية يعكس “إزدواجية المعايير” لدى أوروبا وأميركا.

ما حصل في الأيام الماضية قلب موازين القوى في اليمن رأساً على عقب عناصر عدة اجتمعت لتجعل من التسوية وإنهاء العدوان والقبول بجانب كبير من الأمر الواقع على الأرض في اليمن عموماً منها الاقليمية ومنها عناصر طارئة جعلت من السعودية في أسوأ أيام ضعفها بعد جريمة القتل التي ارتكبتها بحق الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصليتها في اسطنبول.

تسلسل زمني يؤكد أن ساعة حسم الملف اليمني باتت قريبة بدأها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس حين دعا الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات في غضون 30 يوماً في ظل حديثٍ عن مشروع قرار في الأمم المتحدة يدعو إلى هدنة لأسبوعين في الحديدة بهدف إيصال المساعدات.

تتعاقب بعدها التصريحات والمواقف الدولية ليعلن بعد ذلك المبعوث الأممي مارتن غريفيث عن جولة جديدة من المفاوضات لتسرع السويد في إعلانها باستعدادها استضافة المفاوضات اليمنية بعد طلب من الأمم المتحدة.

وعلى توقيت خسارة الرهان تحركت بريطانيا وأوفدت وزير خارجيتها إلى الرياض وأبوظبي لبحث ملف الحرب في اليمن.

ولعدم إضاعة الوقت وصل إلى أبوظبي مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتن لبحث الملفات الإقليمية في المنطقة على رأسها ملف الحرب في اليمن.

بالتزامن رفعت ألمانيا لهجتها ضد تحالف العدوان فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل شددت على ضرورة تحرك العالم لوقف الكارثة الإنسانية في اليمن داعيةً إلى حظر تصدير السلاح للسعودية.

فرنسا التي دعمت بشكل كبير السعودية عسكرياً اصطفت ووقفت إلى جانب جارتها ألمانيا ليصف حينها وزير خارجيتها الحرب التي يشنها التحالف السعودية والإمارات في اليمن بأنها “حرب قذرة” بمعزل عن قضية خاشقجي.

بريطانيا لم تكتفِ عند هذا الحد بل قدمت بمشروع قرار لمجلس الأمن بشأن اليمن ويصب القرار جزئياً في مصلحة قيادة صنعاء كونها الأقوى على أرض الميدان مع استمرار اختفاء هادي عن المشهد.

صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية اكتسبت ما تبقى من الوقت ونشرت مقالاً لرئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن محمد علي الحوثي وبعدها بيومين تنشر الصحيفة تقريراً بعنوان “السعودية خسرت الحرب في اليمن الحوثيون أقوى من أي وقت مضى”.

برلمان الاتحاد الأوروبي دخل على الخط أيضاً، وزاد من عناصر الضعط على التحالف السعودي ومن وراءه لوقف الحرب والعدوان فصادق على حظر كامل لبيع الأسلحة للسعودية بسبب جرائم الحرب المرتكبة في اليمن.

يتغيّر وضع السلطات في صنعاء وتتعدّل نظرة المجتمع الدولي تجاهها إيجاباً ولو نسبياً ويتحوّل مشروع القرار البريطاني من “تهدئة” العمليات العسكرية بالحديدة إلى “وقف” الأعمال العسكرية في اليمن بالكامل.

بالتزامن مع تغير الموقف الدولي تجاه كل من صنعاء والرياض تفجر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـCIA أمس قنبلة في وجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتعلن رسمياً بأنه هو من أمر بقتل “خاشقجي”.

ومن المرجّح أن القيادة في صنعاء تدرك ما سلف ولذا فإن جانباً من تفسير حملة التعبئة في صنعاء لمواجهة عدوان التحالف السعودي هو رغبة القيادة إظهار عناصر القوة والثبات والتفاف الناس حولها وحول خيارها، حتى إذا حصل تقدّم جدي في المفاوضات والمحادثات، بالتزامن مع الصمود العسكري الكبير لا بل والتقدم وإفشال كل حملات تحالف العدوان السعودي فان المشهد سيظهر يد القيادة اليمنية في الداخل هي المنتصرة والأعلى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى