تحقيقاتخاص الهويهشريط الاخبارعناوين مميزة

الهويـة” تلامس الخيوط الأولى لحقائق القصة المؤلمة التي شردت عشرات الآلاف ونكلت بالمئات في محافظة أبين

 

أدق التفاصيل والأحداث المتعلقة بسيطرة “القاعـدة” على زمام الأمور والأوضاع فيها

وجرائم بشعة باسم الشريعة وتغاض رسمي يخدم الساسة ويثري المستغلين

الهويـة” تلامس الخيوط الأولى لحقائق القصة المؤلمة التي شردت عشرات الآلاف ونكلت بالمئات في محافظة أبين

ماذا جرى ويجري في ابين؟ وكيف عجزت الجيوش عن حماية مواطنيها؟ من يقف وراء التمويل السخي والبذخ المفرط لمسلحي القاعدة؟ وما علاقة الراقص على رؤوس الثعابين  وقائد وضباط الفرقة المدرعة الاولى ورئيس جامعة الإيمان بثعابين ووحوش الامارات الاسلامية المتطرفة في محافظات الجنوب؟وما حقيقة سيناريوهات مقولة وقيادات المنطقة العسكرية الجنوبية في كابوس الإرهاب والتشرد لمواطني أبين؟

تساؤلات كثيرة تبحث عن اجابات وقصص مؤلمة لم يعرف بعد مسطروها على وجه الدقة لكننا قد نكون على مقربة من خيوط الكشف الاولى لحقيقتها بل رما لامسنا بعضها وان بطريقة عابرة

“الهوية”قامت مؤخرا بزيارة استطلاعية إلى محافظة ابين لتسليط الضوء على الكثير من التفاصيل والأحداث الدائرة في بعض مديريات ومناطق المحافظة وتمكنت من رصد المواقع الميدانية التي يسيطر عليها كل من قوات الجيش اليمني ومسلحي “تنظيم القاعـدة” وبعض حقائق ومعلومات لها علاقة بقصة الألم الانساني وبشاعة الانسان حين يسكنه الجشع ويحوله حب المادة ونزعة السلطة الى وحش تتعوذب منه حتى الشياطين وتستنكرة اوحش الوحوش الحيوانية وهو ما ستجدونه في هذا الملف:

إعداد/ قسم التحقيقات والاستطلاعات

محافظة أبيـن تقع على الشريط الساحلي للبحر العربي، الممتد طوله إلى أكثر من 300 كيلومتر، وتبعد عن محافظة عـدن حوالي 75 كيلومتر، وعن العاصمة صنعاء بنحو 427 كيلومتر، وتتصل محافظة أبيـن شمالاً بمحافظة البيضاء، وشرقاً بمحافظة شبوة، وجنوباً بالبحر العربي، وغرباً بمحافظتي عـدن ولحـج.

ووفقاً لأخر نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت التي أجريت عام 2004م في محافظة أبين، فأن إجمالي التعداد السكاني فيها يبلغ 433,819 نسمة، بمعدل نمو سكاني 2,47% في السنة، ومعظم سكان محافظة أبين من الفئات الأكثر فقراً، ويعتمدون في حياتهم اليومية على الزراعة والرعي وصناعة الحرف اليدوية.

وتتألف محافظة أبيـن من 11 مديرية هي، العاصمة زنجبار وخنفر وجعار ومودية والوضيع والمحفد ورصد وأحور وسباح وسرار ولودر، وتعد أهم المباني والمرافق الحكومية العامة في محافظة أبيـن، القصر الرئاسي والإذاعة المحلية، والمجمع الحكومي الذي يشمل مكاتب تمثيل لأكثر من 15 وزارة مركزية، إلى جانب مباني المجالس المحلية و8 منظمات مدنية، وكلية التربية التابعة لجامعة عـدن، و12 مصنعاً للحكومة والقطاع الخاص، وملعب الوحدة الرياضي و12 نادياً رياضياً، بالإضافة إلى ميناء “مقاطين” في مديرية “شقرة” الذي يعد من أقدم الموانئ اليمنية، ومصنع 7 أكتوبر للذخيرة الوحيد في الجمهورية اليمنية، والذي يتوسط 3 جبال سوداء وتلتين صغيرتين، ويبعد عن منطقتي الحصن والرواء بمسافة 3 كيلو، وجاءت فكرة بنائه في عهد الرئيس سالم ربيع علي، عام 1970م، وهو يتضمن مجموعة ورش لصناعة الذخائر الحية لبعض أنواع الأسلحة، وتعرض هذا المصنع لعملية تفجير واسعة في 28 مارس العام الماضي، إثر الاستيلاء عليه من قبل مسلحي “القاعـدة” الذين تمكنوا من نهبه والاستيلاء على ذخائر ومواد متفجرة كبيرة.

محافظة “أبيـن” محافظة منكوبة غادر عشرات الآلاف من سكانها بيوتهم وقراهم ومدنهم التي عاشوا فيها منذ عرفوا الحياة وليس ذلك بإرادتهم الاختيارية للسياحة او بحثا عن الرزق بل غادروها مجبرين تحت ضغط الرعب الذي نشرته جماعات الارهاب وعشاق الالدمار والدماء من حلايا القاعدة وجماعة انصار الشريعة كما تقول السلطات, ولا زلت هذه المحافظة ترزح تحت قبضة جماعة “أنصار الشريعة” الذين أعلنوها “ولاية إسلامية” منذ أن فرضوا  سيطرتهم على مدينة زنجبار عاصمة المحافظة في 27 مايو الماضي، ومسلحي “القاعـدة” المسيطرين على العديد من المحاور والمفاصل الهامة في محافظة أبيـن والتي بإمكانها فصل الجنوب عن الشمال، وتعد مديريات مثل مودية ولودر والوضيع، مثلث يمتد مداه من جنوب الصحراء إلى بداية الجبل الشمالي، أهم مناطق الاستقطاب لعناصر “القاعـدة” ويعتمد عليها في تصدير التمدد القاعدي لمناطق متعددة، على الرغم من سماح النظام اليمني للقوات الأمريكية بتنفيذ عمليات عسكرية على الأراضي اليمنية، ضد “القاعـدة” في اليمن، إلا أن “القاعـدة” نجحت بالتوسع والسيطرة على مناطق رئيسية في محافظة أبيـن، وأجزاء من محافظة شبوة.

نقطة الانطلاق                                                                                                                                        

من نقطة عسكرية جالها مدججون بالاسلحة ولكنهم لم يمنحون هاربا امنا بقدر ما يحدثك البصر عن خوف شديد تخفيه اجساد حامليها .. وما يعانيه الباحث من صعوبات وهو يحاول استشراف غضبة الامواج المتلاطمة في بحر عشق الحياة كثيرا وهي تحط رحالها على ساحل لم يعد للحب فيه مكان مقابل لكثبان الرمل والحصى المحتضنة للفجائع والديناميت المدمر للانسان والحياة خلقها .. ساعة واحدة بمقياس الزمن البشري ولكنها كانت عقودا من الرعب والخوف نقطعه ونحن في طريقنا نحو دراكولا اللعبة السياسية ومحاكم التفتيش الدينية الحديثة وفق منهج الفتوى المتطرفة لزيارة مساكن يسكنها الموت وتسيطر على جدرانها ظلمة موحشة في وضح النهار.. انطلقنا من محافظة عـدن إلى حيث الاطلال في مدينة كانت الى اشهر قليلة موطنا للهو والمرح.. عبر الطريق الساحلي الذي يرافقك وأنت تمضي فيه بدأ من نقطة “العلم” وحتى مدخل “وادي حسان” تعجزعشرات النقاط العسكرية المرابط فيها مئات الجنود المدججين بالدبابات والمدفعيات وسلاح الجـو والاعتماد العسكري الهائل عن منح المار عبرها لحظة مبتسمة قبل ان تلتقيك أربع نقاط يرابط فيها مسلحو “أنصار الشريعة” بخزائن الفجيعة والرعب التي يوزعونها في كل شارع وبيت وحتى سواد الطريق الاسفلتية بداءً من مدخل مدينة “شقرة” وحتى منتصف منطقة “العرقوب”

سيناريو سقـوط “زنجبـار” !!

كانت محطتنا الاولى للبدء بالبحث عن حقيقة رعب معشعش هناك من هذه المدينة “زنجبار” التي يقول مواطنو أبين إن السلطة اليمنية أظهرت تواطؤ ملحوظ في تعاطيها وتصديها للجماعات المتشددة من “تنظيم القاعـدة” وهي تبسط جنتها ونارها على مواطنيها.. تلك الجماعات التي رددت السلطات كثيرا بأنها تقف وراء ارتكاب الكثير من العمليات الإرهابية خصوصاً في المحافظات الجنوبية حتى قبل ان تسقط تلك المدينة في ايديها.

مؤكدين أن محافظتهم ما كان لها أن تسقط بيد عناصر “القاعـدة” لولا وجود أطراف رسمية مهدت لهم الطريق للسيطرة على “أبيـن” وتشريد الآلاف من الأسر والعائلات فيها  .. فما هو سيناريو السقوط المريع والتصرفات المروعة هناك؟

سقوط مدينة “زنجبار” بسهولة في يد مسلحي “القاعـدة، يوم 27 مايو من العام المنصرم، كان سيناريـو جديد له مغزى وحمل معه ألف علامة استفهام عن تواطؤ وضلوع جهات رسمية في السلطة ليكتمل السقوط وتبتدئ حكاية الدماء والدمار سطورها الاولى.

 تقول المعلومات والتفاصيل التي نقلها في ذلك الوقت نازحون فارون من أبيـن، إن مسلحي “القاعدة” دخلوا المدينة بسهولة وسيطروا في أقل من ساعة زمنية، على كل مؤسساتها ومعسكراتها ومقوماتها الأساسية، بتواطؤ من مسئولين حكوميين، وشرعوا بتنفيذ أعمال سطو ونهب طالت البنك الأهلـي وبنك التسليف التعاوني الزراعي، استولوا خلالها على ودائع ذهبية لمواطنين قيمتها تقدر بنحو 10 ملايين ريال، إلى جانب اقتحام ونهب ممتلكات مكاتب الضرائب والسنترال والبريد، والسيطرة على مقار ومكاتب حكومية ودوائر أمنية بكامل عتادها وأسلحتها، بالرغم من كل الثكنات والتحصينات والدبابات التي كانت تحيطها، وهي مقار الأمن السياسي والأمن المركزي والنجدة والأمن العام، بسبب أن حراسها العساكر سلموها ببساطـة، ولم يستمر صمودهم أمام مسلحي “القاعـدة” سوى بضعة دقائق وعبر طلقات أطلقوها في الهواء.

وكشفت حينها بعض المصادر، أن حجم القوة الفعلية من عناصر “القاعـدة” التي هاجمت مدينة زنجبار لا يزيد قوامها عـن 200 مسلح، هم إجمالي من نفذوا عملية الهجوم والسيطرة على مبنى المحافظة والمجلس المحلي في مديرية زنجبار، والسيطرة على دوائر الأمن المركزي والأمن العام وشرطة النجدة، بعد أن أخلى  جميع المسؤولين والجنود مواقعهم، وسلموها لعناصر “القاعـدة” ومكنتهم من الاستحواذ والحصول على أسلحة وذخائر وعربات ومعدات عسكرية وبكميات هائلة.

 

انتماءات أعضاء “تنظيم القاعـدة” في أبيـن

تشكل انتماءات أعضاء “تنظيم القاعـدة” الذين يسيطرون الآن على محافظة أبيـن، نسبة 25% فقط من يعتنقون عقيدة وإيديولوجية “القاعـدة” ونسبة منهم كان يطلق عليهم بالأفغان العرب، وخاضوا معارك بجانب أسامة بن لادن في جبهات  أفغانستان ضد القوات السوفيتية، وذلك قبل أن يعودوا إلى اليمن، ويستقرون بمعية عدد بسيط من المقاتلين العرب والأسيويين في معسكر سري في أطراف نائية بمحافظة أبيـن، قيل بأنه يقع بين جبال المراقشة، و35% ينتمون إلى أبناء القبائل اليمنية، خاصة قبائل محافظات أبين وشبوة ومأرب والبيضاء وتعز وأب وحضرموت، إلى جانب مقاتلين ينتمون إلى محافظة صعده، ومعظم هؤلاء المقاتلين غير متدينين، لكنهم شرعوا الدين للبحث عن غنائم وفيد، وبعضهم شوهد وهو يأكل في نهار رمضان في محافظة أبيـن.

 تقول مصادر أن أعضاء “القاعـدة” نجحوا في استقطاب أبناء القبائل من مناطق مختلفة باليمن، ليكونوا مقاتلين تحت رايتهم، و5% هم من منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة، وقد تم إعدام عدد منهم مؤخراً على يد أعضاء “القاعدة” بتهم التجسس، بعد العثور على بطائقهم العسكرية، و15% ينتمون إلى حزب “التجمع اليمني للإصلاح” تحصلوا تعليمهم في “جامعة الإيمان” التي يشرف عليها الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني، وتلقوا تدريباتهم القتالية في معسكر الفرقة الأولى مدرع التي يقودها اللواء/ علي محسن الأحمر، بحسب ما كشفته وسائل الأعلام التلفزيونية الرسمية في صنعاء، و10% يمثلون جنسيات عربية وآسيوية وأفريقية، منها السعودية ودول خليجية أخرى، ومصر والجزائر والهند وباكستان وأفغانستان وغيرها، ويتولى مواطنون “أفغان” مواقع قيادية في “القاعـدة” إلى جانب نسبة كبيرة من المقاتلين الصومال الوافدين لليمن، حيث ذكرت أنباء عسكرية أن قوات “حرس السواحل” في أبيـن، وضعت في أهبة الاستعداد الأسبوع الماضي، بعد ورود معلومات عن قدوم نحو 300 مقاتل من أعضاء تنظيم “الشباب المسلم” الصومالي، يحاولون التسلل إلى مدينة “خنفر” عبر البحر، والانضمام إلى مقاتلي “القاعـدة” بأبيـن، للقتال ضد القوات الحكومية.

وشوهد أشخاص من الجنسيات العربية والأسيوية في صفوف “القاعـدة” بأبيـن، تعمل في مهنة الطب والجراحة في مستشفى “الرازي” بمدينة زنجبار، وتقوم بمعالجة جرحى “القاعدة” خلال المعارك التي تندلع فيها، وجميع تلكم الجنسيات المختلطة وفدت إلى اليمن للانخراط في معسكر جهادي للقتال في سبيل نصرة الدين ـ حسب أقوال الكثير منهم ـ و10% من المقاتلين في صفوف “القاعـدة” من الشباب والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم من 17 إلى 38 سنة، ونجحت “القاعـدة” في استغلالهم وتوظيفهم ضمن معسكرها، بعد فشلهم في تعليمهم وحياتهم العملية، وهم غير ملتزمين دينياً وأخلاقياً ويتعاطون حبوب مخدرة، ويتم التعامل معهم وفق فتوى تعتبرهم “القاعـدة” أنصاراً لها ويجوز استخدامهم للقتال معها، ولكن دون تمكينهم من مركز قيادية أو إعطائهم إمارات في التنظيم، ولا يعرف هؤلاء الشباب سوى تنفيذ أوامر أمير تنظيمهم، حسبما يؤكده الكثير من سكان أبيـن.

واستناداً إلى مصادر رسمية فأن نسبة قوام الجماعة المسلحة التي تسيطر حالياً على الأوضاع الميدانية في محافظة أبيـن، تقدر بأقل من 3000 مقاتل، ينتمون إلى ما يعرف بجماعة “أنصار الشريعة” الأمر الذي يبرز معه تساؤلاً عن الجهات التي تقوم بتمويلهم وتصرف على الآلاف من المقاتلين اليمنيين والوافدين من جنسيات وأقطار عربية وأسيوية، وعن أماكن مواقعهم وتحصيناتهم التي انطلقوا منها لغزو مديريات ومدن محافظة أبيـن!!.

العديد من رجال القبائل والسكان المحليين في أبيـن يذهبون الى أن الذين يدعمون “القاعـدة” في مناطقهم، الرئيس اليمني السابق “علي عبدالله صالح” الذي كان يسخرها لمصلحته السياسية ويتخذها (فزاعة) للغرب، واللواء “علي محسن الأحمر” والذي يعمل على تزويد “أنصار الشريعة” بالطعام والزاد والعتاد فضلا عن وجود العديد من ظباط الفرقة في قيادات اولئك المسلحين, إلى جانب جهاز الأمن القومي، ويستندون في اتهاماتهم إلى العديد من الشواهد والاعترافات التي ـ قالوا ـ بأنهم حصلوا عليها من أعضاء “القاعـدة” أنفسهم، بالإضافة إلى عملية هروب جماعية منظمة لأكثر من 3 مرات لقيادات وعناصر بارزة في “القاعـدة” من معتقلات صنعـاء وعـدن، كانوا متهمين بتفجير المدمرة الأمريكية “كـول” في مرسى ميناء عـدن عـام 2000م، أبرزهم القيادي في تنظيم القاعـدة “جمال البناء” الذي يعمل في “الحرس الجمهوري” وظل يتقاضى راتبه كاملاً ويحظى بالاهتمام والامتيازات الاستثنائية بمعية رفاقه، حين كانوا معتقلين في السجن المركزي بصنعاء، قبل أن يتم تهريبهم.

ويؤكد رجال القبائل أيضاً، إن أعضاء “القاعـدة” من الجيل الأول الذين كانوا قـد أعلنوا توبتهم، لا تزال لديهم صلات مع العناصر الحالية، وتقدم لهم الدعم اللوجستي والخطط التكتيكية والهجومية.

وإلى جانب ما تقوله قبائل أبيـن، فأنه لا شك أن الدول الغربية باتت تدرك هي الأخرى حجم ارتباطات قادة “تنظيم القاعـدة” بمراكز القوى في نظام صنعاء، وذلك حين أبرق السفير الأمريكي السابق، تقريراً إلى حكومته قبل 5 سنوات، تحدث فيه عن صلة “علي محسن الأحمر” بالجماعات والتنظيمات الإرهابية في اليمن، حسبما أوردته وثائق موقع “ويكيلكس”.

أمراء “القاعدة” يصفون كيفية الاستيلاء على “أبيـن”

وطبقاً لاعترافات كانت “الهويـة” حصلت عليها سابقاً من قـادة ميدانيين للقاعـدة، أو بما يسمى بأمراء الجماعة الإسلامية في أبيـن، تشير إلى ضلوع جهات رسمية في الدولة مهدت عملية تسليم مقاليد وشؤون المحافظة بيد عناصر القاعـدة.

وبحسب تأكيدات قائد ميداني تولى عملية اقتحام مدينة زنجبار، فجر الجمعة 27 مايو الماضي، أوضح فيها، إن مقاتليه تسلموا كافة المؤسسات والمعسكرات، وتمكنوا من إحكام سيطرتهم الكاملة على مناطق وقرى المدينة، وإنهم أنجزوا قواعد الخطة بنجاح، ولم يتبق حينها أمامهم سوى استلام معسكر اللواء 25 ميكانيكا والسيطرة عليه، وفق الاتفاق المسبق الذي وعدهم به قائد اللواء على أن يقوم مباشرة بتسليمهم المعسكر في غضون ساعة من فرض سيطرتهم على المدينة، مضيفاً غير أن رئيس أركان حرب اللواء “علي جازع الكازمي” أعاق جزء من الخطة ورفض تسليمنا المعسكر، وقال بأنه لن يسمح بتسليم محافظته لـ”بلاطجـة”، وبحسب كلامه أيضاً فإن الرئيس “صالح” توعـد حينها بقصف عناصر اللواء بالطائرات الحربية، ما لم يسلموا معسكرهم للمسلحين.

سقوط مبنى الامن السياسي

وحول سقوط مبنى الأمن السياسي بيدهم، أشار الكازمي إلى أن مدير الأمن السياسي هو من قام بتسليمهم المبنى، وفقاً لاتفاق مسبقاً تم قبل أسبوع من دخولهم وسيطرتهم على مدينة زنجبار، وطبقاً لكلامه، فإن توقيتهم للسيطرة على محافظة أبيـن، جاء بسبب الاضطرابات الاجتماعية والأمنية التي أفرزتها الثورة الشبابية الشعبية المطالبة برحيل النظام، وأن الهدف من دخولهم أبيـن هو إقامة إمارة إسلامية تطبق تشريعات الدين الإسلامي وتحفظ وتصون حقوق وكرامة الناس، حد زعمه.

ويوضح أحد القادة في “تنظيم القاعـدة” أن سبب اختيارهم محافظة أبيـن لتكون لهم “إمارة إسلامية” أن الرئيس اليمني السابق “علي عبدالله صالح” كان قد وعدهم عام 1994م بتسليمهم محافظة أبيـن، لتكون لهم إمارة إسلامية مقابل مشاركة المجاهدين في حربه ضد “الشيوعيين” في الجنوب – بحسب قوله- ويضيف في كلامه، أن الرئيس “صالح” كان قـد طلب من المجاهدين  في أبيـن خلال زيارته الأخيرة للمحافظة، لتفقد سير المنشات الرياضية التي جهزت لتدشين الحدث الرياضي (خليجي 20) أن تؤمن له ولموكبه الطريق حتى يتمكن من دخول المحافظة.

وكما يبدوا فإن هـذه الاعترافات إن صحت فيها دلالات بأن الرئيس “صالح” حين شعر بتهاوي عرشه أوفـى بوعـده، وسمح بتسليم محافظة أبيـن للقاعـدة، بعد أن ظلت الورقة الرابحة التي ظل يبتـز ويروع بها الغرب طيلة السنوات الماضية.

“أنصار الشريعة” و “الجيش” في أبيـن.

لا يزال مسلحو “أنصار الشريعة” يبسطون نفوذهم وسيطرتهم الميدانية الكاملة، على جميع أرجاء ونواحي مدينة زنجبار وجعار وخنفر أولى المدن التي سيطروا عليها، وتخضع لهم مناطق مثل عمودية والكود وباتيس والحصن ودوفس ووادي حسان وشقرة حتى أخر نقطة لهم في منطقة “العرقوب”، وغيرها من المناطق والقرى المتاخمة التي يسيطرون عليها ضمن حدود التقسيم الإداري لمديريتي مودية ولودر اللتين جرى تحريرهما من الداخل على أيدي رجال القبائل.

وتعتبر مدينة “جعار” المعقل الرئيسي لتجمع زعماء “القاعـدة” الذين شرعوا باستبدال اسمها الأصلي إلى “إمارة وقـار الإسلامية” في ولاية أبين، وتغيير المناهج الدراسية الحكومية، وإلغاء النشيد الوطني في المدارس، وإلزام النساء المعلمات بارتداء الحجاب والنقاب الشرعي، والالتزام بتعاليم الإسلام، ومنع الاختلاط بين الطلبة والطالبات والمدرسين والمدرسات، ووضع العملية التعليمية برمتها تحت إشراف مرجعيات دينية منتمية لتنظيم القاعـدة، بالإضافة إلى إنشاء دوائر أمنية أسموها بالشرطة الإسلامية، ومحكمة تحت مسمى “محكمة وقـار الشرعية” تتولى إصدار الأحكام بحق المخالفين للدين، وشهدت هذه المدينة خلال الأشهر القليلة الماضية، تنفيذ حالات إعدام وصلب بحق عناصر تنتمي “لتنظيم القاعـدة” بتهمة الخيانة والتجسس، إلى جانب إعدام وقطع أياد لمواطنين عاديين، في شوارع وأسواق عامة.

وخلال زيارتك للمدن والمناطق التي تخضع لسيطرة الجماعات المتشددة في أبيـن، تشاهد نقاط ورايات “أنصار الشريعة” ذات اللونين الأبيض والأسود مكتوب عليها عبارة التوحيد، والكثير من عناصر “القاعـدة” يتجولون بأسلحتهم الآلية على أطقم عسكرية، ومعظمهم يتنقل بواسطة “موتر سيكل” وبيدهم هواتف لا سلكية استولوا عليها أثناء اقتحامهم للمعسكرات والدوائر الأمنية.

وتقول المصادر المحلية إن مسلحي “القاعـدة” في المدن والمناطق التي يسيطرون عليها يعتمدون خلال تكتيكاتهم العسكرية على جهاز استخباراتي متدرب، ومقاتلين يستحوذون على أسلحة ومعدات قتالية ثقيلة كافية، منها دبابات ومدرعات عسكرية وذخائر وأسلحة كثيفة، وشبكة اتصال لا سلكي، وتستند قواعد المعارك لديهم على أسلوب الكر والفر ومن ثم السيطرة، يقابله تراجع وتقهقر واضح في صفوف الجيش، وهو ما يحدث الآن على أرض الواقع في أراضي “وادي حسان” المتاخمة لمنطقة شقرة، التي توجد فيها العشرات من الكيلو مترات الشاغرة برغم قدرة الجيش من بسط سيطرته عليها، غير أن إصرار الجيش في التمركز على خطوط التماس للمدن الخاضعة لسيطرة “القاعـدة” سمح للمسلحين بالتسلل إليها وفرض نقاط عليها.

وحين سألنا أحد الجنود المرابطين أمام معسكر لواء 25 ميكا، لماذا لا تتقدمون لسد الثغرات في “وادي حسان” أمام مسلحي “القاعـدة” أجابنا إنها التعليمات التي تفرض علينا بأن لا نبارح مواقعنا.

وتنحصر سيطرة وتموضع الجيش اليمني، الذي يبلغ قوامه خمسة ألوية عسكرية مزودة بترسانة قوية من الوحدات والإمكانات والآليات والدبابات القتالية ومعززة بسلاح الجو، على حدود الشريط الساحلي الممتد من نقطة “العلم” وحتى منطقة “وادي حسان” وعلى مشارف مدينة زنجبار والكود، وفي حدود مساحة جغرافية لا تزيد عن 50 كم مربع، وهي المساحة التي يتواجد فيها معسكر لواء 24 ميكا، والذي تبعد عنه بنحو 50 متراً رايات “أنصار الشريعة” وهي ترفرف أمام فوهات مدافعه ودباباته، وهو حصيلة النصر المزعوم -الذي تسابق للاحتفال به كل من قيادة الجيش الموالي للنظام والمنشق عنه علي محسن- بأنهم أحرزوه على أرض الواقع، ومازالت عناصر “القاعـدة” تشن عمليات هجومية على معسكر لواء 25 ميكا، في محاولة منها لاقتحامه، وسط تعتيم إعلامي رسمي متعمد لإخفاء الحقائق الدائرة الآن لواقع ما يدور في أبيـن، وسبب فشل خمسة ألوية عسكرية بكامل إمكانياتها وتجهيزاتها من طرد مسلحي القاعـدة الذين لا يزالون يحصدون كل يوم الكثير من أرواح الضباط والجنود المرابطين على تخوم المدينة.

قصة مدينة سلموها لمسلحي “القاعـدة”

لمدينة” شقرة” قصة جعلتها اليوم رهينة في قبضة “القاعـدة” .. يقول سكان المدينة إن رجال القبائل تمكنوا من طرد مسلحي “القاعـدة” بعد 6 أشهر من سيطرتهم على مدينتهم، وفرضوا عليهم نقاط تفتيش طالبوا المسلحين المتشددين إخلاء مواقعهم والخروج من منطقتهم بأسلحتهم الخاصة، وترك بقية المعدات القتالية من مصفحات وأطقم وأسلحة ثقيلة داخل المنطقة، غير أن تحركات قامت بها قبائل ـ آل فضل ـ التي ينتمي إليها معظم المسلحين، وتدخل وسطاء آخرين من قبائل وقادة عسكريين، حاولوا إجبار قبائل “شقرة” بأن يتركوا المسلحين يخرجون مع كافة أسلحتهم ومعداتهم القتالية، لكن مشاكل نشبت بين رجال القبائل والوسطاء، دفعت قبائل “شقرة” الى مطالبة السلطات الرسمية في صنعاء بدعهم وإمدادهم بالسلاح بواسطة قائد محور صنعاء العميد ركن/ أحمد عوض المأربي، لحماية وتأمين منطقتهم من عناصر “القاعدة” وقد أرسلت لهم السلطة شحنة بسيطة من الأسلحة صنع “شيكي” متواضعة الفعالية.

وبحسب رواية الأهالي بأنهم حين نجحوا من طرد المسلحين من منطقتهم، ومحاصرتهم في منطقة “وادي حسان” في شهر يوليو الماضي، قام الطيران الحربي بقصف رجال القبائل بدلاً من مسلحي “القاعدة” وأدت الغارة إلى مقتل 37 شخصاً من رجال القبائل، ما ساعد مسلحي “القاعدة” على العودة إلى منطقة “شقرة” وإحكام سيطرتهم عليها مجدداً.

ويؤكد سكان “شقرة” بأن هناك شيوخ قبائل في أبيـن، متواطئين مع السلطة ومع مسلحي “القاعـدة” وإنهم قد شاهدوا نجل الشيخ/ طارق الفضلي الظابط في الفرقة اولى مدرع يقاتل في مدينتهم بجانب مسلحي “القاعـدة” وهـو ما أدى إلى قصف منزل والده في زنجبار من قبل الجيش، بداية اندلاع المعارك مع مسلحي “القاعـدة” في مايو الماضي.

وأخرى تحت الحصار

كانت مديرية “لودر” واحدة من مديريات أبيـن، التي ظلت “القاعـدة” تتحكم فيها، وجعلوها نقطة انطلاقة لتنفيذ العديد من عملياتهم الإرهابية في محافظات مجاورة من ضمنها محافظة “مـأرب”، حيث ظل مسلحو “القاعـدة” يتجولون في شوارع وأسواق “لودر” بحرية تامة، ذلك قبل أن يتم استرجاع وتطهير المدينة على يد رجال القبائل منتصف عام 2010م، بعد تدخل وزير الدفاع الذي ينتمي إلى نفس المنطقة، وقام بنقل لواء 111 العسكري من موقعه، ودعم السلطة المحلية وتشكيل اللجان الشعبية لمحاصرة مسلحي “القاعـدة” ومنعهم من التنقل والدخول إلى المدينة.

مديريتا مودية والوضيع المجاورتان قامتا أيضاً بتطبيق نفس الإجراءات وتشكيل لجان شعبية استطاعت محاصرة مسلحي “القاعـدة” وطردهم.

وبعـد سقوط زنجبار وجعار منتصف عام 2011م، عاد مسلحو “القاعـدة” الى محاصرة مدينة “لودر” وشن عمليات انتقامية تستهدف الأهالي والمواطنين فيها، وتؤكد مصادر محلية أن “لودر” مازالت محاصرة حتى الآن، وفي طريقها للسقوط بيد عناصر “القاعـدة” ما لم يتم دعم الأهالي ومدهم بالسلاح لتأمين مناطقهم.

 

إمـارة إسلامية متطرفـة تنفذ الاعدام خارج نطاق القوانين

الحق في الحیاة ھو حق إلھي ، كون الإنسان یولد ل یحي ، لذا فإن حرمان أحد من ھذا الحق یعتبر بمثابة اعتداء علىالحیاة نفسھا التي ھي ملك لجمیع البشر .. ولقداسة ھذا الحق فإن الشرائع السماویة قد منحتھ كل الحمایة ، والتي وجدت لھا انعكاسا في القوانین الوضعیة الدولیة منھا والوطنیة .. مؤكدة على عدم التقادم لأي انتھاك له، باعتبار ذلك الانتھاك جریمة نكراء على الإنسان والحیاة . .

وبرغم ما یتمتع به ھذا الحق من حمایة دینیة وقانونیة وعرفية إلاّ إنه للأسف الشدید توجد ھناك قوى تتقاسم الوظيفة التي تنتھك حرمة ذلك الحق، وتنكل بقدسیته .. ولا سیما وإن كانت تنتھج أسلوب القتل العشوائي للمواطن المدني الأعزل احد اطراف هذه القوى يمارس دوره البشع تحت يافطة اقامة الدين والطرف الاخر بحجة مقاومة المسلحين .. هذا الواقع جسد في ابين حيث نفذت عناصر “أنصار الشريعة” منذ أن سيطرت على زنجبار وجعار، منتصف العام الماضي، الكثير من عمليات الإعدام والتنكيل وقطع أيادي لمواطنين عاديين، وفق أحكام قالت عنها، بأن “محكمة وقار الشريعة” أصدرتها بحق مخالفين للدين الإسلامي، وهي حالات إعدام طالت حتى بعض عناصرها من “القاعـدة” بتهم التجسس والعمالة لصالح جهات استخباراتية، أخرها إعـدام 3 من عناصر “القاعـدة” في مدينة “جعار” بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات اليمنية والسعودية والأمريكية، بحسب ما ورد في تسجيل مصور بثته “القاعـدة” مطلع الشهر فبراير المنصرم عبر موقعها الإخباري “مـدد” وتظهر فيه اعترافات قالت بأنها جاءت بعد شهرين من اعتقال كل من عناصرها الثلاثة، حسن ناجي حسن النقيب، من مدينة جعار، الذي تم إعدامه وصلبه في مكان عام بالمدينة، وصالح أحمد صالح الجاملي، وجرى إعدامه في جعار وصلب جثته في مدينة عزان بشبوة، ورمزي بن محمد قائد العريقي، سعودي الجنسية، وقد تم إعدامه رمياً بالرصاص ومواراة جثمانه في جهة مجهولة.

وتشير معلومات حصلت عليها “الهويـة”، إن الكثير من الأشخاص المنتمين للقاعـدة نفسها جرى إعدامهم بطرق سرية بعيداً عن علم وأعين رفاقهم في التنظيم، دون ذكر الأسباب، وتكشف المعلومات، إن من بين الذين يتم إعدامهم أيضاً مواطنين عاديين، حيث تم إعدام مواطنين ينتميان إلى محافظتي أبين وشبوة، منتصف الشهر الماضي في ظروف غامضة، بجوار جسر العين في زنجبار، ولم تتضح أسباب إقدام مسلحي “القاعـدة” على إعدامهما، بخلاف ما كانت تعلن عنه الجماعة المتشددة عند إقدامها على تنفيذ ما تسميه بالقصاص الشرعي، غير أن المعلومات رجحت أن يكون إعدام المواطنين المذكورين بسبب صلتهما بأنشطة اللجان الشعبية في أبيـن.

مصادر خاصة كشفت لـ” الهوية” أن العشرات من مواطني محافظة “أبين” قطعت أيديهم بتهمة السرقة، في وضح النهار وأمام مرأى العامة من الناس، بالإضافة إلى تنفيذ حالات إعدام لمواطنين في شوارع عامة، على خلفية تهم وقضايا غامضة، كما أن مسلحي “أنصار الشريعة” يقومون بجمع استدلالات حول مواطنين تحوم حولهم شبهات بممارسة الزنا واللواط بغية تنفيذ الحد الشرعي بحقهم، وبعضهم قد يواجه “القتل رجماً بالحجارة” في وضح النهار وأمام عامة المواطنين.

وتؤكد المصادر أن تطبيق “أنصار الشريعة” لأحكام القصاص بالقتل أو التعزير والصلب وقطع الأيادي لا تنفذ بحق أمراء وزعماء “القاعـدة” الذين شرعوا في نهب وسرقة بنوك ومكاتب في مدينة زنجبار أثناء دخولهم إليها.

وتضيف ان “القاعـدة” قتلت في مدينة زنجبار الأسبوع قبل الماضي 5 أشخاص غير معروفين، وقامت بنقل جثثهم إلى مدينة جعار، ولم تتضح الأسباب التي دفعت مسلحي “القاعـدة” إلى قتل 5 مواطنين، في ظروف غامضة والتحفظ على جثتهم في مواقع مجهولة.

وآخر التطورات الميدانية في أبين، قيام “القاعـدة” بتنفيذ جريمة إعـدام شابين بطريقة بشعة خلال الأيام الماضية، عندما تم وضع جسدهما في طريق إسفلتي بمدينة لودر، ودهسهما بعجلات السيارة بأسلوب وحشي وعبثي، من باب إثارة الرعب في نفوس سكان المدينة.

ويقول شاهد عيان إن “أنصار الشريعة” عمدوا على قتل الشابين وهما أخوين أسمهما “فهد وحمادة” وينتميان لأحد الأسر الفقيرة التي ليس لها ثقل قبلي أو منصب عسكري، ولكن جرى اعتقالهما وقتلهما بوسيلة بشعة، لان لديهما أخاً أكبر منهما يعمل ضمن نشطاء اللجان الشعبية التي تستعدي “القاعـدة”.

ويضيف إن عملية إعدام الشابين الأخويين جرى أمام أعين الأهالي، وإنهم شاهدوا أشلاء الضحيتين متناثرة في الأرض، وقد التصقت أجزاء من لحمهما على الطريق الإسفلتي، قبل أن يرحل مسلحو “القاعـدة” من المدينة.

وينتقد أهالي مدينة لودر، موقف السلطات الأمنية والعسكرية في منطقتهم التي لم تحرك ساكناً، لوقف مثل هذه الأعمال والجرائم البشعة والخطيرة، التي ترتكبها “القاعـدة” بحق مواطني أبيـن والمناطق المجاورة لها.

ويؤكد سكان محليين، أن “القاعـدة” لا تستهدف فقط من يعارض معتقداتها من المواطنين الذين تنفذ بحقهم ما تسميه القصاص الشرعي، ولكنها تستهدف أيضاً جنود الأمن والجيش، وتقتلهم بقسوة وضراوة، وتقوم بحرق أجسادهم، وشوهدت جثث لعشرات من جنود اللواء 25 ميكا وهي ملاقاة في الطرقات، والكلاب تنهش من لحمها أمام أنظار مسلحي “القاعـدة” خلال المعارك الأولى التي اندلعت على خلفية سقوط مدينة زنجبار، وأن المئات من جنود القوات المسلحة لقوا حتفهم بالطريقة ذاتها،  وترفض السلطات الرسمية الكشف عن العدد الحقيقي للجنود الذين قتلوا على يد مقاتلي “القاعـدة” سواء خلال المواجهات العسكرية، أو ممن يتم أسرهم بايدي مسلحي “القاعـدة”.

مصادر دعم “القاعدة” في أبيـن

تضاربت الأنباء عن مصادر تمويل الآلاف من مقاتلي “القاعـدة” في أبيـن، بحيث لا يمكن إيجاد دليل مادي واضح يدين شخصيات رسمية أو جهات رأسمالية مستقلة، تقوم بتوفير مصادر الدعم “للقاعـدة”.

وصحيح أن “تنظيم القاعدة” المسيطر حالياً على زمام الأوضاع في محافظة أبيـن، كان قد وضع يده على مبالغ مالية كبيرة قدرت بمئات الملايين كغنائم، وقسمت تلكم الأموال بين الأمراء والمقاتلين وحتى على بعض شيوخ القبائل الموالين لهم، ولكن ما يدعوا للتساؤل قدرة جماعة “أنصار الشريعة” على مواصلة أعمال الصرف المالي ببذخ حتى الآن، لدرجة أنها سعت لتخفيض سعر البترول وإعادته إلى وضعه السابق في محافظة أبيـن، بعد أن كانت الحكومة اليمنية قد رفعت سعره في عموم محافظات الجمهورية خلال الأزمة التي رافقت الثورة الشبابية.

وتقول مصادر اقتصادية أن فارق السعر التي تدفعه “القاعـدة” الآن في أبيـن، تتجاوز نحو 15 مليون ريال يمني شهرياً، تدفعه فوق السعر الحكومي، ناهيك عن بقية الأموال والصرفيات التي يصرفها أمراء “القاعـدة” على مقاتليهم في أبيـن، ومحاولة كسب الدعم والتأيد الشعبي، حيث أنهم يعاملون الأهالي الخاضعين لسيطرتهم معاملة طيبة ويغدقون عليهم بعض الأموال كإعانات وتعويضات تصرف لهم نقـداً، لدرجة أن أحد ملاك المراكز التجارية في أبيـن، ذهب يشكوا أمير جماعة “القاعـدة” بعد عودته إلى مدينة زنجبار عن تعرض محلاته إلى أعمال سرقة ونهب وأضرار واسعة، وسأله أمير الجماعة عن حجم خسائره التي بلغت 15 مليون ريال، وسلمه إياها نقـداً.

ومن المؤكد هناك مجاميع كثيرة من أفراد “القاعـدة” بل وحتى من القيادات فيها، لا تعلم عن أنشطة بعض القيادات الكبيرة في التنظيم المقربين من مراكز القوى في نظام صنعاء، تتلقى دعماً مالياً، وتمارس التجارة بكل شيء بدءاً بالسلاح والسيارات والوقود، وأيضاً بالمخدرات وحبوب الهلوسة التي يتم تهريبها ونقلها عبر البحر وإيصالها إلى مدينة “جعار” معقلهم الرئيسي، يساعدهم في ذلك أشخاص من نظام “صالح” بالإضافة إلى أطراف من المعارضة اليمنية، حـد قول الأهالي هناك.

قيادات رسمية تستفيد من المساعدات الدولية للنازحين

الأضرار المدمرة التي لحقت بمنازل مواطني سكان أبين جراء المعارك الدائرة فيها، وتشرد الآلاف من أسر وعائلات المحافظة من ديارهم، مثلت الركيزة المضمونة لحصول السلطة على مصادر دعم وأموال كبيرة لازالت تقدمها بلدان ومنظمات إنسانية دولية، باسم النازحين والمنكوبين من سكان أبيـن، والتي وفرت فرص لاسترزاق الكثير من الشخصيات الرسمية الكبيرة في اليمن، وتحولت مساعدات الأغذية ومواد الإغاثة إلى تجارة في الأسواق السوداء، وكان أكثر المستفيدين منها، شخصيات وزارية في الدولة أبرزهم رئيس اللجنة التنفيذية لشؤون وحدة النازحين، الذي وقع في ديسمبر الماضي، على مساعدة أممية طارئة خصصت ضمن وثيقة المشروع المقدم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وقيمتها (500 ألف دولار أمريكي) استلمتها الحكومة اليمنية، بهدف تخفيف الأوضاع المعيشية الصعبة لنازحي أبيـن المشردين في مدارس عـدن ولحـج، وتحدثت بشأنها تقارير محلية على لسان النازحين بأنهم لم يلمسوا شيئاً منها، إلى جانب محافظ محافظة أبيـن، الذي استفاد كثيراً من معاناة سكان أبيـن المشردين من ديارهم قسراً، ولا يزال يسكن في جناح خاص بأفخر فنادق عـدن ويدفع يومياً 15 ألف ريال، ثمناً لليلة الواحدة، ناهيك عن صرفيات الحاشية والمأكل والتكاليف الأخرى.

ويشكك بعض المراقبين للأوضاع الراهنة في أبيـن حول أهداف ومزاعم مسلحي “أنصار الشريعة” بأنهم من خلال سيطرتهم على محافظة أبيـن، يسعون إلى إقامة دولة أو إمارة إسلامية مستقلة بحسب ما يقولون.

ويفسر المراقبون أن أعضاء “القاعـدة” في أبيـن لا يملكون مشروع أو رؤية لإدارة مفهوم الدولة الإسلامية بشكلها العملي، فكل أطروحاتهم تتركز على تطبيق الشريعة لا غير، أما الأفكار العملية والعلمية للنظام المالي والميزانية التشغيلية، وجوانب التجارة الخارجية والارتباطات القانونية بالكرتلات الاقتصادية، وكيفية التعامل مع الخبرات الأجنبية للاستفادة من توظيف الثروات الطبيعية، وطريقة التعامل مع نظام الإيراد والإنفاق، فأنهم لا يتحدثون عنها، كما أنهم يتعاملون مع الفئات النقدية الأجنبية كعملة (الدولار) الكافر حسب طرحهم، ما يعني عدم جدية جماعة “القاعـدة” في أبيـن، نحو بناء دولة إسلامية، حيث وأن أنشطتهم تقتصر فقط على أعمال السرقة والفيد والنهب للممتلكات العامة، والحصول على أموال نظير تنفيذهم لمخططات وأجندات سياسية تنصب في مصلحة قوى محلية وعربية وربما إقليمية، تحاول عبرهم ابتزاز الدول الأجنبية.

“عـزان” نحو اعلانها إمارة اسلامية بشبوة

لا ريب في أن سقوط محافظة أبيـن بكل مؤسساتها ومقوماتها الأساسية بيد جماعة القاعـدة، كان له أكثر دلالة في قدرة “القاعـدة” على إذلال وكسر إرادة القوات اليمنية المسلحة في تأمين مدن بأكملها وحماية أرواح مواطنيها، وكان هروب قوات الأمن المركزي المطعمة بوحدات الأمن القومي والجيش وقوات مكافحة الإرهاب والنجدة والأمن العام وسلاح الجو اليمني، ودحر جميع تلكم القوات من محافظة أبيـن في غضون ساعات فاجعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ورسم علامة استفهام كبيرة ومريبة وغامضة، جعلت مسلحي “القاعـدة” يصدقون أنفسهم باستبسالهم في مواجهة القوات المسلحة بكل إمكانياتها الجبارة، على الرغم من إمكانية “القاعـدة” المحدودة مقارنة بالثكنة العسكرية المجهزة للجيش اليمني، والذي تكللت هزيمته بسبب توجيهات نظام صنعاء المستمرة بالانسحاب والتراجع إلى الوراء.

توجيهات صنعاء، لم تمكن “القاعـدة” من السيطرة فقط على محافظة أبيـن وأجزاء من محافظة شبوة، بل والتوسع في دخول مدينة رداع بالبيضاء، و دخول محافظات يمنية أخرى، حين استطاعوا ولوج مدينة “الحوطة” عاصمة محافظة لحج، التي تبعد عن أبيـن مسافة 80 كيلومتر في ساعات الظهر قبل خمسة أشهر، ونهب فيها البنك ومكتب البريد، ومهاجمة مبنى السجن والأمن المركزي، ولم تحرك قواته ساكنا، أو حتى يقم الطيران الحربي بتعقب المسلحين الذين عادوا إلى معاقلهم في أبين بهدوء وسلامة عبر طرق ترابية مفتوحة.

واليوم تعلن “القاعـدة” في أبيـن، بأن الإمارة الإسلامية القادمة ستكون مدينة “عزان” بمحافظة شبوة، التي باتوا يسيطرون عليها منذ أكثر من 8 أشهر بطريقة غير رسمية، وتتحاشى أجهزة إعلام السلطة كشف أو إثارة هذا الموضوع تجنباً لنقمة المجتمع اليمني عليها، في عدم قدرتها على السيطرة وتأمين بقية محافظات ومدن الجمهورية، وقد شوهدت خلال الأيام الماضية تحركات لعناصر “القاعـدة” في مناطق قريبة من جبال مديرية “خنفر” يعتقد بأنها استعدادات لدخول مدن ومناطق أخرى في أبيـن، بغية الاستيلاء عليها، حيث بدأت تنصب متاريس رملية وحملت أكياس مملوءة بالرمال على متن عرباتها ومدرعاتها العسكرية.

سيناريو مقولة يفضح

 وبحسب سيناريوهات المشهد العسكري الميداني فإن قرار قطع طريق عـدن أبيـن، لم يكن بيد قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية التي يقودها اللواء مهدي مقولة بحسب ما أتضح لاحقا، حيث أن فتح وإغلاق الطريق كان بيد الجماعة المتشددة، التي سمحت وحدها للمواطنين النازحيـن في عدن ولحـج بالعودة إلى ديارهم، وتحميل الجيش مسؤولية تهجير مواطني أبين من مناطقهم، والموافقة أيضاً على عودة قوات الأمن العام إلى أبيـن، وأن يكون دخولها المدينة بشروط “القاعـدة” وتحت سلطتها، وبعد أن يعلنوا التوبة ويلتزموا بضوابط “أنصار الشريعة” المسيطرين عليها، والقيام بتأدية الشرائع الإسلامية والالتزام بالخلق والتعاليم الدينية، والاشتراط أيضاً بعدم عودة المسؤولين الحكوميين السابقين، باعتبارهم فاسدين وأعداء للدين، بحسب ما تضمنته شروط “القاعـدة” أثناء عملية فتحها لطريق عـدن/ أبيـن.

الى أن نلتقي

وبعد نشرنا لبعض ما توصلنا اليه حتى الآن تظل قصة الألم وحقيقة الخوف غير متضحة تماما وتستمر حكاية الدماء والتشرد والدمار عنوانا بشعا في جبين التاريخ السياسي والعسكري اليمني وصفحة سوداء في سجل الانسانية ومعها يظل السؤال الباحث عن الحقيقة والضحايا المنتشرة ينشدان الاجابة التي تكون نهاية لهذا الكابوس المرعب ولكن ليس بالاستيقاض من نوم بل بممارسات مسؤولة في اليقضة من قبل الجهات الرسمية في الدولة الجديدة والنظام المدني التلفلف في يافطات حماية حقوق الانسان فهل نجد ذلك قريبا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى