تقاريرخاص الهويهعناوين مميزةمحلية

أنشأه شيخ قبلي وترأسه وقاده قبليون ومصلحيون…حزب التضامن بين مصالح اللاهثين وراء المادة وطموح الشباب في تجربة جديدة …

“حزب التضامن الوطني خرج من رحم مجلس التضامن الوطني الممول خارجيا عبر البرلماني اليمني الشيخ حسين الأحمر وكذلك قيادات الحزب خرجت من رحم القبيلة ليتحولوا من شيوخ قبليين في مجلس التضامن الى قيادات حزبية في حزب التضامن وهؤلاء لن يقدموا لليمن رأيا او رؤية غير ترديد مقولات حسين كالببغاوات” هكذا علق احدهم يوم انتخابات قيادات الحزب في مارس الماضي.

| الهوية | تقرير خاص.. 
ولكن هل فعلا ليس هناك دور لأعضاء وقيادات حزب سياسي غير ترديد مقولات منشئه او القائم على رعايته ماليا؟ وهل حزب التضامن الوطني خال من القيادات الإدارية والسياسية الكفؤة وعاجز عن تقديم رؤية او رأيا للوطن؟
لمحاولة الوصحسين الاحمرول الى إجابة مقنعة او حتى شبه مقنعة يفترض بنا ان نعرف أولا كيف ومتى نشأ حزب التضامن ومن القائم على تمويله.
فمنذ ما يقارب العقد من الزمن تم إنشاء مجلس التضامن الوطني كتجمع مشائخي ضم في قائمته عشرات الآلاف من مشائخ اليمن ليكون أول تجمع مشائخي يمني يدار من قبل البرلماني المؤتمري حينها الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر وكان ظهور هذا المكون متزامنا مع ظهور ما يعرف بلجنة الحوار الوطني وان كان بينهما فارق زمني قصير وهذه اللجنة أسسها وأنشأها الشيخ حميد الأحمر وهو أيضا نجل الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر شيخ قبيلة حاشد وهي إحدى أكبر قبيلتين في اليمن هما قبيلتا بكيل وحاشد ويعد الشيخ حسين الأحمر احد ابناء الشيخ الأحمر الذين يمارسون عملا برلمانيا كفائزين في دوائرهم باسم المؤتمر الشعبي العام فيما الشيخ حميد وهو ايضا برلمانيا يمثل حزب الإصلاح بعد فوزه في انتخابات العام 2003م وهما الأكثر طموحا سياسيا في ابناء الشيخ وان كان للشيخ حميد طموحا أكثر بمجال المال والأعمال إلا ان الشيخ حسين يتقدم عليه كثيرا في ميدان العمل السياسي خاصة وان له رؤية متحررة فيما يتعلق باستغلال الدين لممارسة عمل سياسي إذ يعتبر ذلك نوعا من المزايدة والاستغفال للجماهير.
هذا الطموح الذي يسكن الشيخ حسين  جعله يكرس جهده خلال العقد الماضي لإقامة اكبر تجمع مشائخي في اليمن لم تبلغ مرتبته حتى هيئة شئون القبائل، وقد استطاع حسين الأحمر ان يوجد لنفسه دعما ماليا غير عادي قيل ان بعضها كانت عبر الرئيس الراحل معمر القذافي والجزء الآخر عبر جهات خليجية بالإضافة الى الدعم الإيراني، وقيل ان هذا الدعم تجاوز الثمانين مليون دولار خلال عام واحد فيما استمرت عملية الدعم التي يحظى بها الشيخ حسين الأحمر متواصلة من تلك الجهات وعلى الأخص منها إيران كما تقول بعض المعلومات لا سيما بعد مقتل الرئيس القذافي خلال عام 2011م.
وقد استمر هذا التجمع تحت اسم مجلس التضامن الوطني منذ نشأته وحتى العام 2012م حيث تحول هذا الكيان الى كيان آخر ليخوض المرحلة الحاضرة والقادمة كحزب سياسي ولم يتغير في تسميته غير كلمة مجلس إذ أصبح اسمه حزب التضامن الوطني على غرار حزب التضامن الوطني الليبي وتم إشهاره يوم السبت الموافق 24 نوفمبر 2012م في العاصمة اليمنية صنعاء تحت اسم حزب التضامن الوطني برئاسة الشيخ حسين بن عبد الله بن حسين الأحمر، بحضور عدد من القيادات السياسية والحزبية والبرلمانية والشخصيات الاجتماعية والقبلية.
وشهد الاجتماع التأسيسي الذي انعقد بفندق سبأ وسط العاصمة صنعاء توزيع لجان الأمانة العامة للحزب، وتقسيم الدوائر والمصادقة على النظام الأساسي وأدبيات الحزب.
وفي الكلمة التي ألقاها الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر رئيس اللجنة التحضيرية لحزب التضامن الوطني أكد أن الحزب سيكون إضافة نوعية للساحة السياسية في اليمن، مشيرا إلى أن الحزب ينطلق من الشريعة الإسلامية وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، والثورة الشبابية الشعبية السلمية.
ورحب الشيخ حسين بكل المنضمين للحزب، وشكر كل من ساهم وعمل في إعداد أدبيات حزب التضامن الوطني، مؤكدا أن الحزب سيعمل على إيجاد معادلة سياسية في الساحة اليمنية تخلق التوازن بين أقطاب الحياة السياسية في البلاد.
ووفقا للبيان التأسيسي لحزب التضامن الوطني فإن الحزب يتبنى في رؤيته عددا من المبادئ والأهداف التي تجمع عليها القوى الوطنية، كما تضمن برنامجه السياسي جملة من الإصلاحات منها استقلال القضاء وتنفيذ العدالة الناجزة وحماية الحقوق والحريات، ومحاربة الفساد بكل أشكاله وفقا لمنظومة مؤسسية متكاملة وفاعله، والإصلاح المؤسسي للجهاز الإداري المترهل، والعمل على تحديث مخرجات التعليم وتطوير التعليم الفني وتشجيع البحث العلمي، وتقديم خدمات صحية متطورة، والعمل على النهوض بواقع المرأة وتفعيل دورها ودعم قضاياها لتصبح شريكا فاعلا، والاهتمام بالشباب وحل مشاكلهم وإعدادهم وتأهيلهم ليشاركوا في إدارة الدولة وفي المكونات المجتمعية وفي التنمية الاقتصادية ، ويتلمس معاناة الفقراء والمهمشين والعمل على حلها واستيعابهم في المجتمع بدون تمييز أو تفضيل.
وبرغم كل ما أورده البيان التأسيسي للحزب حول رؤيته إلا ان العديد من المراقبين السياسيين استبقوا الزمن معلنين ان حزب التضامن الوطني لن يكون غير إضافة لقائمة الأحزاب التي تتربع على رأسها وفي المفاصل الهامة منها شخصيات عفى عليها الزمن وأصبحت في حكم الشخصيات الصدئة  ولن تخرج عن إطار تلك الشخصيات التي عاشت تتقفز سياسيا من حزب لآخر بحثا عن المال والشهرة ليس اقل او أكثر.
ويبدو ان التوقعات التي أوردها أولئك المراقبون لم تحد عن الصواب إلا في النزر اليسير فقد أثبتت الفترة التي تلت تأسيس وإشهار الحزب ان من يعتلي المناصب العليا في الحزب هم جملة من المذحلين او من يمكن وصفهم بأنهم من توقف تفكيرهم عند منتصف تسعينيات القرن الماضي كما يؤكد متابعون للمشهد السياسي للحزب فضلا عن ان الإدارة او القيادة العليا للحزب تجسد الفردية بكل ما في الكلمة من معنى الى درجة ان إقرار أي من أنظمة ولوائح الحزب تصدر بقرار فردي عن الشيخ حسين الأحمر رئيس الحزب وليس عن لجنة عليا او مؤتمر وطني للحزب كما هي العادة في العمل الحزبي والسياسي كما انه يسير في ذات الخطوات التي سار فيها حزب تجمع الإصلاح او ما يعرف بإخوان اليمن منذ نشأته حيث ان مناصبه القيادة تمت بداية عبر التعيين من قبل القيادة العليا وحتى في حاضر الإصلاح تتم الانتخابات فيه بطريقة عكسية تختلف عن كل ما هو معروف على مستوى المنظومات والفعاليات السياسية اليمنية والعربية والعالمية إذ تبدأ من أعلى هيئة فيه بحيث يضمن قادة الحزب بقاؤهم على رأس القائمة دوما وان يكونوا باستمرار بعيدين عن أي تغيير داخل الحزب كما يقول البعض خاصة وان الهيئة العليا المنتخبة هي من يشرف على أعمال الانتخابات فيه الى أدنى المستويات في هيكل الحزب.
احد المتابعين لمشهد الأحداث التي عاشتها اليمن منذ النصف الأول من العقد الماضي يرى ان التفاعلات والأنشطة التي برز بها أولاد الشيخ الأحمر لم تظهر إلا في السنوات الأخيرة من حياة والدهم وبعد ان سيطر عليه مرضه الذي توفى به.
وهو ما يعني بحسب قوله ان أولاد الشيخ استشعروا ان الركن الشديد الذي يأوون إليه بدا ينهار بوتيرة عالية وان السنوات القادمة ستشهد تغيرا في حياتهم كون القادم سيجعلهم في احد موقفين الأول أما ان يكونوا كغيرهم من ابناء هذا المجتمع ملتزمين بنظمه وقوانينه دون تعال عليها او استخفاف بها كما كانوا في حياة والدهم او ان يكونوا في الموقف الثاني وهو التعالي والظهور كخارجين على النظام منبوذين مجتمعيا وسياسيا وهو ما لا يريدون الوقوف فيه.
من هنا ربما نشأت لديهم فكرة إيجاد وسيلة جديدة تمكنهم من استجلاب الأنصار والمؤيدين والاستقواء بهم فما كان منهم غير التوجه لإيجاد مكونين احدهما يحتوي مختلف الأطراف والتيارات السياسية المعارضة والمناوئة للرئيس السابق صالح وهو ما التزم به الشيخ حميد الأحمر لإخوانه إذ أنشأ لجنة الحوار الوطني وعبرها طوي مختلف الأحزاب والتيارات السياسية في اللقاء المشترك وغيره تحت إبطه فيما التزم الشيخ حسين بإيجاد مكون آخر يحتوي بها القبيلة اليمنية باحتضان جميع شيوخ القبائل وهو ما كان له عبر ما سمي بمجلس التضامن الوطني والذي تحول مؤخرا الى حزب التضامن وكلاهما تلقيا دعما ماليا خارجيا احدهما من طهران وطرابلس والمملكة والآخر من الدوحة وطرابلس والمملكة ايضا أي ان اتفاقا بين جهتين من الجهات الممولة للشيخين برغم اختلافهما الدائم في كل السياسات والرؤى هما الرياض وطرابلس فيما يمول احدهما طهران والآخر الدوحة وهما ايضا متناقضتين فما هو سر اتفاق هؤلاء في تمويل ابناء الشيخ الأحمر مع كل الاختلاف فيما بينهم؟
هناك من لخص الإجابة بقوله: إن القاسم المشترك هو إجماعهم تخريب اليمن فهذا الهدف هو ما حاولت ليبيا ممارسته منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي إذ كانت طرابلس تهدي اليمن 13 مليون لغم لما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لتعزيز مواجهاتها مع الجمهورية العربية اليمنية منذ 1979م وحتى منتصف الثمانينيات فيما كان عدد سكان اليمني شماله وجنوبه لا يتجاوز العشرة ملايين إلا ببضع مئات الآلاف فيما كانت السعودية تمنح إخوان اليمن السلاح والمال لمواجهة ما كان يعرف بالجبهة الوطنية التي مثلت الخصم المسلح مطلع حكم الرئيس السابق صالح وكل الطرفين تسببا في كل المآسي التي عاشتها اليمن شمالا وجنوبا إبان أحداث المناطق الوسطى.
بالنسبة لطهران والدوحة فقد كان لكل منهما موقفه تجاه اليمن لسبب بسيط وهو السباق الخليجي بين الدوحة والرياض وسباق طهران والرياض على قيادة العالم الإسلامي وكما مارس كل طرف من هؤلاء سياساته في أكثر من بلد بما فيها البلدان الإفريقية فقد كان اليمن هو المستهدف الأول في الجزيرة العربية على اعتبار انه بشماله وجنوبه يمثل البلد الأكثر ثروة في الجانب البشري في الوقت الذي لا يعد فيه عضوا في المجلس الخليجي بالإضافة الى انه الشعب الذي يوجد به مذهبان إسلاميان متقاربان جدا احدهما يمثل فرقة من الشيعة وهم الزيدية والآخر الشافعية وهم يمثلون فرقة من السنيين وهو الخلاف الطائفي الناشئ بين طهران والرياض في الأصل وكلا المذهبين يقتربان من بعض أكثر من قربهما من سنة الرياض او شيعة طهران.
ومن هنا فقد كان يمثل اليمن بالنسبة لهؤلاء موقعا  مهما بالنسبة لكل تلك الدول التي لم تقف مكتوفة الأيدي عن دعم أي شخصية تخدم أي منها في تفريق وتمزيق اليمن او في اقل تقدير إضعافها حتى لا يأتي يوما وهي تدار بنظام مؤسسي قوي قد يهدد وجود المجاورين او ترفض التدخل الخارجي من أي طرف كان.
لكن آخرين ذهبوا الى ان ما تعيشه اليمن مؤخرا هو من رسم خارطة الدعم المقدم من مختلف الدول لبعض ابناء الشيخ إلا ان التساؤل عن سر اختيار ابناء الشيخ دون غيرهم لتقدم لهما تلك الدول هذه الدعومات الغير عادية؟ وهو ما يجعل البعض يعتبر ان هذا يعود الى نشاط وطموح ابناء الشيخ لمنافسة صالح وأسرته في إدارة وحكم البلاد وهو ما بدا جليا في الانتخابات الرئاسية لعام 2006م إذ كان حميد يمثل رأس الحربة في منافسة الرئيس صالح عبر مرشح اللقاء المشترك فيصل بن شملان لتتضح الرؤية أكثر بإجماع أولاد الشيخ على دعم ما عرف بثورة الشباب عام 2011م المطالبة بإسقاط نظام صالح.
ويبدو ان الشيخ حسين كان أكثر إدراكا من أخيه حميد في استيعاب المرحلة القادمة إذ أدرك ان الركون الى شيوخ قبليين ومكون قبلي لم يعد يجدي بعد الأحداث الأخيرة التي عاشتها اليمن والعالم العربي منذ عام 2011م والتي أصبحت شريحة كبيرة في البلاد تنظر للقبيلة كعدو لها ولمستقبلها بينما لم يدرك حميد هذا الإدراك فظل يردد عباراته التي عفى عليها الزمن متخذا من الإخوان واللقاء المشترك ركنه الشديد في الوقت الذي بدأت تركيبة المشترك تتساقط حبات عقدها لتنتهي القوة الوهمية للمشترك بعد تلك الخلافات الحادة داخل قاعة الحوار الوطني بعد إصرار الإصلاح وتيارات دينية اخرى على رفض الاعتذار للجنوب وصعدة ويتبعها مباشرة انهيار أوهام الإخوان العالمية بعد انكشاف ضعفهم وزيف مزاعمهم في موطن النشأة الأولى وهي جمهورية مصر العربية بعد عام واحد من حكم الإخوان.
حسين الأحمر اتجه من وقت مبكر نحو خوض العمل السياسي عبر ذات التكوين ليؤسس في الربع الأخير من عام 2012م حزبه المعروف بحزب التضامن الوطني مسخرا ما ناله من دعم لهذا الغرض ومستخدما علاقاته مع طهران لاستمرارية الدعم المقدم للحزب الذي يرأسه مقابل احتوائه لعديد من شخصيات الإخوان والقوى والتيارات الليبرالية إلا ان المشهد بدا يتكشف عن انعكاس في هذا التكوين إذ بدأت القبيلة أكثر سيطرة داخل الحزب من القوى الليبرالية والدينية كما كان للانتهازيين صولة وجولة داخلة ليتحول الى حزب مملوك لرجل اسمه حسين الأحمر مقابل أموال تنفق على تلك القيادات والشخصيات وتثمر تفلتا سياسيا عن أهداف ورغبات أعلن عنها الحزب في رؤيته وتنعكس سلبا على الواقع اليمني بدلا من تقديم الحزب لتجربة فريدة في اليمن المعاصر سياسيا وحزبيا.
فحزب التضامن احتوى على شخصيات برلمانية وسياسية وإدارية عرف عنها الانتهازية واللهث وراء المال بأي أسلوب وبأي مبرر وهو ما جعل واقع الحزب يبدو أكثر ضعفا كما يرى البعض في واقع السياسة والشعبية اليمنية.
وهنا يطرح سؤال نفسه وهو هل بإمكان حسين الأحمر ان يحدث من تكوينات حزبه وقياداته بشخصيات شابة تتواكب مع المطالب الشعبية بتمكين الشباب سياسيا وإداريا أم انه سيفضل ان يكون رئيسا لتكتل قبيل برؤى وأفكار الماضي المتعجرف خاصة وان هناك من يرى ان بعض الشخصيات الأكاديمية لن تمنح الحزب غير مزيد من الرفض الشعبي في قادم الأيام حيث عرف عنها أنها ليست غير تكنوقراط الانتهاز وليس السياسة والإدارة؟ ثم هل يقبل حسين الأحمر ان يكون منصبه كرئيس حزب موضعا للسباق داخل الحزب أم انه سيمارس ذات النهج والأسلوب اللذين يسير فيهما مختلف الأحزاب المسمتة او الكتل المسمتة كما يحلو للبعض ان يصفهم والتي تمارس تغييراتها القيادية بالتبادل بين شخصيات المناصب والاقتصار عليهم دون غيرهم؟
هذه التساؤلات سيجيب عنها الحزب ذاته وشيخه حسين من خلال تصرفاتهم في المرحلة القادمة وهو ما ننتظره متمنين ان يقدم رئيس وقيادة الحزب مصلحة العمل السياسي على مصالحهم الآنية والشخصية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى