مساحات رأي

الحديدة بين الهدنة الخداعية ومشاريع السلام

فهمي اليوسفي

تزامنت زيارة المبعوث الاممي لصنعاء مع الموقف الأخير لواشنطن بتقديم مقترح بتسليم ميناء الحديدة لطرف ثالث تحت ذريعة إدخال المساعدات الإنسانية وإحلال السلام مع أن هذا يكشف اللعبة الخداعية للناتو والخليج وتتضح مصفوفة أهدافهم المبطنة حتى وإن كانت بغطاء أممي .
من خلال هذا المقترح وتشابهه مع ما ورد بمشروع قرار بريطانيا المقدم لمجلس الأمن وما تم طرحه من قبل المبعوث غريفث قبل وخلال هذه الزيارة يتضح اللغز .
وبالنظر إلى عمقها سنجد أنها تكشف اللعبة الغربية والخليجية بل تتضح الأهداف العميقة لرباعية العدوان وسيتجلى للعيان أن الهدف ليس إيقاف الحرب والولوج للحل السياسي وتحديدا بمحافظة الحديدة بل الهدف أعمق وبالغ الخطورة سنجد من ضمنها كمًّا من الأهداف التي ينبغي التصدي لها ومنها .
استخدام الهدنة الخداعية وسيلة لتحقيق تلك الاهداف التي يروجها غريفث بالتعاون والتنسيق مع رباعية العدوان كوسيلة التفافية لانتزاع ميناء الحديدة وتسليمه لدول العدوان وأجنداته المتعددة على اعتبار أن دول التحالف قد أخفقت في رهانها وعجزت عن الوصول لبنك أهدافها عسكريا وليس أمامها سوى الحيل الخداعية عبر النوافذ الأممية والمكنات الإعلامية والمنظمات الاستخبارية (الغربية والخليجية) تحت مسميات هدنة وتهدئة ومبادرة ..الخ .
كما أن الشروط المدرجة بخطة غريفث ومشروع قرار بريطانيا المقدم لمجلس الأمن + المقترح الأخير لواشنطن المشار اليه سلفا يؤكد أن ذريعة إدخال المساعدات الإنسانية باعتقادي ليس لغرض إدخال مساعدات غذائية لتفادي الكارثة الإنسانية بل ربما لإدخال المساعدات التسليحية أولا للخلايا النائمة التابعة لقوى العدوان ولتوسيع دائرة السيطرة لمعسكرات العدوان. كما حدث في عدن وتعز خلال الأعوام المنصرمة بعد الشروع بالعدوان خصوصا عندما تنص إحدى تلك الشروط التي يروجها غريفث على إزالة أية حواجز تعترض وصول المساعدات وكأن هناك إزاحة للجيش واللجان الشعبية التابعة للقوى المضادة للعدوان.
هنا يقاس الأمر أن دول تحالف المنشار قد فشلت عسكريا ولم تجد سوى الخطط الخداعية تحت مسمى. هدنة .. .. سلام …
إذا هذه الهدنة التي اتى غريفث من أجلها من خلال الزيارة الأخيرة ربما تحمل في طياتها خططا خداعية أتقنت هندستها دول الناتو والخليج . مع أن نجاح العدوان بتمرير هذه الخطة لن يصبح الخطر مقتصرا على مستوى محافظة الحديدة بل على مستوى بقية المحافظات الخاضعة لسلطة المجلس السياسي الأعلى .
أما عندما نسلط الأضواء على مقترح واشنطن المشار اليه سلفا والذي ينص على تسليم الميناء لطرف ثالث والذي من المحتمل الا يكون الطرف الثالث بعيدا عن الناتو والخليج بل سنجده مؤمركا ومتسعودا فقط يبرز الفرق بالديكور ويصب لنفس أهداف دول وأجندات العدوان لكن بغطاء أممي يتولى تنفيذه غريفث.
ما ينبغي على القوى المناهضة للعدوان للموافقة على هذا الشرط أن تتقدم بمصفوفة من الشروط ليكون هناك طابع ندي مع دول العدوان والاجندات التابعة لها والأحرى أن يتم رفض هذا المشروع من أساسه وفي جانب آخر يجب أن يطرح شرط إلزام الطرف الذي قام بنقل البنك المركزي لعدن بصرف مرتبات موظفي جهاز الدولة منذ إيقافها خلال فترة توضح في الاتفاق والابتعاد عن الترحيل لكون ذلك هو محور الارتكاز لجزء كبير من تفادي الكارثة الإنسانية بحكم أن عدد موظفي الدولة يصل إلى مليوني موظف وكل فرد لديه أسرة لا تقل عن 6 أشخاص ليصل عدد المستفيدين إلى 10 ملايين شخص بينما ترحيل أو تمييع هذه القضية من قبل الجهات الأممية لن يكون إلا جزءا من الجريمة وخروجا عن الثوابت الدولية وانتهاكا لحقوق الإنسان هذا كتأكيد للمصداقية الأممية وعدم خضوعها لتأثير دول العدوان أو انحيازها لدول التحالف الذي يمارس المغالطة غير المباشرة لصالحه عبر بعض السماسرة الأمميين .
ما ينبغي الاهتمام به وفلترته هو المشاريع الراهنة التي يروجها الغرب والخليج وتحديدا التي تحمل اسم سلام . لأن اسم سلام ومشاريع السلام هي مقدمة لطريق الاستسلام بالنسبة للقوى المضادة للمشاريع الصهيونية . لأن الموافقة على ذلك هي الموافقة على عدم اعتراض أي مشاريع توسعية للصهيونية والذي من المفترض ترجمة كل صغيرة وكبيرة تأتي تحت هذا الاسم لأن الموافقة عليها أو القبول بهذه المشاريع التي يقترحها الناتو هي إخضاع البلد للوصاية الخارجية وفتح الباب على مصراعيه للمشاريع الصهيونية بعد تمزيقها على ما يشتهي الوزان .
يكفى أن نستدل بورطة السادات باتفاقية كامب ديفيد أو مشروع الخداع المتورط فيه ياسر عرفات والمسمى سلام الشجعان والذي يعد خيانة لفلسطين وتمكينا لإسرائيل فضلا عن أن الكثير منها باسم منظمات سلام وجوائز سلام وقطار السلام .
أليس هذا الخطر ورد ضمن مشروع أنور عشقي؟
ألم يأت هذا الشرط الاستدراجي بدعوة ماتيس ومشروع قرار بريطانيا وإحاطة المبعوث الأممي .
إذا لا ينبغي الوقوع بهذا الفخ مرة أخرى ويستدعي الأمر راهنا التعامل بحذر … مع أن الحديث طويل حول ذلك ..لكن الحليم تكفيه إشارة …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى