غير مصنف

اليمن: هل هنالك احتمال للسلام؟

رويترز/ خالد عبد الله

مضى تقريباً ما يقارب العام ولا يوجد هنالك بصيص أمل لتوقف الحرب، فطرفا الحرب القائمة أنصار الله (الحوثيون) ووحدات الجيش التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح ضد مجموعة مختلطة من الخصوم من ضمنهم ما تبقى من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من قبل تحالف بقيادة السعودية والمدعوم من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. إيقاف الحرب يتطلب مفاوضات تؤدي إلى تسوية مؤقتة ولابد أن تشمل هذه التسوية الترتيبات الأمنية والتي تستدعي انسحاب المليشيات من المدن والعودة لقرار الأمم المتحدة رقم 2216 واتفاق على نقل السلطة. بينما سيتم مناقشة هذه المواضيع بين الأحزاب اليمنية برعاية الأمم المتحدة وسيكون من الضروري مشاركة المملكة العربية السعودية بحلفاء آخرين كالمملكة المتحدة حيث يعتقد أن هنالك يدا إيرانية مختبئة خلف الحوثيين ومهاجمتهم للأراضي السعودية. التوصل لاتفاق سيستغرق وقتاً طويلاً وهو ما لا يمتلكه الشعب اليمني القابع تحت منصة الفقر. يجب أن تكون الأولوية القصوى تأمين اتفاق يضمن إيصال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية للمناطق المنكوبة والمحاصرة.

ما يحصل اليوم من حرب أهلية في البلد تعود جذوره إلى عملية الانتقال السياسي في عام 2011 الذي تبعه اقتتال داخلي بين نخب نظام الحكم السابق وفساد كبير وتعرقل مؤتمر الحوار الوطني والذي يعتبر الخارطة وحجر الزاوية لعملية الانتقال السياسي في عام 2011 الذي من مخرجاته الاتفاق على مشاركة السلطة وتحديد شكل البلد وخاصةً حل قضية جنوب اليمن حيث الرغبة في الاستقلال مشتعلة. الحوثيون والذين هم زيود أي جزء من الشيعة هم حركة بعثية تحولت لمليشيات تعتبر نفسها دخيلا نقيا ونزيها وقاموا بالتحالف مع عدوهم الأسبق صالح ضد خصوم مشتركين من بينهم حزب السنة الإسلامي الإصلاح وعائلة الأحمر ذوي النفوذ واللواء علي محسن الأحمر والذي لا يعتبر من أقربائهم والذين جميعهم انقلبوا ضد صالح في ثورة 2011. عندما استولى الحوثيون على محافظة صنعاء في إشارة لهم من استيائهم من حكومة هادي في شهر سبتمبر من العام 2014حيث كانت غالبية الشعب اليمني موهومة بعملية انتقال السلطة، لكن نطاق نفوذ الحوثيين توسع في محاولة منهم للتوسع وبسط نفوذهم على كامل أرجاء البلد وقاموا بالتحالف مع عدة داعمين  حيث تأكدت جميع مخاوف النقاد.

في شهر مارس عام 2015 تدهور النزاع الداخلي على السلطة تلاه تدخل عسكري بقيادة السعودية حيث تنظر السعودية للحوثيين على أنهم جزء من التوسع الإيراني في المنطقة ، وبقيادة من الملك سلمان وابنه الأمير محمد بن سلمان الذي يشغل منصب ولي ولي العهد ووزير الدفاع بالمملكة تم القرار بلف الذراع الإيرانية ومطامعها المزعومة بعزل الحوثيين وإعادة الشرعية لحكومة هادي. تم تشكيل تحالف سني عربي يتكون من تسع دول منها الإمارات العربية المتحدة حيث قامت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بإعلان دعمهما العسكري للتحالف، ومع ذلك يعربون عن قلقهم وتحفظاتهم فيما يتعلق بمدى ضرورة نشوب مثل هكذا نزاع والمدة التي سيستغرقها والعواقب المحتملة والغير مقصودة وبالتحديد قروب حدوث كارثة وأزمة إنسانية (قد تصل إلى مجاعة) وانتشار كبير للجماعات الجهادية وفروعها في اليمن كالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

شكل التدخل العسكري نزاعا مستعصيا ومتعدد الأبعاد بين السعودية و إيران أضيف إلى الحرب الأهلية والذي بدوره عرقل بشكل ملحوظ فرص الوصول إلى سلم والذي أيضاً رسخ التعاون من قبل الجبهات الداخلية المعارضة الذين لديهم نسبياً نفس الهدف المشترك مع التحالف العسكري بقيادة السعودية. من جانب، أنشأ كل من الحوثي وصالح تحالفا تكتيكيا بغض النظر عن انعدام الثقة المشترك بينهم ضد ما ينظرون له كتهديد وجودي، ومن جانبٍ آخر، يضم التكتل المعارض لحركة الحوثي أطيافاً عدة حيث يجمع بين مسلمي السنة والانفصاليين الجنوبيين والمقاتلين من القبائل ومناطق أخرى المناوئين لهيمنة صالح والحوثي لكن مع ذلك لديهم رؤى مختلفة تماماً لمستقبل اليمن.

بعد ما يقارب العام من التقاتل في البلد لم يقترب أي طرف من الأطراف لانتصار عسكري حاسم. مقاتلو الحوثي وصالح يتمركزون في المرتفعات الجبلية شمال اليمن الزيدي، بينما التحالف السعودي وحلفاؤه يتمركزون بشكل قوي في مناطق من جنوب وشرق البلاد الشافعية السنية، فبينما تم إخراج ما يسمون بالغزاة الشماليين خارج جنوب اليمن قامت الجماعات المسلحة ومن ضمنها تنظيم القاعدة والانفصاليين الجنوبيين لأخذ مقاعدهم. إذا نجح التحالف السعودي في الاستيلاء على مناطق أخرى في الشمال وهو مصمم على فعله فستطول المعركة وسيحدث المزيد من سفك الدماء والمزيد من الانقسام والفوضى العارمة. التحالف الحوثي مع صالح يعرقل فرص التوصل إلى حل إلى حد كبير برفع حدة المواجهات من قبله مع المملكة وهو ما من شأنه عدم إقدام السعودية على إيقاف الحرب بما أنها إلى الآن لم تحقق نصرا عسكريا واضحا.

الالتزام بمحادثات السلام بقيادة الأمم المتحدة من قبل الطرفين يعتبر فاتراً، فلم يهزم أحد الأطراف ولا حتى أنهكت قوى احدهما، فكلاهما يدعى بأنه حقق انتصارات إضافية ولا توجد حتى مؤشرات بين الطرفين تدل على إنهاء العنف. تشكيلة المحادثات أيضاً تنبئ بحدوث مشاكل.فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار وبدء محادثات يمنية قد يتم عن طريق استشارات بين تحالف الحوثي والمملكة حول القضايا الحساسة التي تخص الحدود وعلاقة الحوثيين بإيران. ومن اجل إنجاح المفاوضات بقيادة الأمم المتحدة يجب أن تكون المحادثات شاملة لكل الأطراف اليمنية.

يبدو أن المستقبل القريب للبلد كئيباً، فقد دمرت الحرب البنية التحتية للدولة التي هي في الأصل ضعيفة وأتاحت الفرصة لتوسع تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. تقدر الأمم المتحدة أن عدد الأشخاص الذين قتلوا يقدروا ب 6,000 شخص من بينهم 2,800 من المدنيين ,أغلبيتهم ضحايا للغارات التحالف السعودي، وحتى إذا ما جاءت الأمم المتحدة باتفاقيات فالطريق لسلام دائم طويل وصعب المنال.

حجم الدمار الذي حل بالبلد يحتاج وقتا طويلا وموارد واتفاقيات سياسية جديدة لبناء ذلك، فمن دون حل يرجى منه سيتواصل تتفكك البلد وستحدث انقسامات كثيرة، ستنحدر البلد عبر مسارات وعواقب وخيمة وكارثية وأيضاً من شأنها زعزعة أمن الخليج وبالخصوص المملكة العربية السعودية عن طريق إشعال أزمة اللاجئين وتغذية التطرف في المنطقة لصالح الجماعات الجهادية الإرهابية.

 

مقترحات

لتحقيق هدنة والعودة إلى العملية السياسية اليمنية

إلى جميع المتحاربين:

  1. الالتزام بقانون الحرب , الامتناع عن الحملات الإعلامية التي تصف الخصوم بأوصاف طائفية أو بأنهم عملاء لدول خارجية والتعبير عن الدعم بفاعلية للأعمال التي تهدف إلى التوقف عن إطلاق النار والمفاوضات مما يؤدي إلى تسوية دائمة.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية والحوثيين وحزب  المؤتمر الشعبي العام والرئيس السابق علي عبد الله صالح

  1. البدء بمشاورات على مستوى عال في المواضيع ذات الأولوية مثل تهدئة التوترات على الحدود وعلاقة الحوثيين بإيران التي يمكن أن تسهل الهدنة التي تتوسط فيها الأمم المتحدة ومحادثات جدية بين اليمنيين.

بالنسبة للحكومة اليمنية والحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام ” حزب صالح”

  1. المشاركة بدون تأخر أو شروط مسبقة في الجولة القادمة من المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة حسب الأجندة المحددة من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة.

بالنسبة للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية خصوصاً السعودية والإمارات العربية المتحدة:

  1. تشجيع الحكومية على المشاركة حسب أجندة المبعوث الخاص للأمم المتحدة ويتضمن ذلك تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والقيام بما يلزم  لتنفيذ وإحياء العملية السياسية اليمنية.

بالنسبة للأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الدولي خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة:

  1. دعم المبعوث الخاص للأمم المتحدة ويتضمن ذلك الدعم لمتابعة قرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار الفوري من قبل جميع الأطراف والتوصل إلى حل توافقي سياسي شامل.
  2. شرط الإمداد بأنظمة التسليح والحصانة للتحالف الذي تقوده السعودية للتوقف الفوري للإطلاق النار والدخول في مفاوضات سياسية شاملة.
  3. دعم المشاورات على مستوى عال ومباشر بين المملكة العربية السعودية وكتلة الحوثيين وعلي صالح.

لتطوير فرص الحل السياسي الدائم

بالنسبة للمبعوث الخاص لأمم المتحدة:

  • تكامل المعنيين بالأمن القومي وإعادة الإعمار الاقتصادي في المشاورات من خلال دعم المشاورات الرسمية وغير الرسمية عالية المستوى وتتبع النقاشات بين  المملكة العربية السعودية والأطراف المعنية في اليمن.
  • توسيع المشاورات لتتضمن بأسرع وقت ممكن الأطراف المعنية اليمنية الأخرى بما فيها حزب الإصلاح الإسلامي السني والمجموعات السلفية والمقاومة الجنوبية وذلك لضمان وقف إطلاق النار الدائم ويتبع ذلك احتواء مجموعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ومنظمات المرأة للمساعدة في التغلب على التحديات السياسية العالقة.
  • الوضع في الأولية التحديات السياسية الثلاثة 1) الاتفاق على قيادة تنفيذية مقبولة على نحو واسع وحكومة أكثر شمولاً حتى الانتخابات , 2) آلية لمعالجة الوضع المستقبلي للجنوب والمناطق الأخرى التي تبحث عن تفويض أكثر 3) المساءلة والتوافق الوطني.

بالنسبة لأنصار الله ( الحوثيين ) :

  1. تهدئة الصراع وبناء الثقة من خلال: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية و التجارية إلى المدنيين في تعز بدون عوائق والتوقف عن الأنشطة المعادية على الحدود السعودية لفترة معينة لإظهار القدرة على لذلك وإبداء حسن النية قبل بدء محادثات الأمم المتحدة.

بالنسبة لصالح والمؤتمر الشعبي العام:

  1. العمل مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأطراف المعنية في اليمن للموافقة على مغادرة الرئيس السابق من اليمن لفترة زمنية محددة كجزء من تسوية سياسية كبرى ويكون ذلك مع الجنرال علي محسن والرئيس عبد ربه منصور هادي.

إلى الرئيس هادي والحكومة اليمنية:

  1. تهدئة الصراع ودعم الاحتواء من خلال: التوقف عن تسمية ” التحرير” العسكري لصنعاء والمناطق الأخرى, تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والتجارية إلى جميع أجزاء اليمن بما فيها المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والإقرار علناً بالحاجة إلى تسوية سياسية وإحياء العملية السياسية اليمنية .

إلى الأحزاب اليمنية والمنظمات التي هي خارج إطار مفاوضات الأمم المتحدة عدا الفرق التي ترفض السياسة:

  1. الضغط من اجل الاحتواء في المفاوضات وقبول الدعوة حال تقديمها للمشاركة في هذه المفاوضات بالإضافة إلى متابعة النقاشات بدون أي شروط مسبقة.
  2. اختيار ممثلين للمفاوضات والتحضير للمقترحات لعناصر التسوية السياسية خصوصاً المواضيع الحساسة مثل بناء الدولة ومشاركة السلطة محلياً ونزع سلاح المليشيات والتسريح للمقاتلين السابقين وإدماج الجدد.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية:

  1. التواصل مباشرة مع الأطراف اليمنية المعنية والمشاركة في المفاوضات والمبعوث الخاص للأمم المتحدة حول المتطلبات الأمنية المعينة والمخاوف السياسية خصوصاً فيما يتصل بالحدود ومواضيع نزع السلاح وعلاقة الحوثيين بإيران.
  2. المشاركة – في حال طلب ذلك من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة – في المشاورات الرسمية وغير الرسمية وتتبع النقاشات الداعمة للمفاوضات اليمنية , تقديم مقترحات لإعادة الإعمار بما فيها الشمال والعمل باتجاه دمج اليمن في مجلس التعاون الخليجي.
  3. توقيف العمل العسكري في العاصمة صنعاء لفترة معينة لإبداء حسن النية قبل مفاوضات الأمم المتحدة.

بالنسبة للإمارات العربية المتحد:

  1. المساعدة في الحل السياسي للقضية الجنوبية من خلال المساعدة في اختيار المقاومة الجنوبية للمشاركة في المحادثات المستقبلية.

إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية:

  1. اعتبار الأزمة اليمنية أزمة ذات تكلفة منخفضة وفرصة ذات قيمة عالية لتقليل التوترات مع المملكة العربية السعودية من خلال:

أ) إنهاء التصريحات الملتهبة التي تذكي المخاوف بالرغبة الإيرانية في استخدام اليمن لتهديد امن المملكة العربية السعودية.

ب) تشجيع الحوثيين على المشاركة البناءة في مفاوضات الأمم المتحدة والمباحثات المباشرة مع المملكة العربية السعودية لحل الصراع .

ج) التباحث المباشر مع المملكة العربية السعودية بطرق تهدئة التوترات في المنطقة من خلال الأفعال في اليمن والتوقف عن أي دعم عسكري حالي للحوثيين.

 

بروكسل 9 فبراير 2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى