مساحات رأي

تحجيم الإصلاح …عنوان المرحلة

احمد صالح الفقيه

الناظر الى خريطة الموقف في عمران ومديرياتها التي نشرتها صحيفة المصدر الإصلاحية بالأمس يدرك بوضوح أن مدينة عمران ساقطة عسكريا، وان سقوطها الفعلي بيد الحوثيين مسألة وقت قصير، ولا يستطيع الجيش والطيران منع ذلك حتى لو توفرت إرادة سياسية لذلك وهو مستحيل. وسيزيد من قصر موعد سقوط عمران  تعيين محافظ غير إصلاحي وبذلك يفقد الإصلاح أهم معاقله على الإطلاق.

من الواضح أن الحوثيين اثبتوا حتى الآن أنهم الوسيلة الفعالة لتحجيم أو حتى تهميش الإصلاح وقلع أنيابه بل وحتى أسنانه. فبعد معارك الحوثيين في أرحب التي كانت أشبه بإمارة للزنداني والإصلاح بقيادة النائب منصور الحنق، والتي كانت تجري فيها عمليات تدريب أنصار الشريعة ( انظر مقابلة العرشاني مع صحيفة الجمهور) وأفراد القاعدة المرتبطين بالإصلاح القادمين من أنحاء الأرض ومن ثم تصديرهم الى الجنوب وسوريا ومصر( انظر مقابلة الخرباوي مع الوطن الكويتية)، إضافة الى تحولها الى وكر للخلايا الإرهابية التي تمارس شتى صنوف الإرهاب من السيارات المفخخة الى الاغتيالات التي تستهدف ضباط الجيش والأمن والقيادات الأكاديمية الحوثية، (انظر بيان اللجنة الأمنية في الأسبوع الماضي)، أصبحت أرحب الآن أرضا مفتوحة لعمليات الأمن القومي والطيران العسكري ووحدات مكافحة الإرهاب.

الفضل في ذلك يرجع بالطبع للحوثيين الذين كسروا شوكة العنجهية الإصلاحية في أرحب التي كانت تتحدى ألوية الحرس الجمهوري وتعمل على إسقاطها واحتلالها منذ فبراير 2011 وحتى منتصف 2012. ثم تحولت الى قطع الطرق واستهداف الحوثيين المارين ضمن إستراتيجية حصار صعدة من كتاف الى عمران وعبس وحجة والجوف، وهي الإستراتيجية التي أصبحت وبالا على الإصلاح وفتحت عليه الإعصار الحوثي العاصف.

ولست أود هنا الخوض فيما وراء تأديب الإصلاح وقصقصة أجنحته من تفاهمات محلية وإقليمية ودولية، وهو الوضع الذي فرضته ازدواجية مواقف الإصلاح وما يمارسه من تذاك غبي ووقح على الجميع بما في ذلك المجتمع الدولي، ولكن ما يطرح نفسه اليوم على الساحة بإلحاح: هو الفراغ الكبير الذي سيخلفه تحول الإصلاح في المعادلة من نسر قوي يتضاءل تدريجيا ليصبح عصفورا مبللا مهيض الجناح، خسر داعميه الإقليميين التاريخيين ليعتمد كليا على الكيان القطري المحاصر والتنظيم الدولي الآفل للإخوان، مستثيرا عداء أقوى الدول الإقليمية على جانبي الطيف إضافة الى المجتمع الدولي. وهو وضع يائس بائس لا تنفع معه الأناشيد والديماغوجية التي برع فيها طويلا. الأمر الذي يجعل التحسب للفراغ مسألة في غاية الأهمية.

يبدو الآن على السطح في ظاهر الأمور، أن اليمنيين واقعون بين خيارين ماضويين هما الخلافة والإمامة، وكلاهما خياران ماضويان لن يفضيا الى فتح نافذة على مستقبل مضيء لهذا البلد المنكود المنكوب بأبنائه. لكن هناك خيارا ثالثا يشع من مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته الممتازة التي يتطلب تنفيذها قوى تقدمية تصبح بمثابة الحامل والرافعة السياسية لمشروع الدولة المدنية الحديثة، بدلا من القوى الماضوية التي تتظاهر بدعمها للمشروع بينما تمارس إجهاضه عمليا. وهنا فان الأحزاب التقدمية قومية ويسارية والأحزاب الليبرالية الجديدة ومنظمات المجتمع المدني يقع عليها عبء تكوين كتلة تقدمية واسعة بدعم مالي كبير ضروري من الرئيس هادي والمجتمع الدولي تخرج اليمنيين من أسر مطرقة الإمامة وسندان الخلافة لتفتح لهم أفقا مستقبليا يتناسب مع القرن الواحد والعشرين.

فالأحزاب السياسية التقدمية كلها مفلسة بعد اختفاء أو تعثر داعميها الدوليين ولكنها تملك خبرة كبيرة في العمل الجماهيري، والأحزاب الليبرالية الجديدة حالها أسوأ من الناحية المالية ويجب عدم تركها لطهران أو الدوحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى