تقارير

مفاوضات على نار هادئة الناطق الرسمي لأنصار الله يكشف عن الغُمُوض بشأن التفاهُمات بين أَنْصَـار الله والسعودية السعودية تضغط على الإصلاح عدم الوقوف ضد المفاوضات وخطيب الحرم يقول إن الإصرار على الخطيئة عناد ولد الشيخ يغادر صنعاء بشكل مفاجئ بعد أن وجد نفسه خارج اللعبة

الهوية – خاص.

يزداد الحديث عن تسوية قريبة تضع حدّاً للحرب السعودية على اليمن بعد نحو عامٍ من بدئها، في ضوء التفاهم الثنائي الذي أدى إلى وقف العمليات الحدودية، والتصريحات السعودية عن نهاية وشيكة للحرب. إلا أن «أنصار الله» التي تترقب أداء السعودية وضعت الكرة في ملعبها، “لا مفاوضات قبل أن تشمل التهدئة كل المناطق”.

في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات المباشرة بين السعودية وحركة أنصار الله على الحدود اليمنية السعودية، ظهرت مؤشرات تبشّر بقرب التوصل إلى حلول من شأنها أن تقود إلى انتهاء الأزمة اليمنية وإيقاف العدوان السعودي.

وبالتزامن مع المفاوضات المباشرة بين السعودية و«أنصار الله»، وصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، إلى صنعاء بصورة مفاجئة يوم السبت، وقدم مقترحات جديدة لوقف العدوان وإعادة إحياء العملية التفاوضية، مؤكداً أنه يستند هذه المرة إلى دعم أميركي ــ روسي لوقف العدوان السعودي.

وبحسب المعلومات فإن الجديد في ما حمله ولد الشيخ هذه المرة يتمثل في أن الشروط والعوائق التي كانت تطرحها السعودية قبيل المفاوضات السابقة مثل إطلاق المعتقلين، لم تطرحها هذه المرة، واكتفت بأن تأخذ موافقة الأطراف في صنعاء على آلية لوقف الحرب إما عبر إعلان الأمم المتحدة إيقاف الحرب أو أن تعلن الأطراف ذلك تباعاً، على أن تكون هناك فترة يجري خلالها تنفيذ وقف إطلاق النار ثم تبدأ الجولة الجديدة من المفاوضات.

وبحسب المعلومات، فإن مساعي ولد الشيخ لم يعد يعتمد عليها في ظل المفاوضات الجارية على الحدود بين الرياض و«أنصار الله»، والتي تجري بمعزل عن مساعي المبعوث الدولي. وفي السياق، أكد الناطق باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام في تصريحات صحفية أن التفاهمات بين اليمن والسعودية قائمة على أساس بناء الثقة وبدء الخطوات لوقف الحرب بشكل كامل.

وقال مراقبون سياسيون لـ”الهوية” إن «أنصار الله» وعبر التفاهمات المباشرة الجارية على الحدود وفروا على ولد الشيخ الكثير من الجهد والوقت وحلوا له الكثير من العقد التي كانت تحول دون نجاح مساعيه».

وكان الناطقُ الرسميُّ لأَنْصَـار الله محمد عبد السلام، كشف جُزءاً من الغُمُوض بشأن التفاهُمات بين أَنْصَـار الله والسعودية في الأيام الماضية.

وقال عبد السلام في تصريحٍ خاصٍّ لصحيفة “صدى المسيرة”: إن الهدَفَ من هذه التفاهُمات هو الوصولُ إلَـى وقفٍ شاملٍ للحرب، وإن على مراحل، بحيث تكونُ موضحةً ومحددةً، كما أن الهدفَ من هذه التفاهمات هو البدءُ ببعض متطلباتِ الوضع الإنْسَـاني كبحث مِلَــفِّ الأسرى والمفقودين والجثامين.

وأشار إلَـى أن ما تم حتى الآن هو تبادُلُ أسيرٍ بسبعة آخرين من الطرف الآخر وبحث ملف الأسرى ومطابقته لما لدى كُلّ طرف، إضَـافَةً إلَـى انتشالِ الجثامين من الخطوط الأمامية للمواجهات والذي ما زال مستمراً حتى اللحظة.

واعتبر ناطقُ أَنْصَـار الله أن هذه القضايا إنْسَـانية وأخلاقية وتحصل في العادة بين كُلّ أطراف القتال، معتقداً أن فتحَ خطوط التواصُــل بين الأطراف المعنية وأَصْحَـاب القرار هو الخطوة الصحيحة لأيّة تفاهُمات ممكنة وقابلة للتطبيق تؤدي بالوضع إلَـى مرحلة الحل الشامل.

وزاد عبد السلام قائلاً: “لقد خُضنا حواراتٍ ولقاءاتٍ كثيرةً لمسنا فيها ضعفَ الموقف الدولي وكذلك موقف الأُمَـم المتحدة في الضغط على الأَطْـرَاف المعتدية لوقف عُـدْوَانها على بلادنا والكفّ عن ذلك”.. مشيرا إلَـى أن بعضَ الدول تتعاملُ مع الـيَـمَـن كملف ارتزاق، والبعض الآخر يرى في استمرار الحرب فرصةً لها وتحقق لها أهدافاً إستراتيجية في أماكنَ أُخْــرَى باستهداف الجميع.

وأكد عبد السلام بالقول: “نحن نعرف ماذا نعمل، ونتحرَّكُ بخُطَىً ثابتةٍ، ونطمئن أَبْنَـاء شعبنا الـيَـمَـني أننا إنما نتحركُ من أجل وقف الحرب بشكل شامل وَكامل وإحياء العمليّة السياسية بين الأَحْـزَاب والمكونات السياسية”.. مشيراً إلَـى أن الطريق ليس معبّداً أَمَـام ذلك، فقد تقف أمامهم العوائق، خَـاصَّـةَ من تُجَّــار الحروب والمرتزقة الذين يَرَوْن في استمرار العُـدْوَان على بلدنا استمراراً للمال والمناصب والمكاسب التي يحصلون عليها.

وواصل عبد السلام قائلاً: “فإن تحقق السلامُ من وراء هذه الخطواتِ كما هو المفترضُ فهذا هو ما نريدُ وإن لم يتحقق فشعبنا الـيَـمَـني وجيشُه ولجانُه الشَّـعْـبية يدُهم على الزناد، ولن نساومَ في كرامة أَبْنَـاء شعبنا الـيَـمَـني لحظةً واحدة، بل أثبتنا بكلِّ صدق أننا قادرون أن نتجهَ نحو السلام العادل والمشرّف، كما نتوجه إلَـى ساحات البطولة والشرَف للدفاع المقدَّس عن كرامة الشَّـعْـب وسيادته واستقلاله”.

وحولَ التصريحات الأخيرة للبيت الأبيض والتي قال فيها: إن الحل السياسي في الـيَـمَـن ما زال بعيدَ المنال. أوضح ناطقُ أَنْصَـار الله أنَّ هذا التصريحَ إشارةٌ واضحةٌ بعدم رغبتهم في الحل وبعدم ارتياحهم للتفاهُمات الأخيرة التي حصلت والتي كانت مباشرةً بدون أيّ وسيط وإنما بين الأَطْـرَاف المعنيّة.

وبشأن زيارةِ المبعوث الأُمَـمي إلَـى الـيَـمَـن إسماعيل ولد الشيخ إلَـى صنعاء قال ناطق أَنْصَـار الله: إن هذه الزيارةَ هي لمناقشة المسار السياسي، باعتبار أن الأُمَـم المتحدة يُفترَضُ منها أن تعملَ شيئاً تجاه العُـدْوَان والحصار على الـيَـمَـن. لافتاً إلَـى أن أَنْصَـارَ الله قد أكدوا على موقفهم الثابت أن أيَّ حوار في ظل مسارات الحرب وتحشيد العُـدْوَان لا ثمرة منه، وقد كُنّا في حوار سويسرا نملكُ رؤيةً وطنيةً جامعةً، ولكن الطرف الآخر لم يكن يملك قراراً للتوجه نحو الحل.

وتجدر الإشارة أن الأمم المتحدة كانت رعت مؤتمرين من المفاوضات بين أطراف الصراع اليمني، في مدينتي جنيف وبيال بسويسرا، خلال الأشهر الماضية، دون التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ نحو عام.

ومثلما وصل المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، إلى صنعاء بشكل مفاجئ، غادرها أمس الاثنين، بشكل مفاجئ، ودون عقد مؤتمر صحفي أو الحديث لوسائل الإعلام.

وأكدت مصادر سياسية أن زيارة ولد الشيخ إلى صنعاء لم تخرج بأي نتائج ايجابية، سوى الاتفاق على مقر انعقاد المشاورات المرتقبة، في دولة الكويت، دون تحديد موعدها، وهو ما جعل المبعوث الأممي يغادر بشكل مفاجئ، بحسب المصادر السياسية.

وقال مراقبون ومحللون سياسيون إن السعودية باتت بحاجة إلى إيقاف الحرب على اليمن، أكثر من أي طرف آخر.. مؤكدين أن السعودية طلبت من حلفائها في اليمن، تحديدا حزب الإصلاح عدم الوقوف ضد المفاوضات الجارية مع جماعة أنصار الله، وطلبت من حزب الإصلاح إيقاف حملاته الإعلامية التي كان يتبناها لإفشال المفاوضات والتشكيك بنجاحها.

وأشاروا إلى أن وسائل الإعلام الإصلاحية شنت حملات إعلامية مناوئة للمفاوضات، قبل أن تتراجع في الأيام الأخيرة، وتحد من لهجتها وتتوقف عن الحديث عن عدم نجاح المفاوضات.

يأتي ذلك في الوقت الذي كان إمام وخطيب المسجد الحرام “سعود الشريم” قال في خطبة الجمعة الماضية من المسجد الحرام بمكة المكرمة: “إن الإصرار على الخطيئة عناد، وأن العناد هو عدو السماحة”.

وقال الشريم: “إنكم لترون عباد الله العناد ضاربا بأطنابه في قلوب كثير من الناس، يرون في العناد نشوة وزهوا، غايتهم الانتصار للنفس، لا للحق.. يهدمون بالعناد ولا يبنون، يفرقون ولا يجمعون”.

وتابع الشريم: “إنكم لن تجدوا معاندا يمكن أن يكون عامل بناء في مجتمعه، ما دام العناد رائده، والاستكبار هاديه”.

وقال مراقبون سياسيون إن ما ورد على لسان إمام وخطيب المسجد الحرام “سعود الشريم” يأتي في سياق التحول في الموقف الرسمي للسعودية في اليمن ونيتها في إيقاف الحرب، والرجوع عن موقف العناد الذي كانت اتخذته منذ بداية الحرب على اليمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى