تحليلات

صراع “عيال العاصفة”

مسؤول مقرب من “هادي”: تعرضنا لـ”الخيانة” ونشعر بأننا تحت الإقامة الجبرية في الرياض 

“بوكو حرام” تتوه في صحراء “المقدشي” و “آل سعود” ينظرون إلى الاحتفاظ بـ”الإخوان” و”علي محسن” كالاحتفاظ بـ”جثة عفنة”

“هادي” يموت “اكلينيكا” و”آل سعود” لن يرضوا عن “بحاح” حتى يتبع “داعشيتهم”

 

الهوية – عبده عطاء.

الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي”، إن لم يكن يشعر بأنه تحت الإقامة الجبرية في الرياض، فإنه على يقين بأنه بات ضيفا ثقيلا على النظام السعودي، خاصة، بعد إدراكه بأن مضيفيه في العاصمة السعودية اعدوا البدائل عنه، بشكل متدرج، تاركين “هادي” لعاصفة “الموت الإكلينيكي”.

قبل أيام، منحت قناة “العربية”، المحلل السياسي الكويتي “فهد الشليمي”، فرصة كاملة، للهجوم على “هادي” الذي وصفه بأنه “ضعيف”. مؤكدا أن “هادي” وإدارته باتت ترتكب أخطاء واسعة النطاق.

مشيرا إلى أن قيادات في إدارة “هادي” قامت خلال الأسابيع الماضية بتنجيد المئات من الجنوبيين في السعودية ومن ثم تركهم في الصحراء.

“عربية” النظام السعودي، التي تبنت “شرعية هادي”، تركت “الشليمي”، يأخذ حريته في توبيخ “هادي”، ويحذره من خطورة التغاضي عن الأخطاء التي تقوم بها بعض القيادات المقربة منه، والتي وصفها بأنها تشبه “الهواتف الصينية”، تعمل بـ”3 شرائح”.

بأم عينيه، “هادي”، يرى “شرعيته” تتناقص كل يوم، تتلاشى مثل فقاقيع الرغوة، ومع صباح كل يوم جديد، تزداد قناعات “هادي” بأن “شرعيته” لم تكن إلّا وهما وذريعة لتدمير اليمن. فما كان “هادي”، رفض أن يمنحه لـ”أنصار الله”، حين طلبوا منه أن يصدر قرار تعيين نائبا له، منحه لـ”آل سعود” مجانا، ودونما أن يمنح نفسه فرصة جديدة للفرار، مشى مكبا على وجهه إلى “مزبلة التاريخ”.

مسؤول حكومي رفيع قال لـ”الهوية” إن شخصيات سياسية مقربة من “هادي”، كانت فرّت معه إلى الرياض، عبرت عن شعورها بالقلق، بسبب ما تلاقيه من تغيرات في تعامل النظام السعودي معها، خاصة، بعد تعيين “خالد بحاح”، نائبا لـ”هادي”.

وأكد المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه “في تواصل دائم مع هذه الشخصيات في الرياض”. مشيرا إلى أن أحدهم مسؤول سياسي كبير- لم يفصح عن اسمه – قال له “إنهم (هادي وجماعته) تعرضوا لـ”الخيانة”، وأنهم في الفترة الأخيرة، بدؤوا يشعرون بالمضايقات والإهمال المتعمد من قبل قيادات النظام السعودي، وأن هناك حالة تذمر كبيرة في أوساطهم، خاصة، بعد التصرفات التي يتم التعامل معهم بها، والتي تشعرهم كما لو أنهم تحت الإقامة الجبرية المفروضة عليهم من قبل النظام السعودي”.

محللون سياسيون، قالوا لـ”الهوية” إن النظام السعودي، يسعى للتخلص من “هادي”، وإسناد الدور لـ”خالد بحاح”، الابن المدلل لـ”بقشان”، رجل الأعمال السعودي، الحضرمي الأصل، والذي يعتبره الكثيرون أنه لا يملك من يمنيته 1% من سعوديته، وانطلاقا من هذه المقومات وغيرها، ربط النظام السعودي مصالحه بـ”الابن المدلل” لـ”بقشان”، وتم الدفع بـ”خالد بحاح” إلى واجهة العملية السياسية ليحل عمليا محل “هادي”، والذي ينبغي أن يقتصر دوره في المرحلة الحالية على حمل ختم الشرعية.

وأضاف المحللون أن النظام السعودي يرى في “خالد بحاح” البديل الأنسب الذي سيقوم بالدور الذي كان ينتظر من “هادي” أن يقوم به، ودون أن يكون “بحاح” نسخة مشوهة من نظام “هادي”، الذي كان سيء الحظ، ولم يكن يمتلك المؤهلات الذاتية والموضوعية ليحكم على ذلك النمط، كما أنه ليس لديه حزب سياسي، أو ثقل قبلي، أو قوة عسكرية، أو تحالفات معتبرة يستند عليها.

إلى ذلك، كشفت مصادر إعلامية مؤيدة لـ”العدوان السعودي على اليمن”، أنه منذ تعيين ” خالد بحاح” في منصب نائب رئيس الجمهورية، بموجب ضغط سعودي على “هادي” تجنبا لفراغ دستوري قد يحدث في حال حدوث أي طارئ، بدأ صراع خفي وصامت ينشب بين الرجلين.

وأشارت المصادر إلى أن “بحاح” الذي اختير من بين اثنين مرشحين إلى جانبه وهم “اللواء علي محسن الأحمر”، و”اللواء عبده الترب” وزير الداخلية السابق، بات يمثل عقبة أمام “هادي” وخطرا لم يعد “هادي” يتحمله.

وأضافت المصادر أنه منذ تعيين “بحاح” في ذات المنصب بدأت الصراعات بين الرجلين تزداد بشكل كبير، وبدأ كل واحد منهما نسج حبال المؤامرة وحباكة الدسائس ضد الآخر، لدى السعوديين. مشيرة إلى أن الصراع الصامت بينهما في هذه الفترة لن يستمر صامتا، وسيخرج إلى العلن ذات يوم، قالت إنه بات قريب.

وأكدت المصادر ذاتها أن “بحاح” يسعى إلى تولي ملفات أكثر حساسية ومهام أكبر من الموكلة إليه لكن “هادي” يتعمد حصره في ملف الإغاثة، ويرفض أي محاولات من “بحاح” للاقتراب من الملف العسكري والأمني ​​في اليمن، والذي يعتبر الملف الأهم في هذه الظروف التي تشهدها اليمن.

يأتي ذلك في حين كانت قيادات سياسية حضرمية، أكدت أن هناك أجندة سعودية تنفذ بأياد حضرمية تعمل على إرسال الشباب إلى خارج حضرموت لقتال “الحوثي” البعيد عنها، وتتناسى من يقوم بنهب أموال “الحضارم” وتدمير مؤسساتهم وتعطيل الحياة في مدن ساحل حضرموت.

وفي هذا الصعيد قال رئيس فرع التجمع الوحدوي بحضرموت، “ناصر محفوظ باقزقوز”: إن سياسة التضليل التي يمارسها ” خالد بحاح” ومحافظ حضرموت “عادل باحميد”، حول تنظيم القاعدة الإرهابي، هي التي أطالت بقاء التنظيم في مدن ساحل حضرموت.

ونقلت وكالة “خبر” للأنباء، عن “باقزقوز” قوله إن “هناك تواطؤا كبيراً مع تنظيم القاعدة من قبل “بحاح” و”باحميد”. مشيراً إلى أن الوفد الحضرمي المشارك فيما يسمى مؤتمر الرياض، والمكون من قادة أحزاب الاشتراكي والناصري والإصلاح وبعض قيادات الحراك الجنوبي وافقوا على البيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر الرياض دون أن يشير أو يتطرق في أي فقرة من فقراته إلى تواجد تنظيم القاعدة في ساحل حضرموت .

وأوضح “باقزقوز” أن ميناء المكلا ومطارها لا يزالان في قبضة تنظيم القاعدة، منوهاً إلى أن هذا التنظيم الإرهابي قام بعد سيطرته على أكبر ميناء لتصدير النفط في اليمن (ميناء الضبة) بمنع تصدير أكثر من 70%من صادرات النفط في اليمن.

وعلى صعيد ذي صلة، طالب تنظيم أنصار الشريعة، وهو الاسم الذي يتخذه القاعدة في اليمن صفة له، الاثنين الفارط، أهالي المكلا، الإعداد والحشد للجهاد ضد من وصفهم بالروافض.

وقال مصدر محلي: إن أحد عناصر التنظيم، قال في خطبة له بمسجد جامع عمر بالمكلا عقب صلاه العشاء، “إن الحوثيين على بعد خمس ساعات من مدينة المكلا”. داعيا أهالي المكلا إلى إعداد العدة والتحاق من يملك السلاح منهم بمقاتلي التنظيم، ومن لا يملك السلاح عليه شراؤه حتى وإن تطلب الأمر بيع ذهب نسائهم في سبيل الجهاد.

وتفيد المعلومات المتوافرة لدينا أن السعودية تحاول إرجاع “هادي” و”بحاح” وكامل حكومتهما المستقيلة لمدينة سيئون في محافظة حضرموت من أجل عدم تحمل أعباء وجودهم داخل أراضيها ولكي تضاف بعض الشرعية في عدوانها على اليمن.

يأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت مصادر أن السعودية شرعت في تشكيل نواة جيش في منطقة العبر بمحافظة حضرموت كان اللواء “المقدشي” قد اشرف عليها. وكان مقر القيادة لذلك الجيش داخل الأراضي السعودية في منطقة “شرورة” والمعسكر في منطقة “العبر”. حيث تم تشكيل ذلك الجيش بقيادة اللواء “محمد علي المقدشي”. وتكونت نواة الجيش من(400) يمنيا، و(650) سنغاليا و(180) نيجيريا.

مصادر مخابراتية قالت لـ”الهوية” إن المقاتلين النيجيريين، ينتمون إلى جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، المعروفة بالهوساوية باسم “بوكو حرام”، وهي جماعة إسلامية نيجيرية سلفية جهادية مسلحة تتبنى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية، وتتلقى الدعم المالي من السعودية منذ سنوات. وفي 12 مارس 2015 قبلت “داعش” بيعة “بوكو حرام” التي كانت قد أعلنت بيعتها في بداية الشهر، وذلك بعد بث شريط صوتي على الشبكة العنكبوتية.

وأكدت المصادر أنه بعد فشل السعودية في الحصول على جيش للإيجار، قام  “أبو بكر شيكاو”، زعيم “بوكو حرام” بإرسال عدد من مقاتلي الجماعة الإرهابية ووضعهم تحت إمرة ملك السعودية “سلمان بن عبد العزيز” بهدف إشراكهم في القتال ضد اليمنيين.

وكان “المقدشي” الذي أوكل إليه الإشراف على “جيش المرتزقة”، قام بزيارة تلك المنطقة وقدم الدعم لـ”باحاج” محافظ شبوة، قبل أن يتوغل الجيش اليمني مسنوداً بـ”اللجان الشعبية” التابعة لـ”أنصار الله”، بشكل مفاجئ، أدى إلى فرار “جيش المرتزقة” الذي شكله “المقدشي”، وبسبب هذا التقدم السريع للجيش واللجان، هرب محافظ شبوة في موكب كبير وبسرعة كبيرة في محاولة للفرار، مما أدى إلى انقلاب سيارته حيث لقي اثنان من مرافقيه مصرعهما، في حين تم إسعاف “باحاج” إلى الحدود السعودية، لكنه لقي مصرعه هناك متأثرا بجراحه.

وأكدت مصادر مخابراتية أن أموالا ضخمة تم صرفها على وحدات “جيش المرتزقة”، وهناك معلومات عن فساد هائل ترافق مع كل تلك الاستعدادات، وهو ما أثار تذمر المسئولين في وزارة الدفاع السعودية، الذين طالبوا برقابة صارمة على الصرفيات لتفادي الأخطاء السابقة، بسبب الفساد في إنشاء تلك الوحدات، خاصة، بعد تلاشي تلك النواة التي عمل “المقدشي” على إنشائها في منطقة العبر وانهيارها خلال ساعات فقط من هجوم مشترك عليها من الجيش اليمني واللجان الشعبية.

يدرك “آل سعود” أن الاحتفاظ بـ”الخائن، كـ”الاحتفاظ” بـ”جثة عفنة”، لكنهم ربما ألفوا جيفة “الإخوان” و”علي محسن”، إذ كشفت صحيفة بريطانية عن دور “الإخوان” وخطة “الأحمر” لبناء قوة قتالية لحرب أهلية في اليمن، وقالت صحيفة “الفاينشال تايمز” البريطانية، إن السعودية، ستركز جهودها على تسليح وتدريب ودعم الذين يقاتلون الحوثيين في اليمن بينما تدعم علناً إلى حل دبلوماسي للصراع.

وأشارت الصحيفة، إلى إن المملكة السعودية استضافت ثلاثة أيام محادثات مع جماعات يمنية لمكافحة الحوثي في الرياض. لكن المسؤولين السعوديين يضغطون من أجل خلق مقاومة موحدة تحت قيادة الرئيس اليمني المخلوع، عبد ربه منصور هادي.

وأضافت الصحيفة، أن هناك قلقاً بين بعض اليمنيين في الرياض من أن السعودية ستدعم حلفاء لحمايتها، أساساً من الفصائل السياسية والقبلية المرتبطة مع تنظيم التجمع اليمني للإصلاح، الذي انشق عن نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 2011.

ونقلت “فاينانشيال تايمز”، عن مسؤولين غربيين ويمنيين، وكذلك رجال القبائل في اليمن، أن اللواء علي محسن الأحمر، قائد الجيش السابق وحليف التجمع اليمني للإصلاح، قد لعب دوراً رئيساً في التخطيط للحملة العسكرية السعودية على اليمن، جنباً إلى جنب مع حليفه هاشم الأحمر، وهو من عائلة قبلية قوية في شمال اليمن.

وبحسب مصادر الصحيفة، فإن اللواء علي محسن، طلب من السعوديين بناء قوة قتالية من عدة آلاف من الرجال لحرب الحوثيين.

ويجري حالياً تدريب المقاتلين والميليشيات التي تدربها السعودية في منطقة شرورة، وهي بلدة صغيرة على الحدود السعودية مع اليمن. وفي الوقت نفسه، تم تزويد رجال قبائل ينتمون إلى التجمع اليمني للإصلاح بالأسلحة والأموال الكثيرة، للانتقال إلى صنعاء والمحافظات المحيطة بها في إطار التحضير للحرب مع الحوثيين، بحسب مصادر الصحيفة.

وقال أحد رجال القبائل من محافظة إب (وسط اليمن)، “قريباً، صنعاء ستكون مثل عدن وتعز”. وأضاف، أن “هناك تراكماً كبيراً من القبائل المتحالفة مع السعودية منذ ما قبل وقف إطلاق النار، وأعتقد الآن بأن هناك معركة كبيرة ستحدث”.

وعلى الرغم من تأكيدات السعوديين أنهم لا يرون أي دور سياسي في المستقبل بالنسبة للواء علي محسن، يخشى بعض أعضاء الحكومة اليمنية في المنفى بأن السعودية إذا مكنت الإسلاميين، فقد يصبح هناك صراع كعام 2011 الذي خلف البلاد انشقاقات وتدهوراً.

وأوضحت الصحيفة، أنه على الرغم من المخاوف، هناك توافق عام في الآراء أنه إذا تمكن الحوثيون من السيطرة على عدن وتعز والمدن اليمنية الأخرى، ستقود السعودية حملة برية، (لكـن) بقيادة وقوة يمنية على الأرض.

وقال آدم بارون، وهو محلل بشؤون اليمن وزميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “انطلاقاً من التصريحات الأخيرة لمسؤولين يمنيين وسعوديين، يبدو أن الدعم لهذه المجموعات سيتم بزيادة كبيرة، نتيجة لتحفظ كبير من أعضاء الائتلاف من التدخل البري”.

=———————————–

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى