تحقيقاتتحليلاتشريط الاخبارعربي وعالميعناوين مميزةمحلية

أمريكا ترفض السلام في اليمن

الهُوية نت || تحليل :

شهدت الأسابيع الماضية بوادر إيجابية من الممكن أن تؤدي إلى وقف العدوان ورفع الحصار عن اليمن والتوصل إلى سلام دائم ، وقد كثفت سلطنة عمان من جهودها لدفع المفاوضات إلى إحراز تقدم يفضي إلى حل الملف الإنساني كمرحلة أولى تتضمن رفع الحصار عن مطار صنعاء وموانئ الحديدة ، وصرف رواتب الموظفين ، وإطلاق الأسرى ، وفتح الطرقات ، ووصل الوفد العماني نهاية شهر رمضان مع وفد سعودي وصل صنعاء بشكل معلن ، وبالتزامن جرى تبادل الأسرى في صفقة رمضان ، وكان من المأمول أن يتم التوصل إلى اتفاقات تنفيذية بشأن الملفات الإنسانية ، لولا الإدارة الأمريكية التي رمت بكل ثقلها لإفشال ذلك ، وضغطت على السعودية حتى لا تذهب إلى الموافقة على ذلك.

وحسب المعلومات وفي وقت كانت تجري فيه المفاوضات في العاصمة صنعاء بحضور الوفدين العماني والسعودي ، وصل المبعوث الأمريكي ليندر كينغ إلى الرياض ، حاملاً معه رسائل ضغط أمريكية على السعوديين بسرعة سحب الوفد السعودي الذي كان يتواجد في العاصمة صنعاء ، والذي غادر حينها قبل أن تكتمل المفاوضات حول الملف الإنساني.

وتضيف المعلومات أنه وبعدما ظهرت صور الوفد السعودي في صنعاء ، بعث المبعوث الأمريكي ليندر كينغ بعشرات الرسائل على هواتف الوفد السعودي وأرقامهم ، مطالبا بضرورة إبلاغه وإفادته عما يجري ، وبعد مرور ثلاثة أيام من وصول الوفد السعودي مع الوفد العماني إلى صنعاء ، وحين بدت الأجواء إيجابية ، هرع ليندر كينغ إلى الرياض ليطالب بوضوح بضرورة وقف المفاوضات الجارية في صنعاء ، وإعادة الوفد السعودي سريعاً، وهو ما حدث بالفعل حينما غادر الوفد السعودي برئاسة محمد آل جابر العاصمة صنعاء ، مساء الخميس الموافق 13 إبريل 2023م.

وأكدت معلومات بأن المسار الذي ترعاه سلطنة عمان كان يمكن أن يكون مثمراً بشكل فاعل في حل الملف الإنساني كمرحلة أولى ، غير أن الإدارة الأمريكية تضع أمام ذلك العوائق وترفض أي خطوات تؤدي إلى صرف المرتبات ورفع الحصار ، وتدفع بالسعودية إلى الاستمرار في الحرب على اليمن ، وتفسر مصادر أن الإدارة الأمريكية تريد أن تحافظ على مصدر تمويلاتها الضخمة من وراء استمرار الحرب التي كسبت منها مليارات الدولارات ، على حساب معاناة الشعب اليمني.

وقد أطلقت الصحف الأمريكية والمراكز والوكالات سلسلة تقارير قدمت من خلالها تصورات مضللة عن النتائج المتوقعة للتوصل إلى اتفاقات توقف الحرب العدوانية وترفع الحصار عن اليمن ، في محاولة لتخويف السعوديين من المضي في الحلول ، وهي استراتيجية تعمل عليها أمريكا بشكل دائم لتشكيل رأي عام لتشويه أي قرارات لا تكون في صالحها.

ونشرت صحيفة «الإيكونوميست» سلسلة تقارير ، وكذلك نيويورك تايمز وصحف أخرى أمريكية مقالات عدة في السياق ذاته ، وذهبت الأيكونوميست إلى القول بأن أي اتفاق هو بمثابة اعتراف بهزيمة السعودية ، وانتصار لأنصار الله ، وحاولت بهذه المقاربة أن تحيي لدى السعوديين حالة العناد التي ستدفعهم إلى الاستمرار في الحرب العدوانية.

الموقف الأمريكي يظهر واضحاً من خلال التحركات التي يقوم بها ليندر كينغ والسفير ستيفن فاجن ، أن الإدارة الأمريكية تصب كل جهدها لمنع حدوث أي اتفاق يؤدي لصرف المرتبات ويرفع الحصار ويحل الملف الإنساني ، ويقود إلى حل سياسي شامل.

 أجندات أمريكية

وتعمل الإدارة الأمريكية على أن تستمر الحرب العدوانية على اليمن ، وأن يبقى الحصار مفروضاً والمرتبات مقطوعة ، وفي خطابه بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس صالح الصماد، أوضح قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حقيقة الموقف الأمريكي في هذه المرحلة الراهنة، كاشفاً المناورات والألاعيب الأمريكية والممارسات التي تقوم بها أمريكا لإعاقة الجهود العمانية التي تنصب على التوصل إلى حل للملف الإنساني، والوصول إلى وقف للعدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال.

وخلال خطابه الذي ألقاه في ذكرى استشهاد الرئيس الصماد.. كشف قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، عن دور خطير تمارسه أمريكا لعرقلة سير أي تفاهمات بين صنعاء والرياض، وقال: إن واشنطن تدفع التحالف إلى التنصل عن الالتزامات، وتسعى إلى تصوير المعركة على أنها حرب داخلية، وأشار إلى أن أمريكا تلعب في مسألة خروج القوات المحتلة من المناطق التي تحتلها، وواضح أن أمريكا البارعة في المناورات والأكاذيب والالتفاف على الحقائق وإشعال الحروب، وإعاقة المبادرات والوساطات والمخارج التي تتم بلورتها لوقف العدوان ورفع الحصار تبذل كل جهودها لقطع الطريق أمام نجاح الوساطة العمانية.

وقال: نحن نلحظ خلال كل هذه المرحلة من الحوارات، أنَّ للدور السلبي الأمريكي تأثيراً في مماطلة تحالف العدوان، الأمريكي هو المشرف على العدوان أساساً، وهو يسعى دائماً إلى أن يكون مستفيداً، إمَّا أن تستمر الحرب، وهو مستفيد من الحرب- كما استفاد منها في كل السنوات الماضية- استفادة كبيرة جداً، نسبة كبيرة جداً من المبالغ المالية حظي بها الأمريكي، ومن بعده البريطاني، ثم في المرحلة الثالثة بعض الدول الأوروبية، قيمةً للسلاح والقنابل التي قُتِلَ بها أبناء شعبنا في مختلف المدن والقرى.

وأضاف: الأمريكي استفاد من الحرب كثيراً، على مستوى ما حصل عليه من مكاسب مالية ضخمة، وصفقات هائلة في الأسلحة، واستفاد أيضاً على مستوى أهدافه وأجندته في المنطقة، في تدمير شعوبنا، واستهداف أمتنا، وما يلحقه بشعوبها، ويستفيد من جوانب متعددة؛ لأنه يسعى إلى احتلال هذا البلد، لكن من وراء تلك الأدوات، مثلما حصل في المحافظات المحتلة، يأتي السعودي والإماراتي ومعهم عملاؤهم من البلد المرتزقة والخونة، ليكونوا هم من يقاتلون في الصفوف الأمامية، وإذا تمكَّنوا أن يسيطروا على محافظة هنا أو محافظة هناك، يأتي الأمريكي فيما بعد، ويأتي البريطاني فيما بعد ليضع له قاعدة عسكرية، وليبدأ في تعزيز حضوره العسكري بالتدريج، كما فعل في حضرموت والمهرة، وله بعض الحضور في عدن أيضاً، وكما هو تركيزه على الجزر، وبالذات في الأماكن الإستراتيجية والمهمة.

وقال: الأمريكي يحاول أن يعرقل المساعي العمانية، وأدواته هي طيِّعة، وهي سيئةٌ كذلك، هي لا تحمل النوايا الحسنة، اتجاهها في الأساس هو عدواني، هذا واضح بالنسبة للنظام السعودي والإماراتي، كلٌّ منهما اتجاهه في الأساس عدواني، ولكن يأتي الأمريكي ليوجههم، وهم طيِّعون، ومطيعون، ومنفذون، ولا يترددون.

 تحركات أمريكية أفشلت المفاوضات

وقد تسببت الضغوط الأمريكية إلى توقف المفاوضات في صنعاء ومغادرة الوفد السعودي منتصف إبريل ، دون التوصل إلى اتفاق نهائي ، بشأن صرف المرتبات ورفع الحصار ، وحل الملف الإنساني والذي كان موضوع النقاشات التي جرت في صنعاء ، واقتصر الأمر على تفاهمات مبدئية حول المسائل الرئيسية لهذا الملف ، والاتفاق على جولة أخرى من النقاشات ، قد لا تسمح بها الإدارة الأمريكية لناحية الجانب السعودي.

كانت الأطراف تناقش صرف رواتب الموظفين ورفع الحصار عن اليمن وحل الملف الإنساني الذي سيكون مدخلا نحو مفاوضات تتعلق بالجانب العسكري والترتيبات السياسية ، وهذا لم يرق للإدارة الأمريكية التي تريد استمرار الحرب واستمرار المعاناة في أوساط اليمنيين ، وهي تفعل ذلك لأنها تكسب التمويلات من الحرب العدوانية ، وتنفذ مؤامراتها على اليمن من خلالها.

لم تتوقف الضغوط الأمريكية لحظة منذ تم التوصل إلى هدنة إنسانية ، في إفشال الهدنة ، ثم في إعاقة التوصل إلى هدنة جديدة ، ثم في عرقلة حدوث أي اتفاقات جديدة بشأن الملف الإنساني ، وحسب معلومات فإن السعودية التي تحدث بعض مسؤوليها مع صنعاء عن الضغوط الأمريكية ، قد تنقاد لتلك الضغوط وهذا ما لم يقله السعوديون لكن المؤشرات تقول ذلك ، بينما يؤكد مسؤولون في صنعاء ، بأن ثمن التجاوب السعودي مع الضغوط الأمريكية ، والمماطلة في حل الملف الإنساني الملح ، سيكلف السعودية تحديدا كلفا كبيرة ، وأن صنعاء قد تقرر في لحظة معينة إعادة تفعيل معادلة «الحصار حرب ستواجه بحرب عسكرية» ، ولن تنتظر طويلا بعد فترة خفض تصعيد لأكثر من ستة أشهر.

وأشارت المصادر إلى أن تصريحات وزير الدفاع اليمني تحمل في طياتها رسائل مباشرة إلى مملكة العدوان السعودية ، التي حاولت خلال الأيام الماضية الترويج الإعلامي عبر آلتها الإعلامية بأن شروطا جديدة تطرحها صنعاء ستفشل جهود السلام ، أو بهذا المعنى تحدثت ، والترويج في مجمله هو محاولة لتبرير السعودية لانصياعها للضغوط الأمريكية ، وتهيئة الرأي العام للنكوص عما جرى في المفاوضات ، بمحاولة تقديم الموضوع على أنه شروط جديدة من صنعاء تسببت في نسف تلك النقاشات.

ويسعى الأمريكي إلى عرقلة أي تفاهمات واتفاقات بشأن صرف المرتبات ورفع الحصار ، بل ويعتبر ذلك شروطاً مستحيلة وغير مقبولة كما صرح مبعوثه ليندر كينغ ، بينما يدفع ويكثف جهده لإعادة نهب وسرقة الثروات النفطية وتصدير النفط الخام المنهوب إلى أسواق الطاقة ، بينما لا يريد أن يحصل موظف واحد على مرتبه من تلك الثروات الوطنية ، بينما تتمسك صنعاء بهذه الاستحقاقات وتضعها في أولوية المفاوضات والنقاشات.

الأيام تمضي ولن تبقى الأمور مفتوحة على احتمالات عديدة ، إما وصرفت رواتب الموظفين ورُفع الحصار عن الموانئ والمطارات ، أو فالحصار حرب كما تقول صنعاء ، والأيام القريبة ستحدد الخيارات التي ستذهب إليها صنعاء. يقول مصدر مطلع للثورة..وبشأن الموقف الأمريكي يؤكد بأنه عدو للسلام ولن يتغير لكن القرار مرهون بمملكة العدوان السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى