استطلاعات

الملخصات الدراسية ..النحاج القريب و الفشل البعيد

download (1)

الملخصات الدراسية طريقة تعليمية تعتمد على الحفظ والتلقين دأب على تطبيقها منذ بدايات التعليم وحتى الآن يلجأ إليها الكثير من الطلاب في مدارس التعليم خلال فترة الاختبارات  بشكل عام والنهائية  بشكل خاص و لا يمكن تغييرها لأن المعلمين أنفسهم تدربوا عليها ومارسوها حتى حصلوا على الشهادة، وهذا ما يجعل الامتحانات تمتحن قدرة الطالب على مقدار ما حفظه و فهمه  .

حول هذا الموضوع و مدى اعتماد الطلاب على المخصصات الدراسية و فوائدها وأضرارها من وجهة الطلاب ، الهوية جمعت آراء طلاب و مدرسين وتربويين بخصوص ذلك نسردها في سياق الاستطلاع التالي :

وسيلة سهلة للمذاكرة

يقول  فارس احمد أحد الطلاب في المرحلة الثانوية إن الملخصات الدراسية وسيلة سهلة للمذاكرة بإمكانها أن تمنحه درجات النجاح، مُشيرا إلى أن عدم اهتمامه طوال العام الدراسي بالكتاب المدرسي جعله يبحث عن الملخصات، لافتا إلى أن بعضها معتمد من المعلمين بمراكز الخدمات التربوية (التقوية)، وأخرى جاءت بمباركة من معلمين آخرين ومعلمات، وجزء جاء باجتهادات من طلاب متفوقين.

تساعد على  النجاح

وقال الطالب «محمد» :إنه حريص على شراء الملخصات الدراسية قبل فترات الامتحانات لأنها تمكنه من النجاح ـ على حد قوله ـ دون أن يعير التأكد من صحة معلوماتها أي اهتمام .

تسهل علينا الاختبارات

عبد الله عبد الوهاب طالب جامعي يقول إن هذا الوقت هو وقت المكتبات لأن كل ما تحتاجه تجده عندها، مبينا أن بعض الطلاب يلخصون المواد ويدونون النقاط المهمة ويكتبونها بأوراق ويضعونها في المكتبات للتسهيل على زملائهم، والاستفادة ماديا، رغم أن استفادتهم تعتبر قليلة جدا ولا تقارن بفائدة أصحاب المحال، مفيدا أنه وجميع الطلاب يقومون بشراء تلك الملخصات بغض النظر عن السعر، كون هذه الأوراق أهم من المال بكثير.

من جهته أكد خالد صالح ، طالب في كلية الشريعة أن الازدحام الذي تشهده المكتبات دليل على اجتهاد الطلاب ومثابرتهم وبحثهم عن ما يسهل عليهم الاختبارات، مشيرا إلى أن المكتبات تختلف فبعضها يستغل الوضع ويرفع الأسعار ولا يتقيد بالأنظمة. أما البعض الآخر فتكون أسعاره ثابتة طول العام الدراسي.

الاعتماد على الكتب المطبوعة

وأبدى علي حسين أسفه لاستغلال بعض القرطاسيات هذا الوقت على حساب الطلاب، وقال: إن الإقبال على هذه المحال في هذا الوقت يعد كبيرا جدا، بهدف حصول الطلاب على الملخصات للمواد، مطالبا زملاءه الطلاب بعدم الاعتماد على هذه الملخصات فهي أحيانا كثيرة تكون بعيدة جدا عن المواضيع التي تأتي منها الأسئلة فتجد الطالب في الامتحان يتفاجأ بأن ما ذاكره من هذه الملخصات غير موجود في أسئلة الاختبار، ويتسبب في عدم اجتيازه لهذه المادة، مؤكدا أنه من المفروض أن الطلاب يذاكرون من الكتب المطبوعة. وحمل بعض المعلمين الذين يلخصون موادهم ووضعها في مذكرات في محال بيع الكتب المدرسية المسؤولية في ترسيخ هذه الثقافة، مبينا أن أغلب الطلاب أصبحوا لا يستطيعون أن يذاكروا من الكتب، واعتمدوا على المذكرات والملخصات أكثر من اعتمادهم على الكتاب المدرسي .

المسألة أصبحت تقليدا في جميع الكليات

 من جهته نهاد سلمان (طالب جامعي) يرى إن ظاهرة الملازم المدرسية أصبحت موردا مهما لكثير من المتاجرين بالورق والحبر من أصحاب المكتبات إذ يتم الاتفاق مع الأساتذة الذين –يستسيغون المسألة – على حد قوله.

وقالت الطالبة سجى عبد الرحيم (طالبة جامعية أيضا) المسألة أصبحت تقليدا في جميع الكليات ولجميع المراحل حيث يعتمد عليها اغلب الأساتذة لغرض إيصال المادة التي يرغبون بها إلى الطلبة دون الحاجة إلى الرجوع إلى المصادر مما جعل منها أسهل طريق إلى النجاح كونها مواد مضغوطة ومفلترة ومركزة وتبدو جافة في أكثر الأحيان ، وتداركت إلا أن المسألة بدأت تأخذ منحى صعبا إلى حد كبير كون الأساتذة يطالبون بأكثر من ملزمة وتلخيص في العام الواحد مما يضاعف تكاليف الدراسة.

 لا أطلع على الكتاب

بدوره، أكد الطالب عبد الرحمن صالح أنه يعتمد على هذه الملخصات بشكل مباشر، فهو لا يطلع على الكتاب الأصلي للمادة، موضحاً أن ذلك يوفر له الوقت الكافي، وجل الطلاب المنتسبين موظفون وليس لديهم الوقت الكافي لقراءة منهج كامل، فالأعمال لا تعتمد لهم إجازة يتمكنون من خلالها على الاستذكار، سوى يوم واحد وهو يوم الاختبار فقط.

تساعد على اجتياز المادة بنجاح

فيما يشير الطالب عبد الله العريقي إلى شدة حاجته إلى الملخص، كونه يحقق له احتمال اجتياز المادة بالنجاح على”الحافة”، فهو لا يتمنى سوى النجاح ونيل الشهادة الجامعية لتكون ضمن قائمة شهاداتي التي لا تعترف بها المؤسسات الحكومية والخاصة للتوظيف ويكتفون بأن يكون المتقدم حائزاً على الشهادة الجامعية.

خطورة الاعتماد على الملخصات

 من جهتهم حذر تربويون من خطورة الاعتماد على الملخصات الدراسية التي اختزلت الكتاب المدرسي في وريقات بسيطة لا يمكن لها بمحتواها المختصر ومعلوماتها القليلة أن تصنع مستقبلاً مشرقاً أو تصل بالطلاب إلى الإجابة النموذجية المرجوة، فاعتماد الطالب على المعلومة المختصرة من خلال الملخصات المنتشرة، على حد قول محمود أحمد «معلم تربوي»، يقتل موهبة البحث والمعرفة، وبالتالي يفقد المتعلمون الكثير من المهارات الأساسية والمعلومات المعرفية. ويضيف أن اختزال المنهج الدراسي بملخص لا يتجاوز العشرة أوراق يعكس مخرجات غير جيدة، ويعتبر جريمة بحق الكتاب المدرسي الذي يشتمل على كثير من العلوم والمعرفة. كما أن اعتماد الطلاب على الملخصات ساهم في تدني تحصيلهم العلمي الذي يتضح من خلال اختبارات القدرات العامة والاختبارات التحصيلية.

 ويقول أكرم محمد (مشرف تربوي) أصبحت المكتبات ومراكز التصوير تشهد إقبالاً واسعاً من الطلاب وبعض أولياء الأمور خلال فترة الاختبارات الفصلية والنهائية من كل عام وذلك للحصول على الملخصات الموجزة المتعلقة بالمواد الدراسية والتي قد تتوفر بالمكتبة أو للقيام بتصوير بعض الموضوعات التي تشتمل على عناصر رئيسية ومختصرة للمقرر الدراسي والتي لا تحقق في أغلب الأحوال جميع الأهداف التربوية والتعليمية كما ينبغي.

ومن جهته أوضح معلم الرياضيات أحمد أمين أن كثيرا من الطلاب يبحثون قبل بدء الاختبارات عن المعلومة السريعة والمختصرة من خلال الملخصات الدراسية التي دائما ما يكون محتواها مليئًا بالأخطاء وتقتصر على نقاط ضعيفة تحرج الطالب أمام ورقة الامتحان، مُشيرا إلى أهمية الاعتماد على شرح المعلم لمقررات الكتاب المدرسي.

كما يقول حسين وليد ، مشرف تربوي إن أسلوب اعتماد أغلب الطلاب على المذكرات المختصرة المصورة التي لا تخدم جميع أجزاء المقرر الدراسي ظاهرة منتشرة، كما أن ظاهرة اللجوء إلى الدروس الخصوصية منتشرة كذلك. وحمل حسين  ولي الأمر المسؤولية في كثير من الأحيان.

الوقت المحدد للحصة لا يكفي للشرح

حنان علي  (معلمة تربية إسلامية) تقول : إن الوقت المحدد للحصة لا يكفي للشرح التفاعلي المفروض علينا في كتاب النشاط فنجد أن كتاب النشاط يحتوي على ثلاثة إلى ستة أنشطة يجب البدء بمناقشتها مع الطالبات كمقدمة للدرس، بالإضافة إلى النشاط المدرج في كتاب الطالبة، فمجرد أن تبدأ المعلمة بالدرس التفاعلي تضطر إلى الاستماع إلى إجابات الطالبات وتصحيحها واختيار الأفضل منها ومن ثم تبدأ شرح الدرس المقرر في كتاب الطالبة وبهذا تجد أن الوقت المتبقي لا يكفي لإعطاء الدرس حقه من الشرح خاصةً أن كتاب النشاط لا يحل كواجب منزلي بل يجب مناقشته مع الطالبات في الصف.

وتضيف: نحن مكلفون عند وضع أسئلة الاختبارات بتنويعها بين ما ورد في كتاب النشاط وما ورد في الشرح، لذا نلجأ إلى التحديد أو التلخيص لتعويض ما مضى ولم يسعفنا لذكره الوقت، وهذا سبب مهم في عدم تفعيل كتب النشاط بالشكل المطلوب.

مساعدة الطالبات

وترى زهور أبو قاسم (معلمة علوم) أن المعلمة في طريقة تدريسها لطالباتها يفضل أن تترك لها حرية اختيار طريقتها وأسلوبها دون فرض أسلوب معين عليها قد يضعف أداءها، وبالتالي يتسبب في نفور الطالبة من المادة فالمعلمة أعلم بمسؤوليتها وهي المحاسبة أمام الله.

وتضيف: نحن المعلمات نبذل كل ما في وسعنا للارتقاء بالمادة التعليمية ورفع مستوى الطالبات لما فيه المصلحة والنفع والفائدة.

نتائج هذه الظاهرة

وحول نتائج هذه الظاهرة، أوضح سليم قاسم ، أن اعتماد المتعلم على مصادر محددة ومختصرة تفتقر إلى الكثير من أساسيات وعناصر المقرر يؤدي إلى قتل موهبة البحث ومهارة اكتشاف الحقائق لدى أبنائنا الطلاب كما يفقدهم الكثير من المعارف والمهارات الأساسية التي قد تكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في تدني المستوى التحصيلي للمتعلمين خلال هذه الفترة أو في المراحل التعليمية اللاحقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى