تقاريرعناوين مميزة

“جلال نت” و “حميد اونلاين”

download (9)

الهوية – خاص.

في الفترة الأخيرة ، غزت الساحة الإعلامية اليمنية، أسراب من المواقع الاليكترونية، التي خلطت الحابل بالنابل، كما لوحظ على هذه المواقع الإخبارية، أنها فاقدة للمهنية، وجاهلة للعمل الصحفي وغير مدركة بأن الصحافة مهنة المتاعب، وليس كما جعلها القائمون والداعمون لها “مهنة لمن لا مهنة له”.

  ويرجع صحفيون وجود هذا الغث الهائل من المواقع الإخبارية، إلى الدعم الذي تتلقاه من الجهات التي تتبناها، مشيرين إلى أن معظم هذه المواقع ترجع ملكيتها لـ” جلال” نجل الرئيس هادي، والملياردير الإخواني حميد الأحمر.

ربما أن الفوضى الإعلامية التي أحدثتها هذه المواقع، جاءت بمباركة من “صحافة نت”، وهو قارئ أخبار يمني، يعتبر القارئ الإخباري الأبرز والأكثر شهرة في اليمن، والذي كان معظم متابعي الأخبار في المواقع الإخبارية الاليكترونية يعتمدون عليه في الحصول على حاجتهم من الأخبار، بأنه لم يعد موضع ثقة خاصة، بعد قيام المشرف عليه باستبعاد المواقع الإخبارية المهنية، لصالح تلك المواقع العبثية.

 يعتقد صحفيون ومختصون في الشئون الإعلامية اليمنية، أن المشرف على “صحافة نت”  يتقاضى (2000) دولار شهريا من نجل الرئيس هادي، بالإضافة إلى الدعم الذي كان يتلقاه من الشيخ حميد الأحمر، مقابل استبعاد المواقع المناوئة لسياستهما، واحتكار “صحافة نت” لصالح المواقع الإخبارية التابعة لها والتي تعتمد على أخبار التسريبات ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة.

 وأشار الصحفيون والمختصون إلى أن “صحافة نت” قضى على نفسه، حين تنازل عن المهنية مقابل المال، لذلك أصبح من يتصفح الموقع يشعر أنه تحول من “صحافة نت” إلى “جلال نت” و”حميد اونلاين”.

ربما أن “صحافة نت” الذي سهل من حدوث الفوضى الإعلامية التي أحدثتها هذه المواقع، دفع صحفيون يمنيون للقيام بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، من أجل فضح ومراقبة الإعلام اليمني بمختلف أنواعه المسموع والمقروء والمرئي.

وتعمل الصفحة التي أطلق عليها اسم “حبل الغسيل” على رصد الأخطاء المهنية التي تنشر في الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية، بل وترصد أخبار وتقارير المراسلين اليمنيين للصحف الخارجية.

وتعلق الصفحة بشكل يومي على الهفوات والأخطاء اللغوية والمهنية التي تنشر في الصحافة المرئية والمكتوبة والإلكترونية.

وتتميز هذه الصفحة، بمهنيتها الجادة في نقد كل وسائل الإعلام الحكومية والأهلية والحزبية دون تمييز.

ويقول المشرفون على الصفحة إن النقد محاولة لتذكير أرباب مهنة الصحافة بالمسار الأخلاقي لوظيفة الإعلام، كمهنة تعتمد على الأخلاق أولا.

ويرى صحفيون أن اليمن بحاجة إلى مدونة سلوك ناقدة لكل ما يسيء لمهنة الإعلام بمختلف أنواعه وتوجهاته.

“الهوية”، طرحت قضية الإعلام الاليكتروني على عدد من الصحفيين اليمنيين، والذين تحدثوا حول القضية، حيث قال الناشط السياسي والكاتب الصحفي نايف حيدان: “اليمن أصيبت اليوم بكارثة أكبر من الكارثة التي كانت تعانيها قبل ٢٠١١م،  فقد تغلغل الفكر الإرهابي في مؤسساتها الأمنية والمدنية وبتغطية إعلامية تصور ما يحدث بأنه خدمة للوطن وتزين الهيكلة الداعشية بأنه تصحيح وإنقاذ للمؤسسة العسكرية والأمنية، وبأموال الشعب تأسست مواقع إلكترونيه تخدم هذه المشاريع المدمرة للوطن”.

وأضاف: ” للأسف .. من يرعى ويمول هذه المواقع ويشتري الذمم هو ابن الرئيس (جلال) تعرى عن الوطنية، وترعرع على العمالة وآثر الصمت على كل مظاهر بيع الأوطان والمبادئ، إن لم نقل عمل على تشجيعها لتخدم المشاريع التدميرية المفككة والمفتتة للنسيج الوطني ،فأغلب الوسائل الإعلامية اليمنية أصبحت تحمل هوية واحدة، بما فيها الإعلام الرسمي الذي أصبح يبالغ في التزوير والتظليل أكثر من الأخرى التي تأسست لهذا الغرض ، والصمت الشعبي على  هذا الانحراف الإعلامي، وعدم توظيفها للبناء وزرع وتثبيت حب الوطن سيجعلها تتمادى وتميل أكثر لتصبح ناطقه باسم التنظيم الإرهابي” .

الصحفي شكري الحذيفي، رئيس قسم الأخبار الدولية بإدارة الأخبار في صحيفة الجمهورية الحكومية قال: “المواقع الإخبارية،  يمكن تقييم أدائها بما تقدمه من مواد ضارة بالوحدة الوطنية والأمن والاستقرار في حال وضعت رأيها وبلورت الاتجاه الذي يخدم الإثارة ويشيع البلبلة التي يكون هدفها ملتقياً مع توجهات التنظيم السياسي أو النهج الذي تؤمن بها الهيئة التحريرية للموقع.. وتنسجم مع أطروحاتها السياسية أكانت بطابع ديني أم ثوري أم علماني “.

من جانبه تحدث الصحفي محمد معوضة، قائلا: “للأسف.. نحن نفتقد الإعلام المهني بكافة وسائله .. سواءً الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء وكذلك الصحافة الإلكترونية  وما يطلق عليه الإعلام الجديد .. فالإعلام الرسمي يقدم وجهة نظر الحكومة بكل مساوئها رغم أنه إعلام يموله دافعي الضرائب ويفترض عليه أن يقدم الصورة الكاملة للمشهد في اليمن دون أن ينحاز لحزب أو جماعة أو فئة .. ووسائل الإعلام الأخرى ( قنوات تلفزة – إذاعات – صحافة ورقية و إلكترونية ) .. تقدم وجهة نظر الحزب أو الجماعة التي تمتلكها وتعبر عن ممولها ..

وأضاف: “طريقة تعاطي هذه الوسائل مجتمعه مع الخبر وأسلوب تعاملها مع تفاصيله .. بعيدة كل البعد عن المهنية وأمانة الرسالة و صدق الكلمة، وهي تؤجج الصراع بلا شك وتعمل على زرع الفتنه بشكل مقزز ومخزي .. خصوصاً الإعلام الرسمي الذي أصبح في الفترة الأخيرة أكثر سواءً من إعلام الإخوان الذي يتميز كثيراً بالكذب والتلفيق واستغباء الناس.

الصحفي صدام أبو عاصم، قال: “أتاحت الثورة التكنلوجية الفرصة للجميع. واندفع اليمنيون مثلهم مثل بقية شعوب العالم لاتخاذ وسائل إعلامية إلكترونية. وتنوعت بين مواقع خاصة بأفراد وأحزاب ومؤسسات. وكان للمواقع الإخبارية زخما كبيرا ﻷنها لا تكلف مالا وجهدا كبيرا مقارنة بالصحافة المطبوعة أو المرئية”.

 وأضاف: “ساعد عدم وجود قانون يحدد عمل الإعلام الالكتروني في انتشار الفوضى التي تنساق مع طموحات القوى الداخلية والخارجية اللاعبة في الميدان اليمني. ومؤخرا بات المتابع يميز أي المواقع تتبع الحزب هذا أو الشخص ذلك من خلال نوعية الأخبار التي تنشر والتي تكون أحيانا فبركات لخدمة أهداف معينة. وزاد هذا الأمر الفوضوي من رداءة الوضع اليمني العام”.

المذيع التلفزيوني ومراسل قناة الحرة، عبد الكريم الشيباني، قال: ” في اعتقادي أن الإعلام الإلكتروني في اليمن هو عبارة عن أداة أو وسيلة وجدت لتجهيل المتلقي والضحك عليه من خلال ما تنشره من أكاذيب وتلفيقات تخدم هذه الجهة أو تلك وتطويع الأخبار والأحداث لخدمة سياسات وتوجهات تلك الجهات أو الشخصيات أو الأحزاب “.

وأضاف:” يفاجأ القارئ بخبر واحد يتم تناوله من أكثر من زاوية في أكثر من موقع إخباري ليجد القارئ نفسه في حيرة من أمره وتضيع الحقيقة بين أسطر هذه المواقع ، ناهيك عن مواقع إخبارية لا تلتزم بمعايير العمل الصحفي وأخلاقيات المهنة ، وأعتقد أن غياب الضمير لدى البعض وحالة الفوضى التي تعيشها اليمن ساعدا إلى حد كبير في الوصول إلى هذه الحال المزرية للصحافة الإلكترونية في اليمن ،، لذلك لابد من ميثاق شرف ينظم ويحدد الخطوط العامة لمهنة المتاعب وخاصةً منها الصحافة الإلكترونية”.

الكاتبة الصحفية نجاة الفهيدي، قالت :” اعتقد أن المواقع الإخبارية هذه لا تخدم ولا تنفع بقدر ما تصب الزيت على النار”.

من جانبه أكد الصحفي الحسن الجلال أن المواقع الإخبارية، أصبحت عامل أساسي لاستمرار الصراع بين الأطراف السياسية.. مشيرا إلى أن هناك أطراف سياسية تسعى وتمول مواقع قديمة وجديدة من أجل إثبات صدقها ووطنيتها حتى لو مارست الكذب والخداع.

وقال: ” أصبحت المواقع الالكترونية مهنة من لا مهنة له.. اليوم بمقدورك ان ترأس موقع اليكتروني وتمارس فيه كل ما يحلو لك.. وكل ما يعكر صفو هذا الوطن”.

وأضاف: “نشاهد ونقرأ مواقع كثيرة لا تسمن ولا تغني من جوع أو بالأصح ليس لها علاقة بالمهنية والمصداقية.. وجودها أصبح للتضليل والزيف والكذب على حساب تلك المواقع النادرة التي تعرف ولو بشيء يسير من المهنية والمصداقية”.

 وأكد الجلال أن كثرت ظهور تلك المواقع لم يعد بإمكان أي شخص أن يصدق أي خبر أو واقعة  تنشر مهما كانت صحيحة  لان اغلب تلك المواقع أصبحت مرتهنة لأطراف أو جهات معينة تخدم توجههم ومصالحهم”.

الصحفي نبيل الشرعبي، قال: “الصحافة الإلكترونية ،المواقع اليمنية، تحولت إلى مصدر للتدليس، والانسلاخ السياسي ومغذٍ للصراعات وتشويه الواقع، وتحولت مهنة الصحافة إلى باب للارتزاق والابتزاز بصورة فجة وفاضحة للغاية”.

وأضاف: “النسبة العظمى من هذه المواقع ، أساءت بشدة إلى الإعلام اليمني خاصة، والعربي عامة، وشكلت مساحة سوداء كبيرة في حقل العمل الإعلامي، وأحدثت شرخاَ كبيراً بين الشارع والإعلام حتى أضحى ينظر إلى الإعلام بأنه من أكثر الوسائل التي تؤجج الصراعات وتساند قوى الفساد والفيد للتغول”.

وأشار الشرعبي إلى أنه من خلال متابعة هذه المواقع، يستطيع المرء أن يًصنفها، والجزم بأنها تتوزع منها التي تقوم بتأدية أدوار خاصة وغاية في التدليس لصالح أطراف، وأخرى لتلميع شخصيات وتجار ومفسدين وناهبي المال العام والثروات، وغيرها للارتزاق والتشويش على الرأي العام وتنميق سياسات الأحزاب، بما يضمن لها مصادر تمويل مشبوهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى