القدس

الخلاف الأمريكي الإسرائيلي .. إلى أين؟

 adlinewفيصل أبو خضر

ما من شك بأن الادارة الأمريكية لولاية الرئيس أوباما الثانية حصل بها خلاف مع إسرائيل حول سياسة أمريكا بالنسبة لمشاريع إيران النووية. مما أعطى دلالة واضحة لإسرائيل بأن سياسة أمريكا مستقلة عما تريده، حيث أن سياسة أوباما تتجنب أي مغامرة عسكرية . طبعا هذا لا يعني أن أمريكا ستتخلى عن امن إسرائيل ، ولكن المؤشرات بلا شك تدل على أن أمريكا لها نوع من الاستقلال أو التحرر من ضغط اللوبي الصهيوني على القرار الأمريكي و خصوصا ما قاله أوباما أمام ايباك بالنسبة لإيران حيث قال في ٤-٣- ٢٠١٢م ( أن من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة حل المسألة دبلوماسيا ) وهذه بحد ذاتها كانت صفعة قوية للوبي الصهيوني في واشنطن.

أما بالنسبة لقضيتنا فالوضع يختلف نوعا ما ،لان السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية أصعب بكثير من مشكلاتها من العديد من دول العالم ، حيث أن هذه القضية مرتبطة بشكل مباشر بالانتخابات الأمريكية أن كانت الرئاسية أو انتخابات الكونغرس و (مجلس الشيوخ). وهذا ما يجعل التردد الأمريكي واضحا في تصريحاتها من قبل المسؤولين في الادارة الأمريكية ، ومثال على ذلك حين يصرح السيد كيري بان المسؤولية المباشرة حول تعثر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية هي من الجانب الإسرائيلي ، تباشر فورا المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بالقول أن السيد كيري يقصد بأن الجانب الفلسطيني أيضاً مسؤول عن تعثر هذه المفاوضات.

من ناحية أخرى اعتاد الرئيس الأمريكي سنويا حضور اجتماع اللوبي اليهودي (الايباك ) هو وأعضاء الكونغرس وأعضاء مجلس الشيوخ، وخلافاً لهذه العادة فقد امتنع الرئيس أوباما وكثيرون من أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ حضور الاجتماع الأخير لهذه المنظمة . وهذا دليل آخر على أن الولايات ليست راضية على سياسات حكومة نتنياهو من سرقة الأراضي الفلسطينية وبناء مزيد من الوحدات الاستيطانية لدرجة الاستخفاف بكل القرارات الدولية بما فيها الادارة الأمريكية ، والمنظمات اليهودية أو الليبراليين والعلمانيين اليهود في أمريكا.

وفي آخر لقاء بين الرئيس أوباما ونتنياهو طلب الرئيس الأمريكي من نتنياهو تقديم تنازلات ملموسة على الأرض. وبعد عودة نتنياهو الى إسرائيل أعلن وزير الإسكان بناء مزيد من الوحدات السكنية في القدس الشرقية مما جعل الموقف الأمريكي في وضع لا يحسد عليه حتى أمام حلفاء أمريكا.

ومما زاد الطين بلة هو اكتشاف أجهزة الاستخبارات الأمريكية استغلال إسرائيل علاقاتها الخاصة مع أمريكا بأعمال التجسس الواسعة داخل أراضي الولايات المتحدة مما سبب استياء كبيرًا من أعضاء الكونغرس بمن فيهم المؤيدون للسياسات الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية. ولذلك طلبت أجهزة الاستخبارات الأمريكية من الكونغرس عدم الموافقة على إعفاء مواطني دولة إسرائيل من دخول الولايات المتحدة بدون تأشيرات مسبقة. واستياء أمريكا من قيام إسرائيل بإهانة العرب الذين يحملون الجنسية الأمريكية لدى وصولهم الى مطار اللد.

طبعا هذا لا يعني بأن أمريكا تخلت عن دعم إسرائيل بكل أنواع الأسلحة لتأمين حدودها المعترف بها دوليا والتي وقعتها إسرائيل مع الرئيس السابق ريغان. لكن تمادي حكومة نتنياهو وتحديها الصارخ تجاه مصالح أمريكا الدولية وخصوصا وعودها المتكررة منذ عهد الرئيس بوش الأب بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي جعل من أمريكا دولة تحت رحمة اللوبي اليهودي في واشنطن. أي أن إسرائيل تخطت كل الخطوط الحمراء بالنسبة لمصالح أمريكا المالية والعسكرية، كما انه علينا أن لا ننسى بأن إفلاس أمريكا في آخر عهد بوش الابن كان بسبب الحروب التي شنتها على ما يسمى الإرهاب في العراق وأفغانستان وجميع المنظمات الإرهابية في العالم بالنيابة عن إسرائيل . كما أن تصريح الرئيس أوباما في ولايته الثانية بقوله أن استقرار منطقة الشرق الأوسط هو حل قضية إيران النووية حلا سلمياً إذا أمكن ، وحل القضية الفلسطينية.

بعد انهيار حكم الإخوان في مصر حصل نوع من الارتباك الأمريكي الإسرائيلي نحو هذا التغير المفاجئ الذي قلب ما كانت تخطط له السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا بعد دعم ومباركة السعودية وباقي دول الخليج لما قام به الجيش المصري و بتأييد قوي من قبل الشعب المصري لإسقاط النظام الاخواني. وهذه النقلة في حكم مصر سرعت وتيرة المصالحة الفلسطينية مما أغضب حكومة إسرائيل بشكل واضح ،عكس الموقف الأمريكي الذي تريث في ردة الفعل التي صرحت بكل وضوح بأنها لن تتعامل مع حماس إلا إذا اعترفت بإسرائيل ونبذ العنف. وما من شك بأن حكمة قادة حماس فاجأت العالم كله . وخصوصا الشعب الفلسطيني الذي عانى كثيراً من هذه الفرقة البغيضة والاتفاق على حكومة وحدة وطنية مؤلفة من وزراء مستقلين تكنوقراط أولوياتها إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

هذه الخطوة الذكية من حماس وفتح جعلت واشنطن والدول الأوروبية مؤيدة لهذه الوزارة خصوصاً بعد أن طمأن الرئيس عباس هذه الدول بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي المسؤولة عن المفاوضات السلمية وليس أي فصيل من الفصائل الفلسطينية مما أعطى شرعية دولية لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

لذلك ، وعلى غير عادة وبدون مراجعة الحكومة الإسرائيلية أو اللوبي اليهودي أعلنت الحكومة الأمريكية باستمرار دعمها المالي والاقتصادي لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

والآن على «حماس» مسؤولية وطنية بدعم هذه الحكومة وعدم إعطاء أي مبرر يحول دون دعم الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى