مساحات رأي

انتخابات رئاسية تبحث عن ناخبين!

download (9)نبيل سبيع

“الشك” الذي اعتبره الفيلسوف الفرنسي ديكارت شرطاً لـ”التفكير الحر”، يبدو أيضاً شرطاً لـ”الانتخابات الحرة”.

في انتخابات الرئاسة المصرية السابقة، تابع الجميع- بمن فيهم نحن غير المصريين- عمليتي الاقتراع وفرز الأصوات بأدق تفاصيلها. نتائج المرحلة الأولى انتظرناها بفارغ الصبر. ورغم أنها صعّدت للمرحلة التالية مرشحين “أحلاهما مر” كما وصفا يومها، إلا أننا انتظرنا نتائج سباق المرحلة الثانية بين مرشح الإخوان محمد مرسي والمرشح المحسوب على النظام السابق أحمد شفيق بفارغ الصبر أيضاً. وحتى لحظة إعلان النتيجة، لم يكن بوسع أي كان أن يجزم بفوز مرسي أو شفيق، فقد ظل كلاهما مرشحاً للفوز بالرئاسة. بل إنه، حتى بعد أن استبقت حملة مرسي وأعلنت نتائج الفرز قبل اللجنة العليا للانتخابات، ظل هناك “شك” بأن تأتي نتائج الأخيرة لصالح شفيق.

كان “الشك” حاضراً بقوة بل وسيد الموقف في انتخابات الرئاسة المصرية الأولى بعد ثورة يناير. وكان حضور “الشك” فيها يؤشر على حضور شرط “التنافسية” الذي يعد أحد أهم شروط الانتخابات الديمقراطية الحرة.

في انتخابات الرئاسة المصرية الجارية، لماذا نهتم بمتابعة تفاصيلها أو ننتظر نتائجها طالما أن كل التوقعات محسومة لصالح مرشح بعينه؟ “التوقعات غير المحسومة”، التي رافقت الانتخابات الأولى من أول لحظة حتى الأخير، غابت تماما عن هذه الانتخابات. و”الشك”، الذي ظل سيد الموقف في الانتخابات الأولى حتى بعد إعلان حملة مرسي النتيجة لصالحها، كان أبرز الغائبين عن هذه الانتخابات. وبدلاً عن “الشك”، حضر فيها “اليقين”: اليقين شبه التام بفوز السيسي، واليقين شبه التام في المقابل بخسارة حمدين.

عدم إقبال الناخبين المصريين على مراكز الاقتراع خلال اليومين الماضيين دفع اللجنة العليا للانتخابات الى تمديد عملية الاقتراع يوماً آخر الى الغد. حتى لو مددوها سنة كاملة، فالنتيجة على الأرجح ستظل نفسها: “عدم الإقبال”. ولا يضاهي عدم إقبال الناخبين المصريين على هذه الانتخابات إلا عدم إقبال الكثير من غير المصريين على متابعة تفاصيلها ونتائجها، وكلاهما نتيجة طبيعية لكونها انتخابات محسومة سلفاً لصالح السيسي.

كانت انتخابات الرئاسة المصرية الأولى تبحث عن رئيس، كانت انتخابات مليئة بالناخبين و”الشك” حول هوية الرئيس الذي تبحث عنه. أما الانتخابات الجارية فقد خلت من “الشك” و”الناخبين” وامتلأت بـ”اليقين” شبه التام بوجود “رئيس محسوم”، ما يعني ببساطة أنها: انتخابات رئاسية لا تبحث عن رئيس.

لقد امتلأت بـ”الرئيس المحسوم” بـ”دون شك” و”دون ناخبين”، لقد امتلأت بـ”السيسي”، ولهذا:
انتخابات الرئاسة المصرية الثانية تبحث عن ناخبين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى