مساحات رأي

عزيزي محمد عايش …. أمريكا هي من تقتلنا ؟

download (2)

علي علي العماد

أقرأ بين الحين والآخر نصائح موجهة لحركة أنصار الله لعدد من المثقفين والكتاب تطالب الجهات الرسمية للحركة بالخروج من مأزق أمريكا والاتجاه صوب الخصم المحلي لأنه لا جدوى من الإشارة دوما بأصابع الاتهام الى أمريكا كطرف رئيسي في إدارة مسلسل الاغتيالات والصراعات المفروضة على الحركة بحسب توصيفهم وهم يعتبرون تلك الاتهامات سذاجة سياسية غير مبررة وفي المقابل يؤمن خصوم الحركة أن مثل هذه الاتهامات المراد منها الحصول على مكاسب جماهيرية وغالبا ما يكون هذا الخصم محسوبا على جماعات إسلامية بدأت مسيرتها السياسية بشعارات صاخبة – خيبر خيبر يا يهود أو شعار الموت في سبيل الله أسمى أمانينا – تخلت عنها في أطار تكتيكات سياسية وصولية جعلتهم يشكون في حسن نوايا الآخر.
وما يهم هنا هو التوضيح للناصحين ممن التبس عليها الأمر فاستنكروا على أنصار الله الزج باسم أمريكا، بالرغم أن القاتل يمني الهيئة ،وأرى وفي المقام الأول انه من المهم الاطلاع على المخزون الفكري للحركة ؛حتى تدركوا موضوعية الطرح المبني على وقائع وأحداث نشهدها جميعا ،كرست لحقائق لها صلة بالصراعات الجيوسياسية الحديثة والمعاصرة، والتي للأسف تم إغفالها عند الكثير من النخب بفعل الانبهار بالرأسمالية والعولمة ،وقد تزامن ذلك مع تغييب ممنهج ورخيص للهوية الدينية والوطنية من قبل الأنظمة الرسمية ،مما جعل أمريكا تتمادى في السيطرة على العقول والحقوق عبر خطط مبنية على دراسات وأبحاث سياسية واجتماعية واقتصادية ،مستفيدة من الكم الهائل للرصد المعلوماتي القادم من مؤسساتها الاستخباراتية وبناتها في الأنظمة العميلة أو من بعض المنظمات العالمية وشقاتها المحليين أصحاب الشعارات الفضفاضة “دعاة وطن بلا هوية وشعارات تدر خلفها دولارات” وهؤلاء كما نعلم لم يحققوا يوما عدالة اجتماعية وحماية حقوقية عبر الوسائل القانونية والقضائية كما يزعمون وإنما كتبت أناملهم تقارير يستفاد من أغلبها في إذكاء الصراعات الطائفية والقبلية والمذهبية بين أبناء الشعب الواحد وتبرر للتدخلات الخارجية عوضا عن السعي للبناء المجتمعي الذاتي وما بغداد وسوريا وباكستان وتجربة حسين الأحمر الفاشلة عنا ببعيد فقد ارتبطت هذه الصراعات بأسباب وأدوات متشابهة نستغرب تجاهلها من قبل المثقفين رغم رتابتها فهي تعمل على تفكيك اللحمة الوطنية وتدمير مشروع بناء الدولة وتحقق للأجنبي القدرة والمكنة .

وتعتبر الورقة الطائفية نموذجا متعارفا عليه في كل المناطق التي داستها أقدام الجنود الأمريكان حيث سخرت هذه الورقة لإلها الشعوب المستهدفة عن محور الصراع وحقيقة الخطر ففي الحالة العراقية مثلا كان العلماء والمفكرون يغتالون واحدا تلوا الآخر في الوقت الذي تتراشق فيه الأطراف السياسية الاتهام بتفجير أسواق ومحافل شعبية يتواجد فيها العراقيون بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم ,أما في اليمن فالورقة الطائفية يجري العمل على تفعيلها بدءا بإعلام عالمي يصور أي صراع سياسي على انه شيعي سني مع أن ذلك لا ينسجم مع هوية وتاريخ اليمن أرضا وإنسانا مستعيناَ الأجنبي بمحترفين محليين طامعين في الاستئثار بالكل بعيدا عن الكل.

وهنا يتجلى الدور المحوري الذي قام به مؤسس حركة أنصار الله لترميم الفجوة المعرفية عند البعض مستندا الى إرشادات ومحاذير قرآنية أسقطت بطبيعتها على واقعنا في اليمن والعراق والصومال واليابان…الخ وقد استطاع من خلالها تكريس مقولة موضوعية عنوانها “أمريكا دولة عدوانية” يجب كشف زيفها والاستعداد لمواجهتها بسلاح العلم والعمل حتى يتجاوز المجتمع الصراعات الأهلية المفتعلة ويعود بالعلاقات المجتمعية والاصطفاف الوطني الى أصله ويتحرك تحت المجتمع في إطار الهوية والانتماء والجذور للوصول الى جهد جمعي يحقق دولة عادلة مستقلة مبنية على الأمن الذاتي الاقتصادي والقومي.
وهذا لا يعني تجاوز حقيقة مفادها أن هنالك مجرما يمني الجنسية يجب الوقوف أمامه بحزم ولكن الأهم أن التجاوب مع فبركات هذا الخصم المحلي تحقق في المقام الأول تقدما في الإستراتيجية الأمريكية ومن ذلك تأتي المسؤولية الدينية والوطنية والمصلحة الإستراتيجية التي تحملها أنصار الله وحتمت على من فهم الواقع وأدرك أبعاد الصراع أن لا ينجر للمناكفات التي تؤجج الصراعات الضيقة وان يقفوا بحزم في وجه المراهنين على إجهاض هذا المشروع الفكري السلمي وإن دفعوا ضريبة أنية ,وهذا ما تحقق فعلا لأنصار الله فقد استطاعوا تجاوز الصراعات الطائفية المفتعلة رغم الترتيب لها والدعم اللوجستي وأحالوا كل ذلك لحقيقة مفادها أمريكا وراء كل ذلك مستهدفة الجميع باختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية وهذا ما يجب أن يفهمه كل الوطنيين.

وهنا يجب الإشارة الى حادثة اغتيال الشهيدين في مكتبة الغدير والمحسوبين على إخواننا الاثنى عشرية حيث تعتبر هذه الحادثة خطوة جديدة في إذكاء الصراعات الطائفية عبر استهداف شريحة أخرى من وجهة نظر المعتدي في محاولة لتكريس ثقافة الخطاب التكفيري المتبادل بعد أن يأسوا من تحقيق ذلك من خلال الضغط على أنصار الله وهذه الخطوة أيضا لن تحقق لهم مرادهم بمشيئة الله إيمانا مني بوعي محبي الحسين بن علي عليهما السلام الذين سطروا لنا دروسا في مقاومة المحتل في لبنان والطاغوت في إيران.

وهنا يجب أن نقف إجلالا وإكبارا لمعلمنا الأول السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي من خلاله استطعنا أن نفهم السطور وما وراء السطور وأين يجب أن نكون.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى