مساحات رأي

تابوهات الإصلاح تقف عائقاً أمام المصالحة الوطنية ( ا – 3 )

images (6)عبد الرحمن العابد

رغم الاصطفاف الذي برزت معالمه مؤخراً , والفرز الجديد الذي شكّله الواقع واتضاح الرؤية والضرورة السياسية حالياً الذي تبدو فيه جميع القوى السياسية شديدة الشبه والتقارب في أغلب المواقف الداخلية والخارجية باستثناء جماعة الإخوان في اليمن ويمثلهم حزب التجمع اليمني للإصلاح , إلاّ أن ذلك التقارب في الرؤى والمواقف والأهداف لم يُترجم على أرض الواقع بشكلٍ فعلي خصوصاً بين قيادات الأحزاب والقوى والمكونات السياسية .
يلحظ التقارب والود بين الأعضاء والقواعد لمختلف التيارات الذين جمعتهم ووحدت مواقفهم ممارسات الإخوان العدوانية وتعرضهم جميعاً للاتهامات واختلاق الأكاذيب ضدهم جميعاً وهو ما استدعى من أعضاء وقواعد كل الأطراف فهم حقيقة ما يروج عن الآخرين مقارنة بما مر بهم أنفسهم على يد الإخوان ونتج عنه عدم تصديقه , بل وصل الأمر إلى أن يحلل كل طرف حقيقة أي ترويجات تحاك ضد طرف آخر مستلهماً من تجربة سابقة كان هذا الطرف أو ذاك قد وقع ضحيةً لها من نفس الطرف المؤذي للجميع المتمثل بحزب الإصلاح الإخواني المتنصل عن إخوانيته لفظاً نظراً للمتغيرات السياسية بالمنطقة رغم احتفاظهم بذات السلوكيات المتبعة بمختلف الدول التي وقعت ضحية فكرهم مع اختلاف الضرر الذي ألحقوه بدولة على الأخرى .
وفي حين يتشدق الإخوان بكلماتٍ ومصطلحات جرى تعميمها عليهم غلافها حب الوطن والخوف على مصلحة البلاد يؤكد الواقع والتجربة المعاشة معهم ببطلانها جملةً وتفصيلاً , ولا يتذكرون تلك العبارات المنمقة سوى حين يشعرون بافتضاح أمرهم ومدى استيعاب الطرف المقابل لحقيقتهم .
التأخير في التقارب بين مختلف القوى في البلد الذي يعول عليه إيجاد مصالحة وطنية حقيقية تخرج الوطن والمجتمع من عثرته يعود إلى الإخوان أنفسهم الذين صنعوا سياجات متعددة بين كل طرف وآخر معتمدين في ذلك على ترسانتهم الإعلامية التي بنوها , واستدعاء الموانع التي يجسمونها مستندين على دراساتٍ لفكر ونفسيات الأطراف المواجهة لهم , وخلق تابوهات لإخافة كل طرف من الآخر يستدعونها حسب الحاجة إليها جاعلين من أنفسهم شرطي مرور لخطوط سير العلاقات السياسية وحتى الإنسانية والاجتماعية لجميع الأطراف , ولا يسمحون بتحرك أحد منهم إلا بعد ضمان مغادرة الطرف الآخر وبما يخدم أهدافهم التي تكون في مصلحتهم دون غيرهم , معتمدين على تجربتهم الطويلة في العمل السري وخبرة الكثير من عناصرهم ضمن جهاز الأمن السياسي الموكل إليه تسريب الشائعات وخلق الأراجيف لعقود طويلة فائته .
الحقيقة الجلية أنه لا يمكن إيجاد أي تقارب مهما كان مشروعا وايجابيا دون المكاشفة مع النفس ورسم الأهداف والتخلي عن الأنانية الذاتية خصوصاً بعد أن اتضح لكل الأطراف أن الإخوان دون غيرهم هم من قد وقع الجميع ضحيةً لهم , وإذا كان هناك من عامل مشترك رئيسي يربط الجميع فهو تعرضهم للاعتداءات والخيانة والاتهامات والسب والتشهير من قِبل حزب الإصلاح الذي يميل لطرف دون آخر حسب مصلحته لتحقيق مكاسب آنية ثم يكشر عن أنيابه ويعتدي عليهم بعد انتهاء ما دفعه للتودد لأي طرف .
وتصل الوقاحة بالإخوان إلى اعتبار أي تقارب بين طرف وآخر خيانة عاملين بالمثل القائل : خذوهم بالصوت لا يغلبوكم , مما يمنع التركيز لدى الآخرين الذين يفرون أمام عواء الإعلام الإخواني دون أن يكونوا قد ارتكبوا أي خطأ حقيقي , وتبلغ الوقاحة ذروتها حين يصور حزب الإصلاح للآخرين وجود تقارب بين مكونين سياسيين غير موجود على أرض الواقع سوى في مخيلتهم المريضة , لكنهم من حيث لا يعلمون يشكلون تقارباً فعلياً مع المدى عن غير قصد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى