تحقيقاتعناوين مميزة

ملف فساد السفارات والقنصليات اليمنية في الخارج حلقة (2)

ملف فساد السفارات والقنصليات اليمنية في الخارج حلقة (2)

سفارات تبتز المغتربين وأخرى بلا عمل وسفراء يتحولون إلى تجار ومهربين وآخرون سفراء بمؤهلات إعدادية وشهادات مزورة!!

 ملف فساد السفارات

فساد السفارات والقنصليات والملحقيات اليمنية في الخارج لا يقارن وليس له مثيل .

فهو فساد ليس مقنعاً بل مكشوفاً وليس مقنناً بل متعمداً وليس وليد اللحظة بل منذ عقود وما تردي قيمة الإنسان اليمني في الخارج سواء كان مغترباً أو زائراً أو مقيماً إلا نتيجة طبيعية لذلكم الفساد الذي ينخر في سفارات بلادنا والتي لم تعد تهتم بقضايا الانتهاكات التي تطال أبناء وطننا الحبيب في الخارج بل صارت مهامها تتركز على جني المبالغ المادية منهم دون أن تبذل أي جهود لدى البلدان التي تقع فيها للحفاظ على كرامة وسلامة المواطن اليمني.

الهوية في حلقتها الثانية من ملف فساد السفارات والقنصليات والملحقيات اليمنية في الخارج حصلت على معلومات غاية في الأهمية تكشف الكثير من جوانب الفساد في تلك المؤسسات والكثير من الانتهاكات الشنيعة التي يتعرض لها أبناء اليمن في الخارج وخاصة في المملكة العربية السعودية.

فإلى الحصيلة:

إعداد / قسم التحقيقات:   

 

سفارات تبتز المغتربين وسفارة اليمن بالسعودية أنموذجا :

وفي جانب متابعة السفارات اليمنية في الخارج لأوضاع الطلبة اليمنيين الدارسين في الخارج وكذا المغتربين والمهاجرين عامة تفيد التقارير أن  علاقات السفارات اليمنية برعاياها في مواطن الاغتراب تثير تساؤلات جادة حول طبيعة الوظائف التي تناط بالبعثات الدبلوماسية اليمنية.
مشيرة أنه برغم المرتبات العالية والمخصصات المالية الكثيرة التي تحمل مسميات شتى والتي تقدم لتلك المؤسسات حتى تقوم بواجبها تجاه رعاياها  فإن أوليات صرف العهد المالية تبقى لدى السفير الذي لا تطاله عادة ملاحظات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
إضافة إلى أن عددا من السفارات اليمنية في الخارج تقصر عمداً في متابعة مصالح اليمنيين المتواجدين في الخارج.وقد أرجعت التقارير أسباب هذا التقصير إلى  انشغال السفراء وأعضاء السفارات بمتابعة الأعمال التجارية الخاصة بهم .
بل أن بعض تلك السفارات قد جعلت من المغتربين اليمنيين في البلدان التي تتواجد فيها مصادر للابتزاز والاسترزاق.
فبحسب شكاوى عدد من الطلبة الدارسين والمغتربين في الخارج أكدوا أن علاقة المغترب اليمني بسفارة بلاده في الخارج علاقة تضاد فبدلا من ان تكون أبواب السفارة والقنصلية ملجأ للمغترب اليمني ولكل مشاكله يتخذ طاقم السفارة من المغترب مصدرا للارتزاق مثلا القيمة المحددة للجواز من قبل وزارة الخارجية 300 ريال سعودي، في حين تبلغ قيمته في السفارة اليمنية في السعودية 450 ريالا سعوديا.
أيضاً تقول التقارير أن قصص ومآسي كبيرة  يعيشها الكثير من أبناء الجاليات اليمنية والمغتربين والطلاب الدارسين في الخارج مع السفارات والقنصليات اليمنية في عدد من الدول  وعلى وجه الخصوص في السعودية الجارة والشقيقة.

قنصلية اليمن بجدة فساد وعيون حمر !!

كشفت التقارير أن القنصلية تقوم بتأجير مكاتب للجامعات اليمنية داخل القنصلية وان القنصلية تزعم أنها تدفع شهرياً مبلغ أربعين ألف ريال سعودي قيمة فاتورة الكهرباء الخاصة بالقنصلية بينما قيمة الفاتورة لا تتعدى 7آلاف ريال سعودي كما كشفت التقارير في القنصلية هذه عن فساد إداري كبير يتمثل في المتاجرة بمعاملات مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين في ظل غياب للقانون وعدم تفعيل المحاسبة والرقابة من أي جهة إشرافية في الحكومة اليمنية .

وقالت تلك التقارير إن القنصل العام اليمني رفض إحالة القائم بأعمال مدير شئون الموظفين بالقنصلية إلى التقاعد رغم تقدمه بالسن واستدعائه للعودة إلى اليمن  حيث رفض القنصل توجيهات الوزارة وأصر على بقائه مدير شئون الموظفين لممارسة العمل في القنصلية .

إضافة إلى قيام القنصلية باستخراج تأشيرات وإقامات باسمها وبيعها لأشخاص بمبالغ تصل إلى اثنا عشر ألف ريال سعودي عن كل تأشيرة عمل بالإضافة إلى فرض عدد من أشكال الرسوم على كل الخدمات التي تقدمها للمغتربين.

القنصل العياشي يعترف بمخالفته للقوانين!!

في لقاء متلفز له مع قناة السعيدة اعترف القنصل اليمني في جدة علي العياشي بقيام القنصلية اليمنية في جدة بتحصيل رسوم من المغتربين بطرق غير قانونية .مرجعاً الأسباب إلى قلة الدعم المالي المقرر للقنصلية التي تمتلئ بالموظفين الذين يزيد عددهم عن 90موظفاً ويصل إجمالي رواتبهم ومستحقاتهم المالية شهرياً ما بين 150ألفا و250 ألف ريال سعودي.كما اعترف أن تلك الرسوم تعد مخالفة للقوانين غير أن مسؤولية ذلك تعود على وزارة المالية التي رفضت إعادة النظر في مخصصات القنصلية.مؤكداً أن القنصلية عملت بموجب قرار الحكومة رقم 196لعام 2012م والقاضي بعدم تحصيل أي رسوم غير قانونية من المغتربين اليمنيين نظير الخدمات التي تقدم لهم  غير أن مصالح العاملين في القنصلية تضررت بصورة كبيرة دفعت القنصلية إلى إيقاف عملها الأمر الذي تعطلت معه مصالح المغتربين ومعاملاتهم ونتيجة لعدم قيام الحكومة بمعالجة الوضع عادت القنصلية لجباية الرسوم من المغتربين ..

بعض سفراء اليمن تحولوا إلى تجار ومهربين !!:
وعلى إثر الفساد الذي ينخر في سفارات وقنصليات وملحقيات اليمن في الخارج أكد الكثير من الكتاب والمحللين السياسيين انحراف مسار الدبلوماسية اليمنية عن مهامها الطبيعية التي وجدت من اجلها ومنذ عقود من الزمن  ومع هذا لم يتحرك ساكن لدى الدولة لوضع حد لهذه المشكلة والتي تتمحور في غياب المعايير في وضع السفير المناسب في المكان المناسب.
حيث أشار الأكاديمي والخبير السياسي د.عبد الله الفقيه أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء إلى أن المشاكل التي نسمعها عن السفراء ومشاكل الخارجية بشكل عام هي مشاكل مبعثها من الداخل وتتمثل في الطريقة الخاطئة في اختيار السفير حيث يتم تعيين السفير للإرضاء ومن اجل حسابات.
وقد شاطره الرأي البروفيسور حكيم السماوي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة صنعاء.
مضيفاً بقوله: أبناؤنا خريجو العلوم السياسية بدون وظائف وقد رأيت بعضهم من المتفوقين يبيعون فوق العربات حبوباً ومكسرات وما إلى ذلك متسائلاً: لماذا لا تستوعبهم وزارة الخارجية ؟ وقد استرسل كثيرا في حديثه عن فساد بعض السفراء وكيف ان السفير اليمني يكاد يكتفي من وظيفته الدبلوماسية بحضور حفلات الاستقبال والودائع والأعياد لأعضاء السلك الدبلوماسي وكيف ان السفير أو الملحق أو المستشار يكتفي من وظيفته الدبلوماسية بالتسهيل لمن لا يحتاج للتسهيل بينما يغلق هاتفه أمام مغترب تعرض للانتهاك أو الظلم!!.
من جهته أفاد أحد الدبلوماسيين فضل عدم ذكر اسمه بقوله: إن أردتم فتح ملف فساد الدبلوماسية اليمنية والمتمثلة بالسفراء والسفارات فلن تكفي صفحة أو صفحتين أو عشر حلقات لمناقشتها.
مضيفاً: لقد عملت في أربع سفارات بدول مختلفة وشاهدت العجائب من تصرفات بعض السفراء والملحقيات وبكل صراحة ماذا تنتظرون من سفير كان وزيرا فاشلا أو فاسدا؟!!  كيف سيكون أداؤه بالسفارة؟!!.. وأشار إلى ان هناك من السفراء والملحقيات من يستغلون عملهم الدبلوماسي في دولة ما لصالح أعمالهم التجارية الخاصة فتجده يحول مقر السفارة إلى بورصة تجارية ونافذة مفتوحة لعقد الصفقات التجارية مع رجال الأعمال سواء من اليمنيين المغتربين أو من أبناء تلك الدول والتي نصت عليها اتفاقية فيينا في مادتها34 – والتي تنص المادة أيضا على ان لا يجوز للمبعوث الدبلوماسي ان يمارس في الدولة المعتمد لديها أي نشاط مهني او تجاري لمصلحته الشخصية فيما دبلوماسيون يستغلون وظائفهم في عمل التجارة والتهريب وتزوير التأشيرات والتجارة بالمنح وفي مهام مشبوهة كثيرة..
سفارات فاشلة بامتياز!!

وفيما يخص السفارات التي فشلت بامتياز وفق التقارير التي حصلت الهوية على نسخ منها فشلت في القيام بواجباتها الوظيفية فقد أكدت التقارير أن السفارة اليمنية في موسكو تعد مثالاً يجسد حقيقة الفشل الذي تعيشه الكثير من السفارات فراتب سفير بلادنا هناك لنهاية خدمة أكثر من20ألف دولار ونائب السفير10آلاف دولار وسكرتير أول للسفارة 10 آلاف دولار والملحق العسكري12ألف دولار وملحق إعلامي وتجاري وثقافي وقنصل ونائب قنصل ومساعد نائب قنصل وملحق مالي عام للسفارة وملحق مالي للملحقية الثقافية وملحق إداري وهناك عدة ملحقين بدون مناصب أي أن رواتب شهرية في سفارتنا بموسكو تصل إلى أكثر من 150 ألف دولار ، أي ما يعادل 28 مليون و800 ألف ريال شهريا.
باستثناء السائقين والعمال المحليين والسيارات الفاخرة والخدم والطباخين وسيارات الأولاد  وتصرف الدولة مبالغ طائلة ومخيفة للسفريات من إقامة وسكن عند تنقل الدبلوماسي بين المدن وما أكثرها تلك التنقلات واللقاءات على الورق فقط .
فهذه السفارة تدفع إيجارا سنويا حسب التقارير200ألف دولار لأنها لا تملك مبنى خاصا بها في روسيا ومع هذا لم تقدم لليمن أو لمواطنيه في روسيا شيئاً وفق التقارير..

سفارات بلا عمل وسفراء بمؤهلات إعدادية وشهادات مزورة!!

وفي هذا الجانب أكد تقرير صدر بداية العام المنصرم أن هناك العديد من السفارات والملحقيات اليمنية في الكثير من البلدان مجرد أسماء لا تقوم بأي أعمال تذكر.

مضيفاً أن جيشا من الدبلوماسيين والإداريين والملحقيات الإعلامية والثقافية والعسكرية وغيرها من التخصصات يتجاوز تعداده  في بلد من البلدان  أعداد المغتربين اليمنيين في ذلك البلد.
وتبدو تلك السفارات أقرب إلى منتجعات لاستجمام أولاد الجنرالات والمشايخ الكبار والأسر ذات النفوذ والآخرين الذين انتهى دورهم السياسي في الداخل اليمني وتقرر بحقهم الرحيل كمكافأة نهاية خدمة.
فبعض السفارات اليمنية وفق التقرير يوجد بها سفير ونائب وملحق عسكري وملحق إعلامي وتجاري وثقافي، وقنصل، ونائب قنصل، ومساعد نائب قنصل، وملحق مالي عام للسفارة، وملحق مالي للملحقية الثقافية وملحق إداري وهناك عدة ملحقين بدون مناصب وكل هؤلاء وما يتطلبه وجودهم من مقرات ومتطلبات أخرى يكلف الخزينة مبالغ مالية ضخمة فيما قد لا تحتاج السفارة إلى أكثر من سفير وبضعة موظفين.
وبسبب هذا الفشل الإداري الذي يكلف الميزانية العامة أكثر مما تحتمل وبدون وجه حق كرس العمل العشوائي في العمل الدبلوماسي والسفارات اليمنية وذهب الدبلوماسي يستغل وظيفته في عمل التجارة والتهريب وتزوير التأشيرات والتجارة بالمنح وفي مهام مشبوهة كثيرة وهي أعمال غير مشروعة طبقاً لاتفاقية فينا التي صادقت عليه بلادنا والتي تنص في مادتها 34 على أن لا يجوز للمبعوث الدبلوماسي أن يمارس في الدولة المعتمد لديها أي نشاط مهني أو تجاري لمصلحته الشخصية.
ويضيف التقرير أن بعض العاملين في بعض القنصليات والملحقيات اليمنية من رجال الأمن يعملون في جمع المعلومات والتجسس على نشاطات الطلبة والمقيمين بالخارج.
كما أكدت جملة من الوثائق التي حصلت الهوية عليها أن عددا لا بأس به من سفراء وقناصل اليمن في الخارج يحملون مؤهلات إعدادية وثانوية وقد حصلوا على المناصب الدبلوماسية نتيجة المحسوبية والوساطة ذات العيار الثقيل.

6مليارات ريال و11مليون دولار عهد لدى سفارات منذ عقود !!

وتشير التقارير أن العهد المالية لدى السفارات اليمنية في الخارج تجاوزت حتى مطلع العام2010م 6 مليارات ريال  بينما بلغت العهد على مسئولين بالسفارات11مليون و595.986 ألف دولار.
بينما تتسلم السفارات والقنصليات الكثير من المخصصات المالية شهرياً تحت الكثير من البنود و المسميات منها نفقات طارئة وعهدة إيجار وتأمين واستشارة وحتى أن عهدة الإيجارات في السفارة اليمنية في برلين هي من أعلى السفارات إنفاقاً وتبذيراً للمال العام  وقد ارتفعت من 74.800.000 مليون في 2009 إلى 92.293.552 في 2010.
وتؤكد التقارير أن  ملحقية اليمن في جنيف هي الأعلى إنفاقاً بين كل سفارات اليمن في العالم وخاصة فيما يخص بند (الضيافة والاستقبال) موضحة أن الملحقية المذكورة تدفع 4آلاف فرنك ثمن لوجبة غداء واحدة تليها سفارة اليمن في أبو ظبي حيث اشترت أغلى سيارة في تاريخ وزارة الخارجية وطاولة طعام بـ 5 ملايين .

وبالمثل قامت السفارة اليمنية بباريس في مفارقة عجيبة بشراء سيارة بـ9 ملايين و200 ألف ريال في 2009م  وعينت سائقاً محلياً لها براتب شهري يقدر بربع قيمة السيارة (مليوني و248.200 ألف) تماما كما تم شراء سكن للسفير اليمني في الخرطوم في 2002م تم بـ6.212.916 مليون وترميمه بـ9 ملايين و250 ألفا.

فيما تقدر العهد التي على سفارة اليمن في برلين وحدها إلى 601 مليون ريال..

الخلاصة الرئيس هادي يوجه بإحالة ملفات فساد السفارات إلى النيابة:

وفي سياق المحاسبة على تلك الملفات المفسدة التي صاغت محتوياتها سفارات وقنصليات وملحقيات بلادنا في الخارج.

قالت التقارير ان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تلقى تعليمات مشددة من رئاسة الجمهورية تؤكد على ضرورة تسليم الملفات الخاصة بفساد بعض السفارات والملحقيات اليمنية بالخارج إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق فيها وإحالة المتسببين إلى القضاء.
وكانت مصادر في  الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قد كشفت في وقت سابق من هذه العام أن إجمالي الفساد المالي للسفارات اليمنية في الخارج قد بلغ 11 مليار ريال.
و بحسب التقرير الذي قدمه الجهاز لرئاسة الجمهورية فإن هذه المبالغ صرفت كعهد مالية لعدد من الملحقيات في السفارات اليمنية في الخارج منها الثقافية والإعلامية والعمالية والتي لم تصف منذ عشر سنوات مضت في مخالفة صريحة للقانون الذي ينص على ضرورة إخلاء العهد المالية سنويا….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى