تقارير

قيادات المشترك نحو الدوحة وبيروت والإرياني الى واشنطن فيما الرياض تيمم وجهها نحو القوى الجنوبية

هل تعود اليمن الى مربع الصفيح الساخن بعد أيام من هيكلة المؤسسة العسكرية وبالتزامن مع رفع التقرير النهائي للجنة الحوار الى رئيس الجمهورية من جديد؟

قيادات المشترك نحو الدوحة وبيروت والإرياني الى واشنطن فيما الرياض تيمم وجهها نحو القوى الجنوبية

الهوية – تقرير خاص:

هل المستجدات الاخيرة في المشهد اليمني تدفع نحو الحوار ام الفرقة والشتات؟ وهل تراجع صالح عن السفر للعلاج حتى ما بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وإعلان مكتبه عن قراره في ترؤسه لممثلي حزبه في المؤتمر يتفق مع تخوفات الجارة السعودية من خريطة النظام القادم في اليمن؟

تساؤلات اثارتها تحركات الساسة ونشطاء السياسة فبالرغم من ان الرئيس هادي اصدر قراراته الرئاسية بهيكلة المؤسسة العسكرية واظهر المستهدفين في هذه الهيكلة رضاهم وتأييدهم لها إلا ان المشهد السياسي في اليمن بدى اكثر تخويفا وأكثر سخونة خصوصا بعد اعلان الرئيس السابق علي عبد الله صالح مشاركته على رأس ممثلي حزبه في مؤتمر الحوار الوطني ليقابل برفض تكتل “اللقاء المشترك”، الذي يرأس ويمتلك نصف حقائب الحكومة الانتقالية مناصفة مع حزب صالح بموجب اتفاق نقل السلطة، مشاركة الرئيس السابق في مؤتمر الحوار، بل ويشترط مغادرته البلاد قبل إطلاق المؤتمر، الذي يعول عليه في معالجة قضايا عالقة يعاني منها اليمن منذ سنوات على رأسها الاحتجاجات الانفصالية في الجنوب ومترتبات حروب صعدة الستة مع الحوثي في الشمال.

فالمشهد في اليمن يوحي بأن الأمور لا تسير في اتجاه التوافق وأن احتمالات إنجاح الحوار الوطني آخذة في التضاؤل، والسبب هو إصرار بعض القوى السياسية على الدخول في صراعات فيما بينها لفرض سيطرتها والتأكيد على قوتها.

ويبدو حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، طرفاً أساسياً في معظم الصراعات، فهو يواجه المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس السابق علي صالح، عسكرياً في محافظتي الجوف وحجة شرق وغرب البلاد، ويصطدم بالحوثيين شمالاً وقوى الحراك الجنوبي في عدن، ما يعني أن رقعة التوتر اتسعت بطول اليمن وعرضها بما يشكل خطراً على استقراره.

يأتي ذلك في وقتٍ تحاول فيه الإدارة اليمنية الجديدة إنجاح مؤتمر الحوار الوطني وتهيئة الأجواء في البلاد لجذب استثمارات تساهم في إعادة إعمار ما دمرته الصراعات طيلة الأعوام الماضية.

لكن ما يلاحظ على مستجدات الاحداث في المشهد السياسي اليمني ان مع كل خطوة سياسية تقرب اليمن نحو عقد مؤتمر الحوار الوطني المقرر عقدة مع مطلع العام المقبل تشهد الساحة السياسية اليمنية عشرات الخطوات التي تبعدها عن انعقاد هذا المؤتمر الذي اصبحت انظار اليمنيين معلقة به.

ففي الوقت الذي نشطت الجهود في المملكة الجارة لكي تحتضن الرياض اجتماعات مكثفة للشخصيات الجنوبية السياسية والاجتماعية ورجال المال والأعمال والمشايخ والسلاطين الجنوبيين بغية الوصول الى اقناعهم بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني نجد طاولات سياسية في كل من الدوحة وبيروت ينتظم حولها حلفاء كل من حاكم قطر وحكومة طهران.

وهو ما يعني وفقا لسياسيين ان هذه الجهود مهددة بالفشل نتيجة عدم جنوح القوى السياسية للتوافق وإصرارها على التصارع على المناصب الحكومية وتنفيذ اجندات اقليمية ودولية لا علاقة لها برعاية المبادرة الخليجية او التسوية السياسية في اليمن بقد ما تسعى إلى إضعاف الجهود وتثبيط الخطوات التي خطتها مؤسسة الرئاسة والمتعلقة بهيكلة أجهزة الدولة وخصوصاً المؤسسات الأمنية والعسكرية والإدارات المحلية.

حيث كانت زيارة بعض قيادات أحزاب اللقاء المشترك إلى العاصمة القطرية الاخيرة مثار الكثير من المخاوف والتساؤلات لدى المراقبين السياسيين والمتابعين للشأن اليمني خصوصا وأنها كانت بالتزامن مع قيام اللجنة الفنية التحضيرية للحوار باستكمال اللمسات الاخيرة على مهامها في التحضير للحوار الوطني المقرر عقده خلال الاسابيع القادمة فضلا عن تزامنها مع زيارات قيادات اخرى في اللقاء المشترك الى بيروت ومن ثم الاتصال بمهندسي سياسة طهران الخارجية.

ففي الوقت الذي غادر فيه عبد الوهاب الآنسي أمين عام التجمع اليمني للإصلاح والدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي وسلطان العتواني رئيس المجلس الأعلى للمشترك، وأمين عام التنظيم الوحدوي الناصري كان كل من الاستاذ نائف القانص والأستاذ حسن زيد القياديين في اللقاء المشترك في طريقهما الى بيروت.

وهو ما جعل مراقبين سياسيين يتساءلون عن اهداف وأغراض تلك الزيارات التي تسير وفق بعض الرؤى في طريقين متناقضين ما اذا كان هناك ترتيب ايراني قطري لإعادة منتجة اللقاء المشترك بعد ان بدت بوادر النجاح في سير البلاد نحو عقد المؤتمر الوطني للحوار بضغط أممي غير معهود.

هل كان لقرارات الهيكلة الرئاسية للمؤسسة العسكرية أثر في ذلك؟ ثم ما هو تأثير الاعلانات المؤيدة للهيكلة من قبل كل من قائد الحرس الجمهوري العميد احمد علي صالح وقائد الفرقة الاولى مدرع ورئيس اركان الامن المركزي؟

فما تصر عليه بعض القوى اليمنية قد ينسف عملية التغيير بالكامل كما يرى بعض المحللين السياسيين ويعيد اليمن إلى الوراء خصوصا وان تلك التحركات التي ظهر بها قادة الاحزاب السياسية في اللقاء المشترك أثارت مخاوف الرئيس السابق ومعه الحكومة السعودية اذ اشعرت الطرفين ان هناك مخططا لإبعاد الراعية الاولى للمبادرة الخليجية عن المسرح السياسي في اليمن وهو ما يعني وفقا لقراءة النظام السابق ان المشهد يتجه نحو الفرك به وبالورقة التي كانت ضاغطة عليه لتوقيع تلك المبادرة التي يعتبرها ظالمة وان لم يكشف عن ذلك كما يرى البعض.

وهو ما جعل متابعين يبدون تخوفهم من ان ينتج عن هذه التحركات موقف معاكس من قبل حكومة المملكة السعودية بالإضافة الى انه قد يدفع بالطرف الآخر في التسوية السياسية وهو الرئيس السابق وحلفاؤه إلى تعزيز المطالب الجنوبية بفك الارتباط لإيقاف عجلة الحوار خصوصا وان أي حوار لا وجود فيه للحراك ولا يعطي القضية الجنوبية حقها وفقا لمطالب أبناء المحافظات الجنوبية لا يسمن ولا يعني من جوع وفقا لبعض التحليلات والقراءات.

فالزيارات غير المعلنة إلى كل من الدوحة وبيروت جاءت في وقت حساس جداً خصوصاً وأنها جاءت عقب ساعات على رفع اللجنة الفنية تقريرها إلى الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، والجميع يدرك ان قطر انسحبت من رعاية المبادرة الخليجية، وهي ليست حريصة على نجاح المبادرة وآليتها التنفيذية المزمنة، كما لا تحرص الدوحة على نجاح جهود الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية الذي رعى حفل التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة في ظل غياب قطري واضح كما يرى المتابعون.

وكل الاستقراءات تذهب الى ان ملعب الحوار الوطني لا يدار وفقا للمبادرة برغم كل الجهود التي بذلها أمين عام الأمم المتحدة عبر ممثله الأممي السيد جمال بن عمر الذي استطاع عبر ما يمتلكه من كاريزمية ودبلوماسية ان يبعد اليمن عن حافة السقوط في حروب اهلية طاحنة كادت ان تعصف بالبلاد بل تشير الاستقراءات لما تعيشه الساحة اليمنية الى ان لاعبين اقليميين غير رعاة المبادرة الخليجية التي تخلت قطر عن رعايتها في اشد اللحظات حساسية اي لحظة التوقيع على المبادرة الخليجية من قبل فرقاء السياسة في اليمن في نوفمبر 2011م يأتي على رأس اللاعبين طهران وتركيا وواشنطن.

حيث ان الطرف الاخر من فرقاء الصراع السياسي في اليمن كانت لهم قبلة ثالثة هي البيت الابيض التي يمم اليها رئيس اللجنة الفنية للحوار الوطني الدكتور عبد الكريم الإرياني قبل ايام ليتلقى منها الاوامر كما يقول البعض.

وبمراجعة المشهد والأنشطة السياسية لكل من طرفي التسوية السياسية نجد ان اليمن لم يتجاوز الهوة التي حاولت المبادرة الخليجية ان تبعده عنها بتعاون اممي بل ترجح ان الايام القادمة ستشهد سخونة اشد لصفيح ملعب الساسة والتسوية السياسية في اليمن.

وفي ظل هذه الأوضاع يُخشى من انفلات أمني غير مسبوق يعصف بالهدوء النسبي الذي ساد عدة محافظات يمنية مؤخراً، لذا فإن المواطن اليمني الذي ينتظر حصد النتائج الإيجابية للتغيير سيصبح المتضرر الأكبر من تعدد ساحات الصراع السياسي، الذي سرعان ما يتحول إلى مصادمات مسلحة خصوصاً أن اللجنة العسكرية لم تنتهِ بعد من عملها المتمثل في تقليل مظاهر تسلح الجماعات.

 وإذا كان بعض المراقبين ذهبوا الى أن الزيارة الى قطر توحي أن هدف تلك القيادات هو تقديم تقرير إلى مسؤولين قطريين عن مستوى التحضيرات لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي تتهيأ له اليمن كان هناك اخرون يرون ان تلك الزيارات ليست غير السعي للاسترشاد بالخطوة القادمة التي يفترض بها ان تنفذها من اجندة الدوحة وطهران في اليمن والتي تسعى الى سحب البساط اليمني من تحت اقدام المملكة الجارة والحلول محلها في بسط اليد على السياسة اليمنية وإدارة البلاد في الفترة القادمة خصوصا وان الكل يعلم ان المملكة السعودية منذ أكثر من خمسين عاما وهي تدير البلاد وان اي رئيس او نظام يمني لا يسير وفق السياسة السعودية فان مصيره كان هو الزوال ودولة الرئيس الحمدي التي كانت تمثل الانطلاقة الاولى للدولة المدنية خير دليل حد قولهم.

وأشار المراقبون الى ان هذه الزيارة إلى قطر هي الثالثة للأستاذ عبد الوهاب الآنسي منذ شهر رمضان الماضي والثانية للدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي والأمر نفسه بالنسبة للعتواني.

وبالمثل كان زيارات الاخرين المتكررة الى العاصمة اللبنانية بيروت والتي تعد طاولة تدير فيها طهران اجتماعاتها بالحلفاء والشخصيات السياسية الوافدة اليها من مختلف دول العالم الاسلامي.

ليؤكدون بذلك أن لهذه الزيارات ارتباطا وثيقا بالتنسيق المشترك مع إيران في كل الخطوات التي تشهدها الساحة اليمنية والتطورات في المنطقة بشكل عام..

لافتين إلى ان تمدد إيران الذي يتزايد ويتسع على الحدود الجنوبية السعودية يكشف ان ثمة تحالفات اقليمية يجري صياغتها في المنطقة ويسعى رسمها أو فرضها كواقع عبر التحكم في إدارة الأزمة نحو اللااستقرار في اليمن، ويتضح ذلك جلياً في النشاط المحموم لأتباع علي سالم البيض وفي التمرد على المحافظات اليمنية المطلة على البحر الأحمر لا سيما بعد ذلك الاتهام الصريح من القيادي في الحراك الجنوبي محمد علي احمد.

وحذّر المراقبون من وجود مخطط يهدف إلى ضرب التسوية السياسية في اليمن وإجهاض مؤتمر الحوار من خلال ليس النشاط الإيراني والدور القطري عبر أحزاب في اللقاء المشترك وإنما يتزايد دخول وتهريب الأسلحة إلى اليمن خلال الفترة الأخيرة وتحديداً مع موعد إنهاء اللجنة الفنية للتحضير للحوار لمهامها ورفع تقريرها إلى رئيس الجمهورية..

وقال المراقبون: إنه من العيب ان تتجه قيادات في أحزاب المشترك إلى الدوحة وكان الأحرى بها أن لا تغادر صنعاء عقب رفع تقرير اللجنة الفنية إلى رئيس الجمهورية وما تضمن من مخالفات صريحة لقرار تشكيل اللجنة، إلا إذا كانت قيادات المشترك حريصة ان تقدم تقريراً مفصلاً لأمير دولة قطر حول التحضيرات للحوار الوطني.

وبدلا من ان تعمل هذه القيادات جنبا الى جنب مع القيادات السياسية ولجنة الحوار الوطني ورئاسة وحكومة اليمن للوصول الى ساحة الحوار الوطني وهي اكثر تآلفا وجداها تسارع الخطى نحو قبلتهم السياسية في الدوحة وبيروت.

لا سيما وان مصادر سياسية ودبلوماسية كانت ألمحت إلى وجود وساطة قطرية لإنجاح تفاهمات بين قيادات المشترك مع إيران، خصوصاً في ظل العلاقات المتميزة القطرية الإيرانية.

موضحة بان المملكة العربية السعودية لم تعد تمثل بالنسبة لحزب الإصلاح وبقية اطراف المشترك محوراً مهماً بقدر ما صارت تستخدم لمجرد الاستفادة من أموالها، بيد أن المحور الأهم للإصلاح وبقية اطراف المشترك بات واضحاً بأنه مع قطر.

متابعون للشأن السياسي اليمني لم يغفلوا وهم يستقرئون تحركات القادة السياسيين في المشترك ما تعيشه علاقات الدوحة بالشيخ ورجل المال اليمني حميد الاحمر منذ انطلاقة الثورة الشبابية الشعبية العام الماضي وعلى وجه الخصوص بعد ان تمكن الرئيس السابق صالح ودبلوماسيو نظامه أن يقطعوا الطريق بين حكومة المملكة وبين عيال الشيخ الاحمر بعد عقود من رعاية الجارة للشيخ الأحمر الأب وكل مشايخ اليمن المرتبطين به او المهادنين له والذين كشف مؤخرا عن تسلمهم راتب من خزينة الرياض.

لقد كانت اسابيع واشهر الثورة اليمنية بالنسبة للشيخ حميد بمثابة الفرصة الذهبية لتوسيع علاقاته بحاكم الدوحة واستغلال المال القطري الذي حرم منه ابناء تلك الارض الواقفة على بئر من الذهب الاسود ليستكمل عبر تلك الاموال احكام قبضته على ما تبقى من حرية لدى المنتمين لتلك الاحزاب بعد ان استطاع ان يغلفها بغلاف اللجنة الوطنية للحوار قياداتها وحولهم الى غلمان لا تعي غير ما تفيض به حكمة الشيخ ويديه.

.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى