مساحات رأي

الحوار الوطني . . . السير تحت الشمس أم القفز في الظلام

لاشك أن معنى الحوار يخرج من (الحق في الاختلاف) الذي يحترم كل الخصوصيات العرقية والدينية ,والمذهبية ,والسياسية, والجهوية بين كل المكونات الاجتماعية, وان انعدام الحوار سيمثل العنوان الكارثي المرادف لفناء المجتمع وتدمير الحياة.

لذلك فنحن بأمس الحاجة إلى الحوار باعتباره آلية حضارية ومطلباً وطنياً يجب انتهاجه وممارسته في معالجة كافة القضايا السياسية والفكرية والاجتماعية والدينية التي هي محل حديث واختلاف بين الفرقاء, وبالحوار يمكننا أن نتصدى للأفكار الإقصائية ومشاعر الكراهية ورفض الآخر, وهذا يقودنا إلى الشراكة الوطنية التي تعنى حصول كل طرف على حقوقه المشروعة من خلال الحوار البناء والمتكافئ في ظل دولة المواطنة و القانون.

وقد يكون كل ما تقدمت به من توضيح لمعنى الحوار والشراكة كلاما جميلا وفيه منطق مقبول يصلح للتداول, ولكن كيف يستقيم الحوار في ظل هذه الأجواء المشحونة بالكراهية و الحقد ؟؟ كيف سنبدأ الحوار فيما بيننا في ظل حملات التحريض الطائفي و المناطقي ؟؟ كيف سننجح في حوارنا في ظل الاعتقاد السائد بيننا والمفضي بأن كل واحد منا يدعى لنفسه أنه صاحب الحق المطلق ويعلم معناها الكلي والشامل وانه صاحب الرؤية الوطنية الحقّة والفكر السليم , وما عداه ناضب الفكر وقاصر في رؤيته السياسية!!!!!!!ولا يمتلك لتلك المزايا التي يتفرد بها ..

ونأخذ هنا حالة “التجمع اليمني للإصلاح” كظاهرة استعلائية حيث يرى في نفسه انه فوق الجميع وفقا لمؤهلاته التنظيمية و بناء على علاقاته الإقليمية مع دول كالمملكة السعودية و قطر و الآن مصر وفي ظل امتداداته الأخطبوطية في مؤسسات الأمن و الجيش و المخابرات و بحكم تحالفاته القبلية يظن أنه يستطيع “التهام” البلد، لاسيما في هذا الظرف السياسي الإقليمي حيث أصبح (الإخوان المسلمون) الحكام الجدد في المنطقة برضا و قبول الولايات المتحدة و حلفائها الأوروبيين بضمانة الوسيط التركي!

وفى اعتقادي أنا ، فإن الإخوة في “التجمع اليمني للإصلاح” يرتكبون خطأ جسيماً لأن اليمن بلدٌ لا يُحكم إلا بالتوافق و الاتفاق ولا يستطيع أي فصيل سياسي أن يقصي الآخرين مهما بلغت قوته و سطوته. .

قد يسألني سائل : على أي أساس افترضت أن “الإصلاح” يريد التهام البلد و إقصاء الآخرين ؟

الجواب بأنني لاحظت عدة أمور من خلال متابعتي للشأن السياسي المحلي في اليمن منها على سبيل المثال لا الحصر:
محاولات (التفريخ) حيث يريد الإصلاح أن يدخل بصفته حزباً سياسياً بشكل رسمي ــ وهذا من حقه طبعاً ــ و يريد أن يدخل منظماته الحقوقية (كمنظمة هود مثلاً) على أنها من منظمات المجتمع المدني و يريد الشيخ الزنداني أن يدخل الحوار بوصفه رئيس لهيئة علماء اليمن مع أنه له صفة حزبية رسمية و هي (رئيس شورى التجمع اليمني للإصلاح) !!!! و مؤخراً هاهي السيدة توكل كرمان تطالب بأن تقوم هي بنفسها باختيار (الشباب المستقل) و جميعنا يعرف بأنها قيادية في حزب الإصلاح !! الله أكبر . . . . وهكذا سيحوز الإصلاح بشكل مباشر و غير مباشر على أكبر عدد من مقاعد الحوار ليفرض أجندته و هذا قطعاً أسلوب غير نزيه و غير شريف ، ناهيك عن محاولات (تفريخ ممنهج) لفصائل ستقدم للحوار على أنها من (الحراك الجنوبي) وهي لا تمثل القضية الجنوبية على الإطلاق ، و لا أعرف بالضبط هل يظنونا حمقى أم سُذج أم أغبياء أم ماذا بالضبط .

م/ محمد أحمد بن الشيخ فخر الوجود

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى