مساحات رأي

قاعدة الشيطان ( استهداف الروح لا الجسد )

قاعدة الشيطان

( استهداف الروح لا الجسد )

القاعدة .. وما أدراك ما القاعدة .. هي سرطان دول العالم الثالث ( الإسلامي ) .. تأكل الشباب فتهضمهم ليصيروا مخرجات مدمرة لهم ولمن حولهم .. بسبب غياب الدولة الراعية لهم ولظروف اقتصادية قاهرة وبطالة ترافقهم مثل ظلهم .. فلم يستطيعوا فهم ما يدور حولهم ولا نحن استطعنا الوصول لهم .. فصاروا في دائرة مغلقة تحيط بها أفكار هدامة لهم ولمجتمعهم فيبغون الجنة والمتعة والراحة الأبدية – في ظل انعدامها لهم – فيصيروا أجساداً مفخخة بلا روح أو عقل أو معنى للحياة .. ونقوم نحن بقتلهم سواء بعمد أو دون عمد .. متناسين بأنهم أبناؤنا وإخواننا ولهم حق علينا في تصحيح مسارهم نحو صراط الله المستقيم لا صراط الشيطان .. بل ونستعين بالشيطان ليقتلهم ونسير على خططه فيزدادوا توحشاً وغلظة .. ونتناسى بأنه هو من صنعهم صناعة شيطانية ليسفكوا الدماء بغير شرع الله متحججين بشرع الله .

فما الحل ، قتلهم أم أخذهم ؟

الحل يكمن في الوصول لعقولهم لا أجسادهم لقتلهم .. الحل يكمن في الوصول لأرواحهم المنيرة لا الخبيثة لجذبهم عوضاً عن تركهم للشيطان فيوسوس لهم بجنته التي خرج منها ليصطحبهم إلى جنهم وبئس المصير  .

دول العالم وفي مقدمتها أمريكا – وهي صاحبة السيادة والقطب الأوحد – لم تستطع القضاء على (بعبع) القاعدة فهل تستطيع دولة مثقلة بالجراح ومهددة بالتفكك والتشرذم .. دولة فقيرة عسكرياً واقتصاديا وعلمياً وعملياً .. دولة ضائعة لم تستطع القضاء على مخربي الكهرباء والمصالح الحكومية .. دولة (يعشعش) فيها الفقر والفساد ليكونا رفيقا حياة المواطن اليومية  .

هل استطاعت أمريكا والدول العظمى القضاء على القاعدة في دول احتلتها ؟ أم أنها تركتها تواجه القاعدة وظلت هي تحلب البقرة السمينة كي لا يعي الشعب أن بقرته تُخلب ؟

فلماذا نرى شبح القاعدة ينسج خيوطه في دول فقيرة ظاهرياً سمينة جوفياً .. ينتشر في دول متخلّفة عن العلم وركب الحضارات .. دول يمارس فيها كهنوت مشائخ الدين التكفيريين والجهاديين والمشبعين بالفساد وحب السلطة والشهوات .. دول يشيع فيها الفساد والحقد اللامحدود على الغير والعالم .. دول منغلقة بكل ما تحمله الكلمة من معاني الانغلاق الروحي والفكري والإنساني

وما جنت الدول التي حاربت وصارعت القاعدة وشبابها .. وقاتلتهم قتال شرساً كأنهم شياطين العوالم السابقة واللاحقة فتعاملت معهم كأنهم يأسوا من رحمة الله وخرجوا من جنته .. وجعلناهم هم العدو اللدود رغم هشاشة علمهم وفكرهم  .

فهل نعي أننا نقطع أوصالنا بأيدينا .. فقتلهم بيد من صنعهم انتصاراً لصانعهم وهزيمة لنا ولأبنائنا وإخواننا ولوطننا .. ويزيد شباب القاعدة حقداً وكمداً .. ويزيدهم سخطاً فيقتلوننا ويقتلون أنفسهم .. ونقتلهم ونقتل أنفسنا .. وبيد عدونا .. وبيد شيطاننا وشيطانهم .

القتل سهل والإحياء صعب .. ولكن الإحياء هو السبيل لقطع طريق الموت والقتل لهم ولنا .. كما أن الاقتتال يجرنا لمفسدة عظيمة .. وإلى طرق مسدودة بالدماء والجثث .. لن يكون أحد منتصرا في النهاية سوى الشيطان .

الحل بسيط .. ويكمن في الحضارة .. الحل في العلم والتعليم .. الحل في التوظيف والرعاية .. الحل في العدل والمساواة .. الحل في دولة قوية في كل مجالات الحياة لنصنع حضارة دولة لا قبيلة ولا كهنوت منغلق .

القاعدة تكسب زخماً عند رفضنا لشباب غرروا بهم عن طريق قوى الشر والمرتزقين .. وتكتسب تأييدا شعبيا عند دفع قوى الشيطان للشعوب نحو التطرف ورفض الآخر والانتقام وهذا ما رأيناه خلال النيل من نبي الأمة والعالم رسول السلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. وتكتسب قوة وتعاطفا شعبيا عند استهداف الأبرياء – عن طريق الخطاء – وذلك بطائرات وقوى الغير وتكتفي دولتنا بالاعتذار

بل الأدهى والأّمر أن يعلن رأس الدولة ذلك إعلامياً رغم أن من المفترض أن يحمي أبناءه وإخوانه ؟

فالله الله بشباب مغرر بهم .. الله الله بدماء اليمنيين .. الله الله بحرب القاعدة التي تستهدف المدني البريء والشباب المغرر بهم .. أما المذنبون حقاً فهم طلقاء ويتم استقبالهم رسمياً ونكن لهم الاحترام والولاء .

الإستراتيجية القائمة على القتل غير ناجحة وغير مجدية على الإطلاق لأن السرطان لا يواجه بمحاولة الاستئصال مباشرةً بمجرد اكتشافه  بل أن الأنجع هو الحد منه وتجميده وحصره تمهيداً لاستئصاله .. وإلا أنتشر انتشاراً قاتلاً

وليكن البحث حالياً عن التهدئة والهدنة .. والعمل على الوصول لعقول الشباب وقلوبهم وأرواحهم .. ثم إشغالهم بما يبني الوطن لا يهدمه ولنعيدهم للحياة .. وليكن ضرب القاعدة في مقتل وتحت الحزام وذلك عبر قياداتهم وبلا إعلام وذلك ما رأيناه يؤتي ثماره عندما أستهدف أسامة بن لادن – مؤسس القاعدة – حيث لم ينشر مقتله إلا بتصريح فقط ولم نر فيديو أو صورة عن العملية كي لا يكتسب تعاطف العالم .

وأفضل أن يتم ذلك بالترغيب قبل الترهيب ثم العمل على سحب البساط بهدوء من تحت قادة التضليل لتضيق أعمالهم فيجدون أنفسهم بلا غطاء ولا أتباع .

إن القاعدة بحاجة لخطط إستراتيجية أذكى وأدهى وأحدث وأمهر وعلى كل المستويات أهمها في المجالات العسكرية والاقتصادية والتعليمية .. لا خطط عسكرية فقط قد عفى عليها الزمن لأن القاعدة تعلمها جيداً وخبرتها طويلة في ذلك المجال .

وليتم إدراج التكتيك الميداني لتلك الخطط الإستراتيجية وفي جميع المجالات التي ذكرتها سابقاً لتتسم المناورة بالدهاء والحكمة والتنوع

سيقول الأغلبية أن إستراتيجية مثل هذه تحتاج لسنين حتى تنجح هذا إن كتب لها النجاح .. لكني أرد بأن أمريكا والغرب ودول مقاربة لنا مثل أفغانستان أسرفت سنين طويلة في مواجهات عسكرية عقيمة مع القاعدة وطالبان وفي الأخير فشلوا فشل ذريعاً .. بل أن رئاسة أفغانستان تبحث حالياً عن اتفاق سلام معهم ولم ولن ينجحوا لأنهم يسيرون وفق خطط سطحية لا عميقة .. كما أن أمريكا والغرب تركت حامد كارازي وراء ظهرها ليغرق وتغرق أفغانستان .. وهم تفرغوا لحلب البقرة السمينة .

وأخيراً أذكّر .. لا يمكننا الاستعانة بمن صنعوا القاعدة في خططنا لأنهم أصلاً مخترقون منها ولأنها صنيعتهم .. ولا ننسى بأن معظم نفقات الدولة في الجانب العسكري فليتم إذاً استغلالها جيداً وسننجح بعون الله تعالى .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى