حواراتشريط الاخبار

الجفري : المشهد السياسي بائس وينذر بكارثة قد تكون فريدة في تعقيداتها لم يشهدها اليمن في تاريخه المعاصر

نقلاً عن الجمهورية .

كنت قد أجريت هذا الحوار لصحيفة «26سبتمبر» مع الاستاذ عبدالرحمن الجفري، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) بداية العام 2010م لاستقراء رؤيته حول المشهد السياسي اليمني والدعوة للحوار بين الأطراف السياسية ولكن قيادة الصحيفة حينها اعترضت على تناوله المتعلق بالفيدرالية باعتبارها من وجهة نظره حلاً يبقي اليمن موحداً وفي نفس الوقت ينهي ما يعرف بالقضية الجنوبية، فلم توافق على نشر الحوار بحجة ان هناك تحسساً من قبل القيادة السياسية نحو لفظ الفيدرالية.. وبالمقابل أصر الاستاذ الجفري على نشره كاملاً أو تأجيله ورفض حذف كلمة واحدة منه فاحتفظت به.. وبعد هذه الفترة الزمنية عدت لقراءته فوجدت مضامينه تنطبق على الوضع الراهن الذي نعيشه اليوم، حيث تنبأ حينها أن اليمن سيشهد كارثة قد تكون فريدة في تعقيداتها لم يسبق أن شهدها في تاريخه المعاصر بحكم تراكم المشاكل والأزمات التي صنعناها ولم نوجد لها حلولاً بسبب المماطلة والتساهل في حلها وترحيلها من وقت لآخر.
من خلال التطور الحاصل في صحيفة «الجمهورية» التي فتحت المجال للرأي الآخر وجدت أنه أصبح ممكناً نشره على صفحاتها.. إلى تفاصيل الحوار:
> بداية نشكر الأستاذ عبدالرحمن الجفري على تعاونه مع «26سبتمبر» لإجراء هذا الحوار، وسؤالنا الأول يتعلق بقراءتكم للمشهد السياسي الراهن وتداخلاته الوطنية والإقليمية والدولية.. وما هي رؤيتكم لما يمكن أن يتمخض عنه هذا المشهد السياسي من افرازات.. وهل سيحمل مؤشرات ايجابية للخروج من الإشكاليات الراهنة.. ام انه سيجلب معه المزيد من التعقيدات؟.
> > المشهد السياسي الحالي سبق ان قرأناه وتحدثنا حوله منذ سنوات سواء قبل عودتي إلى اليمن أم بعدها.. والحلول هي نفسها لم تتغير، فالذي كنا نراه في الماضي من المعالجات للقضايا هو نفسه الذي نراه اليوم.. انا اعتقد ان المشهد السياسي المحلي بائس وينذر بكارثة لا سمح الله قد تكون فريدة في تعقيداتها وربما لم يشهدها شعبنا من قبل في تاريخه المعاصر.. لقد راكمنا المشاكل والأزمات وصنعناها وأصبح لابد من المعالجة السريعة.. اليوم لم يعد الوقت كالسيف وانما هو السيف وسيف حاد.. فلا مجال أبداً لمماطلة الماضي والتساهل في حل المشاكل او ترحيلها من وقت إلى آخر.. يجب ان تتخذ خطوة ايجابية في الإتجاه الصحيح من اجل ان تقرب الحلول.. وان العائق الأساسي هو بناء اساس الدولة وقد سبق ان قلت هذا الكلام بوضوح للأخ الرئيس واليوم اكرر قوله لصحيفة «26سبتمبر» نحن لو أقمنا دولة الوحدة على اساس صحيح منذ البداية لم نكن لنشهد لا حرب 1994م ولا حوثياً ولا حراكاً ولا قاعدة ولا ازمة، لكن مع الاسف الشديد الدولة قامت على اساس نظام الدولة البسيطة وهذا نظام قاتل لا يقبل اي جهود اصلاحية ولا اي تطور في العالم. عندما نقول هذا الكلام ونقول ان العلاج يكمن في اقامة الدولة المركبة «الفيدرالية» وان كان البعض قد فهم كلامي هذا خطأ فلم يعرفوا ان يفرقوا بين الفيدرالية والكونفدرالية، حيث قالوا: ان هذه خطوة نحو الانفصال، ونحن نقول انها خطوة نحو ترسيخ الوحدة المجتمعية للبشر التي مزقناها بتصرفاتنا من خلال نظام الدولة البسيطة، نحن ندعو إلى وجوب ترسيخ الوحدة المجتمعية للناس بالمودة بدل البغضاء وازالة الجدران الفاصلة التي تبني الآن بين الناس، وبدون ذلك لا يمكن ان تقوم دولة على الأرض ولن يكون هناك استقرار. ولذلك الإخوان الذين يخلطون بين الفيدرالية والكونفدرالية هم يخلطون بين المفهومين فالكونفدرالية تعني دولتين مستقلتين وتعني وجود برلمانين مستقلين وعلمين مستقلين ووجود حدود فاصلة بينهما وتمثيل دبلوماسي مستقل وجوازات مستقلة وهي عبارة عن اتفاقية تعاهدية للتنسيق في قضايا معينة كالاتفاق مثلاً في السياسة الخارجية أو في التعليم او الاقتصاد.. هذه هي سمة الدولة «الكونفدرالية» ونحن لا نطالب بها. اما الفيدرالية فهي ارقى ما وصل اليه العقل البشري من بنى للتوحد بين الدول.. وتأكيداً على انها ليست انفصال وانما ترسيخ للوحدة.. اريد اي انسان يأتيني يمثل لدولة قامت على أساس فيدرالي من دولتين او اكثر او اقليمين او اكثر وطالبت بالانفصال.. اعتقد لا يوجد لكن ربما قد يكون هناك مثل نادر واريد من يعرف عنه ان يأتيني به، وذلك بعكس الدول التي توحدت على اساس نظام الدولة البسيطة المركزية التي لا يوجد منها دولة واحدة بقيت على حالها وانما تمزقت جميعها.. لذلك فنظام الدولة المركبة يحفظ للانسان انسانيته ويحس كل مواطن بأنه شريك في وطنه ويسهل عملية التنمية، وكذلك يسهل عملية الأمن في كل منطقة.. لأن جهاز الأمن في هذه المنطقة او تلك يكون أسرع في عملية التحرك عندما يقتضي الأمر ذلك وتقام بفضل هذا النظام دول يثق فيها الجميع وتتفرغ رئاسة الدولة والحكومة المركزية للقضايا الاستراتيجية والسيادية التي هي مسؤولة عنها.. أما عندما تكون الدولة المركزية مسؤولة عن تعيين جندي شرطة في قسم و مسؤولة عن وزير فهذا لا يركب أبداً.. حتى في النواحي الاقتصادية آخر ما وصل إليه العلم من اسس للاقتصاد تحقق اعلى معدلات التنمية هي لا مركزية الاقتصاد المحلي وقد ألفت في هذا الموضوع كتاباً وطبعته وأهديته للأخ الرئيس وللأخ الدكتور عبدالكريم الإرياني اسمه «دمسك استيج» وقد ترجمه بعض الإخوة بالمرحلة التالية والحقيقة انه المسرح التالي.. وكان قد تضمن البحث فيه حولاً لا مركزية الاقتصاد في إطار دولة الوحدة، وأيضاً لا مركزية الاقتصاد تجر إلى لامركزية الحكم. اذاً الفيدرالية لا نطرحها اليوم كحل للأزمات الموجودة وانما هي الأساس لبناء الدولة وهي المانع أصلاً لنشوء الأزمات وهي الوقاية من الأزمات.. وبالتالي في وجود الأزمات تحل الأزمات، قالوا انهم اتفقوا على دولة اندماجية وهذا غيرصحيح فما أعلن يوم 22 مايو 1990م ليس دولة اندماجية بمعناها الحقيقي وانما هو مصطلح سياسي اعلامي.. وفي حقيقة الأمر ان الفيدرالية ايضاً اندماجية وعندما نتحدث عن الاندماج لا نتحدث عن اندماج في الدولة الفيدرالية المواطن واحد ولا فرق بينه وبين اي مواطن آخر ولا توجد قيود على مواطني الدولة الاتحادية لا في التنقل ولا في العمل ولا في السكن ولا في الفسحة ولا في الاقتصاد ولا في اي شيء بين منطقة وأخرى وكأنه يعيش في مسقط رأسه اذاً الأساس في نظام الدولة المركبة هو اندماج البشر وبذلك يتحقق أرقى انواع الاندماج السكاني بل تمنع اية عوامل تفرقة بين السكان على اساس المنطقة او القبيلة او الحزب او المذهب وانما بالعكس هي تضع المواطنة السوية وهناك من اعترض على هذا المصطلح «السوية». وقالوا: لماذا لا نقول: «المتساوية» فقلنا لهم: «السوية» أوسع من المتساوية، لأنها تشمل الأمور المادية والمعنوية مثل العامل النفسي والعامل الروحي والاخلاقي والقيمي وكل ما يتعلق بكرامة الإنسان، وعن عوامل الماديات ان يكون المواطنون متساوين امام القانون وامام كل الحقوق، وهذا هو الذي يحقق المواطنة السوية للإنسان ويحقق الشراكة لكل الناس في إدارة بلادهم وحكمها.. وما لم نتجه فوراً إليها فقد لا نستطيع حل المشاكل وإنما قد نستطيع ان نحل اعراض المشاكل.. مثل ان نسحق الحوثي بالقوة او بالتفاهم معه، ولكن هذه المشكلة ستعود من جديد وتحت مسمى آخر وبسبب ثانٍ لأن الغبن مازال موجوداً.. ونفس الشيء بالنسبة للحراك الجنوبي فقد نضربهم او نراضيهم او نوجد اي حل معهم، ولكن كل ذلك لا يحل اساس الإشكالية وانما يزيد الفاصل بين الناس وهذا الفاصل او الجدار يزيد الكراهية بين الناس.. بينما الفيدرالية تبني اسس المحبة وتزرع ورود المحبة بين الناس.
> ألا ترون بأن تطبيق الحكم المحلي كامل الصلاحيات يشكل خطوة اساسية في هذا الطريق؟
>> الحقيقة.. لا.. مع اننا لم نغير رأينا في مطالبتنا من قبل.. تطبيق الحكم المحلي واسع الصلاحيات.. نحن انزلنا مشروع قانون للحكم المحلي سنة 1997م وكان مضمون هذا المشروع فيدرالي لكن كان صعب علينا ان نقوله في ذلك الوقت، ومع الأسف يوجد كثير من المثقفين الى اليوم غير قادرين على فهمه.. ولو كانوا قادرين على الفهم والاستيعاب لكانوا فهموا مقصدنا.. فعندما نقول: دولة مركبة هي لا تعني غير الفيدرالية في علوم السياسة، ولا ندري.. لماذا لم ينتبهوا لهذا المصطلح ويفهموه مع اننا في البند الثاني اشرنا بكل وضوح الى الدولة المركبة وهي تعني الفيدرالية.. وعندما جئنا في مبادرتنا الجديدة قبل عدة اشهر وبالتحديد في يوليو من العام الماضي لم نأت بجديد وانما نقلناها بالنص وقدمنا ما هو في مشروعنا القديم للإصلاحات عن الدولة المركبة كما هو واضفنا إليه كلمة واحدة هي الفيدرالية.
> معنى ذلك أنكم فقط غيرتم التسمية؟.
>> نعم فقط غيرنا التسمية.. أما المشروع فهو مطبوع وموجود في موقعنا، اي انه مشروع الإصلاحات القديم وسنعطيكم نسخة من هذا المشروع للإطلاع عليه.. ولعلنا ندرك ان الغبن والقهر والحساسيات والتميز تتراكم بسبب المركزية ولذلك نريد ان يشعر المواطن بأنه شريك في بناء بلاده.. ولا يجب ان نخاف من الفيدرالية لأنها لا تؤدي إلى الإنفصال ولا تؤدي إلى نقص في حقوق المواطن وانما تزيد هذه الحقوق اينما حل في بلاده.. البلد اسمه اليمن والمواطن يمني.. اذاً هناك اندماج في المواطنة وكلما في الأمر اننا فرغنا السلطات المحلية.. وعلينا ان نستفيد من الدول التي تقدمت بنظامها اللامركزي مثل امريكا والمانيا والهند وماليزيا.. وغيرها، وبالمناسبة امريكا اعتمدت الفيدرالية منذ اول يوم تأسست فيه حيث بدأت بثلاث عشرة ولاية على اساس فيدرالي وكانوا حينها اقل منا ثقافة واقل منا وعياً سياسياً اليوم.. فاليوم مع انتشار البث الفضائي بجميع وسائله شعبنا شهد وعياً كبيراً، من قال انه لابد من بناء دولة مركزية في اليمن، لأنه لا يمكن ان تقوم دولة مركزية قوية في بلد كاليمن تاريخه كله انقسامي سواء كان في الشمال أم الجنوب، فقبل الاستقلال كان الجنوب يتكون من اكثر من عشرين إمارة ومشيخة وكذلك في الشمال كانت تنشأ فيه العديد من الدول في وقت واحد، ولذلك فمن الصعب ان تتمركز الدولة فيه، نريد مثالاً واحداً على مدى تاريخ اليمن يقول بوجود دولة مركزية كانت تهيمن على كل شبر في الأرض اليمنية.. هذا لا يوجد.. اذاً الحكم اللامركزي هو الأصلح لليمن، ولا يوجد خوف على وحدة اليمن من الفيدرالية وانما الخوف على اليمن ووحدته هو من ان تستمر الأوضاع على ما هي عليه، الحوثي في الشمال والحراك في الجنوب والقاعدة في كل اليمن.. هناك معاناة وهناك تمييز، وأنا اقول بكل صراحة والله لو لم نكن فهم لأوضاع بلادنا وتقدير ظروفها وإلاَّ لكنا معهم اليوم.. والذي يقول لا توجد معاناة فاهمين يتجاهل حقائق كثيرة ولا نقول ان المعاناة توجد فقط في الجنوب وانما موجودة في الشمال ايضاً.. ولذلك نقول: لابد من اتخاذ خطوات ايجابية تخفف من هذه المعاناة ليس بالضرورة ان تكون فيدرالية وإنما حتى في إطار حكم محلي كامل الصلاحيات، وهذا هو الصح وهو الذي سيخلق تنمية حقيقية لأنه بدون وجود تنمية لا يمكن ان تكون هناك دولة.. والتنافس بين الأقاليم او المحافظات او المخاليف تحت اي مسمى حتى لو نقول صنعاء واحد وصنعاء اثنين وعدن واحد وعدن اثنين ليس مهم التسمية سيخلق تنمية.. لكن اذا استمرت الاوضاع على ما هي عليه فلن نستطيع ان نحقق لا أمن ولا استقرار، ولا نستطيع ان نبني دولة بل سيطلع لنا بين كل فترة وأخرى مشكلة جديدة سواء في الجنوب او الشمال او في الوسط.. بلدنا بحاجة إلى التسريع في إيجاد الحلول لكل المشاكل.
> وماذا عن قراءتكم للمشهد السياسي إقليمياً ودولياً حول اليمن؟.
>> إقليمياً ودولياً علينا ان ندرك ان كل من حولنا متفقين على صلاحنا.. لكن مع الأسف نحن اليمنيين إلى هذه اللحظة لم نتفق على اصلاح أنفسنا وأوضاعنا.. وربما لأول مرة الأقليم يريد صلاح اليمن ويريد استقلال اليمن وبإجماع، وكذلك لأول مرة العالم يريد صلاحنا وبإجماع أيضاً حتى الصومال الممزق والذين يعيشون حالة تمزق وحرب يعلنون تضامنهم ودعمهم لوحدة اليمن.. سفيرنا في ماليزيا يصرح باسم الحكومة الماليزية مؤكداً وقوف ماليزيا إلى جانب اليمن ومع أمن واستقرار اليمن.. لكن مشكلتنا أننا نقرأ مواقف هذه الدول خطأ.. صحيح هم مع أمن واستقرار اليمن لكنهم يقولون لنا عندما يطلقون هذه التصريحات وهذه المواقف ان أمننا لا يوجد وان استقرارنا غائب، وهم بذلك يوجهون دعوة لإصلاح أوضاعنا، للأسف الشديد – ان هناك قراءات خطيرة وخاطئة وهي ان الآخرين معنا على ما نحن عليه هذا غير صحيح، ولو كانوا معنا على ما نحن عليه ما دعوا إلى عقد مؤتمر في لندن ليناقشوا الأوضاع في اليمن إذاً هذه فرصة يجب ان نستغلها لنصلح أوضاعنا.. فالعالم يقرأ التاريخ ويأخذ من عبره أما عندنا في اليمن فنحن نقرأ التاريخ ونتصارع على أساسه اي اننا نتصارع على امور حدثت وبدلاً من ان نفكر في عبرها نتصارع عليها ومن اجلها وننشئ صراعاً جديداً بناءً على ما حدث في التاريخ. العالم يقيم استراتيجية مصالحه على أسس جغرافية ونحن نقرأ الخرائط ولا نعرف اهمية جغرافية بلدنا، والكثيرون – مع الأسف وانا منهم – لا يعرفون ان اليمن تشكل مفتاحاً جغرافياً من اهم المفاتيح للمنطقة وللعالم وان العالم اليوم يقيم اعلى وزن للجغرافيا.. الجغرافيا هي التي جعلت بترول العالم محبوساً في دول الخليج والعراق وايران عبر المضايق، وجغرافيا اليمن جعلت بلادنا مفتوحة على البحر العربي ومفتوحة على المحيط الهندي الذي يشكل مفتاحاً مع آسيا كلها.. وبريطانيا عندما قامت بنت سياستها على البحار ونظريات الفلاسفة الكبار طبقتها على ارض الواقع بل ان الجغرافيا والبحار والمحيطات هي مفتاح العالم.. وبذلك قامت بريطانيا وانتشار امبراطوريتها العظمى على هذا الاساس. وامريكا لما ارادت أن تأتي إلى المنطقة بدأت باسطولها الخامس فالكل أراد ان يتحرك إلا نحن.. نحن مستخدمون على الأقل نعرف لماذا نستخدم.. فبلادنا تشكل اهمية قصوى سواء من الناحية التجارية بالنسبة للنفط ومن ناحية عدن كموقع استراتيجي على بعد اربعة اميال من الخط البحري الدولي، زائد البحر العربي الذي يشكل مفتاحاً للمحيط الهندي شمالاً والمحيط الهندي يشكل مفتاحاً لكل آسيا المنطقة الهامة والأساسية في العالم والتي يجري الصراع عليها.. العالم له مصالح عندنا ونحن في مرحلة من مراحل التاريخ البشري الذي اصبحت فيه المصالح متشابكة، اما مواضيع السيادة فأصبح لها وضع آخر أو مفاهيم ثانية.. مواضيع السيادة.. كيف أحقق كرامة ابناء بلادي وكيف احقق واحافظ على استقلاليتهم وحريتهم وديمقراطيتهم ومعيشتهم وتعليمهم ودوائهم هذه هي الكرامة والسيادة.. صحيح انا اسمح للعالم وارعى مصالحهم في بلادنا ولكن لي حق ان آخذ مصالحي من العالم في بلادي.. هذه من الناحية الاستراتجية مهمة.. نحن اصحاب المدرسة الأولى في العالم الإسلامي من حيث التسامح الحقيقي والاعتدال في الإسلام في وسط آسيا وجنوب شرق آسيا وشرق افريقيا وهي تجربة لم تمر بأحد.. ولذلك اختيرت تريم عاصمة الثقافة الإسلامية لهذا العام، لكن للأسف من يديرون الأمر بخصوص الفعاليات يجهلون تاريخ هذه المدينة وبالتالي لا نقرأ في محاضراتهم ولا في فعالياتهم تاريخ تريم وان كان فيه شيء يفعلونه سيكون ثانواً.. الأساس الذي اختيرت تريم على اساسه لا يتحدثون عنه.. صحيح انهم يقيمون للأستاذ علي أحمد باكثير وهو روائي عظيم ولا شك في ذلك ولابن خلدون وهو عالم اجتماع عظيم ويجب ان يكرموا لكنهم لا يضاهون ما قاموا به علماء حضرموت في نشر الاسلام والذين بسببهم أصبحت تريم عاصمة الثقافة الاسلامية لهذا العام، فيحجم هذا ويضخم ذلك بلا سبب لأن القائمين أو المشرفين على الفعاليات لا يوجد أحد من تريم عاصمة الثقافة الاسلامية لا أحد من اهلها موجوداً في ادارة هذه الفعاليات مع ان هذا الموضوع الذي يجب ان نروج له في العالم ونقول لهم ان التطرف الجاري في بلادنا دخيل وليس لنا علاقة به وإنما هو غريب على بلدنا وان المدرسة التي نشرت في العالم الإسلامي على أيدي اليمنيين وهي الأساس هذه المدرسة لاتزال موجودة ومدرسة زبيد موجودة ومدرسة ذمار موجودة ومدرسة الجامع الكبير موجودة.. فليس من المعقول ان نخفي هذا وهو الذي يجب ان نبرزه ولا نستهين بهذا التوجيه في كبح التطرف فكرياً؛ لأن الإرهاب يأتي بتطرف فكري ثم ينتقل إلى تطرف تكفيري ثم تفجيري وهنا يسهل عليه التكفير.. إذاً العالم يريد بلادنا ان تصلح والعالم مع بلادنا وسيساعدنا، ولكن يجب أولاً ان نساعد انفسنا.. أما ان تبقى الجوهرة في أيدي الفحامين الذين هم نحن فهذا لا يجوز.. علينا ان نصون هذه الجوهرة التي هي اليمن ونحافظ عليها.
> وقفت الهيئة المركزية لحزب رابطة أبناء اليمن في اجتماعها الأخير أمام جملة من القضايا الوطنية الملحة.. وأكدت الاستجابة لدعوة رئيس الجمهورية للحوار.. وقبل هذا قمتم بمبادرة لآلية الحوار.. والسؤال هنا لا يتعلق بالآلية وإنما بمضامين الحوار.. وما هي الأهداف التي تتوخونها وتتوقعون الوصول إلى تحقيقها.
>> الذي نتوخاه لم نطرحه في مبادرتنا وإنما طرحناه بناءً على دراسة معمقة وليست دراسة يوم ولا شهر ولا سنة ولا سنتين وإنما هي دراسة سنين، وحتى موقفنا من التعديلات الدستورية.. وبالتالي فإن القائمين بأعمال لجنة التحضير للحوار لا يدرون ماذا يعملون.. لكن الحمد لله نحن الحزب الوحيد الذي خرج بهذه النتيجة ولم يدعنا أحد من مجلس الشورى، وهذه ليست قضية وفيهم البركة لكن على الأقل يجب ان يتناقشوا.. نحن قدمنا مبادرتنا ولا شك ان هناك مبادرات أخرى من غيرنا ونحن طرحنا رأينا الصح، لكن قد يكون رأي غيرنا أصح حول رؤانا ورؤى غيرنا في السلطة وخارج السلطة.. لكن عندما تستفرد اللجنة التحضيرية للحوار ولا تعرف ماذا تفعل فهذه إشكالية.. وقد علمنا ان الذين سيحضرون الحوار قرابة ستة آلاف شخص وهذا في حد ذاته يعتبر مهرجاناً وليس حواراً لكن من أجل ان نتحاور ومن أجل ضمان نجاح الحوار لا يجب ان يدعى إلى الحوار غير العشرات يمثلون كل القوى السياسية ولا يزيدون على الخمسين إلى المائة.
> في رأيك لماذا تم اختيار هذا الكم الكبير؟.
>> أنا لا أحكم على النوايا لأن الحكم على النوايا خطأ ولا أحكم على رأي أحد.. لكن الذي حدد هذا العدد عليه أن يوضح لماذا تم اختيار خمسة آلاف أو ستة آلاف للمشاركة في الحوار.. وما هي الحكمة من ذلك، لقد بدأت الفكرة بألفين وخمسمائة ثم تصاعد هذا الرقم إلى ستة آلاف، أكيد ان في ذلك حكمة، وعندما نعلم هذه الحكمة لا نستطيع ان نقول ان هذا خطأ.
> ماهي الأسس التي جعلتكم توافقون على المشاركة في الحوار؟.
>> نحن كحزب الرابطة أول من دعا للحوار.. ليس من اليوم وحسب وإنما منذ تأسيس الرابطة في أول مؤتمر عقد في العام 1956م ولم نستغن عن احد وطلع هذا المؤتمر بوثائق وظللنا ندعو للحوار دائماً، فأحياناً ننجح واحياناً نفشل واحياناً نوصل إلى شيء.. قبل الحرب عام 1994م كنا ندعو للحوار وبالتالي الحوار بين السلطة وناس خارج السلطة.
> لماذا لا تقول بين الحكومة والمعارضة؟.
>> أنا لن أقول ذلك لأنه لا توجد دولة ولا توجد معارضة لدينا سلطة على رصيف الدولة ومعارضة على رصيف المعارضة، لا الدولة دخلت بيتها ولا أحد دخل بيتنا ولذلك أي حوار يدعو إليه صاحب قرار نحاول ان نضع ضوابط نضعها أمام النجاح فإن قبلت نعتبر ذلك خيراً وإن لم تقبل لازم نحضر لأن الحوار قيمة في حد ذاته وان نحاول من خلال الحوار ان نضع الضوابط التي طرحناها ونحن خارج قاعة الحوار.. وأنا قلت في المؤتمر الصحفي عقب اجتماع الهيئة المركزية لحزب رابطة أبناء اليمن لو لم يوجد إلا مساحة أصبع للرابطة سوف ندخل هذه الأصبع حتى لو قطعناها.. لكن نقاط الحوار التي تشترك فيها السلطة ويشترك فيها صاحب القرار وغير صاحب القرار ما أعتقد أنها حكمة.
> هل قمتم بأي دور للتواصل مع القوى الوطنية الأخرى على الساحة الوطنية لإنجاز عملية الحوار.. وما هي نتائج هذه الجهود.. وهل تتوقعون مشاركة أحزاب اللقاء المشترك.. وما هي دعوتكم إليهم؟.
>> نحن لم نبذل جهوداً بحيث نقول لهذا الطرف أو ذاك شارك أو لا تشارك، لأن كل إنسان له رؤيته ونحن نحترم كل الرؤى الرافضة للحوار والقابلة للحوار.. الإخوة في المشترك يقولون إنهم قد وقعوا اتفاقاً مع المؤتمر الشعبي العام في فبراير من العام الماضي، وعندما اختلفوا على آلية الانتخابات والاتفاقية المكونة من أربعة أسطر يقال إنها تضمنت الحديث عن إصلاحات وتعديلات دستورية، وهذا مجرد عنوان.. وكان فيها تمديد لمجلس النواب واختلاف على اللجنة العليا للانتخابات ومصرين أن هذا الاتفاق لابد أن ينفذ، أي بما معناه انهم يريدون أن يقتصر الحوار عليهم وعلى المؤتمر الشعبي.. وإذا ما رأوا بعد ذلك أن تشاركهم بعض القوى السياسية مثلنا أو يتفضلوا عليها بالدعوة للمشاركة.. ومثل هذا التصرف لا نقره وإن كنا لا ننكر عليهم حقهم في أن يتفقوا مع المؤتمر الشعبي العام حول قضايا معينة تخصهم هم مثل اللجان الانتخابية وغيرها.. لكن أن يتحاوروا ويتفقوا بشأن وطن.. فليس الوطن ملكهم ولا ملك أحزابهم في السلطة والمعارضة ولا الوطن ملك لرؤساء هذه الأحزاب أياً كان موقعها في السلطة والمعارضة.. الوطن هو ملك الجميع ونحن أصحاب الدعوة للحوار وليسوا هم.. الآن يقولون إنهم لن يستثنوا أحداً وأن لديهم خيارات أخرى بعد أن شكلوا من خلال التشاور الوطني لجنة تحضيرية برئاسة الاستاذ محمد سالم باسندوة وهم يريدون دمجها مع اللجنة الأخرى.. أو ان كل طرف منهما يريد أن يصل إلى وثيقة ثم يتم مناقشتها وهم يعلمون أن ليس لدينا وقت لذلك.. المطلوب هو حضور كل الناس للحوار، أما ان يتم مناقشة الأمور مع كل طرف بمفرده، فهذا لا نقبله ويناقشون من جديد ويدرسون الوثائق ويسمى البعض منهم معارضة والآخرون موالاة.. نحن لسنا موالاة وإنما لنا رؤيتنا في نقد النظام بل ننقد الرئيس أمامه بقوة ولكن بأدب ونحن ننقد بكلام لا يقولونه هم.. أيضاً الذين يحضرون في مجلس الشورى ليس كلهم موالين للحكومة وإنما نحن كلنا موالين للوطن.. وان كنا لا ننكر عليهم أنهم موالاة للوطن.. لكن الشيء الذي ننكره عليهم هو أن يقسمونا بين موالاة ومعارضة وبالطريقة التي يريدونها، فصاروا هم الذين يحددون من هم المعارضة ومن هم السلطة.
> ما الدعوة التي يمكن أن توجهها إليهم؟.
>> أنا أوجه دعوة للكل ولا أستثني منهم أحداً وأقول لهم: إن 23 فبراير غير يناير وغير ما بعد 28 يناير.
> لماذا يبدي البعض تحفظاً تجاه الحوار الوطني؟.
>> أنا نفسي لديّ تحفظات وطرحتها باسم حزب الرابطة، لأننا نريد أن تتحقق عوامل النجاح للحوار.. لكن التحفظ ليس الرفض، ومن حق حتى الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني أن يبدي تحفظات لم لا.. فالتحفظ أمر مشروع لكن الرفض أمر آخر، والواجب هو أن نجتمع جميعاً من أجل الوطن سواء مع من نرضى به ومع من لا نرضى به، بل ومع من نراه صغيراً في أعيننا ومن نراه كبيراً ولا يجب أن نستصغر أحداً.
> خلال الاسبوعين الماضيين برزت اليمن ضمن أولويات الاهتمام الإعلامي السياسي الدولي وبالذات اهتمام الإدارتين الأمريكية والبريطانية.. كيف تنظرون لمبررات هذا الاهتمام المفاجئ.. وكيف تعلقون على ما تنشره بعض وسائل الإعلام والمثقفين العرب من تشاؤم وريبة حول مثل هذا الاهتمام وتخوفهم من تكرار تجارب سابقة في افغانستان والعراق وباكستان؟. 
>> بالنسبة لي هذا الاهتمام باليمن وبما يجري فيها ليس مفاجئاً، لأننا لعبنا بالنار، وأقصد كل الأطراف وليس طرفاً بعينه، كما أننا تسببنا في أن تكون بلادنا ملجأ لهذا النوع من التطرف.. بل استخدمناه في مراحل مختلفة ضد هذا وذاك.. إن هذا دين الله والله يغار على دينه، وقد حذرنا مرات عديدة وقلنا ابعدوا الدين عن الاستخدام السياسي وعن الاستخدام المذهبي، ودين الله في الصراع السياسي، الدين هو الكل.. لكن أن نحوله إلى صراع سياسي لضرب هذا الطرف أو ذاك، فهذا لا يجوز أبداً.. وبالتالي ما كنا نراه ونسمعه من وجود تطرف وحاملين للواء التطرف وقاعدة وغير قاعدة هو أمامنا الآن وأصبح مشاهداً ولم يعد سراً.. بل لم ينقصه إلا أن يقوم بتأسيس حزب وكان العالم يراقب ويتابع ما يجري في بلادنا وهو صابر، لكن كما يقال فاض الكيل.. وحقيقة لا أتوقع بأن رئيس دولة يجد معلومة بأن واحداً من مواطنيه المسؤولين حدث عنده تقصير في عمله وأنه لا يحاسبه.. نحن في الأحزاب نحاسب أنفسنا، حيث رئيس الحزب يحاسب وهو يحاسب الذين تحته إذا أخطأوا.. الرئيس أوباما أعلن عن وجود تقصير في عمل عناصر الأمن وقال: إنه سيحاسب من عينهم مسؤولين، لأنهم لا يسمحون بأن يقتل أبناؤهم، فهذه حاجة كبيرة عندهم، وهي حاجة كبيرة عند كل إنسان، فهدر دم الإنسان أعظم عند الله من هدم الكعبة حجراً حجراً، لكن نحن كعرب ومسلمين أهملنا هذا الجانب وسمحنا بإهدار دم مواطنينا.. فكيف نريد للعالم أن يسكت عنه وكل مصادر الارهاب من عندنا؟!.. الحكومة اعترفت بوجود عمر الفاروق الذي حاول تفجير الطائرة الأمريكية بأنه كان في اليمن في العام 2004م، وكان في الشهر الأخير من العام 2009م موجوداً في اليمن أيضاً.. فماذا نتوقع من العالم أن يفعل؟.. نحن الذين جبنا المصائب لأنفسنا.. وبالنسبة للإخوان العرب الكتّاب والصحافيين الذين يتخوفون نقول لهم: تخوفكم على العين والرأس، ولكن هذا الصياح غير المجدي لا ينفع، لأن المفروض أن تصيحوا علينا نحن اليمنيين وتنصحونا بالتعقل وإصلاح أمورنا ولا تطبلوا لنا لتأخذنا العزة بالإثم، وبعد ذلك تدمر بلادنا، والمفروض أنهم يعاونوننا على بناء بلادنا ولا يهيجون عواطف الناس ومشاعرهم.. لم يحصل مثل هذا لا في العراق ولا غيرها، ولا نريد أن نسمع النواح من أحد.. نواحهم لا ينفعنا وصياحهم وتهييج للعواطف لن تجعل العالم يقف مكتوفاً في الدفاع عن نفسه وعن أبنائه الذين يقتلون.
> مع أن حزب الرابطة يتبنى رؤية واضحة ومحددة تتسم بالشفافية والعقلانية والموضوعية.. إلا أنه يقال إن الكثير من الكوادر الرابطية تعمل بفاعلية في إطار ما يسمى بالحراك الجنوبي وتتخذ من الاسلوب نفسه الذي يتخذه الحزب الاشتراكي اليمني.. ما تعليقكم؟.
>> نحن في الرابطة واضحون، وعندما نؤمن بمطالب الحراك ستلاقوني أنا أول واحد في الحراك.. نحن أكبر من أن ندس أحداً في الحراك.. صحيح أن هناك بعض القيادات الرابطية انضموا إلى الحراك وبعضهم فصل، ولذلك نحن واضحون لدرجة أن نقول الحقيقة بشجاعة ولا نخشى من قولها.. وأقول بكل صراحة: إنني احترم أصحاب الحراك رغم اختلافي في الأساس مع الحلول أو المطالب التي يطرحونها.. اعلم انهم على حق فيما يعانونه، وأعلم أن ما ينادون به من حلول ليست سليمة.. لكن عملية توزيع الأدوار هذه ليست عندنا، ولا نقول اعتراضاتنا في السر وإنما نرفع أصواتنا بقول الحقيقة جهراً عندما نرى أنه يجب قولها.. ونحن مع كل ما يطرح ويطالب بالحل الصح، لأن التمزق ليس في صالح أحد.. واذا ما حصل هذا التمزق لا سمح الله، فلن يبقى هناك شمال وجنوب.. وإذا استمرت السلطة تعاند أو الحراك يعاند أو غيرهم يعاند فلن يكون هناك يمن أصلاً لن يكون الجنوب كما هو ولا الشمال كما هو وإنما ستتمزق اليمن الى أشتات.. ولو كنا نقبل بهذا التوجه لهؤلاء الذي لا يخدم الحفاظ على وحدة اليمن سيكون عبدالرحمن الجفري على رأس هؤلاء.. فأنا لا أخشى الموت، لأن الموت واحد، ولا يستطيع أحد أن يزيد أو ينقص في عمره.. صحيح أنني أحب الحياة مثل غيري، ولكني أؤمن أن لا أحداً يستطيع أن يمد في حياتي أو ينهيها قبل أوانها إلا الله وحده.
> بعض القوى تطرح اشتراطات للحوار بغرض إعاقة الحوار.. ما رأيكم في هذا الطرح وهل يخدم عملية الحوار؟.
>> أنا لا أحكم على النوايا.. إنما من حق كل طرف أن يطرح شروطاً أو تحفظات على عوامل يرى أنها تساعد على إنجاح الحوار وليس إعاقته، ومن حق هذا الطرف أن لا يتدخل في حوار إذا رأى انه سيفشل إذا ما صار كذا وكذا.. صحيح قد نختلف مع ما يتم طرحه من شروط أو مبررات؛ لكن لا نستطيع أن نحكم على نواياه وأنه يريد بذلك إعاقة الحوار.. المفروض في هذه الحالة أن نناقشه فيما يطرحه، فإما يقنعنا أو نقنعه، لكن أن نتهمه بأنه معرقل فهذا لا يجوز.
>  ألا ترى إذا كان هناك قبول بهذه الشروط أياً كانت، فمعنى ذلك أن لا داعي للحوار؟. 
>> لا.. هناك فرق بين الشروط والعوامل لإنجاح الحوار وبين مخرجات الحوار.. لأن مخرجات الحوار يقرها جميع الأطراف المتحاورة في الحوار.. أما الآليات التي تستخدم للحوار.. وكيف يتم حضور الحوار، ومن يحضره.. هذه آليات ويمكن يدخل ضمنها مثل هذه الشروط التي أشرت إليها في سؤالك، لكن المخرجات شيء آخر.. وحتى لا نزايد على بعضنا نقول: إن هناك حواراً يتم مع الدكتور عبدالكريم الإرياني يومياً، وما يقال عن الطرفين هو كلام غير صحيح.
>  لكن ألا ترى أن الحوار المقتصر على طرفين قد يتسبب في خطورة على القوى الأخرى بهدف استبعادها؟.
>> أنا لا أشعر بهذه الخطورة على القوى الأخرى وإنما الخطورة قد تكون على الوطن.. أما بالنسبة لنا وغيرنا من القوى فلن يضيرها ذلك.. نحن بهذه الطريقة نضيع الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إليه، فقد كنا متفقين على أن الحوار يتم في أقرب وقت ممكن وتم تحديد له موعدين، ونفاجأ بأنه قد تم تحديد له موعد آخر إلى نهاية الشهر، وهذا كما قلت ضياع للوقت.. نريد أن نعرف على ماذا يتحاورون.. وما هي الأجندة التي أعدوها للحوار.. إلى حد الآن لا نعرف شيئاً على ماذا سيتم الحوار.. لماذا لا يتم التصريح علناً بأهداف الحوار.. ولماذا يتكتمون على ذلك؟!.
>  أود أن أسألكم عن موقفكم بالتحديد من الإرهاب وتنظيم القاعدة والحوثيين في صعدة وما يسمى بالحراك الجنوبي؟.
>> الإرهاب نحن ندينه أياً كان شكله، ومنذ عرفنا أنفسنا ونحن ننبذ العنف بما في ذلك عنف الكلام أو عنف التخاطب، لأن هذا يجر بعد ذلك إلى عنف الأيدي ثم إلى عنف السلاح وهكذا.. فكيف عندما يكون عمل مبني على اعتقاد ديني نعتقد أنه ليس صحيحاً بهذا الشكل.. إن ديننا لم يأمر بقتل المعاهد على الإطلاق ولم يأمر بقتل ذمي، والذمي يعني في ذمة الله ورسوله.. ورسولنا يقول: «من آذى ذمياً، فأنا خصيمه يوم القيامة»، فكيف بمن يقتله.. هذا لا نقره أبداً وليس لدينا أي تحفظ لإدانة مثل هذه الأعمال الإرهابية، بل كما قلت نحن ندين عنف الكلام.. فكيف بعنف السلاح.
 وأريد القول: إن هؤلاء الشباب على دين وخلق فيما هم فيه ولكنهم تلقوا ما يعتقدونه بفهم خاطئ، أي أنهم مضللون ويعاقبون، بينما المضللون لهم لا يعاقبون، بل يظلون ينتجون للأمة من هؤلاء الشباب المسلم من يستطيعون أن يغرروا بهم ويفهموهم أن هذا هو الدين الصحيح وأنهم إلى الجنة وسيقابلون فيها «الحور العين»، فيقدمون أرواحهم من أجل ذلك ويضحون بالدنيا من أجل مقابلة بنات الحور العين، وإن كانوا على خطأ ثم بعد ذلك يعاقب هؤلاء والمكينة تنتج المزيد من المغرر بهم الذين يدفعون حياتهم ثمناً لفهمهم الخاطئ.
>  قلت رأيك في القاعدة.. وماذا عن الحوثي والحراك؟.
>> موضوع الحوثي تسأل عنه السلطة ويتحمل مسؤوليته من أنشأ هذه الجماعة.. لكن رأينا الواضح هو معلن من البداية.. فنحن ضد رفع السلاح في وجه الدولة من أي كان وضد أي عنف من قبل السلطة تجاه المواطنين، فالخطأ لا يعالج بالخطأ، وهؤلاء في النهاية مواطنون، وهذه بلادهم وليسوا أجانب يمكن أن يتم ترحيلهم إلى بلدان أخرى.. السلطة مسؤولة عن المواطنين وعليها أن تحاسب نفسها وتتحدث بموضوعية عن الأوضاع التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه.. أما بالنسبة لمن يقول إن الحوثيين إماميون، فأنا أقول إنهم ليسوا إماميين، والإمامة لن تعود.. وعليه يجب أن نتساءل من الذي زرع هذا الزرع.. وما هي أسبابه؟! إن أي عمل أو توجه يبث الكراهية بين الناس سواء لإنتمائه القبلي أو المناطقي أو الأسري أو المذهبي فيتحمل مسؤولية ذلك من تسبب فيه ويجب أن نبحث عن حلول موضوعية لكل المشاكل، أما بالنسبة للحراك فله أجندة مختلفة.. هذا الحراك بدأ أولاً المطالبة بحقوق مشروعة لها ارتباط بحقوق الناس، ثم وضعت حلول متأخرة، ثم تحول الحراك إلى قضايا سياسية.. وعندما ننظر فيمن يدير الحراك سنجد أنهم أناس تبدأ أعمارهم من عشرين سنة إلى ستين سنة.. منهم أكثر من 70 من الجيل الذي تربى في كنف الوحدة ولا يعرف شيئاً غير الوحدة، فهؤلاء الوحدة هي التي ربتهم.. فلماذا خرجوا عليها.. ألم يكن في التربية خطأ؟! والنسبة الباقية وهم أقل من 30 هم من جيل الكبار الذين خرجوا إلى شوارع عدن عام 1989م لاستقبال الرئيس علي عبدالله صالح ليهتفوا بالروح والدم نفديك يا علي.. وكانوا على وشك أن يحملوا سيارته وسيارات المرافقين معه فوق رؤوسهم، فما الذي غيّرهم، وما الذي جعل جيل الوحدة يرفض الوحدة.. والذي يقول للرئيس انهم قلة إنما يخدع الرئيس ويكذب عليه ويريد تأجيج المشاكل.. وعند ما نصغر المشاكل ونستهين بها نحن نعمل على تعقيد حلها.. بل أن اعضاء الحراك عندما يسمعون انهم قلة فإنهم يدعون إلى مظاهرات واعتصامات ليثبتوا أنهم ليسوا قلة، وهذا ما حدث، وعندما يقال عنهم ان ما يقومون به من أعمال ليس له أهمية ولن يؤثر على الأوضاع الحالية يخرجون في اليوم الثاني ويلجأون إلى أعمال عنف ليثبتوا أنهم مؤثرون.. إذاً التعامل بهذا الشكل والتحقير للناس حتى لو اختلفنا معهم يأتي بنتائج عكسية، لماذا لا يتم التعامل مع من نختلف معه كما هو ولا نقوم بتحقيره وتصغيره، ولماذا لا نسأل أنفسنا لماذا هذا الجيل الذي ربته الوحدة والجيل الذي صنع الوحدة وهتف للرئيس علي عبدالله صالح في نوفمبر 89م في عدن بالروح والدم نفديك يا علي ارتد على الوحدة؟!.. لابد أن هناك خطأ ويجب إصلاحه.. فليس من المعقول أن نقول ان هؤلاء حلموا في المنام وعندما صحوا ارتدوا على الوحدة.. إن هناك ممارسات غير موضوعية أجبرتهم على ذلك.. نحن بحاجة إلى مراجعة المواقف.. ويؤسفني أن أقول إن كل ما يرفع للرئيس ليس كله حقائق وإنما هناك مغالطات تزيد النار اشتعالاً، لابد أن نبحث عن الأسباب إذا أردنا الوصول إلى الحلول ونبتعد عن التعامل مع النتائج دون الوقوف أمام الأسباب.
>  الخطاب الإعلامي سواء كان رسمياً أم حزبياً أو مستقلاً ألا ترى بأنه لعب دوراً في بث ثقافة الحقد والكراهية بين الناس.. كيف يمكن أن يتم إنتاج خطاب إعلامي موضوعي يثق فيه الجميع ويصدقونه؟.
>> لا شك أن الإعلام قام بدور سلبي، ولا أحد ينكر ذلك.. لكن اعطني أوضاعاً موضوعية أعطك إعلاماً سوياً.. في ظل أوضاع كهذه لابد أن تخرج بعض الأصوات الإعلامية، أما من حنق أو من حقد على الوطن أو تعرضت للقهر، فتلجأ إلى مثل هذا الخطاب الذي يفرق ولا يوحد.. بالنسبة لنا في الرابطة نحن نتحدث بقوة ولكن بلا حدة ولا شخصنة ولا بذاءة, فالأوضاع غير الطبيعية تنتج إعلاماً غير طبيعي.
>  ينعقد في نهاية هذا الشهر مؤتمر لندن لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً.. برأيكم ما هو المطلوب من هذا المؤتمر.. وكيف يمكن لليمن أن تعظم استفادتها منه؟.
>> أنت تغالط في سؤالك.. من أين أتيت بعبارة أن مؤتمر لندن سيدعم اليمن اقتصادياً ومن الذي صرح بهذا الكلام.. هذا غير صحيح على الإطلاق.
>  ألم يدعو رئيس وزراء بريطانيا لهذا المؤتمر بهدف دعم اليمن؟.
>> هذا غير صحيح.. يجب أن نفهم أنه عندما يقول رئيس الإدارة الأمريكية أوباما أو رئيس وزراء بريطانيا إننا مع أمن واستقرار اليمن بأن المعنى مختلف تماماً.. يجب أن نفهم أنهم يقولون إن اليمن شبه ضائعة وفي خطر، ولذلك هم يقولون إنهم مع الأسس والعوامل التي تؤدي إلى استقرار أمن ووحدة اليمن.. ومن يقرأ آخر سطر في مقالة رئيس وزراء بريطانيا المنشور في موقع الحكومة البريطانية الرسمي يوم 1يناير 2010م سيجد أنه يتحدث عن الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن الإعلام في بلادنا يعكس المسألة ويقولون ان هذا المؤتمر سيساعدنا.. يساعدنا في أيش؟! لا يمكن ان يساعدونا إلا إذا أثبتنا لهم أننا قادرون على مساعدة أنفسنا.. لم لا نتذكر أنه مرصود لليمن أكثر من خمسة مليارات دولار من مؤتمر المانحين ولم نستطع حتى الآن التعامل معها ولا استخدامها؟!.
 إن هذه الملايين ترجع من وزارة التنمية لأنها تظل في الأدراج وهي تقدم لليمن على أساس قروض ميسرة أو منح.. العالم يريد أن توظف في أماكنها وليس أن نتقاسمها، ونفس الشيء ما حدده مؤتمر المانحين، ومن المفارقات ان الرئيس نفسه هو الذي اقترح في المؤتمر وقال: إننا لا نريد أموالاً وإنما نريد مشاريع.. فلماذا لا ننفذ هذه المشاريع؟ ما تم تنفيذه لا تزيد تكلفته عن أربعمائة مليون دولار من أصل خمسة مليارات دولار.. أنا لو لي يد في السلطة أو يد في صنع القرار سأنفذ مشروع اصلاح شامل وحقيقي وأذهب إلى هذه الدول وأقول لها هذا مشروعي ساعدوني على تنفيذه.. أما ان تقول شيئاً اليوم وننقلب عليه غداً، فهذا ضحك على عقول الناس في الداخل والخارج.. وأعتقد أن هذا المؤتمر يعد فرصة كبيرة لليمن لو أحسنت استغلاله ونقطع الطريق على الذين يطالبون بتدويل القضايا اليمنية وبعدها يقولون نطالب بحوار تحت إشراف دولي.. يجب على الدولة أن تعد مشروعاً تفصيلياً حقيقياً وبلا شطارة يجب أن نطرح مشاريع حقيقية ونطرح قائمة نسبية أمام البرلمان, ونقول للناس ادعمونا في الداخل والخارج.. أما ان نقول لهم ساعدونا ونحن لا نمتلك خطة اقتصادية، فمن ذلك الذي سيقف بجانبنا؟!.. إذاً لابد أن يكون لدينا مشروع متكامل يبدأ بالإصلاح السياسي الجذري والعميق بدون تلاعب، والابتعاد عن أولئك المفصلين للدستور والقانون الذين يعملون للدولة فتحة من ناحية ثم يسدونها من ناحية أخرى.. هذا أمر انتهى، وإذا استمررنا في هذا النهج فإنما ندمر به اليمن ولم يعد أحد يعمل به في ظل التطورات التي يشهدها العالم اليوم.
>  كيف تنظرون إلى مواقف الدول العربية والدولية الداعمة لوحدة اليمن واستقراره ومواجهتها لمختلف التحديات؟.
>> لا يجب أن نقرأ خطأ مواقف هذه الدول.. هذه الدول تساند اليمن على أساس إرسالها للعوامل والأسس التي نحافظ على الاستقرار في اليمن.. لكن أن تظل الأوضاع الراهنة كما هي، فلا نعتقد أننا سنلاقي اهتماماً دولياً بمشاكلنا.. ولو يقدم لنا العالم كل ملايينه ونحن لم نغير أنفسنا فلن نستفيد.. اليوم المواطن يشعر أنه مستفيد من الوحدة لكن البعض يشعر أنها ملكه.
>  التحديات والتهديدات التي تتعرض لها اليمن تقتضي اصطفافاً وطنياً واسعاً.. كيف ينظر حزبكم إلى هذا الجانب؟.
>> الاصطفاف الذي دائماً ندعو إليه الناس هو عبارة عن كلام إنشاء وخطب وبيانات ولكن دون نتيجة.. الاصطفاف لا يتأتى إلا بمشاريع إصلاحية جذرية عميقة نصطف حولها، أما الاصطفاف ضد العدو بدون سلاح، فهذا لا يفيد.. الاصطفاف الحقيقي هو أن توجد حلول جذرية وليس بيانات اصطفاف حول مشاريع عملية وجاهزة للتنفيذ.. وهنا نمنع عن اليمن كل ما يحيط بها من مخاطر. 
بقي أن أقول في نهاية هذا الحوار هو أنكم نسبتم إلينا في «26سبتمبر» العدد الماضي أننا أعلنّا وقوفنا مع اتفاق 23 فبراير 2009م بين أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي، وهذا غير صحيح، ولا ندري من أين أتيتم بهذا الخبر، مع أن منشورنا واضح ولم يرد فيه شيء من ذلك.. اتفاق 23 فبراير لا يعنينا ولسنا معه ولا ضده لأنه فقط يعني الموقعين عليه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى