مساحات رأي

مؤسسات الدولة ما بين ثورة “المشايخ” و”الهاشميين”

download (49)بقلم/محمد علي العماد

بعيدا عن منعطفات التبريرات، وكواليس السياسة، لست بحاجة إلى التمحيص في ملفات الماضي والحاضر، لأثبت أن الهاشمية “الحوثية” حاليا، وقبلها القحطانية “المشايخ”، في ظروف معينة، كانت ومازالت، وسيلة للتسلق والصعود إلى مناصب معينة بمؤسسات الدولة.

بعد ثورة (26 سبتمبر) كثيرون عجت بهم مؤسسات الدولة ممن كانوا يحملون وسم “الشيخ”، وبعيدا عن المؤهلات أو أحقيتهم في شغل تلك المناصب والوظائف العليا التي استحوذوا عليها فإنهم فرضوا أنفسهم وهيمنوا على مؤسسات الدولة، وبحكم الدور الذي لعبه بعض المشايخ في ثورة (26 سبتمبر) وخاصة، الشيخ الأحمر، والشيخ أبو لحوم، وغيرهم من المشايخ الذين كان لهم دور في مسار الثورة، فقد جعل منه كثيرون ممن يحمل وسم “الشيخ” وسيلتهم ومؤهلهم لافتراس الوظائف والمناصب في مؤسسات الدولة.

ربما أن تعامل المشايخ بتلك الطريقة مع الجمهورية، جعل منها تتحول إلى ما يشبه الإقطاعية بثياب جمهورية، وهي الحال التي استمرت حتى ثورة (١١ فبراير ٢٠١١م) والتي قامت على أساس إحياء الدولة المدنية، ورحيل النظام، غير أن ذلك لم يجد نفعا، فقد استمر الصراع بين أقطاب النظام، المتمثلة بالحرس القديم، والتيار الجديد من الجيل الصاعد.

وهو الصراع الذي استمر إلى أن اندلعت ثورة (٢١ سبتمبر 2014) والتي دعا لها قائدها “السيد/عبد الملك الحوثي”، والغريب في الأمر أنه وبعد نجاح هذه الثورة، التي خرج من أجلها معظم أطياف ومناطق الشعب اليمني، ظهرت بعض الشخصيات التي لم تكن تحرك ساكنا، ولم يكن لها أي دور يذكر، إن لم تكن في السابق ذراعا مساعدا لقمع “الحوثي”، في عهد “صالح” و”محسن”.

بعد نجاح ثورة(٢١ سبتمبر 2014) كثير من الأسماء والشخصيات التي ما لبثت أن بدأت تخرج نسلها، وفي محاولة منها لإخفاء تاريخها السيئ تجاه جماعة “أنصار الله” والتي ظلت تناصبها العداء والكره، قبل أن تتبدل اليوم (180) درجة، لتظهر هاشميتها وسط مؤسسات الدولة، وببراعة فائقة استطاعت أن تتقن هذا الدور، إضافة إلى كفاءتها في العمل بمؤسسات الدولة، بدأت تنظر لأصحاب “البيان الدستوري” إلى أن فرضت نفسها، وما لبثت أن تمكنت حتى بدأت تعمل على تشويه “أنصار الله”، وتخطط لشق “الجماعة” ونبذها عن المجتمع، وكأنها تمضي مستغلة لهاشمية “الحوثي” ومن كانوا حوله، لتعكسها على مؤسسات الدولة، وفي صورة مشابهة لما فعله المشايخ بعد ثورة(٢٦ سبتمبر)، لذلك فإن من يجعل اليوم، من لقبه “الهاشمي” أداة للعبث بمؤسسات الدولة، أعتقد أنه لن يعمر طويلا، وسيسقط كما سقط من قبله “المشايخ”.

من قاموا بثورة (٢٦ سبتمبر) تم تصفيهم خلال صراعات شركاء الثورة في حينه، إلى أن تم دعم المشايخ من السعودية، وفرضوا على مؤسسات الدولة، واليوم من يدعي أحقيته بها لكونه “هاشمي” بعد ثورة (٢١ سبتمبر) فهو واهم، إن لم يكن معتوها، وذلك لعدة أسباب أهمها أنه لم يعد الشعب اليمني يتقبل أي فئة نتيجة أن له تجارب سابقة تجرع في كلها كؤوس الخذلان إلى أن وصلت به الحال إلى ما هي عليه اليوم، وهو ما يعني أنه لم يعد بإمكانه تكرار التجربة المريرة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن قائد الثورة “السيد/عبد الملك الحوثي” لديه رؤية مخالفة لمعتقدات البعض، وعلينا أن ندرك أن من يوكل إليهم السيد/عبد الملك قيادة هذه المرحلة من سياسيين وعسكريين ليسوا هاشميين، وعلى سبيل المثال (صالح الصماط) و(محمد عبد السلام)، وهو ما يؤكد أن السيد/عبد الملك، لديه رؤية مدنية في النظر لأساسيات العمل في الدولة، والتي تأتي متشابهة إلى حد كبير مع ما ورد في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، خاصة فيما يتعلق بتشريعات القوانين في الدولة، وبمعنى أنه لا يمكن أن تكون أحقية المنصب والوظيفة الحكومية لأي شخص لمجرد أنه “هاشمي” أو أي صفة أو امتيازات أخرى غير ما هو مكفول بقوانين الدولة.

من المؤكد أن بعض الأشخاص المستغلين لـ”الهاشمية” اليوم، في العبث بمؤسسات الدولة، سيسقطون عاجلا أم آجلا، ومن الأهمية بمكان أن يتم الإشارة حتى ولو بالاسم لمن يستغل “الهاشمية” في مؤسسات الدولة، والتي يجب أن تخلو من هذه الظواهر السلبية، ومن أن يمارس معتقداته وقناعته فليفعل ولكن خارج إطار الدولة.

كما أن من الأهمية بمكان، يجب الحرص على ألا يرفع شعار “الهاشمية” لمجرد ابتزاز أي كفاءة “هاشمية” بمؤسسات الدولة، والتي يجب أن تبقى الوظيفة العامة ملكا للجميع لـ”الشيخ” و”الهاشمي” وغيرهم من أبناء اليمن، ودون امتيازات لفئة عن أخرى، غير ما تنص عليه قواعد الكفاءة والقوانين الرسمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى