استطلاعاتعناوين مميزة

“الكوافير ” تجارة مربحة هزمت كل الوظائف المرموقة

13-09-21-1470829372مهنة التجميل من المهن القديمة والعريقة، فالمرأة ولدت على حب التزيين والجمال، ومع كل يوم نلمس تطورا ملحوظا في هذا المجال، سواء بالمستحضرات والأجهزة، أو أداء الفنيين في هذا المجال.

الكوافير مهنة مربحة بلا شك، وشهدت السنوات الأخيرة توجه العديد من أصحاب المؤهلات العليا إليها، بجانب بعض أصحاب الوظائف المرموقة، الذين لم يمتهنوا المهنة عن وراثة أو عن جهل، وإنما احترفوها كبديل مجز لوظائف تدر رواتب قليلة لا تكفي النفقات الضرورية للمعيشة.

“الهوية” استطلعت عددا من الكوافيرات اللاتي التحقن بهذه المهنة وسألتهم عن سبب التحاقهم بهذه المهنة و مردودها المادي و ضوابطها و أخلاقياتها  وكانت ردودهم كالآتي :

 

مهنة كغيرها من المهن

جميلة محمد، 27 عاما، خريجة تجارة ، أكدت بابتسامة عريضة أنها لا تشعر بأي خجل من العمل في هذه المهنة التي تحصل من خلالها على دخل مادي متميز، لا تستطيع خريجة أي جامعة الحصول عليه، موضحة أنها بعد أن ظلت أعواما عدة تبحث عن وظيفة بمؤهلها التعليمي العالي، أصبحت خلالها عبئا على والدها وأشقائها الخمسة، لم يكن أمامها خيار آخر بعد أن عرضت عليها إحدى صديقاتها التي تعمل كوافير العمل معها، وتؤكد أنها رفضت في بداية الأمر، وقررت زيارة صديقتها في الـ «محلها » الذي تعمل فيه، فوجدتها في خير حال، تُزيِّن أناملها مجوهرات برَّاقة. وفي طريقها لشراء سيارة حديثة، فقررت عرض الأمر على والدها الذي عارض في البداية، لكنها أقنعته بأنها مهنة حريمي، والعمل في هذا المجال ليس عيبا، وبدأت تدريبا بإحدى بيوت الجمال، وتعلمت أصول المهنة، واحترفت كل ما تحتاجه المرأة، واستغرق ذلك 6 أشهر حتى وجدت أكثر من «كوافير» يطلبها للعمل معه، فاستقرت مع صديقتها، وكان أول مرتب تحصل عليه 30 ألف ريال وارتفع تدريجيا ، وندمت على الأيام التي ضاعت في الجري وراء سراب الوظيفة الحكومية بمؤهل جامعي، لكن مع كل ما حققته من مكاسب، تتعرض لمضايقات عدة من أشخاص يتهمون مَن تعمل في هذه المهنة أنها «سيئة السمعة»!

 

مصدر رزق

و قالت أم فراس«أعمل كوافيره في منزلي بعد أن أخذت دورة تجميل في أكثر من معهد ، وأتقنت المهنة وأدركت أذواق زبوناتي خاصة أن بعض الصالونات لا تلبي حاجات النساء من عمليات التجميل المعروفة وكثير من السيدات يشكين منهن، لذلك أحرص دائماً في العناية في اختيار الأدوات التجميلية وأعمل على تعقيمها بطريقتي الخاصة).

 

معدل الدخل

وتقول سميرة يحيى وهي مديرة لأحد صالونات التجميل الكبيرة : “إن معدل الدخل اليومي للصالون يقدر بـ 90 ألف ريال يمني، أي بما يعادل 420 دولارا أمريكيا، ناهيك عن دخله اليومي في الأعياد الدينية والأشهر التي تكثُر فيها حفلات الزواج”.

وبحسب “سميرة” فإن الكوافير تستقبل يوميا عشرات النساء اللواتي تختلف طلباتهن وتتعدد، فهناك من تطلب تصفيف الشعر وتزيين الوجهة بالمكياج وأخريات يطلبن حمام بخار “الساونا” وإزالة الشعر، إلى آخر الطلبات.. وبمقابل ذلك، فإن لكل عمل على حدة ثمن معين، وعادة ما يتطلب طاقما نسائيا متنوعا في التخصصات داخل الكوافير.

سميرة تعتقد أن تضاعف أعداد صالونات التجميل في اليمن يعود سببه للربح المادي المجني من خلال أعمال مضنية تقوم بها فتيات يعملن على داومين يوميا مقابل مبالغ زهيدة تُعطى لهن شهرياً “تقدر بمائة دولار أمريكي، وأضف إلى ذلك تكلفة معدات الصالون التي لا تتعدى قيمتها 4200 دولار”.

 

مهنة شاقة

بينما تقول ليلى حسين “إن مهنة الكوافير تعد من المهن الشاقة، التي تتطلب قدرة تحمل كبيرة”، مشيرة إلى أنها تراعي ذلك من خلال إعطاء إجازات للعاملات في الصالون بدون أن تخصم من الراتب.

وحول طبيعة مهنة الكوافير، تبين  الكوافير ريم  أنها تجني من عملها راتبا شهريا مقداره 40 ألف ريال، ولكنه يقل خلال فصل الشتاء الذي يقل فيه عدد الزبائن.

وتشير ريم إلى أن ساعات دوامها تبدأ من 9 صباحا حتى 7 مساء، لافتة إلى أنه في بعض الأيام؛ وخصوصا الأعياد، التي يزيد فيها العمل، لا تجد وقتا لتناول الطعام وأخذ قسط من الراحة.

وتقول ريم “في أوقات العمل الإضافي التي أتغيب فيها عن المنزل لساعات طويلة، لا أحصل على مردود مادي مقابل ذلك”.

وتبين ريم أن أكثر المشاكل التي تتعرض لها في عملها الحرمان من الإجازات الرسمية وحتى الأسبوعية في بعض الأحيان، بالإضافة إلى الأجور المتدنية التي تحصل عليها العاملات مقابل ساعات العمل الطويلة.

 

 

ضوابط مهنة الكوافير  

(أم ليليا – كوافير نساء) تحدثت معي حول هذا الخصوص فقالت: أنا كوافيره منذ أربع سنوات ولم يأت ولو لمرة موقف وتعديت فيه الضوابط الشرعية، فمثلاً أنا أشقّر الحواجب ولا أنمصها وأقص الشعر ولا أوصله، فهناك أشياء نستعيض بها عن هذه الأمور، فالتنميص مثلاً نستعيض عنه بالإخفاء للشعر الزائد وبالرغم من هذا إلا أن هناك غيري من ينمصن ويوصلن أما أنا فأتجنبها ولو على حساب سمعتي ومردودي المادي ولكن لا يهمني، فأنا مقتنعة والحمد لله وما يهمني هو الامتثال لأوامر الله عز وجل .

أم عادل مالكة كوافير تحدث حول المهنة نفسها وضوابطها وأخلاقياتها قائله : هناك من الزبونات من يطلبن مني تنميص حواجبهن أو وصل الشعر ولكني ارفض لأنها محرمة شرعاً والرسول عليه الصلاة والسلام في حديث شريف بيّن أن الله لعن الواصلة والمستوصلة ..والبعض منهن يُشرن إلى اسم محدد ذهبن إليها من قبل و نمصين أو صلين عندها ولكني ارفض رفض باتاً وارجع ذلك إلى اتخاذ بعض الكوافيرات أسلوب الإقناع حتى تُقنع الزبونة بالتنميص أو الوصل وبالطبع هي المستفيدة مادياً ولكن ارجع وأقول ما الفائدة، فالسمعة أهم من الماديات..

وتضيف أم عادل هذا من جهة الضوابط، أما من جهة أخلاقيات المهنة، فهي كغيرها من المهن تتطلب أخلاقيات للتعامل مع الزبائن ولا يعني أني حينما أصب سهام ألفاظ السخرية والاستهزاء بالآخرين على الزبونات أني أجيد المهنة وأفهمها أكثر من غيري بل يعني عدم احترام المهنة نفسها قبل احترام الناس..

أيضاً البعض يلتفت لحجم الكوافير على قياس أسعارها وهذا خطأ بالطبع لأنه ليست كل كوافير أسعارها مرتفعة على حساب الدين ككوافيره تقدّر ظروف الزبائن..

 

انتشار محلات الكوافير

أما أم عصام فقد أعادت ظهور محلات الكوافير في اليمن إلى عام 1986م ولكن كانت محدودة جداً حيث لم يكن في صنعاء سوى محل كوافير واحد الذي تم افتتاحه عام 1986م في«الصافية» مقابل السفارة السعودية، وما بعد قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م بدأت هذه الظاهرة بالانتشار بشكل واسع في اليمن وخاصة بعد حرب الخليج الثانية في بداية التسعينات بعد نزوح عدد كبير من اليمنيين مع أسرهم من دول الخليج وعودتهم إلى ارض الوطن حيث اعتادت تلك الأسر في دول الخليج على ارتياد محلات الكوافير لتجميل أنفسهن وعند عودتهن إلى اليمن لم يجدن هذه المحلات التي تقدم لهن خدمة التجميل والزينة مما دفع معظم الأخوات إلى فتح محلات كوافير في صنعاء وباقي مدن الجمهورية لتلبية رغبات الأخوات من دول الخليج وزاد من انتشار تلك المحلات أيضا خروج بعض الأخوات العراقيات إلى اليمن  ما جعل مختلف الفئات العمرية تزيد الإقبال على محلات الكوافير .

وعن مستوى الإقبال بشكل عام تقول ان مستوى الإقبال ضعيف لكنه يزداد في المواسم وتحديداً في العطل الدراسية ومواسم الأعراس.

 

الاستثمار في التجميل

وأوضحت عائشة إبراهيم -خبيرة تجميل- أن التجميل يعتبر من أهم الاستثمارات على مستوى منطقة الشرق الأوسط وان حجم سوقه يتجاوز 2 مليار ريال في يمني باعتبارها أكبر سوق للتجميل في منطقة الشرق الأوسط.

وأضافت بأنه في الآونة الأخيرة زاد الإقبال على التجميل خصوصا مع انتشار صالونات التجميل بشكل كبير، وأشارت إلى ان الخريجات أصبحن يمارسن التجميل كمهنة في كل وقت وفي أي مكان بثقة عالية وبأنامل مبدعة ومبتكرة ومنافسة لمثيلاتها في هذا المجال.

وترى أن مفهوم التجميل تغير وزاد وعي اليمنيات بأهمية دراسة هذا المجال والانخراط في العمل فيه لما يتيحه لكل فتاة من توفير وظائف تساهم بشكل أو بآخر في القضاء على البطالة.

وأكدت ان الفترة المقبلة فترة ذهبية بشكل عام للعمل في صالونات التجميل والقضاء على البطالة والإبداع في هذا المجال.

وأوضحت ان الكوافير تتميز بشكل عام بذوق خاص ومميز ويجب أن تعطى الفرصة لتثبت نفسها في هذه الصالونات وألا تكون مجرد مستمعة ومراقبة فقط بل أن تكون هي من تجمل غيرها وتجمل نفسها وتضع بصمتها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى