تحليلات

“القاعدة” تخرج من “الباب” في “المكلا” لتدخلها “الدولة الإسلامية” من نافذة العمليات الانتحارية والأحزمة الناسفة.. إنها مصيدة مُحكمة الإعداد للقوات السعودية والإماراتية والأمريكية الخاصة.. والإفلات منها قمة الصعوبة والتعقيد.

daesh-yemennn.jpg8888احتفال قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية بإخراج قوات القاعدة من مدينة المكلا، عاصمة حضرموت، لم تدم إلا ثلاثة أسابيع، وهي عملية “التحرير” التي شاركت فيها قوات سعودية وإماراتية خاصة، إلى جانب قوات حكومة المنفى في الرياض.

القوات التابعة لتنظيم “القاعدة” انسحبت من المدينة من الباب، لتعود إليها قوات “الدولة الإسلامية” من النافذة، الأمر الذي أدى إلى خلط الأوراق من جديد، فبعد ان كانت هذه القوات الخاصة تقاتل “القاعدة” باتت الآن تقاتل أيضا قوات زميلتها “الدولة الإسلامية” الأكثر خطورة.

اليوم أفاق سكان المكلا على هجوم مزدوج استهدف الأول تجمعا للمجندين في احد مراكز قوات الأمن، حيث فجر انتحاري حزامه الناسف في وسط هؤلاء المجندين، مما أدى إلى قتل 13 منهم، وإصابة 60 آخرين، أما الهجوم الثاني، فاستهدف موكبا “للعميد مبارك العوبثاني، مدير امن حضرموت، مما أدى إلى مقتل ستة من مرافقيه، وإصابة العميد إصابات بالغة.

وصول تنظيم “الدولة الإسلامية” ومقاتلوه إلى مدينة حضرموت فأل سيء لقوات التحالف العربي، ولنظيرتها الأمريكية، التي وصلت بهدف تأمين العاصمة المكلا، وتمشيطها من قوات “القاعدة” التي سيطرت عليها لأكثر من عام، فلم يكن معروفا قبل هذين الهجومين اللذين أعلن تنظيم “الدولة” عن وقوفه خلفهما انه وصل إلى المنطقة، وأقام قاعدة فيها، الأمر الذي يؤكد النظرية التي تقول ان قوات “التحالف العربي” “تحرر” المدن الجنوبية، لكي تخسرها لتنظيمي “القاعدة” و”الدولة”، وقد صحت هذه النظرية عمليا في عدن، وها هي تتأكد في المكلا.

هذا التصعيد لهجمات الجماعات الجهادية المتشددة، يتزامن مع تواتر الأنباء عن فشل مفاوضات الكويت بين الأطراف المتورطة في الحرب اليمنية، وهي المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، فحتى كتابة هذه السطور، لم يتم تحقيق أي تقدم، واتهم السيد عبد الملك المخلافي الوفد “الحوثي الصالحي” بالسعي إلى الحكم فقط، ولا يريد أي التزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي، وتسليم أسلحته الثقيلة.

العميد ركن احمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، هدد بأن القصف الجوي سيعود في حال انهيار المفاوضات، وسيكون مصحوبا هذه المرة باقتحام صنعاء.

مفاوضات الكويت انهارت فعليا دون صدور إعلان رسمي عن حدوث هذا الانهيار، وقوات التحالف العربي وطائرات “عاصفة حزمه” التي كانت تقاتل تحالفا واحدا، هو التحالف “الصالحي الحوثي” بات عليها الآن ان تقاتل “كوكتيلا” أكثر خطورة، ودموية، ونقصد بذلك تحالف “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، مما يجعل مهمته غاية في الصعوبة.

إذا استمرت تفجيرات “الدولة الإسلامية” على الوتيرة نفسها في اليمن، شماله وجنوبه، فان العميد عسيري وقياداته السياسية سيترحمون على أيام التحالف “الحوثي الصالحي” الذي سيبدو قتاله “نزهة”، بالمقارنة مع قتال مقاتلي “الدولة الإسلامية” وحلفائهم “القاعديين”، فمن سوء حظ هذه القيادة ان التنظيمين اللذين يقاتلان بعضهما البعض في حلب ودير الزور ومناطق سورية أخرى، يعيشان حالة من الوئام فيما بينهما في جنوب اليمن، حسب معظم التقارير الإعلامية والأمنية.

الوصول إلى حل سياسي للازمة اليمنية محفوف بالصعوبات بسبب تمسك كل طرف بشروطه ومطالبه، واستخدام القبضة الحديدية والاستعانة بالأمريكان، وقوات مارينزهم، للقضاء على الجماعات “الجهادية” المتشددة مهمة شبه مستحيلة، علاوة على كونها مكلفة للغاية ماديا وبشريا.

قلنا قبل عام وشهرين في هذا المكان من هذه الصحيفة “رأي اليوم” ان اليمن، بجنوبه وشماله، مقبرة لكل الغزاة، لم يصدقنا أهل “عاصفة الحزم” وأصدقاؤهم، واعتقدوا ان التدخل في اليمن سيكون مسألة أيام أو بضعة أسابيع على الأكثر، وها هو يدخل عامه الثاني بزخم اكبر.

مفاوضات الكويت ستنهار حتما، والقصف الجوي سيعود، أو هذا هو الأكثر ترجيحا، مع فارق أساسي، ان اليمنيين تعودوا على الحرب، وبدؤوا يتعايشون معها، وليس لديهم ما يمكن ان يخسروه، بينما وضع الآخرين المتدخلين عسكريا عكس ذلك تماما.

“رأي اليوم”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى