مساحات رأي

جريمة الترحيل

نجيب شرف الحاج

الذين يبررون تقيد حرية الناس وترحيلهم قسراً بحجة عدم حيازتهم للبطاقة الشخصية بأن ذلك إجراء وعمل قانوني من اجل الحفاظ على الأمن.

يا قانونيين ان تقيد حرية الناس وإخراجهم من المدن جريمة .. أما عدم حمل البطاقة الشخصية، فهو مجرد مخالفة عقوبتها الغرامة في كافة تشريعات المعمورة، و منها المادة (61) من قانون الأحوال المدنية و السجل المدني اليمني التي حددت عقوبة المخالفة بغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال، و لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال.

و بالتالي فان ذلك لا يجيز تقيد حرية الناس وترحيلهم قسراً. فالخطأ لا يمكن تبريره بالتعاطف والعيش والملح الحزبي والتنظيمي.

عدن كانت ولا زالت مركز تجمع وملتقى يتوافد إليها كافة أبناء المحافظات المجاورة لها، فإذا كانت هناك إجراءات مماثلة بحق أبناء المحافظات الجنوبية أيضا، فلماذا هم صامتون و لم نسمع سوى صراخ أبناء الشمال!

الجنوب في السابق هرول إلى فرض الوحدة بالقوة، و اليوم يسلك ذات النهج و يتجه نحو الانفصال و فرض واقع بنفس الآلية و الطريقة دون اتخاذ تدابير زمنية وقانونية تكفل حقوق الناس وكرامتهم، و ستكون النتيجة كذلك كارثية لا محالة.

يبررون أنهم يسعون إلى بناء دولة، و ان صنعاء تحكمها مليشيات، و مع ذلك لم تشهد صنعاء أو الحديدة أو غيرها من مدن المليشيات إجراءات ترحيل مماثلة، فإذا غاب العدل لن يوجد الأمن. فالعدل أساس الحكم و ظلم الناس لن يزيدكم قوة و لن يعيد عدن إلى مجدها المفقود، فليس بمقدور عدن ان تعيش في عزلة عن محيطها الآخر من المحافظات المجاورة لها.

كانت عدن هي الملاذ الذي يلجأ إليه الأحرار عندما يشتد بهم بطش الأئمة و أنظمة الشمال؛ و منها أعلن أحرار سبتمبر ميلاد “الجمعية اليمانية الكبرى” و الأندية العدنية، و كذلك كانت مناطق الشمال ملاذاً أمناً لأبناء الجنوب عندما يشتد بهم بطش الانجليز و الأنظمة المتعاقبة، و بالمثل بزغ ميلاد الجبهة القومية من قرى الاعبوس و لاذ سالمين و رفاقه إلى منطقة شرجب عندما اشتد عليهم بطش الانجليز..

لا تفتشوا عن الهوية وعن جذور الانتماء الفئوي والمناطقي، فجميعكم عابرون و ستبقى عدن وحدها بجمالها و تنوعها مدينة التسامح “سيدة البحار .. و مدائن الأقوام” ترتشف الحب والجمال والخير والسلام و بمياه بحرها الجميل ستغسل كل هذا القبح والشرور الذي خلفه الطغاة وأنظمتهم المتعاقبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى