تقارير

السعودية تمهد لاستبدال “هادي” بـ”الأحمر” و “السبعين” يطيح بـ”بحاح” الإمارات

الهوية – “رأي اليوم”.

يعتقد الكثير من الخبراء في الشأن اليمني ان القرارات المفاجئة التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي بتعيين الفريق ركن علي محسن الأحمر نائبا للرئيس، والسيد احمد عبيد بن ذعر رئيسا للوزراء، خلفا للسيد خالد بحاح تمهد لتولي الأول، أي الفريق الأحمر، رئاسة الجمهورية في الفترة المقبلة، والثاني لزعامة حزب “المؤتمر”.

هذه القرارات المفاجئة التي صدرت مساء الأحد، ربما تحدث هزات ضخمة ليس في الملف اليمني وتطوراته على الصعيدين السياسي والدبلوماسي فقط، وإنما أيضا على صعيد التحالف العربي العسكري الذي تتزعمه السعودية وتماسكه، بل ربما استمراره.

من غير المستبعد ان تكون عملية الإطاحة بالسيد خالد بحاح الذي كان مرشحا قويا كبديل للرئيس هادي لم تأت بسبب “تعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة أبناء الشعب اليمني”، مثلما جاء في بيان الإقالة، وإنما بسبب التنافر الكبير بين الرئيس هادي ونائبه، وفشل المحاولات السعودية للتقريب بينهما، ولجوء السيد بحاح إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كقوة دعم، ونقل عائلته إليها، وهي الخطوة التي أثارت حساسيات شديدة لدى الحليف السعودي، علاوة على عدم ترحيبها، أي الإمارات، بتعيين الفريق الأحمر كنائب للقائد العام للقوات المسلحة في مرسوم سابق، لأنه يعتبر من أكثر الداعمين لحزب الإصلاح النسخة اليمنية لحركة “الإخوان المسلمين”، مما زاد من “فتور” علاقاتها، أي الإمارات، بالرئيس هادي بصورة اكبر.

تعيين كل من الفريق الأحمر والسيد بن دغر في المنصبين الثاني والثالث في هيكلية مؤسسة الحكم في الدولة اليمنية، خطوة اتخذت بعد دراسة معمقة، ولمواجهة صعود شعبية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التي انعكست في مشاركة مئات الآلاف (البعض يقول مليون ونصف المليون) من اليمنيين في المظاهرة التي دعا إليها في ميدان السبعين في قلب صنعاء، في الذكرى السنوية الأولى لـ”عاصفة الحزم” السعودية، وظهوره في المنصة الرئيسية، وإلقائه كلمه عفوية مباشرة في الجموع، هاجم فيها السعودية بشراسة.

الرجلان، أي الأحمر وبن دغر هما اكبر عدوين لدودين للرئيس علي عبد الله صالح، فالأول كان ذراعه اليمين العسكري لسنوات، والقائد الذي خاض حرب القضاء على الانفصال عام 1994، أما الثاني فقد تولى منصب الرجل الثاني في حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس صالح لسنوات، كما انه ينتمي إلى الجنوب اليمني.

مهمة الفريق الأحمر المقبلة ستتمثل في قيادة القوات اليمنية الموالية للرئيس هادي، ومحاولة لكسب ولاء بعض عشائر وأفخاذ قبيلة حاشد، التي تعتبر واحدة من اكبر قبائل اليمن، وعلاوة على تكريس تحالف الرئيس هادي وداعميه في الرياض مع حركة الإصلاح الإسلامية الإخوانية، وقبائل وعشائر أخرى.

أما مهمة رئيس الوزراء الجديد السيد بن دغر فستركز على كيفية شق حزب “المؤتمر”، أو بالأحرى، زعزعة قاعدته الشعبية، ومحاولة جذب اكبر عدد من أعضائه، من خلال إيصال رسالة لهم بأن دورهم وحزبهم في الحكم الجديد ما زال مضمونا شريطة الابتعاد عن الرئيس صالح، وستكون هذه المهمة مدعومة بميزانية ضخمة، وعروض مغرية بالوظائف والتعيينات في مناصب عليا ومتوسطة.

وما يعزز هذا الاعتقاد، أي التركيز على استهداف  الرئيس السابق صالح، ومحاولة إضعافه وشق صفوف حزبه وقاعدته الحزبية والعسكرية، ان الخطة السعودية في زرع بذور الشقاق بينه وبين حلفائه الحوثيين بدأت تعطي ثمارها ؛هدنة على الحدود اليمنية السعودية، وتفاهمات سياسية أخرى، وكان لافتا ان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، الذي يقف وراء “عاصفة الحزم”، ويمسك بالملف اليمني، أكد في حديثه إلى وكالة بلومبيرغ الأمريكية ان هناك وفدا حوثيا موجودا في الرياض حاليا، وان الحرب في اليمن أو شكت على الانتهاء.

وجود وفد حوثي في الرياض يشكل انجازا كبيرا للإستراتيجية السعودية التي تقوم على أساس شق التحالف “الحوثي الصالحي”، ولكن يظل من الصعب القول بأن هذا “ألشق”، إذا حدث فعلا، سيكون نهائيا، وسيصمد لفترة طويلة، بالنظر إلى طبيعة التحالفات ومتغيراتها على الساحة اليمنية، ولكنه “انجاز″ سعودي كبير دون أدنى شك.

النقطة الأخرى التي تستحق التوقف عندها في دراسة هذه التطورات، ومحاولة فهمها، وما يمكن ان يترتب عليها من خطوات مستقبلية هو انعكاساتها المتوقعة، على العلاقات السعودية الإماراتية في المستقبل المنظور، فالإمارات كانت الشريك الأقوى للسعودية في تحالف “عاصفة الحزم” وتعتبر الدولة التي تحملت اكبر قدر من الخسائر المادية والبشرية والعسكرية، ولعبت قواتها دورا كبيرا في “تحرير” مدينة عدن، والأمر المؤكد أنها هي التي دعمت السيد بحاح واستضافته، ولن تكون مسرورة لتعيين الفريق الأحمر نائبا للرئيس لميوله الإسلامية الإخوانية.

هذه التعيينات المفاجئة التي جاءت قبل أيام معدودة من تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات بين أطراف الصراع اليمني التي ستعقد في الكويت تحت مظلة الأمم المتحدة، ستخلط الأوراق، وربما ترسم خريطة جديدة للصراع في اليمن، وطبيعة التحالفات السياسية والعسكرية على أرضه، والأيام المقبلة حافلة بالمفاجآت، وما علينا غير الانتظار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى