مساحات رأي

حتى لا نظلم المنطقة ونبرئ الفكر، صعدة سبقت تعز في السحل والذبح

download (49)بقلم / محمد علي العماد

في الفترة الأخيرة، شهد العالم طريقة إرهابية جديدة في الانتقام من الخصوم بالذبح والحرق والسحل، وهو ما بات يطلق عليه اصطلاحا بالدعشنة.

في اليمن، ما حدث الجمعة الماضية، في تعز من ذبح وسحل، سبق وأن شهدته محافظة صعده، وكلنا يتذكر أن أول جريمة سحل حدثت في صعده بالحرب الثانية، حيث تم سحل مواطنين في شوارع مدينة صعده، من قبل “عثمان مجلي”، بتهمة أنهم حوثيون، ومع ذلك ليس من المنطق أن نقول أن “داعش” خرجت من صعده.

تعز ليست الأولى، ولا حتى الثانية، ولا الثالثة، في مثل هكذا جرائم داعشية، فبعد صعده تأتي محافظة حضرموت، التي شهدت جريمة ذبح وسحل عدد من أفراد الجيش، ينتمون لمحافظة عمران، وقامت “القاعدة” و”داعش” بذبحهم تحت فتوى أنهم حوثة زيود، ومع ذلك، فإن المنطق ولغة العقل استبعدت تماما تجيير تلك الأفعال في صناعة الحقد ضد أبناء حضرموت، والذين ربما هم أكثر من يعانون من همجية ووحشية التنظيمات الإرهابية التي باتت تسيطر على محافظتهم.

عدن أيضا، شهدت جريمة ذبح وسحل لأفراد من اللجان الشعبية والجيش، فيما كان أبناء الجنوب وعدن يحتفلون بصنعاء بما أسموه تحرر عدن، وبالرغم من ذلك لم يحقد أبناء الشمال ولا الوسط على أبناء الجنوب، لإدراكهم أن الخلاف السياسي هو من يقف وراء ذلك، ومن ارتكب الجريمة، هو نفس الجاني الذي يحمل جينات داعشية، وسبق فعلها في صعده وحضرموت وعدن.

ورابعا وخامسا، وما حدث الجمعة من سحل وذبح بمحافظة تعز، لن تكون الأخيرة، وما يدركه الجميع أن من احتفل بصنعاء وغيرها بتحرير تعز، كان تحت سقف الخلاف السياسي في فرض كل مكون مشروعه على الآخر، مستقويا بالخارج أو بالشعب، ولكنه لم يخرج عن الإطار السياسي.

من قام بالعمليات الوحشية من سحل وذبح في صعده وحضرموت وعدن وتعز، هو ذلك الفكر المعروف بحمضه النووي الداعشي، وليس المنقطة ولا المكان ولا التضاريس، ولكن نسمع بعض الأصوات المناطقية التي دفعها حقدها وغلها على الشمال إلى التحول كبوق لذلك الفكر المتوحش وغير الإنساني، على حساب المنطقة.

هكذا يجب أن ندرك بأن من يرتكب جرائم الذبح والسحل هو الفكر الذي أمر بذلك، وليس المنطقة التي وقعت فيها الحادثة، فلو كانت المنطقة لحكمنا على صعده بأنها أول من سن سحل الحوثيين، وهو الحكم الذي قد يشمل حضرموت وعدن وتعز، ومع اتساع نطاق هذه الجرائم وتوسع هذا الفكر المتوحش، فقد نرى في المستقبل جرائم مماثلة في محافظات جديدة، وفي حال أن نكون نطلق أحكامنا ضد المنطقة من أجل الدفاع والتستر على الفكر فإننا قد نحكم على جميع المحافظات بأنها داعشية، ونبرئ الفكر الذي يزداد وحشية وبنفس العقلية الإرهابية يقوم بتشويه تلك المناطق وزرع المناطقية تحت عمل فكري مخفي.

كما أنه من المفترض أن أي جريمة سحل وذبح تحدث لأي كان، يجب أن تكون أصابع الاتهام مصوبة نحو أفراد وجماعات وليس لمناطق، وأن نعلم بأن أول من سحل بتعز هم من أبناء تعز، ولهذا تعز ما تزال الحالمة لكل اليمنيين، ولن تكون غير ذلك، ولو سحلتم المئات والآلاف، فمن يمتهن السحل هو فكر معين، وإن تغير شكله ومظهره في صعده بـ”ثوب وجنبية، وفي حضرموت بـ”فوطة”، وفي عدن بـ”معوز” أو “ثوب أفغاني” وفي تعز بـ”جينز” و”تي شرت”.

على مر التاريخ، السحل والذبح، ليس من قيم وعادات اليمنيين، بل أن من قواعد القتال لدى اليمنيين لو أتى شخص لقتال آخر لا يغدره مباشرة، وكل مناطق اليمن ارفع من أن تسقط وتتحول لذلك الفكر المتوحش، فسلام على صعده السلام وحضرموت الغناء، وثغرنا الباسم عدن وحالمة كل اليمنيين تعز، سلام على كل تراب اليمن الطاهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى