مساحات رأي

“أنصار الله” و”حزب الله” بين القومية العربية والمشروع الإيراني

download (49)بقلم / محمد علي العماد

حركتان عربيتان لهما حاضنة شعبية وقومية، وبسبب شعاراتهما التي تناهض الهيمنة الصهيوأمريكية، يتهم العرب حركتي “أنصار الله” و”حزب الله” بتنفيذ المشروع الإيراني، والذي يعتبرونه خطرا يهدد المشروع العربي.

وأي مشروع عربي يخافون عليه، في وقت لم يعد هناك للعرب أي مشروع، فبعد مشروع الناصر العربي والبعث الصدامي، المشروع العربي لم يعد سوى دويلات تنفذ أجندة ومخططات الدول العظمى، والتي توظف العرب للتآمر على العرب.

العرب اليوم، غارقون في بحار ومحيطات الدول العظمى، تتلاطمهم أمواج مصالحها، فيما هم يسيرون بلا قائد عربي حقيقي، بعد أن تآمروا على قادتهم، – اتفقنا أو لم نتفق ـ فرحل “الناصر” بسم التآمر العربي أمريكي، ولحقه “صدام” بمشنقة التآمر العربي أمريكي، ويبدو أن العرب وكما فعلوا في إسقاط رموز القومية العربية، هاهم اليوم يرفعون شعار الخطر الإيراني الذي بسببه دمرت اليمن وقسمت، قتلوا آلاف الأطفال والنساء، ويتموا الآلاف ورملوا النساء، وشردوا الفقراء والمعدمين، وزادوا البؤساء بؤسا، ولا وجود لـ”إيران” إلا في وسائلهم الإعلامية الانتهازية، ورغم يقينهم بهذه الحقيقة، إلا أنهم مستمرون إلى يومنا هذا، في البحث عن إيران في أكوام الخراب اليمني.

لم يتوقف موال الخطر الإيراني في اليمن فحسب، فقد بدأ العرب البحث عن إيران في لبنان وفي أزقة الضاحية الجنوبية، وبنفس سيناريو اليمن، بدؤوا سحب سفرائهم وشراء الدول الغربية مقابل سحب سفرائها، وكما لو أنهم يعدون العدة لـ”عاصفة حزم” ثانية.

السؤال الأهم هو الذي يجب أن يوجه للعرب الذين دمرت أوطانهم تحت مبرر محاربة إيران، هل يعلمون أن إيران لها حدود مع جميع الدول الخليجية، ويعلم العالم أن إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية، وتسرح وتمرح في مياه الخليج متى ما شاءت وكيفما شاءت.

ألم يكن الأحرى بالعرب أن يسحبوا سفراءهم من إيران، وأن توجه عواصفهم لتحرير تلك الجزر المحتلة، أعتقد أن هذا بالنسبة لهم بات ضربا من المستحيل، ولن يتجرؤوا على فعل ذلك.

أيضا، إيران تسرح وتمرح في العراق، وتعلن ليل ونهار، سرا وجهرا، عن عملياتها العسكرية ودعمها العسكري في الميدان، ولم نسمع عن أي عاصفة عسكرية أو سياسية حتى كسحب السفراء من العراق كما فعلوا في اليمن ولبنان. فلماذا يفرد العرب عضلاتهم ويتفتونوا على أكثر الشعوب العربية عزة وكرامة، شعوب عملت وبحثت عن قوتها بعرق جبينها، ويشهد العالم أن اليمنيين واللبنانيين لهم الفضل في اقتصاد وبناء الخليج.

لو كان هناك مشروع عربي حقيقي لما أعلن الخليج عن عواصف وتحالف وتجمعات وصرفوا المليارات لإسكات الغرب، عن جرائهم في قتل أخوانهم الفقراء، لو كان هناك مشروع عربي لواجهت الشعوب العربية إيران وغيرها في حال أرادت التآمر عليها.

يجب أن تعلم دويلات العرب أنها اليوم تدمر ما تبقى من المشروع العربي، من خلال دعمها لحروب طائفية، وفي المساعدة على تقسيم المقسم من الدول العربية وعلى أساس مناطقي وطائفي وعرقي، ويتم استنزاف خزائنها في قتل شعوب العربية، والتي كان المفترض أن تكون تلك المليارات استخدمت في بناء المشاريع الإستراتيجية والاقتصادية للمشروع العربي، ولكن ما أنجزتموه اليوم هو تأمركم على تدمير الجيوش العربية التي كانت في حمايتكم، وجعلتم الغزاة يستعمرونكم بطلب منكم.

أيها العرب، قبل أن ترفعوا شعار الخطر الإيراني، يجب أن يعرف كل عربي أن “أنصار الله” و”حزب الله” مشروع عربي، ويجب أن يعرف كل عربي أين المشروع العربي، ويفرق بين المشروع العربي، والتبعية لأمريكا أو بريطانيا أو روسيا، إذا لم تجد الشعوب العربية مشروع “ناصر” أو “صدام” أو أي مشروع عربي يستطيع إقناع الشعب بأنه ليست إقطاعية تقاتل بالمال، ولديه قضية، وليس مسيرا من أطراف خارجية، ومتى ما وجد المشروع العربي الصادق، لن يكون هناك خطر إيراني ولا غيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى