مساحات رأي

مجازر اليمن… والتخاذل العربي!!!

رائد دباب

يراودنا الأمل حين نقرأ في مواقع أجنبية مثل (أجورا فوكس) الفرنسي إدانة واستنكارا للحرب الوحشية على اليمن، فهو عزاء لكل إنسان يئس من أولئك الذين يتحدثون بالقومية العربية والأمن القومي العربي.

وليس غريبا حين يقول ثيودور كاراسيك المحلّل العسكري من مقرّه بدبي,: إن السعودية تزداد نشاطاً في سياستها الخارجية وتحاول بالتوازي مع ذلك زيادة أسلحتها من أجل مجابهة التحديات المتزايدة الماثلة أمامها اليوم”.. لان السعودية ناهيك عن المليارات من الأسلحة التي جربتها في اليمن، بدلا من تجار السلاح في الغرب وأمريكا لتؤكد لهم مقدار الدمار الذي تخلفه.

وبالنظر لحرصها على الأمن القومي العربي (لو كان هنالك امن حقا).. ، تعتزم زيادة مشترياتها من الأسلحة من الولايات المتحدة إلى 90 مليار دولار، مقابل 60 ملياراً أعلن عنها العام الماضي وهي تسعى  لتطوير سلاح البحرية ( لان إيران تتدخل في شؤون الأسماك العربية)، وفي العام الماضي.

كما وأكد دبلوماسي غربي انه “توجد خطة تنفق بموجبها السعودية 30 ملياراً إضافية لتحديث أسطولها البحري.. وهذا المبلغ الإضافي يشمل الصيانة وتدريب القوات. ولا ندري أية قوات يقصدون السعودية أم السودانية والباكستانية أم (بلاك واتر)..

ونقول لمن يتهمنا بالتحامل على السعودية: يكفي أن نعود إلى أنفسنا ونفكر في أمر واحد، وهو كيف يمكن لهذه العائلة المالكة أن تدافع عن الأمن القومي العربي الممتد من المغرب العربي إلى العراق والشام .. وهي لا تثق ولا تعتمد على أبناء شعبها في الدفاع عن أراضيها .. وتعلم أنهم لن يقاتلوا ويقتلوا نيابة عنها .. فتتجه لدول غير عربية ومرتزقة أوغلوا في قتل العراقيين خلال الغزو الأمريكي .. لتدفع لهم ربما تحافظ على الأراضي ضمن حدودها. ورغم كل ذلك تفشل أيضا .. ومن يكذبنا فليتابع ما يجري على يد أبناء اليمن في نجران وجيزان.

ولو كان الشعب العربي في الحجاز مؤمنا بهذه العائلة لقاتل كما قاتل الناس في غزة ضد أعتى قوة في العالم .. والعجيب أن الساسة السعوديين لا يسألون أنفسهم: ما هو حجم قوتنا مقابل ما يمتلكه الشعب اليمني؟ .. ولماذا يستميت اليمنيون في القتال ولم يبق لهم سقف يستظلون به، ولا مشفى يعالجون به مرضاهم؟ بينما نطلب نحن العون من باكستان تارة ومن مصر تارة أخرى، وحين نصاب بخيبة الأمل .. نطلب من الكويت لترسل قوات تدافع عن الأراضي السعودية .. رغم أن الكويت وليس هذا بتهكم لأهلنا في الكويت، سقطت خلال أربع ساعات مقابل الجيش العراقي. وكان هذا الأخير في أوج تفككه وضعفه؟

وبالنسبة للولايات المتحدة، فهذه الصفقات الضخمة غير المسبوقة في حجمها وتكلفتها تزيد من فرص العمل للأمريكيين بعد فترة الأزمة الاقتصادية العالمية، وانكماش الاقتصاد الأمريكي. وهنالك توقعات من قبل خبراء تتحدث أن الصفقة ستزيد في سوق التوظيف نحو 75000 فرصة عمل.. ولا ينخدع أحدكم بهذا الرقم فهي فرص عمل للأمريكيين وليس لأبناء الشعب العربي .

وأما بريطانيا فحسب صحيفة “الغارديان” بينما تقوم بتقديم المعونات الطبية والغذائية بإحدى يديها لليمنيين تقوم ببيع الأسلحة والمعدات العسكرية والتقنية للسعودية لقصف اليمن، ومنذ اشتعال الحرب على اليمن في مارس الماضي أصدرت الحكومة البريطانية 37 ترخيصا لتصدير الشحنات العسكرية والأسلحة للسعودية ورفضت الإفصاح للبرلمان عن محتويات هذه الشحنات.

ويبدو أن الأمة العربية تجهل أن كل هذه الأسلحة تصب على رؤوس أبناء الشعب اليمني الأبرياء ، ولا توجه إلى إسرائيل التي تحتل أرضا عربية اسمها فلسطين ، وتقتل العرب (السنة)… وكل ذلك بحجة “التدخل الإيراني” في شؤون ما يسمونهم العرب ..

وعلينا أن نذكر من لا يتذكر .. أن هذه الدعايات الإعلامية هي من اكبر الإهانات للعقل العربي، لأنها تستغبيهم بشكل مقزز … وللتوضيح أكثر نقول صحيح أن الثورة في إيران أثرت على العالم العربي، حالها حال الثورة الشيوعية في روسيا. لكن واقع الحال أن شعبا عربيا كالشعب التونسي مثلا، قد ضاق ذرعا بزين العابدين بن علي الرئيس الثاني لتونس منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 بعد الحبيب بورقيبة الذي حكم البلاد  منذ 7 نوفمبر 1987 إلى 14 يناير 2011، وهو الذي صنفت منظمات حقوق الإنسان الدولية وكذلك الصحف الغربية المحافظة مثل الإيكونومست نظامه بالاستبدادي وغير الديمقراطي. كما وانتقدت منظمة العفو الدولية وبيت الحرية والحماية الدولية المسؤولين التونسيين بعدم مراعاة المعايير الدولية للحقوق السياسية وتدخلهم في عمل المنظمات المحلية لحقوق الإنسان. وباعتبارها من النظم الاستبدادية فقد صنفت تونس في مؤشر الديمقراطية للإيكونومست لسنة 2010 في الترتيب 144 من بين 167 بلدا شملتها الدراسة. ومن حيث حرية الصحافة فإن تونس كانت في المرتبة 143 من أصل 173 سنة 2008. وما كان إحراق البوعزيزي لنفسه سوى حجة للشباب التونسي في التعبير عن رغبته في التغيير والثورة .. (وليس لان إيران تدخلت في تونس) …

انفجر برميل البارود فشملت النار معظم الدول العربية فتلتها مصر. ولمن الظلم أن نعزل الشعب اليمني عن هذه الأحداث وهو جزء من الشعوب العربية التي أرادت إسقاط الأنظمة العميلة وبناء الديمقراطية في بلدان لم تعرف الديمقراطية إلا من خلال شاشات التلفاز.

والأمر الذي يؤرق الغرب والديكتاتوريات المتبقية في المنطقة هو شيء واحد .. أنهم تمكنوا أن يلتفوا على كل تلك التحركات والثورات التي سميت بالربيع العربي … فلماذا استمرت في اليمن.

فالسعودية لا تتحمل الديمقراطية العربية حتى وان ظهرت في سيبيريا .. فكيف بمن يطالب بحقوقه ويهتف بإسقاط النظام وهو على حدود السعودية.. متناسين أن التركيبة الاجتماعية في اليمن تختلف عما عليه بقية البلدان العربية، وتختلف حتى عن السعودية نفسها .. وهنا “مربط الفرس” كما يقال.

والسعودية راهنت على صالح في قمع التحركات الشعبية وساعدته في الحرب على أبناء شعبه .. لكنها فشلت. فأتت بهادي لعله يلتف كما التف الآخرون على الحراك الشعبي اليمني .. وفشلوا في ذلك أيضا … ولم تكن هنالك أية حجة للدخول مباشرة وإجهاض الحراك الشعبي، سوى اتهام أبناء اليمن أنهم يطبقون “أجندات صفوية”، والاستدلال فقط أنهم زيديون من الشيعة .. حجة قذرة أودت بحياة الآلاف من الأبرياء أمام ناظري الشعوب العربية … ولكن لا حياة لمن تنادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى