تحقيقاتعناوين مميزة

“غوانتانامو” تعز.. قصص مؤلمة غير مقروءة.. المنسيون في غياهب معتقلات “الإصلاح” و “القاعدة”

المعتقلاتالهوية –  “المستقبل”.

تحت وطأة ظروف اعتقال قاسية يمضي عشرات المعتقلين المدنيين أياما مرعبة وثقيلة في سجون مظلمة تديرها التنظيمات المتطرفة والمليشيا المسلحة في مدارس مدينة تعز بعدما تحول بعضها سجونا كبيرة لتصفية الخصوم.

أمام بوابة مدرسة مجمع السعيد جنوب مدينة تعز تجمع رجال ونساء وشباب حول امرأة تحمل بيد مرتعشة آنية طعام كانت تبكي باختناق وتدعو بصوت مرتفع فيما زوجها يحاول إقناعها العودة إلى المنزل بعدما رفض مسلحو تنظيم “حماة العقيدة” السماح لها بزيارة ابنها المعتقل منذ حوالي سبعة أشهر.

بالنسبة لسكان حي المظفر يتكرر هذا المشهد كل يوم فلا قواعد لدى مسلحي التنظيم  الذين يعتقلون العشرات في هذه المدرسة بتهم موالاة الحوثيين أو مساندة الجيش واللجان الشعبية الذين انسحبوا آنذاك من بعض أحياء المدينة تاركين خلفهم مدنيين حملوا وحدهم تركة انتقام ثقيلة محاطة بالكثير من التحريض والكراهية والاتهامات.

ابن تلك المرأة اعتقل مع آخرين من الشباب وكبار السن في حملات دهم واعتقال عشوائية لأحياء ومنازل شنها مسلحو كتائب أبي العباس التابعة لتنظيم “حماة العقيدة” في أكثر الأحياء الغربية لمدينة تعز غداة السيطرة عليها بعد معارك مع الجيش واللجان الشعبية حُسمت لمصلحة المسلحين.

اُتهم ابن تلك المرأة، كما آخرين بـ “موالاة الحوثيين ونشر التشيع الرافضي” وأودع في زنزانة استحدثها مسلحو التنظيم في فصل دراسي بهذه المدرسة التي صارت منذ منتصف العام الماضي مقرا رئيسيا لكتائب أبي العباس.

يقول والد الشاب المعتقل إن الاعتقالات التي شنها مسلحو “حماة العقيدة” تمت تحت تهديد السلاح وجميع المعتقلين اقتيدوا من منازلهم أو من مواقع أعمالهم دون مقاومة… فبعد عمليات إعدام وحشية وإحراق جثث واقتحام منازل وإشعال النيران فيها وعمليات نهب لممتلكات وسيارات لم يفكر احد بمقاومة هذا الجبروت  القادم من دماج”.

يرفض والد الشاب المعتقل ذكر اسم ابنه أو كشف هويته فهو كغيره من سكان المدينة يشعر بالخوف على نفسه وأفراد عائلته من عنف مسلحي التنظيم المسيطرين على بعض أحياء وسط وغرب المدينة، تماما كما يفعل مسؤولو المرافق الحكومية الذين يرفضون بشدة الحديث إلى الصحافة خشية تعرضهم وأسرهم للانتقام العنيف من مسلحي التنظيمات المتشددة والمليشيا التي تتقاسم أحياء المدينة.

قصة هذا المعتقل وظروفه تشبه تماما ملابسات اعتقال شاب آخر معتقل في مدرسة مجمع السعيد منذ حوالي ستة أشهر أو أكثر.

الشاب “و. م ” متزوج ولديه طفلان استهدفه مسلحو “حماة العقيدة” في وقت مبكر بعد سيطرتهم على الحي واقتادوه من جوار منزله وزجوا به في سجن الجماعة السلفية المتشددة بمدرسة مجمع السعيد بتهمة انه قيادي في جماعة أنصار الله.

يؤكد أصدقاؤه أنه لم يقاتل في صفوف اللجان الشعبية ولم يحمل يوما سلاحا لكنه كان قبل الحرب مؤيدا لجماعة أنصار الله ويفصح عن حبه للسيد حسين الحوثي وتأثره به … ” كان يعبّر عن ذلك بترديد شعار الصرخة وفي إحدى المرات صوّره احد أصدقائه وهو يرددها بصوت مسموع. وصل الفيلم إلى مسلحي كتائب أبي العباس التي كانت منهمكة بعملية تطهير واسعة لكل المدنيين المتهمين بموالاة الحوثيين في الأحياء التي سيطروا عليها، فكان ذلك الفيلم مبررا كافيا لاعتقاله.

تاليا صار الشاب “و. م”  متهما “بتجنيد شباب الحي للقتال مع الحوثيين” قبل أن يواجه تهما اشد ضراوة اقلها “سب أم المؤمنين عائشة”.

 

من داخل المعتقلات

يقول مسؤولون إن المعتقلات التي تديرها الجماعات المتطرفة من تنظيم “حماة القعيدة” و تنظيم” القاعدة” وكذلك المعتقلات التي تديرها “المقاومة” (مليشيا حزب الإصلاح) ليست سرية لكن الاقتراب منها أو حتى الحديث عنها بصورة عابرة أو تصويرها محظور وقد يعاقب الفاعل بالإعدام أو الاعتقال على أقل تقدير.

مدرسة مجمع السعيد للبنات حيث يعتقل العديد من شباب أحياء المدينة وبعضا من مقاتلي اللجان الشعبية كانت حتى وقت قريب من أكبر مدارس البنات بمحافظة تعز من حيث عدد الطالبات اللاتي يدرسن في مختلف مراحل التعليم لكنها صارت اليوم كابوسا بالنسبة لكثيرين.

يقول “أ . ع” وهو مدرس في ريف تعز ” تحولت هذه المدرسة منذ سيطرة حماة العقيدة على الأحياء الجنوبية والغربية لمدينة تعز إلى معسكر لكتائب أبي العباس، وهي تأوي حاليا المئات منهم ويتخذونها معسكرا للتدريب ومقرا للإقامة ومستودعا لتخزين السلاح والذخائر” وهو يتحدث هنا عن شحنات السلاح التي تأتيهم من الجو بعمليات إنزال مظلي تنفذها طائرات تحالف العدوان السعودي.

ساحة الطابور الصباحي في هذا المجمع تحولت منذ منتصف العام الماضي إلى ساحة للتدريب  وبعض فصوله صارت قاعات للندوات الليلة والمحاضرات التي يتلقها المنضمون الجدد للجماعة المسلحة فيما تحولت بعض فصول هذه المدرسة إلى سجن يُحتجز فيه زهاء 40 سجينا من المدنيين ومقاتلي جماعة أنصار الله وجميعهم معتقلون في ظروف غامضة وقاسية للغاية.

يقول عضو نيابة من سكان حي المظفر حيث تقع مدرسة مجمع السعيد  ـ تمكنا من التواصل معه عبر “الشات” وطلب عدم كشف هويته ـ إن حوالي 40 شخصا معتقلين في هذه المدرسة منذ حوالي ستة أشهر أكثرهم من أحياء صينة والحصب والدحي والمناخ والنسيرية والقاهرة وأحياء المدينة القديمة وبينهم مقاتلون حوثيون ربما جرى أسرهم خلال المعارك التي  حُسمت لمصلحة “حماة العقيدة” ومسلحي المقاومة بقيادة حمود المخلافي”.

 

“حماة العقيدة” ليسوا وحدهم

السجون التي يديرها مسلحو “حماة العقيدة” بقيادة أبي العباس ليست الوحيدة في مدينة تعز فثمة سجون أخرى يديرها مسلحو تنظيم “القاعدة” كمدرسة ثانوية تعز الكبرى بحي الجحملية والمحكمة المجاورة التي تحولت كلها سجنا، وسجن رابع في مدرسة الشعب بحي حوض الأشراف تلك المدرسة التي بنيت قبل عقود بمنحة مقدمة من الاتحاد السوفيتي سابقا وصارت اليوم معسكرا لمسلحي تنظيم “القاعدة” يضاف إليها سجنان كبيران في مدرسة النهضة بعصيفرة ومدرسة با كثير في حي الشماسي.

في مدرسة باكثير الواقعة بين حيي الشماسي والروضة شرق مدينة تعز يطلق مسلحو مليشيا الإصلاح بقيادة المخلافي على السجن الذي استحدثوه لأسرى جنود الجيش واللجان الشعبية وآخرين موالين لجماعة أنصار الله اسم “عنبر المجانين” كناية عن الظروف القاسية التي يعانيها المعتقلون في هذه المدرسة والذين يعاني أكثرهم من الجوع والظلام والتعذيب اليوم فصاروا أشبه بمجانين.

في هذه الزنزانة الجماعية يحتجز مسلحو المليشيا 31 سجينا أكثرهم اسروا في معارك خاضها المسلحون مع الجيش واللجان الشعبية في الأحياء الشرقية والشمالية لمدينة تعز قبل عدة شهور.

دوّن المعتقلون أسماءهم ووظائفهم والمناطق التي ينتمون إليها في رسالة استطاعوا تسريبها عبر احد أفراد المليشيا بعد أن تعاطف معهم جراء الظروف القاسية التي يعيشونها في هذا المعتقل.

وتوضح الرسالة أن المعتقلين جنود وضباط من القيادة العامة والقوات المسلحة والأمن العام وقوات الاستطلاع وآخرين من اللجان الشعبية وبينهم أطباء ومهندسون ميكانيكيون من مناطق ومحافظات يمنية عدة بما فيها منطقة شرعب مسقط رأس قائد المليشيا حمود المخلافي.

يقول سكان في حيي الروضة والشماسي القريبين من مدرسة باكثير أنهم ظلوا يسمعون لشهور أنين المعتقلين أثناء تعذيبهم … ” اغلبهم تعرضوا لعمليات تعذيب وضرب وحشية في هذا المعتقل ناهيك بتعذيبهم بالطعام القليل وغير الصالح للاستخدام أحيانا ومكوثهم في الظلام طوال الليل وعدم السماح لهم الاستحمام أو غسل ملابسهم والنوم في فرش وبطانيات بالية ومتسخة لا تصلح للحيوانات”.

خلال زيارات لمواطنين من أبناء الحيين أفصح معتقلون عن ظروف إنسانية مريعة يعيشونها في هذا المعتقل وناشدوهم الاتصال بعائلاتهم وإبلاغهم بمكان احتجازهم ونقل احتجاجهم جراء نسيانهم وتجاهلهم من قادة الجيش واللجان الشعبية ومن المنظمات الحقوقية والإنسانية.

وفي رسالة أخرى للمعتقلين سربها متطوعون أكدوا أن جميعهم إما أسرى حرب أو مؤيدين لجماعة أنصار الله وطالبوا من قيادة أنصار الله والجيش التواصل مع “المقاومة” لكي يعملوا من اجل توفير الاحتياجات الأساسية للمعتقلين من الغذاء والماء والملابس والضغط عليهم لإيقاف أعمال التعذيب التي يتعرضون لها في هذا المعتقل.

يؤكد عضو النيابة أن ثمة سجن آخر في مدرسة النهضة يديره مسلحو حزب الإصلاح بقيادة حمود المخلافي وهي تقع في حي الروضة الخاضع لسيطرتهم وتفصلها أمتار قليلة عن “ساحة الحرية”.

هذا الأمر أكده مسؤولون في مكتب التربية والتعليم الذي يخضع مقره لسيطرة مسلحي “المقاومة” في حي المُصلى، والذين أشاروا إلى أن حال مدرسة مجمع السعيد لا يختلف كثيرا عن عشرات المدارس في مدينة تعز، فبعضها سيطر عليها مسلحو تنظيم “القاعدة” في حي الجحملية ومحيطها ومدارس أخرى سيطرت عليها المقاومة (مليشيا حزب الإصلاح بقيادة حمود سعيد المخلافي) وأخرى سيطر عليها “حماة العقيدة” وجميع هذه المدارس تعطلت فيها الدارسة منذ منصف العام الدارسي الماضي 2014 ـ 2015 بعدما حولها هؤلاء معسكرات للتدريب وتخزين الأسلحة والعتاد وسجنا كبيرا لاعتقال العشرات من السكان بتهم الولاء للحوثيين”.

يؤكد هؤلاء أن العشرات من الجنود ومقاتلي أنصار الله والمدنيين المتهمين بالانتماء للجماعة أو تأييدها أو القتال في صفوف اللجان الشعبية محتجزون في هذه المعتقلات في ظروف صعبة وقاسية للغاية.

وقياسا بمدنيين اعتقلوا بتهم الانتماء لجماعة أنصار الله أو التعاطف معهم أو القتال في صفوفهم ثمة آخرين اعتقلوا لأسباب غريبة كما يقول عضو النيابة أبرزها “بلاغات عن قراءتهم ملازم السيد حسين الحوثي أو إدارة مناظرات بشأنها في مجالس عامة وبعضهم اعتقلوا لأنهم كانوا يؤدون الصلاة “مسربلين (يرسلون أيديهم حال القيام في الصلاة) وآخرين تم ملاحقهم واعتقالهم لأنهم زاروا صعدة وإيران”.

بعض المعتقلين كما يقول سائق حافلة نقل جماعي التقطوا من الشوارع في الأيام الأولى للمواجهات “كان المسلحون يوقفون حافلات النقل الجماعي ويفتشون الهويات وكل من يحمل بطاقة شخصية  صادرة من صنعاء أو صعدة أوعمران يعتقل وآخرون كانوا يعتقلون بسبب لهجتهم.

يؤكد عضو النيابة أن بين المعتقلين أبرياء، مجانين أو مصابين بحالات نفسية وجرى اعتقالهم بعد الاشتباه بهم أثناء عبورهم الطرق ليلا في مناطق المسلحين.

ويشير إلى أن هذا النوع من الاعتقال فتح تجارة رائجة بعدما اضطر أهالي المعتقلين المجانين والمرضى إلى دفع مبالغ مالية كبيرة للمسلحين لقاء الإفراج عنهم … وكانت المبالغ تدفع في هيئة استحقاقات مالية بذريعة أن المسلحين  حموهم من الحوثيين وأنفقوا عليهم للتغذية والشرب خلال فترة الاعتقال “.

 

بين نارين

يواجه الصحفي صعوبات شديدة عند محاولته تحري أوضاع المعتقلين لدى مسلحي التنظيمات الإرهابية المسيطرة على بعض أحياء مدينة تعز.

وقياسا بهؤلاء فان سكان مدينة تعز يؤكدون أن إمكانية التحري عن المعتقلين لدى المليشيا التابعة لحزب الإصلاح بقيادة حمود المخلافي أسهل بكثير إذ أن المخلافي شيخ قبلي يفصح غالبا عن المعتقلين لديه ويمكن مراجعته في البعض الذين يسمح بالإفراج عنهم بضمانات ووساطات وفديات.

في الجانب الآخر يسيطر الخوف على الجميع إذ أن الناس هنا شاهدوا بأعينهم جرائم قتل وحرق جثث مريعة نفذها مسلحو “حماة العقيدة” و” القاعدة” ولذلك فان الجميع بلا استثناء يتوجسون من أي أسئلة تطرح عليهم في شأن المعتقلين وظروف اعتقالهم.

يقول سكان إن بعضا من المنتمين لجماعة أنصار الله الذين اعتقلوا في الأحياء الغربية لمدينة تعز  قبل عدة أشهر فضّلوا بعد محاصرتهم لأيام من مسلحي “حماة العقيدة” أن يسلموا أنفسهم إلى مليشيا المخلافي مطمئنين بأن أرواحهم لن تزهق بالذبح أو الرصاص أو الحرق كما حال الأشخاص الذين اعتقلوا أو سُلموا إلى تنظيمي “حماة العقيدة” و”القاعدة”.

في مدينة تعز ثمة المئات من الناشطين الحقوقيين من الذكور والإناث الذين لا تنقصهم الحماسة إلا أن النسبة الغالبة منهم ينتمون أو يتعاطفون مع حزب التجمع اليمني للإصلاح وسائر نشاطاتهم الحقوقية تركز على رصد ما يسمونه “جرائم مليشيا الحوثيين وعفاش”.

استنادا إلى ذلك يصعب العثور على معلومات لدى هؤلاء الناشطين في شأن المعتقلين، في حين أن المعلومات القليلة التي يفصح عنها أهالي المعتقلين بتحفظ تشير إلى أن معتقليهم يعانون من ظروف اعتقال قاسية وبعضهم ليس لديهم أي معلومات عن أبنائهم سوى أنهم معتقلون في المدرسة هذه أو المدرسة تلك، وثمة معتقلين من محافظات أخرى هم الأكثر تعاسة ومعاناة.

يتصدر مشكلات المعتقلين بحسب ذوي الضحايا المرض والجوع فلا خدمات طبية تقدم للمعتقلين كما أن كمية الطعام التي يتعهد المطبخ التابع لمسلحي تنظيمي “حماة العقيدة” و” القاعدة” ومليشيا حزب الإصلاح بتقديمها للمعتقلين قليلة وغير كافية.

 

يقول احد ذوي الضحايا ” تمكنا من إدخال كمية كعك إلى ابني المعتقل هناك فتخطفه المعتقلون الجائعين من يديه في ثوان معدودة .. كانوا جياعا وكأنهم خرجوا للتو من قبور مقفلة ليس فيها ماء ولا غذاء”.

شخص آخر من أقارب  سكان حي المظفر أكد انه شاهد معتقلين يأكلون أرزا اختلط بالتراب بعدما تناثر من الكيس نتيجة تخطفه من معتقلين جائعين .. كان هذا المشهد كافيا لان يقرر النزوح مع أفراد عائلته إلى أقصى منطقة ريفية يستطيع إدراكها.

 

خوف وغياب حقوقي

لا أحد في تعز يهتم لأوضاع المعتقلين في سجون التنظيمات المتشددة أو المليشيا المسلحة ولا احد يريد أن يعرف أو يتحدث عن هذه القضية بشكل علني.

ذلك أمر طبيعي كما يقول سكان المدينة فالكثير هنا رأوا رأي العين العديد من حالات الإعدام والقتل الوحشية والاعتقال كما عاشوا أوضاعا متوترة محاطة بالتهديد والملاحقات والتفتيش والاقتحامات للمنازل والمتاجر والمحال التجارية في سجل طويل من أكثر حالات العنف والانتهاك التي لم تدونها تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية… “الجميع في هذه المدينة الموحشة خائفون”.

رغم الحضور الكبير للناشطين الحقوقيين وتواجد المئات من منظمات المجتمع المدني في مدينة تعز إلا أن ملف المدنيين المعتقلين لا يزال حتى اليوم من أكثر الملفات المغيبة التي لا تحظى باهتمام الناشطين الذين يوجهون كل نشاطهم باتجاه الكشف عن قضايا وظروف المعتقلين لدى الحوثيين.

يقول المحامي “ع . م” يعمل في مكتب محاماة بمدينة تعز إن عشرات الناشطين الحقوقيين من شبان المحافظة تجمعوا في إحدى المرات في الشارع المقابل لمدرسة الشعب لتوزيع مهمات في مشروع أنساني لإغاثة الأطفال من ضحيا الحرب التي شهدتها الأحياء المجاورة فحاول احد السكان لفت انتباههم إلى الظروف القاسية التي يعانيها معتقلون أبرياء في هذه المدرسة فتطوع ناشطون للرد عليه عبر حراس كانوا قريبين من هذا الفريق كانت في رد كان كافيا لأن يصاب بالخرس الأبدي.

 

منسيون عمدا

يؤكد سكان قريبون من المدارس التي تحولت معتقلات في مدينة تعز أن كثيرا من ممثلي المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية ومراسلي القنوات التلفزيونية مروا من جوار هذه المعتقلات، لكنهم كانوا منهمكين بجمع وتوثيق وتصوير الجرائم التي يرتكبها “مليشيا الحوثي وعفاش”.

قليل من الناشطين الحقوقيين الذين تحدثنا معهم بهذا الشأن وكانوا يعرفون بوجود معتقلين بهذه المدارس لكنهم لا يعترفون لهم بأي حقوق ويعدونهم “مقاتلين حوثيين أو عفاشيين”.

حيال هذه المعادلة المختلة يلفت المحامي “م . ع” وهو كان ناشطا حقوقيا قبل سنوات، أن لدى الجماعات المسلحة في مدينة تعز إسنادا مدنيا من شبكة واسعة تضم المئات من الناشطين الحقوقيين وممثلي منظمات المجتمع المدني العاملين في منظمات معروفة أو متطوعين كما لديهم إسناد خفي من شبكات إعلامية تستقطب عشرات الإعلاميين والهواة وتضم مراكز إعلامية يتوافد إليها عادة كل مراسلي وسائل الإعلام الدولية.

كثير من هؤلاء يقدمون أنفسهم للناس على هيئة متطوعين في برامج إنسانية واغاثية للمدنيين المتضررين من الحرب وأحيانا ممثلين لمنظمات تنفذ برامج دولية أو ناشطين وإعلاميين مستقلين لكن أحدا منهم لا يستطيع التعرف أو حتى الاستماع لما يدور خلف أسوار هذه المعتقلات.

هؤلاء شوهدوا في الشهور الماضية متصدرين لوقفات احتجاج تطالب بإطلاق سراح المعتقلين كما أطلقوا حملات الكترونية وتصدروا عشرات البرامج التلفزيونية لكن أحدا منهم لم يتحدث عن المعتقلين في سجون التنظيمات المتشددة والمليشيا التي تتقاسم السيطرة على أحياء مدينة تعز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى