مساحات رأي

التنصل..

حمدي دوبلة

اتحفتنا وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً بتقرير حقوقي غريب وعجيب يتحدث عن ما سمّاه بممارسة كافة أطراف الصراع في اليمن لانتهاكات غير مشروعة لحقوق الانسان، وأن إفلات المتورطين في تلك الجرائم من العقاب يمثل مشكلة كبيرة لليمن وشعبه.
بكل هدوء وأعصاب باردة؛ راحت خارجية بايدن تستعرض في تقريرها المضحك المبكي في آن معاً نماذج من تلك الانتهاكات الخطيرة، وكأنها ليست المسؤول الأول عن كل ما حل بهذه البلاد، أو هكذا أرادت أن توهم العالم بأن ما حدث ولا يزال في اليمن ليس لها فيه ناقة ولا جمل، وأن الموضوع برمته، وما أسفر عنه من أنهار دماء لأكثر من ست سنوات ما هو إلا صراع يمني داخلي برعاية أطراف إقليمية في المنطقة، وكلهم بلا استثناء متورطون في الانتهاكات التي صاحبت المشكلة وجميعهم يستحقون العقاب على صنيعهم.
لم ينس واضعو التقرير المعد خصيصا عن وضع حقوق الإنسان في اليمن أن يحملوا إلى جانب الأطراف اليمنية كلاً من إيران والتحالف العربي بقيادة السعودية مسؤولية ما جرى من انتهاكات كجرائم القتل غير المشروعة وعمليات التعذيب والاعتقالات وغيرها من الجرائم التي تستدعي العقاب والمساءلة.
أقل ما يمكن القول عن الولايات المتحدة وهي تحاول التنصل من المسؤولية عن جرائمها ومجازرها الوحشية في اليمن، بأن ألاعيبها الممجوجة وتكتيكاتها للتخلي عن عملائها في المنطقة بعد الإخفاق لأكثر من ست سنوات لا ولن يعفيها من تحمل مسؤولية وتبعات هذا العدوان الهمجي، وأن لا شيئا سينفي حقيقة أنه كان أمريكياً من شعر رأسه حتى أخمص قدميه.
من جهته وعلى خطى سيده الأمريكي، سارع النظام السعودي إلى التنصل والتخلي عن مرتزقته المحليين من خلال إعلانه مبادرة سلام في محاولة مشابهة للظهور في موقف المحايد، وأن الصراع هو يمني- يمني وأنه ليس سوى وسيط خير وحريص على آمن واستقرار اليمن ومصالح شعبه.
بهذا الغباء المتسلسل والسطحية الحمقاء أصبح مهندسو العدوان في واشنطن والرياض يتعاملون مع اليمنيين بل وينتظرون منهم حمدا وثناء وكأنهم لا يفقهون شيئا ولا يفرقون بين العدو والصديق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى