مساحات رأي

صعب جداً

# صعبٌ_جداً
—————————————-
استوقفتتي جملة مكتوبة على إحدى جدران الشوارع لن يشعر بالألم إلا من عاشه ،ما دون ذلك مجرد هراء ،ما زلت أتذكر تلك الليلة الظلماء حين رحل عني طائر أحلامي الذي لطالما كنا معا نحلق بعيداً في السماء تاركين أهل الأرض ونذهب لنغوص بين السحب التي كنت أشبهها بحلوى السكر ذات المذاق الطيب …كان يحميني من ذلك الظلام البارد الذي كان يزورني في كل ليلة لم يكن ضيفاً محبباً أبداً ولكن طائري لم يكن يبقيه طويلاً …كان ينسج لي الكثير من القصص والحكايات التي لم يكن الظلام البارد فيها إحدى أبطالها.
…..استيقظت من سباتي على صوت السيدة التي قالت لي :- ستحبين هذا المكان كثيراً وستكونين الكثير من الصداقات …. إن فيها الكثير من الأطفال الطيبين ..لن تشعري بالخجل بأن لا أبوين لك فجميعهم ليس لديهم آباء ولا أمهات … وقفت أمام بوابة المكان الكبيرة التي سأعيش بقية حياتي فيها كان مكتوب عليه دار، الأيتام عندها فقط أيقنت أن لقبي الجديد هو يتيمة ..لقبٌ باهت خال من أية مشاعر أو ذكريات تحمل في جعبتها معاني السعادة والأمل والحياة … دخلت مع تلك السيدة التي من باب الإحسان أخذتني إلى هذا المكان كي لا ينهش ما تبقى من ذكريات جميلة أحملها في جعبتي إلى مديرة الدار التي كانت مشغولة مع أصحاب الطبقة المخملية الذين كانوا يختارون من أطفال الدار وكأنهم عبيد يباعون ويشترون في سوق الرقيق.
رمقتني إحدى سيدات الطبقة المخملية قائلة :- انظروا لهذه الطفلة وانظروا لملابسها الرثة كيف ،يمكن لهذه الدار أن تقبل بطفلة بهذا الشعر الأشعث وملابسها الرثة ..ألم يكن هنالك من يرتب لك هذا الشعر الأشعث ويخيط ملابسك الرثة ؟!
كانت كلماتها قاتلة وكأنها سكاكين….
سقطت دموعي وهي المرة الأولى التي تسقط ،لقد وعدتُ طائري بأنني لن أبكي مهما كانت الظروف،ولكن لم أكن أعتقد بأنني بهذا الوهن ..كانت دموعي تتساقط كخريف بائس ادعاء بأنه الربيع التي تتفتح زهوره بعد هطول الأمطار، ولكن لا جدوى من ذلك …
صرختُ بأعلى صوت غير مبال لكل ما حولي :- لقد كان لي أب كان كطائر الأحلام في حياتي … كان أول من علمني أول كلمة انطقها حياة ، ولكن لم أكن أعلم أن نقيض تلك الكلمة ستسلب مني ذلك الطائر …حكمت عليّ من نظرتك إلى شعري الأشعث و ملابسي الرثة و لم تنظري إلى السبب الذي أحدثه ذلك النقيض …تنظرين إلينا وكأننا سراب في سراب ..تنظرون إلينا وكأننا فئران تجارب لا يحق لنا العيش مرة أخرى … نحن ننتهي وكأننا من الوجود نختفي …نحن نتألم لفقداننا طوق النجاة في حياتنا ونحاول جاهدين أن ننسى ونواصل حياتنا ولكن لم تتركوا لنا الفرصة أن نواصل …أن نقف مرة أخرى بعد الانهيار الذي حدث لنا … تنعتونا بجميع أنواع الألقاب وكأنه من الضروري أن تشوه تلك الألقاب أسماءنا التي عهدناها .. لم تعيشوا الألم حتى تشعروا بنا … لسنا أيتاما، أنتم الأيتام لأن مشاعركم تخلو من الدفء والحب ..أما قلوبنا فتسكنها الذكريات الجميلة، صعبٌ جداً أن تفهموا كل ما قيل ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى