تقارير

التحالف الإخواني يستدعي العواطف الثورية و يتهم الرئيس بالتنسيق مع صالح ضد الثورة!!

الهوية : خاص

لم يعد الحديث عن تحالف بين أنصار الله و بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح هو محور التركيز الإعلامي لإعلام حزب الإصلاح و علي محسن و حميد الأحمر هذه الأيام ..

 فقد حل الرئيس هادي محل أنصار الله في تلك المانشيتات التي تعتلي صفحات الوسائل الإعلامية التي يصفها البعض بالممجوجة و المكشوفة .

كما لم يعد الرئيس هادي يمثل الشعب بل صار متحالفا مع صالح ، و باسندوة أيضا صار بقدرة قادر اشتراكيا ، و صخر الوجيه مؤتمريا و يمثل قائمة المؤتمر في الحكومة ، و صالح سميع مستقلا ، و الترب يمثل شباب الثورة و أغلب الوزراء يمثلون الرئيس هادي ، وووو الخ ، و ليس سوى وزير التربية و التعليم  فقط من يمثل حزب الإصلاح في الحكومة التي باتت على وشك السقوط قبل أن تندلع الاحتجاجات العارمة ضدها بسبب فشلها الذريع الذي لم يعد يجهله الأطفال ، و نيتها على إضافة كارثة اقتصادية جديدة إلى فشلها الكارثي هي رفع الدعم عن المشتقات النفطية و التي سيترتب عليها جرعة سعرية تقضي تماما على الأمان الاجتماعي في اليمن .

كل هذه الكتابات و التحليلات التي توحي بان التحالف الإخواني يتجه إلى مكان مريب في الواقع السياسي و يحتال على الواقع و يهرب إلى الأمام في صراع محتدم خلف الكواليس بينهم و بين الرئيس هادي إضافة إلى صراع يشعلونه هنا و هناك بينهم و بين القوى السياسية المختلفة.

تطور الهجوم الإخواني على الرئيس هادي :

صحيفة أخبار اليوم التابعة للواء علي محسن الأحمر مستشار الرئيس هادي ، قبل يومين نشرت خبرا عنونته  “صالح وهادي يتفقان على طي صفحة الخلاف والعمل وفقا لمبادرة بعيداً عن أهداف ثورة فبراير” في تسميم واضح للوعي و للرأي العام باستخدام التابوت الجاهز الذي أصبح مستهلكا إلى حد كبير و هو ” التحالف مع صالح أو التآمر على الثورة و أهداف الثورة ” .

ربما يفهم البعض من هذا المانشيت أن ثمة غيرة ثورية تندلق من شرفات الملائكة الثلاثة حميد الأحمر و علي محسن و حزب الإصلاح ، هذا الفهم بكل تأكيد و أسف ينسى أن هذا الثلاثي هو الطرف الثاني مقابل الرئيس السابق صالح في المبادرة الخليجية التي كانت برمتها التفافا على أهداف الثورة و استهدافا مباشرا لها تحت رعاية الخارج .

ولعل هذا التحالف مع صالح بحسب ما يراه الكثير من المتابعين و المحللين السياسيين ، يبدو متجسدا بشكل عملي في مواقف و ممارسات الإصلاح و علي محسن و حميد الأحمر ، كونهم يتقاسمون السلطة مع صالح و يتحالفون معه ضد شباب الثورة و ضد بقية القوى الوطنية منذ توقيع المبادرة الخليجية  و حتى أثناء مؤتمر الحوار من خلال مراعاة الاتفاق معه في كل رؤاهم و مقرراتهم و أوراقهم التي قدموها ، علاوة على توقيعهم للتسوية مع صالح و تصويتهم للحصانة و التفافهم معه على العدالة الانتقالية و النقاط العشرين و الأحد عشر .

ولم يعد خافيا منذ تشكيل حكومة الوفاق التي أثبتت فشلها و تنصيب الرئيس هادي كرئيس مكبل باتفاق بينهم و بين صالح و تقاسمات و تفاهمات بينهم ، لم يعد خافيا أنهم يقفون جنبا إلى جنب مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح في مربع الارتهان لوصاية الخارج المتمثلة في المبادرة الخليجية التي تقيد تنفيذ أهداف الثورة و تقيد أيضا الرئيس هادي من إحداث تغيير ليس تحت سقف المبادرة الخليجية .

بل و يرى متابعون و سياسيون محليون و دوليون أن صالح نجح في إبعادهم عن الثورة و أهدافها و فصلهم عن القوى الوطنية و تحالفاتهم التي وقفت جوارهم بوجهه طوال سنوات ، و جرهم إلى اتفاق ملزم و تقاسم معه ترعاه قوى إقليمية و دولية و تضمنه ، و هو ما يجعل حديثهم عن تحالف الآخرين مع صالح مجرد تغطية على واقع أصبح عاريا و كل يوم يتعرى أكثر وربما يسمعه الكثيرون و هو  يسألهم :

كيف تتهمون الآخرين بالتحالف مع صالح و انتم فقط وحدكم من يتقاسم معه كل شيء و يتقاطع معه في كل المخاوف و المحاذير سواء من قوى الثورة أو من الرئيس هادي الذي يرفض أن يلعب نفس الدور الذي كان يلعبه صالح فيما قبل خصوصا الزج بالجيش في حروب مع خصومكم السياسيين ؟!!!

قبل يومين أيضا نشرت أخبار اليوم على لسان القيادية الإخوانية ” توكل كرمان ” عنوانا يقول : ” هادي لا يرى من مخرجات الحوار إلا الأقلمة وسوق الجميع نحو الضياع ، والتزام الرئيس الحياد في المواجهات بين الحوثي والقبائل دعوة للصراع وإذكاءه “

قرأ الشارع المتابع الواعي قبل المحللين و السياسيين في هذا الخبر المستوى الذي وصل إليه الهجوم الإخواني على الرئيس هادي ، و الذي تجاوز كونه رسائل ضغط إلى كونه أصبح صراعا محتدما يدفع الناس ثمنه على أبواب محطات النفط و تحت وطأة الظلام و الخوف من القادم .

تدبيس و تلبيس الرئيس :

رسالة توكل كرمان لا تختلف كثيرا عن رسالة صحيفة أخبار اليوم التي هي رسالة علي محسن و حميد و الإصلاح التي ذكرناها في بداية هذا التقرير في كونهما تحريضا واضحا ضد الرئيس هادي باستخدام أدوات و مبررات و تابوهات مستهلكة – ما تزال تنطلي على البعض من أنصارهم – و هي التحالف مع صالح و خيانة الثورة و أيضا الالتفاف على مخرجات الحوار و خطورة الأقلمة ، إضافة إلى السكوت على خطر أنصار الله أو ما يسمونه الحوثيين .

في سياق متصل يكتب و يروج ناشطون و سياسيون إخوانيون لقناعات و انطباعات بان الوزير صخر الوجيه و باسندوة لا يمثلون الإخوان و ينددون بأدائهم و فشلهم و يتبرؤون مما يصدر منهم من فشل و ما شابه ، و يروجون بأن الأزمة التي يعاني منها الشارع اليمني على مستوى النفط و الاقتصاد و الكهرباء و مخاوف الجرعة السعرية يقف وراءها الرئيس هادي و ” حكومته “التي يحاولون الإيحاء بأنهم لا يمثلون فيها إلا بوزير واحد أو وزيرين هما وزير التربية و وزير العدل ،

كما أن هذا يتزامن مع رسائل إخبارية و عناوين تنشرها مواقع الإصلاح الرسمية و غير الرسمية من أن الإصلاح يرفض الجرعة السعرية و الأزمة النفطية  و انه حريص على مصلحة الشعب و يشعر بمعاناته ، إيحاء بأنهم بعيدون عن كل هذه الجيفة التي أصبحت رائحتها تتجاوز كل محاولات دفنها .

وفي ذات السياق نشرت قبل يومين صحيفة الأهالي الإخوانية التابعة للإصلاح  في موقعها على الانترنت على لسان الدكتور القربي وزير الخارجية عنوانا يقول : ”  القربي يدعو لإقرار الجرعة وعدم الخوف من ردة الشارع تفادياً لأزمة أخطر “

وبصرف النظر عن مدى علاقة الوزير القربي بموضوع كهذا خارج صلاحياته و مدى تأثير رأيه و دعوته في تنفيذ الجرعة ، فإن ما يفهم من احتفاء الإعلام الاخواني بتصريح القربي الذي هو محسوب على الرئيس هادي هو أن ثمة رسالة يراد إيصالها إلى الرأي العام مفادها أن دعوات الجرعة السعرية – المتوقع إعلانها – يأتي من طرف الرئيس هادي و يتبناه الرئيس هادي ، و هو ما قد يعتبره البعض ممكنا أو على الأقل أن هناك مشاركة من قبل الرئيس هادي فيه .

مالا يدركه البعض بجلاء و ربما على رأسهم الرئيس هادي هو أن ثمة خطوات عملية يخطوها الإخوان عبر إعلامهم – الماهر في غزو الوعي – تريد الوصول إلى لحظة التخلي عن الرئيس هادي و تحميله مسؤولية كل ما يجري من تأزيم و انهيار في البنية الاقتصادية و الاجتماعية و العسكرية في البلد ليس سواهم من هندسها و تفنن في تنفيذها ، تماما كما كانوا يفعلون أيام الرئيس السابق علي صالح .

الأخوان في هذه المرحلة بحسب كتاب و صحفيين قد لا يعون أن مثل هذه الأساليب التي يحاولون عبرها إسقاطها على الرئيس هادي لم تعد خافية و لا عصية على الفهم على الأقل بالنسبة للنخب المثقفة و الطبقة المتعلمة و الواعية ، كما أن تلك الأساليب الكيدية لم تعد أدوات سياسية ضاغطة و فاعلة في التأثير على المجتمع من جهة و توجيهه بحسب ما يتناسب مع مصلحتهم ، بل ربما لم تعد مؤثرة و فاعلة في الضغط على الرئيس هادي بقدر ما أصبحت تعطي انطباعا لدى الرأي العام بان الرئيس هادي مستهدف من قبل التحالف الاخواني الذي صار واضحا بأنه استنفد كل ما لديه من كيد و كشف كل ما لديه من تناقضات و احتيالات و تضليل ،

ومن هذا المنطلق فإن الكثيرين صاروا يدركون أن كون الرئيس هادي مستهدفا من قبل هذا التحالف الإخواني الذي سقطت أقنعته إقليميا و محليا ، يعتبر أمرا كافيا للفهم أن ثمة شيئا سليما يفعله الرئيس هادي أو على الأقل يسعى الرئيس هادي لفعله و يخافون من أن ينجح في تكريسه و تنفيذه ، بحكم أن أي خطوة باتجاه التغيير و بناء دولة حقيقية و ديمقراطية حقيقية إنما يهدد وجود و نفوذ و سطوة تلك القوى الإخوانية التي تمثل لوبيا أو إخطبوطا يسيطر على الثروة و السلطة و الوظيفة العامة و التمثيل النيابي في كثير من نواحي البلد .

و بصرف النظر عما يمكن أن تكون نوايا الرئيس هادي إلا انه أصبح جليا أن ثمة توجها واضحا من قبل  تحالف الإخوان الذي أصبح يتصرف بوحشية و انفعالية عالية بوجه الجميع خاصة بعد عزله إقليميا و دوليا و بعد هزيمته الداخلية ميدانيا سواء على يد أنصار الله في الشمال أو هزيمته في الوعي الجمعي للمجتمع اليمني ، و هو التوجه و السعي الحثيث لتلبيس الرئيس هادي مسؤولية المشاكل التي تجري و تدبيسه فيها ، لخلق و تكريس مبررات ” ثورية ” في الوعي العام تسوغ انقلابا يقف خلف الأكمة بحسب قراءات سياسيين و خبراء محليين و خارجيين ، و هو ما يفسر استحضار الشعارات الثورية و أهداف الثورة في الخطاب الإعلامي الأخير الذي يهاجم الرئيس هادي .

ماذا وراء أكمة تطور هجوم تحالف الإخوان على الرئيس هادي : كنا قد تطرقنا في عدد سابق إلى ” الحملة الشرسة التي شنها إعلام الإخوان المتمثل بقناة سهيل والصحف والمواقع الاليكترونية من حملة ضد الرئيس هادي , بعد رفض الأخير الزج بالجيش  بمعارك جماعة الإخوان مع أنصار الله “الحوثيين” .. وتصوير الرئيس هادي بأنه يقود مؤامرة ضد اليمن .. يحاول إعلام الإخوان تحميل الرئيس هادي مسؤولية الجرعة السعرية القادمة , وتبرئة ساحة محمد باسندوة رئيس حكومة الوفاق , بل و تصوير سفره الأخير إلى الإمارات،أنه بسبب تقليص صلاحيات باسندوة وسحب الملفين الأمني والعسكري , وكذا رفض باسندوة للجرعة السعرية التي يصر عليها الرئيس هادي , رغم الإعلان الرسمي لمكتب باسندوة انه سافر لإجراء فحوصات طبية .”

لكن الواضح أن تلك الحملة ما تزال مستمرة و تأخذ أبعادا أخرى و جديدة وتتضح دوافعها و أسبابها و خلفياتها بشكل تدريجي يوما بعد يوم ما لم تأتي وساطة خارجية لتلملم الموضوع خلال اليومين القادمين .

ويتساءل الناس في الشارع و في المقايل و في المكاتب بإلحاح و ريبة : ماذا يقف وراء أكمة الخلاف – بل الصراع المحتم – بين الرئيس هادي و ثلاثي الإخوان الذي يمثله علي محسن و حميد الأحمر و الإصلاح ؟!! و كيف ستكون انعكاساته على مستوى الشارع المتبلد و على مستوى مصلحة الأطراف المختلفة التي هي طرف في ما يجري أو التي تستغل ما يجري أو التي تتضرر مما يجري و هي بعيدة عنه ؟!!

قد يرى البعض شيئا مما وراء تلك الأكمة و يغيب عنهم أشياء ، و هو ما حرصنا في هذا العدد أن نقف و نتأمل بموضوعية لنرى جليا كل ما يقف خلفها أو على الأقل أهم ما يقف خلفها .

صار من المهم التدقيق و التأمل في عناصر تلك الأزمة ” بدايتها – محورها – خلفياتها – دوافعها ” للوصول إلى ما وراءها و ما يمكن أن تسفر عنه في الأيام القادمة .

ربما لا يتذكر الجميع جيدا أن مطالب الزج بالجيش في الصراع الدائر بين الإصلاح و أنصار الله بدأ بعد سقوط أولاد الأحمر في عقر دارهم و خسارتهم زعامة حاشد بعد أن ثارت عليهم قبائلهم و رفضت القتال معهم ثم طلبت منهم مغادرة بلادهم .

بل ربما لا يدرك الكثيرون بشكل كامل ماذا يعني طرد أولاد الأحمر من حاشد ، فإضافة إلى خسارتهم القوة القبلية التي بنى الشيخ عبد الله الأحمر حضوره في السلطة و في النفوذ على انقيادها لزعامته ، فإن ثمة ما هو أشد و أنكى من ذلك كله و هو خسارتهم التمثيل الرسمي لحاشد في البرلمان بشكل كامل ، كون الأخوة الخمسة لم يعد بإمكانهم الحصول على مقاعد في أي برلمان مقبل ، و هو ما يعتبره أولاد الأحمر خسارة كبيرة ستؤثر على وجودهم في الدولة و في المشهد السياسي برمته ، فلم يعد هناك شيء يتكئون عليه في الحضور السياسي بعد أن أصبحوا لا يمثلون أحدا سوى أنفسهم .

كما أن هذا السقوط أيضا أصبح يؤثر بشكل مباشر على نفوذ و سيطرة علي محسن الأحمر الذي لم يتبق لديه سوى ورقة القشيبي بعمران و بسقوطه و سقوط السيطرة على مدينة عمران ستسقط آخر قلاع التحالف الإخواني و النفوذ الإصلاحي في الشمال قبليا و جماهيريا .

ومن هذا المنطلق فإن أولاد الأحمر و على رأسهم حميد الأحمر و التحالف الإخواني المتمثل في علي محسن و الإصلاح يدركون أن لا حل لاستعادة نفوذهم و سيطرتهم على حاشد – حسب ما يتخيلون – سوى الزج بالجيش في حرب شاملة على حاشد باسم قتال الحوثيين الذي لم يعد مبررا لا قانونا و لا جماهيريا ، و هذا الخيار هو ما يرفضه الرئيس هادي بشدة مستندا على تجارب سابقة لم تنجح في ظروف أفضل من هذه الظروف التي يمر بها البلد و الجيش و أيضا في ظل الشعبية التي يتمتع بها أنصار الله على الأرض .

ولذا فلم يتبق أمام حميد الأحمر و إخوته و المتحالفين معه علي محسن و الإصلاح سوى خيار الانقلاب على الرئيس هادي ، و هو ما ليس بالأمر الهين ، حيث أن هذا التحالف لم يعد يضمن ولاء الجيش بشكل كاف للقيام بانقلاب مأمون العواقب .

إذن كيف يمكن أن يتم الانقلاب في ظل معطيات مختلفة بعد أن أصبحت أجنحة هذا التحالف مبتورة و متناثرة الريش ؟

طبعا ليس ثمة من سبيل سوى الانقلاب عبر الاغتيال و هو ما تمت تجربته مرارا عبر الإرهاب و فشلت ، غير انه ليس أمامهم سوى هذه الطريقة ، و لأنهم يدركون خطورة خطوة كهذه كونها ربما تفضي إلى فراغ يجعل المجتمع الدولي و الإقليمي يتدخل و ينصب رئيسا بعيدا عن سيطرتهم أو يحمل موقفا مسبقا عنهم ، فإنهم صاروا يستدعون الشعارات و الشجون العواطف الثورية لعزل الرئيس هادي عن التضامن الشعبي و أيضا لوضع الموقف الدولي أمام حجج ثورية من أبرزها قضية الفشل في إدارة الأزمات الاقتصادية و العسكرية و الأمنية و التي تلاقي سخطا شعبيا عارما ………..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى