مساحات رأي

إلى أي مدى نجح النظام السعودي في لعب دورين متناقضين كقائد لـ”الحرب” ووسيط لـ”السلام”؟! وكيف تعاطى الحوثيون؟!

جمال عامرالهوية – جمال عامر.

يسعى النظام السعودي إلى لعب دورين متناقضين يتمثل الأول باستمرار إدارة حربه على اليمن عبر دعم حلفائه المقاتلين بمختلف الجبهات بمساندتهم بالطيران من الجو وتعزيزهم بآليات وعتاد عسكري وبشري على الأرض، فيما يقوم بنفس الوقت بإعادة تقديم نفسه كوسيط بين هادي وحكومته التي يعتبرهم الشرعية وبين وفد قوى الداخل وعلى رأسهم المؤتمر والحوثيون بصفتهم انقلابين، وهي مفارقة يصعب مقاربتها إلا في حالة ما كان هدف النظام السعودي من قيامه بدور الوسيط، هو إيصال رسالة إلى الخارج كي ينجو من تبعات عمليات القتل والتدمير التي طالت خلال أكثر من عام مواطنين يمنيين من بينهم شيوخ ونساء وأطفال، صنفت بعضها منظمة حقوقية ومن بينها “هيومن رايتس” بأنها ترقى إلى جرائم حرب.

كما يهدف النظام السعودي، إلى تبرير استمرار حربه، في حال لم يرضخ وفد الداخل بالقبول بشرعية هادي وحكومته لإدارة المرحلة الانتقالية، وهو ما يعني أنها ستكون تصفية وجود للخصوم.

وفي سياق تكريس لعب الرياض دور الوسيط الذي تحاول السعودية القيام به في هذه المرحلة، فقد مهدت له قبل انعقاد مفاوضات الكويت في العاشر من شهر ابريل الماضي، بتبني عقد لقاءات بين الحوثيين وممثلين عن الحكومة التي تدعمها أفضت إلى “اتفاق الظهران” بين الطرفين، ومنحت لنفسها دور المشرف، بما أن الاجتماع تم على أرض سعودية وهو اختيار له معنى كونه يحمل دلالة اعتراف ليس بالنظام فقط وإنما بتأثيره ودوره كطرف ميسر.

وكان سبق هذا اللقاء اجتماعا مباشرا مع السعوديين ناقش ما له علاقة بالتهدئة على الحدود، وأفضى إلى هدنة جزئية على الحدود ومحافظة صعدة، و العاصمة صنعاء، إلا أنها لم تخل من اختراقات كان يتم احتواؤها من قبل اللجنة المشكلة من الطرفين التي اعترفت بها السعودية فيما بعد، على لسان “محمد بن سلمان”، ووزير خارجيته، فيما اقتصرت النتائج على ما له علاقة بوقف المواجهات داخل أراضي المملكة، وتبادل للأسرى، دون أن تتطور إلى انسحاب المقاتلين الحوثيين من المواقع التي يسيطرون عليها في “عسير” و”نجران”.

كما لم ينسحب الاتفاق من جهة المملكة، على وقف دعم حلفائها، الذين أحرزوا تقدما على الأرض في “الجوف” و”مأرب”، نتيجة للدعم الجوي والعملياتي، وتعزيز الجبهات بالعتاد والسلاح بالتوازي مع دعم سياسي وإعلامي.

إلا أن التحول الفعلي والعلني إلى دور الوسيط بدأ مع تعثر سير المفاوضات بين وفدي الداخل والخارج في الكويت، حيث اجتمع سفراء مجلس التعاون الخليجي مع وفد “أنصار الله” بغرض تقريب وجهات النظر مع الوفد الحكومي، ثم بلقاء ثان للوفد مع أمين مجلس التعاون الخليجي “عبد اللطيف الزياني”، ثم بعد ذلك بلقاء لم يعلن مع السفير السعودي في اليمن، ليتم بعدها تقديم السعودية عبر حملة إعلامية كبيرة بصورة جديدة بناء على الدور الجديد الذي تلعبه بعد أن انتقلت نظريا من قيادة الحرب على اليمن، إلى وسيط محايد، يساهم ويمول الوصول إلى حل سياسي بوقف المعارك من خلال تمويل لجان التهدئة الميدانية، كي تنجح بوقف الاختراقات على الجبهات التي تشهد صراعا لم يدخل الهدنة منذ الإعلان عنها، وتكفل السفير السعودي في اليمن “محمد آل جابر”، بنقل وتوضيح دور بلاده الحريص على السلام في اليمن، في تصريح مطول كرس لهذا الغرض نقلته وكالة الأنباء السعودية، ليظل بعدها حديث القنوات ليومين اثنين، وبهذا الخصوص، أعلن “آل جابر” عن صدور توجيهات كريمة، بدعم لجان التهدئة والتنسيق التي تشرف عليها الأمم المتحدة مالياً لوقف إطلاق النار في اليمن.

ومن باب التذكير من أن دور بلاده كوسيط ليس وليد هذه المفاوضات فقد أشار السفير السعودي أن المملكة قامت بجهود كبيرة في إنجاح هذه المشاورات، وتضمنت ما جرى القيام به في استضافتها للأشقاء اليمنيين في ظهران الجنوب.

بالمقابل، صبت تصريحات ومقابلات “محمد عبد السلام”، الناطق باسم الحوثيين، ورئيس الوفد في الكويت، في تعزيز هذا الانطباع ومنحته قدرا من المصداقية على الرغم من التصعيد الواضح لجماعته إعلاميا وفي الميدان، وبالذات عقب إطلاق عدد من الصواريخ البالستية إلى قاعدة “خميس مشيط” السعودية، باعتبار أنها لم تزل على موقفها من المملكة كعدو لم يقدم ما يثبت غير ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى