مساحات رأي

أما آن لبلقيس أن تخلع إبليس ؟!

خير الله الصيفاني

انعكس مايسمى بالربيع العربي على بلدنا بثورة طاهرةانتهك عذريتها سفاحو المسلخ اليمني،بعد أن دخلوا ساحات الثورة وسحقوا ورودها،واتجهوا لتقديم الثورة بطابعهم الخاص الذي يجعل من ساحات الثورة أشبه مايكون بحمامات عامة يتطهر فيها(المثور عليهم) ليعودوا إلى مسالخهم بسيمياء الثورية المزعومة،وانتقل المشهد إلى صراع بين القوى ومراكز النفوذ(المعارضة الحاكمة والحاكمة المعارضة)حول تسويات إعادة التموضع لطابورهم الخامس،على وقع أنين الشعب ليتم بعد ذلك _وخنوعاً لإيعازات المشاريع الخارجية_ صياغة مبادرة تقسيم الكعكة بين أبناء العمومة، فتمخض عنها المسخ المشوه (حكومة الوفاق)والتي لم تعدو كونها موطئ قدم للمشاريع الإقليمية والدولية فتولت مهمة(تحاصص تنغيص حياة اليمنيين)مقدمة خلال أيام الوفاق العجافية الماضية أنموذجاً للفشل الذريع الذي يكتوي بلهيب نيرانه اليمن إنساناً وأرضاً وبحراً وجواً، منتهجة ديمقراطية فحواها لا صوت يعلو فوق صوت أنين الشعب، و الفساد والتفريط بسيادة البلد والاستئثار بحقوق الشعب لمصلحة الراقصين وفق ألحان الذئاب، وبينماكان يجري الحوار الموفنبيكي كان يجري حوار من نوع آخر بين أمعاء ملايين اليمنيين وبين موت الجوع والمرض والفقر،وكماهي عادة المشهد السياسي اليمني فإن ويلات سياطه لا تأنس إلا بالإيغال في التنكيل بالجراح الدامية للشعب المكلوم، فبُددت الثروات وتساقط أبناء الجيش ضحية مشاريع محليه تصب في خدمة اللاعب الاستكباري العالمي،لتنتهكها أنى تشاء وكيف تشاء، وذاع صيت البطالة والفقر ليس بعيداً عن صفقات السطو والهبر، فهذه وزارة المترات والهيلوكسات التي تستهدف بباروتها قيادات وطنية،برلمانية وعسكرية وفكرية، وهذه القاعدة بأنواعها وألوانها المختلفة تفجر هنا وتنثر أشلاء هنا بأسلوبٍ بغيظ  جهز فيغرف ومطابخ السياسة الموحشة،وذي أشباح القبيلة تفتعل الصراعات علها تسترد بعض مافقد منها حيرها (حز الرافضي من الأمام أم من الخلف)، كذلك فإن ريح الوفاق تعصف بجنوب اليمن سيما وأن رئيس الجمهورية كان قد أهدى فايرستاين خلال توديعه (وسام الوحدة) ليبادله السفير الأمريكي تلك المشاعر الأخوية قائلاً: “إن اليمن يمثل أحد قصص النجاح التي تحققت خلال فتره الربيع العربي….اليمن اليوم على أعتاب مرحلة نهائية من عمليه التحول بعكس ما هي عليه دول الربيع العربي”!!!

هذه بعض ملامح صورة المشهد اليمني المترهلة فياترى ماهو الحل الذي يعول عليه اليوم لانتشالنا من هذا الواقع؟ إن الحل بكل بساطة يكون بالتخلص من مسببي البؤس للشعب اليمني،ولا مجال هنا لتلك الحلول الزائفة المتشبعة بالتناقضات والتي تساوي بين البناء والهدام،والضحية والجلاد،والأحمر والأبيض،ولامجال لأكذوبة (سوا نبنيها) كونها تخالف التاريخ الثوري فضلاً عن مخالفتها للسنن الكونية على امتداد تاريخ الإنسانية،سيما وأن رواد الهدم لا يزالون متمسكين بأسلوبهم القديم (الجديد) في الهدم .

آما آن لليمنيين أن يعلموا أن المخرج لوصول سفينة اليمن إلى بر الأمان لا يكون بالمواقف التي هي أقرب إلى (الخداع)منها إلى (الحكمة) والتي يخيل إلى منتهجيها ضرورة استيعاب السفينة للمصلح والمفسد لتصل بر الأمان في ظل افتخار الجلادبثقافة الخرق والإغراق، وهذا مالم يكن لسفينه نوح فما بالك بسفينة اليمن التي تتقاذفها أمواج المشروع الغربي الذي يعصف بالمنطقة العربية,خصوصاً وأنها لاقبطان لها،ولا سارية وثيقة،ولا حبال مشدودة تحميها من أن تغرق أو تُخرق على حين غره. و إن تنكر جلادي اليمن لحلم الشعب بدولة مدنية هو ما سيحدو بهم نحو اصطناع وضع يجعل مخرجات الحوار (وبصرف النظر عن التحفظات عليها) مجرد هامش لا يستحق الالتفات إليه لندخل مرحلة جديدة قديمة من الصراع المصلحي والذي من إحدى الدوافع المحركة لطرفيه: (أوهام العودة ومخاوف السقوط)،سيما بعدمرور أكثر من عامين من التحشيد وجرد الولاءات،فالحل لن يأتي من قاعات وموائد المترفين ولا دهاليز السياسة، وإنما من الميادين التي تصدح فيها حناجر الإباء سيما وأن مراكز القوى تفقداليوم كثيرا من هيبتها.

 نعم الحل الحكيم أن يقوم اليمنيون الشرفاء وسائر القوى الحرة بخطو ة استباقية تخلط أوراق تلك القوى وتقلب عليهم الطاولة بثورة شعبية سلمية تغييرية،ثورة لا تهادن ولا تحصن ولا تمرر ولا تٌلمع،ثورة يسترد بها الشعب حقوقه ويحاسب جلاده ويحفظ سيادته وثرواته، ثورة واعية يقظة عينها الأولى على الناهب الداخلي، وعينها الأخرى على الطامع الخارجي،مالم فمن يضمن عدم انزلاق اليمن إلى عين المرحلة التي عناها جيرالد والتي من أبرز ملامحها تصفيات الكوادر اليمنية,بدءًا باغتيال الدكتور عبد الكريم جدبان ومروراً باغتيال الدكتور أحمد عبد الرحمن شرف الدين وليس آخرها محاولة اغتيال الدكتور إسماعيل بن إبراهيم الوزير،ولا الأحداث التي تهز هذه الأيام أركان اليمن بشكل ملفت تدق ناقوس الخطر ، فهل نلتفت إلى تصحيح أوضاعنا؟؟؟؟!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى