تقارير

15 مليون طفل غارقون في بحر الجراح وأصواتهم مكتومة

 

15 مليون طفل غارقون في بحر الجراح وأصواتهم مكتومة .. الأطفال.. ضريبة الحرب على اليمن

 

الهوية / تقرير

يبدو أن الأطفال في اليمن هم أول دافعي ضريبة الحرب الدائرة منذ خمس سنوات .. والناجون من الغارات الجوية للتحالف أو القصف المدفعي تتلقفهم غوائل الجوع وسوء التغذية والأمراض الفتاكة.
كل نتائج الحرب تنعكس بالدرجة الأولى على الأطفال، حتى الذين ينجون من العمليات الحربية وتكتب لهم النجاة من الأمراض القاتلة تجدهم لا يحصلون على التعليم ولا على الدواء أو السكن الملائم .. لتكون النتيجة جيلاً بلا ملامح لمستقبل منشود تبني عليه البلاد آمالها وطموحاتها في غدٍ أكثر إشراقاً وتقدماً.
الأمم المتحدة وعدد كبير من المنظمات الحقوقية كشفت أن الأطفال في اليمن يتعرضون لانتهاكات جسيمة بسبب الحرب، فالآلاف تعرضوا للقتل، ومئات الآلاف تحت طائلة الجوع وسوء التغذية، وأعداد كبيرة منهم يتعرضون للاستغلال الجنسي والعنف بشتى أشكاله.
ملايين الأطفال في اليمن يواجهون الجوع ومثلهم يصارعون الأمراض، هؤلاء جميعهم يفترض أنهم نجوا من قصف المدارس والمنازل، لكن ال

مجاعة الاطفال في اليمن

حرب بمجملها ونتائجها تحصد الأطفال كمحصلة لأهداف غير معلنة من تلك الحرب.
كيف تستطيع تلك الأجسام النحيلة مواجهة الضربات الجوية أو تجنب طرق الموت البشعة التي تسببها المجاعة والأمراض، حتى الأدوية لم تعد متوفرة ولم يعد بالإمكان توفيرها، بسبب حصار مطبق تحت ذريعة منع تهريب الأسلحة، أي أن الحرب بكل جزئياتها وتبعاتها تبدو كما لو كانت أعدت خصيصاً للفتك بالأطفال وقتلهم.
تقديرات المنظمات الأممية العاملة في اليمن تشير إلى أن 2.5 مليون امرأة حامل أو مرضع في اليمن بحاجة ماسة إلى خدمات التغذية والمشورة لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه، إذ تتعرض النساء الحوامل المصابات بسوء التغذية لخطر متزايد من الإجهاض، أي أن الأطفال يكونون عرضة للموت حتى وهم أجنة في بطون أمهاتهم.
كما يشكل الأطفال نسبة 25,5% من ضحايا الأوبئة المنتشرة وعلى رأسها الكوليرا، والذي تم الإبلاغ عن انتشاره في 305 مديريات من أصل 333 مديرية في اليمن، وتم رصد 696 ألفاً و537 حالة يشتبه إصابتها بالكوليرا، إضافة إلى تسجيل 913 حالة وفاة بالوباء، منذ بداية السنة الجارية وحتى 29 سبتمبر الماضي، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية.
من شأن الظروف المعيشية لأطفال اليمن أن تجلب العار على البشرية. لا يوجد عذر لمثل هذا الوضع السوداوي في القرن الـ 21. الحروب والأزمات الاقتصادية وعقود من التراجع في التنمية لا تستثني أي فتاة أو فتى في اليمن. معاناة الأطفال هذه كلها من صنع الإنسان.
إن حصيلة أربع سنوات تقريباً من الحرب في جميع أنحاء اليمن مرعبة، فأكثر من 2,700 طفل تجندوا للقتال في حرب الكبار. كما تحققنا من أن أكثر من 6,700 طفل قُتلوا أو أُصيبوا بجراح بالغة. اجبر حوالي 1.5 مليون طفل على النزوح، العديد منهم يعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الطفولة.
اليوم في اليمن، هنالك 7 مليون طفل يخلدون للنوم كل ليلة وهم جياع. في كل يوم يواجه 400 ألف طفل خطر سوء التغذية الحاد، ويتعرضون لخطر الموت في أي لحظة. أكثر من 2 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة، أما الذين يذهبون إلى المدرسة فيواجهون تعليم ذات جودة متدنية داخل غرف صفية مكتظة.
من خلال تفاعلنا مع الأطفال يظهر بوضوح كم هذه الجراح النفسية والجسدية وخيمة وعميقة. وراء كل هذه الأرقام هنالك أطفال لهم أسماء ووجوه وعائلات وأصدقاء وقصص – لهم أحلام تحطّمت، وحَياة قطعت قبل فوات الأوان.
زكريا ، صبي يبلغ من العمر 12 عاماً التقيت به في مركز لإعادة التأهيل، كان يرعى الماعز عندما داس على لغم سبب له إعاقة لمدى الحياة. تساءل زكريا عن ما إذا كان قد يتمكن من رؤية معزته المفضلة مرة أخرى. أمّا علياء، ذات التسعة أعوام، كانت نائمة عندما تعرض منزلها لهجوم. استيقظت بعدها في المستشفى بدون ساقين. تحلم علياء بأن تصبح طبيبة.
هل باتت هذه الأرقام، والقصص خلفها، مهمّة في واقع الأمر؟ كان على هذه الأرقام أن تصدم العالم ليتّخذوا الإجراءات اللازمة منذ فترة طويلة. بينما أدت الحرب الدائرة والوضع الاقتصادي السيئ بتفاقم الوضع سوءا. لم تُؤخذ مصلحة الأطفال في اليمن بعين الاعتبار لعقود من الزمن.
يعتمد اليوم كل طفل في اليمن تقريباً على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة. إن الدعم الذي تقدمه اليونيسيف والشركاء الآخرون في المجال الإنساني ينقذ الحياة، ويخلق فسحة من الأمل.
تعمل اليونيسيف على توسيع نطاق تقديم الاستجابة، بما في ذلك إيصال الإمدادات العلاجية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وزيادة عدد مراكز العلاج، وتدريب العاملين في مجال الصحة ليقوموا بتشخيص حالات سوء التغذية في مراحلها المبكرة، وإحالة الأطفال إلى العلاج الذي يحتاجون إليه بشكل عاجل. تستمر الجهود الدؤوبة للحيلولة دون إصابة الأطفال بالمرض، بما في ذلك استمرار حملة التلقيح ضد شلل الأطفال، والتي وصلت إلى أكثر من 4 ملايين طفل حتى الآن.
في اليمن اليوم أكبر استجابة إنسانية لليونيسيف في العالم. لمواصلة الاستجابة لاحتياجات الأطفال، تحتاج اليونيسيف إلى أكثر من نصف مليار دولار أمريكي لتنفيذ عملها في عام 2019.
لكن المساعدات الإنسانية وحدها لن تجلب الحل لهذه الأزمة المهولة والتي هي من صنع الإنسان. السبيل الوحيد للخروج من هذه التدمير هو من خلال تسوية سياسية وكذلك من خلال إعادة الاستثمار في اليمن مع إبقاء الأطفال في مركز الاهتمام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى