تحليلاتعناوين مميزة

هل تصنع السعوديه شيخا جديدا في اليمن

 

download (3)الكيانات القبلية، والعصبوية، والمشيخية في اليمن، ليست جديدة، بل تمثل في شكلها العام المعاصر تحوُّلا في الوسائل والأساليب والأسلحة، التي تقوم بصناعتها الجارة السعودية، لتستخدم هذه القوى المتخلفة في حربها ضد اليمن، والتي تمثل من حيث جوهرها وأبعادها وأهدافها امتداداً لمشروعها السياسي في كبح وإعاقة عملية التحديث والتغيير السياسي والتنموي والديمقراطي الشامل وما يمثله من تهديد لمصالح المملكة السعودية، التي تحرص على استخدام الموروث الديني والقبلي كمنطلق فكري واجتماعي وثقافي لتحقيق هذا المشروع، من خلال مدها بمقومات الاستمرارية ووسائل الصراع وأسبابه، وممارسة الابتزاز السياسي والاقتصادي.

لطالما اعتمد النظام السعودي، على زراعة القبيلة وثقافتها وسلطاتها في كل المراحل والاطوار السياسية التي تمر فيها اليمن، وانتدبت لكل مرحلة شيخا ومن خلفه مشايخ، أنيطت بهم مهام إذكاء جذوة الفتن والثأرات والصراعات داخل المجتمع اليمني لتشتيت جهود الدولة في صراعات وقضايا ثانوية يكون في يدها ريموت التحكم بها عن بعد، وما يحدث حاليا، هو استمرارية للدور السعودي السلبي في اليمن من عام 1962م، وارتباط قوى سياسية بتلك المملكة عن طريق ما يسمى بـ”اللجنة خاصة”.

 فالقوى السياسية اليمنية، لم تعمل لأجل اليمن، أو تبدي استقلالية في القرار عن السعودية، ولا زال “آل سعود” يعتقدون أنهم سيبقون على نفوذ لهم في اليمن عقب ثورة الشباب، فكانت المبادرة الخليجية، المدعومة أميركياً، أشبه بالوسيلة، التي من خلالها التحكم بالوضع السياسي والاقتصادي في اليمن.

كما أن ارتباط السعودية، بـ”صالح” وزعماء قبليين وقادة سياسيين، أمر قديم ومعروف في اليمن، وتصل عدد الأموال التي تُصرف عن طريق اللجنة الخاصة لمرتزقة “آل سعود” في اليمن، لمليارات الدولارات، من ثمانينات القرن العشرين على الأقل. ولن يؤيد “آل سعود”، ديمقراطية في اليمن.

لكن، وخلال المرحلة الحالية، ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي، لربما أدركت السعودية، أنها تلاقي صعوبات في ممارسة سياستها ولعبتها في اليمن، ولربما أحست بأنها افتقدت لرحيل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، أكثر من أيا كان، في حين فشل أي من أبنائه في القيام بذات الدور الذي كان يقوم به والدهم، تجاه السعودية.

وربما، هذا ما جعل السعودية، تفكر في زراعة شيخ جديد، وهكذا هي رغبة النظام السعودي، في الحصول على شيخ يحمل جينات سادية في التعامل مع أتباعه، يمتلك قدرا كبيرا من الأساليب التسلطية، في سلب إرادة التفكير الحر عند اتباعه البسطاء، بحيث تبقى آراء هذا الشيخ، ومواقفه وتوجيهاته حول القضايا الوطنية العامة والخاصة، حقائق حياتية وواجبات عملية، وعلى كل الأفراد التابعين له الالتزام بها، فلا نقاش فيها، ولا مجال فيها لأية رأي مستقل، أو موقف مخالف.

ربما، النظام السعودي، لم يجد صعوبة في الحصول على هذا الشيخ.. إذ وجد في الرئيس السابق علي عبدالله صالح، غايته، فبالرغم من معرفة النظام السعودي بأن “صالح” يتميز بالدهاء، مفاوض جيد، متقلب، متناقض، يبتسم في وجه الخصوم، لطيف، لكن بقساوة، يحب نفسه، ويتدخل في شئون الاخرين، وصعب أن يتغلب عليه أحد, لا يتقيد بالبروتوكولات.. لكن، كل ذلك، لا يخيف النظام السعودي، الذي يدرك أنه لن يجد أفضل من “صالح”، في حمل عصا المشيخة، والدخول في “بيت الطاعة” السعودي، وهو ما جعل “آل سعود”، حريصون كل الحرص على إعادة تدوير الرئيس السابق “صالح” إلى المشهد اليمني، للحفاظ على مصالحها، مقابل مد “صالح” بالمال، الذي تعمد السعودية، اللجوء إليه، كوسيلةً رئيسية لشراء ولاء اليمنيين، خاصة، وأن “صالح”، كان يتصدر قائمة العار، و عملاء السعودية في اليمن، الذين كانوا يتقاضون مرتبات شهرية من السعودية.

لقد ضمت قائمة العار،  أكثر من (2700) شخصية يمنية، ما بين  شيخ وسياسي وعسكري وصحفي، كانوا يستلمون (56) مليون ريال سعودي شهريا من اللجنة الخاصة، والمكتب الخاص، ووزارة الدفاع السعودية، وكان الرئيس الأسبق “صالح”، يتصدر القائمة بمبلغ (40) مليون ريال سعودي، حينها، ولذلك، فإن السعودية تدرك جيدا أن “صالح” الذي قبل على نفسه بالتبعية ,والارتهان لها، مقابل مرتبا، كان يتقاضاه منها، بداية كل شهر، وهو كان ما يزال رئيسا لليمن، فكيف به الحال اليوم، بعد أن اطيح به من كرسي الحكم، بعد أن احرقه خصومه في الحادثة الشهيرة ” تفجير جامع النهدين”، التي حولت “صالح” حينها، إلى قطعة من الفحم.

لربما، أن المشروع السعودي، في إعادة تدوير الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بدأ للعلن، منتصف العام الفارط، حيث نقلت “العربية. نت” عن مصادر قريبة من حزب المؤتمر، قولها أن “صالح” بدأ يتحول إلى “شيخ” قبلي في مسقط رأسه سنحان، التي حظيت منه خلال الآونة الأخيرة بزيارات متكررة، خلافاً لما كانت عليه الحال حين كان رئيساً لليمن.

وأوضحت المصادر أن “صالح” أعاد تأهيل منزله في مسقط رأسه سنحان، وجعل منه ما يشبه قلعة، محصنة، وذات حراسة مشددة، كما أنه أصبح يحضر الكثير من الأعراس والمناسبات التي تقام في البلدة، فضلاً، عن انهماكه في حل قضايا أراض وخلافات عائلية، وغيرها من المسائل داخل سنحان وقراها المختلفة، وهو ما جعله عملياً يمارس مهام شيخ قبيلة.

وكان “صالح”، أثار جدلاً واسعاً، عندما تحدث في مقابلة صحافية، عن أن جده “عفاش”، كان شيخاً كبيراً، وهو ما قوبل بحملة استهجان من قبل خصومه السياسيين والقبليين الذين أعاد بعضهم التذكير بتصريحات سابقة له، قال فيها إن جده كان إنسانا بسيطا، وإنه وصل إلى سدة الحكم من وسط طبقة الفلاحين.

يشار إلى أن عائلة “صالح”، أظهرت مؤخرا، اسم “عفاش”، باعتباره الجد الأول لـ”صالح”، وتحديداً منذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية في فبراير 2011, في حين أن اسم “صالح”، ظل رسمياً طيلة ثلاثة عقود “علي عبدالله صالح” وشعبياً “علي عبدالله صالح الأحمر”، وهو ما جعل أغلبية الناس تربط بينه وبين عائلة الأحمر الذين كانوا شيوخ حاشد, كما ظلت التسريبات طيلة تلك الفترة تقدم الجنرال علي محسن صالح الأحمر، باعتباره الأخ غير الشقيق لـ”صالح”.

لربما، حاجة “صالح”، لوسيلة تبقيه في المشهد السياسي، وتحت الأضواء، جعلته يلجأ لخيار الزعامة القبلية، والمشيخة، التي تمنحه الاضطلاع بدور خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرارية صراعات الأجنحة، داخل حزب المؤتمر، بين “صالح” و”هادي” على رئاسة الحزب، وتتزايد الدعوات من قوى داخل المؤتمر وخارجه لأن يتولى “هادي” رئاسة حزب المؤتمر، بدلا عن “صالح”. وربما، حاجة “صالح” للمشيخة، جاءت في توقيت وظروف مناسبة لحاجة السعودية،  لإعادة تدوير الرئيس السابق “صالح” في المشهد اليمني، للحفاظ على مصالحها، إذ تسعى السعودية، على التعامل مع “صالح”  كـ”شيخا قبليا”، يؤدي ذات الدور الذي كان يقوم به الشيخ عبدالله الأحمر، في حين سيحل “حزب المؤتمر”، مكان “قبيلة حاشد”.

في هكذا وضع، يعتقد محللون سياسيون أن أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، سيكون وضعهم شبيه جدا، وهو كذلك حاليا، لوضع قبائل حاشد، إلى ما قبل سقوط عمران، وتحررهم من تسلط أولاد الشيخ الأحمر.

وأوضح المحللون، بأن أي عضو من اعضاء حزب المؤتمر، كبر حجمه أو صغر، سيحرم من مجرد التفكير في أي رأي معارض لإرادة الشيخ “صالح”، وهو ما يحتم على “المؤتمريين”، الصمت، وخصوصاً، في القضايا الكبيرة التي لا يدرك حقيقتها وأهدافها وأبعادها، وسيقتصر دورهم على التلقي والقبول، وتنفيذ كل ما يطلب منهم، كما كان الحال في قبيلة حاشد، حيث كان الغالبية من أبناء القبائل ينساقون مغلقة أعينهم وآذانهم وأفواههم ودون وعي منهم، خلف شيخ أو تحالف مصالح خاصة لمجموعة مشائخ، وبحماس فيَّاض تجدهم يشكلون القاعدة الاجتماعية والوسيلة المادية لمثل هذه التجمّعات، ولذلك، سيكون “الشيخ صالح” حريص أيضا، على إيجاد المبررات الكافية والمستمرة لإقناع أفراد قبيلة “المؤتمر”، بأهمية تشكيلها واستمرارها باعتبارها من الضرورات الحتمية المعززة لإسهامات الحزب، في تحمل مسؤولياته في خدمة الوطن ومصالحه ومعالجة إشكالاته وأزماته، وتحقيق مصالح الحزب واعضائه أو تجمّع الأحزاب المنضوية في تحالف معه.

“آل سعود”، يراهنون على أن علي عبدالله صالح، لديه قدرة كبيرة، في تحويل حزب المؤتمر إلى كيان قبلي، تضع السعودية، خطوطا ومسارات سياسته، امام  شيخها الجديد “صالح”، الذي سيتكفل بدهائه تنفيذ كل ما يطلب منه، في حين سيكون أعضاء قبيلة “المؤتمر الشعبي العام”، ممسكين على خوفهم من التعبير عن مواقفهم وآرائهم أو الإعلان عن وجهات نظرهم، بدافع العرف القبلي والموروث الحزبي التراكمي الذي يحتم على الفرد الحرص على القبول العام والاندماج مع مكونه، وفي الحالات النادرة التي تظهر فيها آراء انتقادية أو مناقضة للوعي والموقف العام السائد حول أي من القضايا الوطنية، فإن هذه الآراء لا تجد من يصغي إليها، ولا تحظى بالقبول من المتمصلحين، وسرعان ما تختفي وسط ضجيج أصحاب المصالح وصراخهم المعبّر عن قناعات ومصالح ومواقف الشيخ الزعيم وبطانته، وأي مواقف مناقضة لها لا تحظى بدعم المجموعة ولا تكتسب احترام الآخرين، بل أنها تمثل – في نظرهم – خروجاً عن مصالح الحزب وإعلان المواجهة معها، وهو الأمر الذي يجعل كل قيادات المؤتمر حريصة على مراقبة مواقف وتوجهات “الشيخ الزعيم” وتبني مصالحه ومواقفه والتعبير عن إرادتهم لضمان اتساق فعله وسلوكه مع ما هو سائد في وسطه الحزبي.

يقول نائب رئيس المركز الاعلامي للمؤتمر الشعبي العام ، فيصل الصوفي: ” رحلت السلطات السعودية، نحو 200 ألف يمني من أراضيها بطريقة مهينة، بدعوى أنهم لا يعملون لدى كفلائهم، أو لأنهم يعملون في ورش ومشاريع صغيرة خاصة بهم، بينما لديها مثل هذا العدد من اليمنيين يشتغلون لها هنا في الداخل، تنفق عليهم المليارات منذ عقود، وإذا أصيب واحدهم بنزلة برد نقلته إلى أرقى مستشفياتها”.

 وأضاف الصوفي: “يبدو أن السعودية، ستكتفي فقط بعمالة يمنية من نوع آخر، لتضبط أمورها داخل اليمن، وكنا نتمنى أن ترحل السعودية “العملاء” اليمنيين من كشوفات الرواتب والاعتمادات المقررة لهم من اللجنة الخاصة وبعض الهيئات والبيوتات الأخرى، بدلا من ترحيل العمال الذين يذهبون إليها للشغل في البناء والسباكة والرعي والفلاحة والصناعة”.

وختم الصوفي، مقاله الذي نشره العام الفارط، بالقول: “اليمنيون، خسيسو العمل الذين يشتغلون للسعودية، تنفق عليهم وتراعهم جيلا بعد جيل، وعلى المكشوف، بينما المهاجرون إليها للعمل الشريف يحاصرون في أرزاقهم، ويذلون عبر الكفلاء، وحتى عندما يطردون منها يشحنون على مركبات خاصة بنقل الحيوانات أو الأحجار، وقد رأينا هذه المشاهد مرارا”.

في العام 2011م، كشفت  وثائق «ويكيليكس» عن طبيعة العلاقة التي اختارت السعودية انتهاجها مع اليمن، حيث المال عنصر أساسيّ قد يستطيع شراء ولاء القبائل وتعزيز نفوذ المملكة، والتي تمتعت بعلاقات جيدة مع الحكومة اليمنية والقبائل طوال السنوات الماضية، لكن حسن العلاقة لم يكن من دون ثمن مادي كبير، استخدمته السعودية لشراء ولاء القبائل وضمان انصياع الحكومة اليمنية لها. كما تطرقت الوثيقة، إلى مطامع السعودية في اليمن، وتحديداً النفط.

ولطالما، عرف الشيخ عبدالله الأحمر ومن بعده أولاده، بأنهم الحلفاء التقليديون للسعودية، ولكن منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، شعر اولاد الاحمر، بخذلان القيادة السعودية لهم، واتهموها بالوقوف إلى جانب “صالح”. حينها، بدأ اولاد الاحمر، بترتيب أوضاعهم وتقييمهم العلاقة مع السعودية، بإيجاد البديل الذي دفع بهم إلى التوجه نحو قطر وعلى رأسهم حميد الأحمر، فيما توجه شقيقه حسين الأحمر بعد توقيف مخصصاته إلى إيران باعتراف حميد.

وهو ما اعتبره مراقبون إن السعوديين بدورهم أبدوا امتعاضا من مواقف أولاد الأحمر الذين يعتبرون أنهم لم يقوموا بأي دور مقابل ما يتلقونه من أموال، خاصة وهم يرون مصالحهم تضرب في اليمن.. واستشعارهم بضعف مواقف بيت الأحمر كأحد مراكز القوى السياسية في الساحة، بدؤوا يبحثون عن بديل لهم للقيام بالدور الذي تبحث عنه السعودية في اليمن.

ولأن الرئيس السابق “صالح”، زعيم المؤتمر، وشيخ السعودية في اليمن، هو من يقوم بهذا الدور، فإن مراقبين سياسيين، يرون في أن تحركات ونشاط “صالح”، صارت في الفترة الأخيرة مرتبطة ارتباطا كليا بما يرسم له من قبل النظام السعودي. وقد كشف مصدر مقرّب من الرئاسة اليمنية أن السعودية، تسعى الى فتح قناة تواصل للمصالحة الوطنية بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وبين خصومه الذين اطاحوا به وفي مقدمتهم حزب الاصلاح، واللواء علي محسن الأحمر، في محاولة منها لاستعادة لحمة القوى المؤثرة في البلاد في مواجهة التمدد الحوثي الذي أصبح يشكل تهديدا للسعودية، كما يعتقدون.

ونقلت صحيفة «القدس العربي»، عن المصدر قوله «ان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز أرسل مستشاره الخاص إلى صنعاء، لإبلاغ صالح وخصومه رغبة الرياض، في رعاية مبادرة سعودية للمصالحة الوطنية بين القوى اليمنية ورأب الصدع بينها، التقى خلال زيارته لصنعاء علي عبدالله صالح والرئيس عبدربه منصور هادي واللواء علي محسن».

وأوضح أن المبعوث السعودي أوصل رسالة سعودية لهذه الأطراف المتصارعة منذ أحداث ثورة 2011 التي أطاحت بنظام صالح، طالبتهم بضرورة «فتح صفحة جديدة من العلاقة السياسية بين هذه الأطراف، عبر مصالحة وطنية، يمكن مناقشة تفاصيلها لاحقا، إذا قبلت بهذا العرض من حيث المبدأ».

ويرى محللون سياسيون أن الخطوة السعودية تجاه المصالحة الوطنية في اليمن، جاءت إثر شعورها بالخطر المحدق عليها، مع توسع التمدد الحوثي الذي أصبح يدق أبواب الحدود السعودية، وتقديرها لخطورة الوضع السياسي في اليمن، دفعها للتعجيل بتقديم هذه المبادرة للمصالحة الوطنية في اليمن، لخلق جبهة قوية متماسكة في وجه “أنصار الله” الحوثيين.

وأوضح المراقبون أن الهدف الثاني من الخطوة السعودية أيضا، تحقيق اعادة صناعة النظام السابق، لإظهار فشل الثورة الشعبية في اليمن، عبر تصوير “أنصار الله” بأنهم الخطر القادم الذي سيلتهم الجميع، للدفع بقوى الثورة نحو المصالحة مع علي صالح، رغم اتهامات للسعودية بتقديم دعم خفي للحوثيين خلال الفترة الماضية لضرب صعود التيار الاسلامي نحو السلطة، ممثلا بحزب الاصلاح المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين.

وفي كل الأحوال تثبت الرياض أمام المجتمع الدولي أنها لازالت المتحكم الرئيس بالملف اليمني، والتي تعتبر اليمن الحديقة الخلفية للسعودية، والتي كانت اللاعب الرئيسي فيه منذ الثورة اليمنية الأم، مطلع الستينيات، وأدارت الرياض اللعبة السياسية في اليمن في كل المحطات والمنعطفات الهامة فيه، ابتداء بتشكيل جبهات قبلية مسلحة ضد الأنظمة التي حكمته، مرورا بدعم بعض الشخصيات من أجل الوصول الى السلطة، وانتهاء بالمبادرة الخليجية التي تبنتها نهاية 2011 لامتصاص زخم الثورة الشعبية والتي كانت الأرضية للتسوية السياسية في اليمن، التي بموجبها تم نقل السلطة من حليف الرياض التاريخي علي صالح إلى حليفها الجديد عبده ربه منصور هادي.

السعودية، بدأت لعبتها الجديدة في اليمن، من خلال ممارستها للضغط على الرئيس هادي للتصالح مع صالح وأولاد الأحمر ومحسن، حيث بدأت المملكة، بإيقاف منحتها البالغة مليارا دولار. ومن ثم، أوقفت السعودية، المنحة من المشتقات النفطية، التي كانت وسائل اعلام قالت إن المملكة ستمنحها لليمن لسد الاحتياج في السوق المحلية لمدة شهرين، وذلك بهدف الضغط على الرئيس “هادي” للقبول بمبادرة سعودية للمصالحة بينه و بين الرئيس السابق صالح.

ولم تمض إلّا أيام، لتحدث المفاجأة، حيث شاهد اليمنيون، عبر شاشات التلفزة  الرئيس هادي والرئيس السابق صالح، واللواء علي محسن الأحمر والشيخ حمير الأحمر وعددا من وزراء حزب الإصلاح والأحزاب الأخرى يؤدون صلاة عيد الفطر في مسجد الصالح. وهو ما اعتبرته صحيفة “عكاظ” السعودية بأنها خطوة لإخراج اليمن من النفق المظلم.

ونقلت الصحيفة ذاتها، تأكيدات مصدر في الرئاسة اليمنية، أن مصافحة جرت بين كل الأطراف في صلاة العيد بمسجد الصالح، وخرجوا يتبادلون الأحاديث من المسجد بعد اللقاء الذي جمعهم.

بعد صلاة عيد الفطر التي جمعت خصوم المشهد السياسي في اليمن، ركز الإعلام التابع لـ”صالح”، فقط، على بطولة  زعيمهم “صالح”، حيث تغنوا وما زالوا برفض “صالح” مصافحة الجنرال على محسن الاحمر الذي تقدم نحوه  ليصافحه فرفض صالح قائلا بوجه :” انا لا اسلم على مجرم حرب ومنشق “.

مراقبون سياسيون اعتبروا ذلك لا يعدو على ان يكون مجرد حركة بهلوانية ولعبة سامجة من ألاعيب “صالح” التي يمارسها تجاه انصاره في حزب المؤتمر الشعبي العام، وذلك للتضليل عليهم، و خشية غضبهم من مصالحته مع خصومهم، الأمر الذي قد يفقد صالح ثقة انصاره به، مشيرين أن حادثة رفض صالح لمصافحة محسن، لم تكن سوى تمثيلة متفق عليها مسبقا.

ومن أجل التخفيف من صدمة المؤتمريين بمصالحة زعيمهم بخصومهم الجنرال الاحمر واولاد الشيخ، وحزب الاصلاح، كان “صالح”، وبمساعدة كل الأطراف المشتركة في اللعبة، حريصون على تحقيق لـ”صالح” رغبته، في خلق ذرائع ومبررات تجعل من المؤتمريين يتعاطفون معه، في مصالحته مع خصومهم، حيث يرى المراقبون أن حادثة النفق، لم تكن إلا وسيلة متفق عليها بين كل اطراف اللعبة السياسية، الهدف منها الصاق التهمة بـ”أنصار الله”، الأمر الذي يجعل تحالف “صالح” مع خصومه، أمرا مستساغا لدى القيادات والقواعد والانصار المؤتمريين.

ومن هذا المنطلق تم الكشف عن لعبة النفق، والصاق التهمة بـ”أنصار الله” وبسرعة كبيرة ، استبقت حتى نتائج التحقيقات،  وكانت كشفت صحيفة عربية عن معلومات وتفاصيل جديدة عن قضية النفق السري المكتشف تحت منزل الرئيس السابق “صالح”، والتي قالت أنها قضية لا تزال تتفاعل بعد أن قيل إن النفق حُفر لاغتيال صالح، في الوقت الذي يقبع فيه اليمن تحت تطورات أمنية تهز البلاد.

ونقلت الصحيفة الممولة من الحكومة السعودية، عن مصدر سياسي في حزب “المؤتمر الشعبي العام قوله” إن “أصابع الاتهام الأولية في قضية النفق الأرضي تشير إلى أشخاص يُشتبه أنهم على صلة بالحوثيين”.

وأكد المصدر السياسي المؤتمري الذي قالت الصحيفة انه طلب عدم ذكر اسمه، قوله :”ان أشخاصاً ينتمون إلى محافظة صعدة شمالي البلاد، متهمون بتمويل وتنفيذ عملية حفر النفق الأرضي الممتد من داخل “هنغار” (مخزن) باتجاه منزل صالح في شارع صخر في صنعاء بطول 88 متراً، مؤكداً أن عدداً من المتهمين بالحفر فرّوا إلى منطقة نشور في صعدة، ويقيمون لدى متهم رئيسي بتمويل عملية الحفر، وهو مقرب من محافظ صعدة تاجر السلاح المعروف فارس مناع، مفضّلا عدم توجيه الاتهام مباشرة للحوثيين، قال المصدر  إن علاقتهم بالمتهمين “واردة”.

وعلى ما يبدو فإن فتح النفق الأرضي الذي أعلن عنه بصنعاء، والذي يمتد الى مقربة من منزل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ملفات الانفاق اليمنية والتي كثيرا ما كانت تثير أزمات سياسية وأمنية في البلاد.

وبدأت أزمات الأنفاق في اليمن قبل أكثر من عقد من الزمن بتصريحات أطلقها الرئيس السابق لمجلس النواب ورئيس حزب الاصلاح المعارض حينها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، عندما اتهم نظام علي صالح بأنه يقود اليمن الى «نفق مظلم» والتي أثارت حفيظة صالح وشنت وسائل الاعلام التابعة لحزب المؤتمر الذي يرأسه صالح حينها حملة كبيرة على الشيخ الأحمر.

وكان النفق الأرضي الأشهر في اليمن الذي حفره عناصر القاعدة في سجن الجهاز المركزي للأمن السياسي بصنعاء «المخابرات» منتصف العقد الماضي والذي هرب عبره 23 من كبار قيادات عناصر القاعدة في عملية أثارت ضجّة أمنية كبيرة حينها وأطلق على تلك العملية بـ«الهروب الكبير» لقيادات القاعدة، وأحدثت أزمة دبلوماسية بين صنعاء وواشنطن كما خلقت شرخا في الثقة بين الجانبين اثر شكوك واشنطن في احتمالية تواطؤ بعض القيادات في نظام صالح في ذلك. ولحقه أيضا حفر نفق آخر في سجن الأمن السياسي في البيضاء والذي هربت عبره مجموعة من سجناء القاعدة بنفس الطريقة التي استخدمت في هروب سجناء الجهاز المركزي بصنعاء قبل هذه العملية ببضع سنوات.

واثارت الأنفاق الأرضية التي قيل بأنها تربط بين جامع الصالح في منطقة السبعين بصنعاء وبين القصر الرئاسي «دار الرئاسة» المجاور لها أزمة كبيرة قبل نحو شهرين بين صالح وهادي، واضطر هادي إلى تطويق جامع الصالح بقوات عسكرية كبيرة من الحرس الرئاسي الخاص وإغلاق المنطقة بالكامل لعدة أيام، حيث حاول هادي السيطرة على الجامع وإخضاعه لسيطرة الدولة، غير أن صالح رفض ذلك وأمر القوات التي تحرس الجامع التابعة له بعدم تسليمه للقوات الرئاسية التابعة لهادي، بحجة أن الجامع خاص به وليس مملوكا للدولة، واستمرت هذه الأزمة عدة أيام حتى تم التوصل الى تسوية بين الطرفين تم بموجبها منح القوات الرئاسية حراسة الجامع من الأطراف، فيما تحتفظ قوات صالح بحراسة المناطق الداخلية فيه.

وكانت هذه الأزمة نشبت إثر قلق هادي من احتمال وصول مسلحين خطرين عبر هذه الأنفاق الى دار الرئاسة التي يعقد فيها لقاءاته الرسمية الكبيرة، والتي هي من المفترض أن تكون مكانا لإقامته ولكن القلق الأمني من هذه الأنفاق قيدته من القيام بذلك، ولم يجرؤ على الانتقال للإقامة في القصر الرئاسي المجاور لهذا الجامع حتى الآن منذ انتخابه رئيسا انتقاليا للبلاد في فبراير 2012.

وجاء نفق منزل صالح الذي أعلن عنه الأسبوع الفارط، ليفجر أزمة أمنية وسياسية جديدة بين صالح وبين خصومه القدامى/الجدد، وفي الوقت الذي أثار هذا النفق الجديد ضجة كبيرة، خلق أزمة أمنية وقلقا بالغا لدى الرئيس هادي، إثر خشيته من احتمال تكرار هذه التجربة في منزله الشخصي في شارع الستين الغربي بصنعاء، والذي قد يكون اكثر سهولة في التعرض لخطر أمني عبر حفر نفق أرضي نحوه من أي جهة قريبة منه، خاصة وأنه محاط بمنازل من كل الاتجاهات وعلى مسافة قريبة جدا منه تقدر بعضها بالأمتار.

واظهر نفق صالح احترافا في حفره بواسطة آلات ومعدات حديثة وعبر خبراء غير عاديين ومتخصصين في حفر الأنفاق، قيل بأن بعضهم متخصصون أجانب في هذا المجال، وهذا ما ظهر جليا من خلال شكل النفق ونوعية وأسلوب الحفر والأدوات التي استخدمت فيه.

وتباينت وجهات النظر حول الجهة المنفذة لحفر هذا النفق، حيث قام حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح بتوجيه الاتهامات على الفور نحو جماعة الحوثي المسلحة قبل إعلان نتائج التحقيقات الأمنية في ذلك، في حين لم يستبعد بعض المحللين بأن تكون عملية حفر النفق «لعبة جديدة» من ألاعيب صالح التي يجيدها ولا يجاريه فيها أحد، خاصة وأنه خلال فترة حكمه شهد اليمن حفر العديد من الأنفاق الأسطورية.

وعززت هذه المصادر توقعاتها باحتمال أن يكون صالح وراء حفر هذا النفق لاستخدامه في الهروب من منزله في حال داهمته أي قوات معادية له، كقوات جماعة الحوثي المسلحة أو أي قوى شعبية أو رسمية مضادة له، وأنه يحاول بذلك الاستفادة من الدروس القاسية التي تعرض لها زملاؤه من بعض الزعماء العرب الذين حوصروا وسقطوا خلال السنوات الماضية في قبضة المعارضين لهم، كمعمر القذافي في ليبيا وصدام حسين في العراق.

وأشارت هذه المصادر الى أن صالح «ربما حفر هذا النفق لغرض استخدامه في الهرب منه في حالة تضيق الخناق عليه ولكنه اضطر الى كشفه لخلط الأوراق وإظهار نفسه كضحية لعميات الإرهاب، بعد أن تم تضييق الخناق عليه بالأسئلة المتعلقة بقضايا الارهاب الكبيرة التي ارتكبت خلال فترة حكمه والتي تم مجابهته بها في الاستجواب الذي واجهته بها لجنة العقوبات الدولية السبت الماضي، قبل يوم واحد فقط من الكشف المفاجئ عن وجود هذا النفق، واضطر الى تأجيل الاجابة على بعض أسئلة اللجنة الى الجلسة القادمة معها».

لربما الأحداث والمفاجأة، التي صارت تتوالى منذ صلاة عيد الفطر الشهيرة، ففي كل يوم تبرز قضية على الساحة السياسية، مما اربك الوضع السياسي في اليمن، وتخالطت الأوراق، وكل ذلك، يحمل مؤشرات جديدة وخطيرة، وبما يؤكد صحة ما ذهب إليه المراقبون السياسيون الذين، توقعوا أن هناك، لاعبا سياسيا خارجيا يحاول إعادة ترتيب أدوات اللعبة السياسية في اليمن وبما يخدم مصالحه، ولأن ظروف اللعبة ومتطلباتها فرضت على الرئيس صالح الرضوح لما يطلبه منه النظام السعودي، وجدناه مطيعا ملبيا لكل ذلك، حتى بدا حزب المؤتمر مستسلما، يتحدث بما يملى عليه من غيره، حيث وجد المؤتمريون انفسهم في الأيام الأخيرة كما لو أنهم مجرد ببغاوات، جيدة فقط، في ترديد كلام الآخرين، فيما يبدو الأمر لدى صالح طبيعيا، إذ يعتقد أن حزب المؤتمر، اعتاد على مثل هكذا أمور، إذ يرى في نفسه الكل في الكل، وان لا شيء في المؤتمر يتم إلا بتوقيعه فيما ينظر للبقية على أنهم مجرد ديكورات صورية لا أمر لهم ولا نهي بعد أن حولهم صالح إلى إمعات.

ومن خلال كل تلك المعطيات، فانه بات من الطبيعي تدهور وانحدار حزب المؤتمر الشعبي العام، وفقدانه لكبريائه السياسي والتاريخي، ولعل أول الأدلة المؤكدة لخروج المؤتمر عن مساره الوطني، ودخوله نادي التبعية والارتهان، هو ما أعلن عنه فيما قال ان اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي أقرته في اجتماعها برئاسة علي عبدالله صالح- رئيس المؤتمر الشعبي العام- الوثيقة الوطنية الهامة “وثيقة المصالحة الوطنية الشاملة من أجل تحقيق اصطفاف وطني” والتي تمثل خارطة طريق أمام كل القوى السياسية والمجتمعية في الساحة لمجابهة كافة الأخطار والتحديات التي تواجه الوطن من خلال اصطفاف وطني.

وحدد مشروع وثيقة المصالحة الوطنية الشاملة أربعة ثوابت وطنية يجب ان تلتزم بها كافة الأطراف الموقعة عليها.. كما أن على الأطراف الموقعة على الوثيقة أن تلتزم بالعمل على تنفيذ سبع قضايا وطنية مهمة.

واقترح المشروع أن توقع الوثيقة برعاية فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ودول مجلس التعاون الخليجي..

وحسب ما ذكره موقع “اليمن الاتحادي” نقلا عن مصدر مؤتمري رفيع، أكد ان صالح طلب المصالحة بين أولاده واولاد اخيه كطرف واولاد الاحمر كطرف آخر على هذا النحو :

” علي عبدالله صالح

– احمد علي عبدالله

– طارق محمد عبدالله

– عمار محمد عبدالله

– يحيى محمد عبدالله

و من طرف  اولاد الاحمر

– صادق عبدالله الاحمر

– علي محسن الاحمر

– حميد عبدالله الاحمر

– حسين عبدالله الاحمر

– هاشم عبدالله الاحمر

واضاف المصدر ان رسالة صالح تضمنت ضمن المصالحة كلا من ” عبدالوهاب الانسي- محمد اليدومي ” ولكن تكون مرحلة ثانية  .

واكد المصدر ان صالح طلب ايضا في الرسالة انه بعد الانتهاء من المصالحة يتم التواصل مع خادم الحرمين الشريفين وأخباره بما تم الاتفاق علية طالبا من الرئيس هادي منه توجيه دعوة للجميع للتوقيع امام خادم الحرمين الشريفين على المصالحة والتحالف والاخاء.

سياسيون بارزون طالبوا حزبي المؤتمر والاصلاح بسرعة المصالحة بينهما وان لا ينتظروا حتى تتم المصالحة بين عائلة بيت الاحمر في سنحان ممثلة بصالح ومحسن واولاد الشيخ .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى