تحليلاتعناوين مميزة

هل تحقق ما قاله “سيد الأنصار” قبل عامين؟! اليمن بعد عامين من المؤامرة الدولية وإقفال ملفات حروب المنطقة، هل ننتظر “الحشد الشعبي” كي تعي مملكة “آل سعود”؟!

16-05-01-1199756358

السيد حسن نصرالله
السيد حسن نصرالله

رأي| محمد علي العماد.

فتحت الحرب في اليمن لإقفال ملفات الصراع في المنطقة، بعض هذه الملفات مضى عليها عشرات السنين عالقة دون حل أو مخرج، وخلال الحرب في اليمن حرصت القوى الدولية والإقليمية على استثمارها وتصفية حساباتها في هذه الحرب، والأهم من ذلك أنه تم استخدامها في إقفال ملفات الصراع في المنطقة، ومن الأهمية بمكان استعراض أبرز هذه الملفات التي تم ويتم إقفالها على حساب الدم اليمني.

 

“نووي إيران”

لعشرات السنين، والقوى الدولية تخوض في تعقيدات الملف النووي الإيراني، وحين اقتربت هذه القوى من الوصول إلى حل لهذا الملف، جعلوا من اليمن “الفدية” التي افتدوا بها نجاحهم في إقفال هذا الملف الذي كان آخر تعقيداته “السعودية” وموقفها المعارض لـ”الاتفاق النووي” الذي أبرمته إيران مع الغرب وأمريكا الحليف التاريخي لـ”الرياض”، ولذلك فقد حرص “المتفقون” على إلهاء السعودية وتم الزج بها في مستنقع الاستنزاف في اليمن، حتى لا تعكر صفو التوقيع النهائي، لكن السعودية، ولعدم امتلاكها الخبرة السياسية والعسكرية،غرقت في بحيرات الدم والجرائم، وحتى لم يعد باستطاعتها الخروج أو التركيز لما يحدث في “الخلوة النووية” بين حليفتها “واشنطن” وعدوتها “طهران”.

وحين أصبحت نيران الحرب والمعارك العسكرية تشتعل في العمق السعودي، كان “ظريف” وزير خارجية إيران، يوزع ابتسامته التاريخية، بعد لحظات من توقيع الاتفاق النووي، في حين وجد الخليج، وفي مقدمتهم السعودية مضطرين لـ”المباركة” لـ”إيران النووية” والتمني لها بحسن الجوار، في تناقض كبير، على اعتبار أن الخليج كان يواجه مشاريع إيران بعمليات عسكرية، وفي أكثر من مكان، في العراق، سوريا، لبنان، وحتى في الحدود الإيرانية الأفغانية.

 

“الخلافة الإخوانية تعود”

ربما كان حلم “الخلافة الإخوانية” بـ”مصر”، تلاشى باكتظاظ سجون حلفاء الخليج بـ”الإخوان”، ورضوخ معظمهم لمعادلة “الحفاظ على البقاء” التي جعلتهم بين خيارين إما الالتحاق بمعسكرات المليشيات المسلحة تحت إمرة الخليج في سوريا واليمن وليبيا، أو الخضوع لـ”قانون السيسي”.

ولكن مع اختلاط الأوراق واتساع رقعة الصراع التي كانت أكبر من قدرات “الخليج” المنشغل بـ”الورطة الكبرى” في تحالف قتل اليمنيين، فإن ذلك أضاف إلى ما يمتاز به الخليج من ضعف فكره السياسي والإستراتيجي، مشكلة جديدة، وهي فقدان الخليج للتركيز وعدم الإحساس والشعور بما يدور من حوله من صفقات إقليمية ودولية، وهي الفرصة التي لم يفرط بها “أردوغان” تركيا، حين استطاع أن ينقلب على ما تبقى من علمانية “أتاتورك” وإتقانه لـ”لعبة الانقلاب الفاشل” الذي شرعن له القضاء والتخلص من معارضيه واعتقالهم، لتصبح تركيا قبلة لـ”الإخوان المسلمين” الذين كان “الخليج” قد فعل كل ما أمكنه فعله لإسقاط مشروعهم بـ”مصر”، وهو الشيء الوحيد الذي ربما نجح الخليج في تحقيقه، ولكن ذلك كان قبل تورطهم في المستنقع اليمني، إذ أن المعادلة اختلفت بعد “ورطة اليمن”، حيث أكتشف الخليج أنه لم يعد بإمكانه إلا مباركة الخلافة الإخوانية “النسخة التركية”، وهذا ما فعله، وسبق أن فعله حين بارك “النووي الإيراني”، لكن الخليج هذه المرة، وبالرغم من مباركته لـ”الخلافة الإخوانية” إلا أنه خسر أعدادا كبيرة من الإخوان الذين كان يستخدمهم كـ”مليشيات” مقاتلة في أكثر من مكان، الأمر الذي دفع به إلى التفاوض مع النظام المصري لإخراج المعتقلين “الإخوان” من سجون “السيسي”.

 

 

“لبنان نصر الله”

لأكثر من عقد من الزمن، والتدخل الخارجي يعبث في لبنان، إلى أن بلغ الحد بـ”السعودية” و”قطر” استخدام الورقة الطائفية، وتحويل لبنان إلى حلبة صراع طائفي، حيث استأثرت السعودية بـ”السنة”، تاركة “الشيعة” لـ”إيران”، في حين توزع “المسيحيون” في أكثر من مكان يبحثون عن مصالحهم، ومثلهم فعلت الطوائف الأخرى. وهو ما زاد من الهوة واتساع الصراع بين اللبنانيين الذين وجدوا أنفسهم قبل عامين، بلا رئيس وبلا حكومة، حيث وظفت “السعودية” و”قطر” التعقيدات في آلية ترشيح واختيار رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، في صراعها الطائفي الذي أدى إلى تعطيل أهم مؤسستين في لبنان “الرئاسة” و”الحكومة”.

نجاح “السعودية” و”قطر” في تعطيل “رئاسة” و”حكومة” لبنان لم يكن نصرا، ولم يكن إلا الشرارة التي أوقد من خلالها الصراع الإيراني الخليجي، ولكن ورغم التغول السعودي في لبنان منذ عشرات السنين إلا أن ضعف وهزاله المشروع الخليجي في المنطقة لم يكن مقنعا لتحقيق انتصارا في لبنان، وما زاد الطين بله، تورط الخليج بالحرب على اليمن، واتفاق نووي إيران، وظهور الخلافة الإخوانية بـ”تركيا” التي أعلنت تحالفها من روسيا بعد ضمانة “بوتين” عدم دعم دولة كردية، وكل هذه العوامل الخارجية وضعت حلفاء الخليج في لبنان بين خيار المواجهة العسكرية، وهذا أمر صعب القيام به في ظل انشغال الخليج بحربه المدمرة لليمن، والوجود الروسي على مقربة منهم والذي بات يلحق الهزائم المتتالية بحلفاء الخليج بسوريا، وهذا ما لا يريده حلفاء السعودية في لبنان أن يحدث لهم، ليجدوا مصلحتهم في سلك الطريق الآخر، وهو خيار التقارب السياسي مع الجميع وتطبيع الأوضاع والعلاقات مع بقية القوى اللبنانية، وهو القرار الذي اتخذ بمعزل عن عواصم “الخليج” ليتم مفاجأة العالم بنجاح اللبنانيين بحل مشاكلهم والتسوية الوطنية بأسلوب حضاري، خالي من التعقيدات، ودون النظر لقائمة الشروط التعجيزية التي كان يضعها الخليج قبل أي تسوية، وكان من أبرز هذه الشروط إخراج مقاتلي حزب الله من سوريا، ولكن غرق الخليج في المستنقع اليمني جعله يفقد لبنان برمتها.

 

 

“سوريا تعود للأسد”

بعد حرب دمرت الحجر والبشر والشجر، وشردت أطفال ونساء الشعب السوري الأصيل، الذي فضل النزوح باتجاه أوروبا، هربا من ضراوة الحرب والجوع، وتحصيانا لنساء الشام من الشبق الخليجي،وفحولة المليشيات الإرهابية التي جمع الخليج مقاتليها من كل حدب وصوب، من كل بقاع الأرض لإخراج “الأسد” من عرينه، وحين اقتربوا من أسوار دمشق، أصيبوا بالغرور، وفتحوا حربا عدوانية على اليمن، وهي الحرب التي جاءت بنتائج عكسية حين وصلت نيرانها العمق السعودي، وأفرغت الخزائن المالية، واستمرار الخليج في التورط أكثر وأكثر، ومن المفارقات أن اليوم وبعد سقوط حلب في يد القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا، فإن أول اهتمام السعودية لم يعد إسقاط نظام الأسد، وإنما الحفاظ على عرش “سلمان” من السقوط المدوي، والذي ربما سيكون أسهل من سقوط حلب.

 

 

“عراق الحشد الشعبي”

أستطاع تنظيم “داعش” احتلال مناطق عديدة في الخارطة العراقية التي امتدت إلى أطراف بغداد، وبدعم خليجي تمكن من السيطرة على حقول النفط، وبحجة إسقاط ما أسموه حكومة “ملالي إيران”، ولكن الحرب التي شنها الخليج على اليمن، وما وصلت إليه هذه الحرب من نتائج عكسية، أنست الخليج “دواعشهم” في العراق، وتركوهم وحيدون في مواجهة الحشد الشعبي العراقي الذي استطاع الوصول إلى معقل “دواعش الخليج” في الموصل، مستغلا “الورطة” التي وقعت فيها السعودية التي لم تعد قادرة على حماية حدودها “الجنوبية” مع اليمن، وهو ما مكن “الحشد الشعبي” من الاستمرار بمهمته وملاحقة “الدواعش” في أوكارها، وبعد انتهاء “الحشد الشعبي” من الموصل، هل سينتقل لملاحقة الدواعش في المناطق المتاخمة للحدود السعودية، وهي المعركة التي ستنطلق لـ”الثأر” لدم “النمر”، وفي الوقت الذي تكون السعودية مازالت غارقة في ورطتها وتفقد يوميا مواقع جديدة في حدها الجنوبي.

 

النهاية

ومن خلال ما تم التعريج عليه في القراءة السريعة على ما تشهده المنطقة من أحداث وصراعات نجد أن اليمن الجريح، يمن العزة، يمن الحكمة، يمن الصمود، غير خارطة المنطقة، وهو ما كان يحذر منه “سيد الأنصار” منذ بداية حرب التحالف على اليمن، والذي أكد أن استمرار الحرب على اليمن سيغير خارطة المنطقة، ولكن الخليج لم يأخذوا كلامه على محمل الجد، واستمروا في الكبر والغرور إلى أن تغيرت المنطقة فعلا، وأصبحت إيران نووية، وتركيا خلافة إخوانية، ولبنان يرعاها “نصر الله” و”أسد” سوريا باق في عرينه، وفي العراق ترفرف أعلام الحشد الشعبي، الموسومة بصور لـ”نمر النمر”، وكل هذه المتغيرات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأيدلوجية، التي تشهدها المنطقة، في حين الخليج غارقا في المستنقع اليمني، وكل المؤشرات لا توحي بأن السعودية أدركت أن تحذير “سيد الأنصار” بات واقعا معاش، وأن حق دم اليمنيين لن يذهب سدى، إذ أن الغرور الخليجي مازال هو من يرسم السياسة في الخليج الذي سيصحو قريبا حين يصل “الحشد الشعبي” العراقي إلى الحدود السعودية يلاحق “الدواعش”. وحينها سيتمنى لو أنه استمع لنصيحة “سيد الأنصار”، ولم يغتر بتحالف العالم ضد شعب لم تقبل أرضه الغزاة على مر التاريخ، ولذلك يقال أن اليمن مقبرة للغزاة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى