استطلاعاتعناوين مميزة

مولدات الكهرباء في اليمن تلويث سمعي و بصري !!

download (100)رحلت شمس النهار، والسماء صارت أكثر سوادا، وضوء النهار الذي كان ينير البيت تسللت خيوطه للخارج فيما بدا الوقت سانحا لتشغيل مولد الكهرباء للتغلب على ظلمة الليل، يصدح المولد بصوت مزعج في حين يتداخل صوته مع أصوات المولدات الأخرى المنتشرة في الحي والتي تنتج ألحان نشاز تكاد تصم الآذان..

ونتيجة للانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي فإن معظم الأسر تملك مولدا للكهرباء، وعدا عن الضرر الضوضائي الذي تخلفه تلك المولدات فإنها تسببت في حالات وفاة وإصابة للكثيرين نتيجة لسوء استخدامه، كما وأنها لا تزال تتسبب في حالات الموت البطيء لسكان القطاع نتيجة استنشاقهم لعوادم تلك المولدات التي وبمجرد مواجهتها لأي حائط تصبغه باللون الأسود القاتم.

الهوية في هذا الاستطلاع تسرد آراء الشارع اليمني حول هذا الموضوع و التلوث السمعي الذي تسببه المولدات الكهربائية .

 

غياب الراحة

“لن تهنأ بالنوم والراحة إن كان منزلك يطل على شارع تجاري”.. بهذه العبارة حاول الدكتور ماهر صالح  تصوير حجم الإزعاج القادم من المولدات الكهربائية. وبدا ماهر – وهو طبيب مخ وأعصاب – مستاء جدا من الوضع الذي تعيشه العاصمة صنعاء، وتحدث الرجل عن مخاطر المولدات الكهربائية وما اسماها بالملوثات السمعية والبيئية، ولفت إلى صعوبة نوم الساكنين في المباني المطلة على الشوارع التجارية وتحديدا الأطفال الذين يصابون بالأرق لهول الضجيج، وهي معاناة شخصية عاشها الدكتور ماهر قبل أن ينقل من مكان سكنه : ” لم افر من المواجهات العسكرية ولكنني اضطررت إلى إبعاد أطفالي وزوجتي عن فوضى المولدات الكهربائي التي فضلا عن ضجيجها فإنها تحلف عوادم خطيرة على صحة الإنسان والبيئة، خاصة وان غالبية المولدات رديئة الصنع ولم يهتم مصنعوها بما تخلفه من ملوثات.

 

لا توجد حلول

ويتساءل سليم محمد – صحاب محل عطورات عن ما هي الحلول لإيقاف تلك الأصوات المزعجة والذي يرى أن انقطاع  التيار الكهربائي هو السبب في ذلك، ويقول: إذا اتجهنا للشمع فهي لا تفي بالغرض وقد تسبب مشاكل وخسائر وعواقب لا تحمد عقباها لا سمح الله، أما الخزانات الكهربائية فهي لا تستمر كثيراً وسرعان ما تنطفئ حين تتجاوز النصف الساعة، مؤكداً أن المولدات الكهربائية باتت ضرورية لأي محل تجاري لممارسة البيع والشراء وإلا إغلاق المحل قد يكون الخيار الوحيد، ولا يوجد مكان آخر لوضع المولد الكهربائي إلا في الشارع بجانب المحل، منوهاً إلى إن هناك احتياطات هامة حتى لا يعود التيار الكهربائي فجأة ويسبب مشاكل.

 

ظاهرة حقيقية

ويرى حسن عصام عامل في محل التجاري أن الإزعاج الذي تحدثه المولدات الكهربائية هو حقيقة يدركها الجميع حتى مالكي تلك المولدات ولكن نضطر إلى توفير الإضاءة وشراء المولدات وهو لم يأت من فراغ بل لمواجهة الانطفاءات المتكررة خلال الآونة الأخيرة وقال: يا أختي نحن مضطرون لذلك ونحن ندرك  أن تلك الأصوات المزعجة للمولدات لا تتناسب مع الذوق العام ولكن ما هي الحلول الأخرى لاختفاء هذه الظاهرة غير استمرار التيار الكهربائي العمومي بدون انقطاع، ولكن أمام هذه المعضلة أصبحت المولدات الكهربائية وتوريدها وانتشارها في كثير من المحلات وقال: الحل يكمن لدى وزارة الكهرباء والجهات المختصة في ذلك.

 

عواقبها وخيمة

وأعرب الحاج أبو عادل  (66عاماً) عن انزعاجه من أصوات المولدات

ورائحتها التي تنتشر في الأجواء، وتسبب أمراضاً خطيرة تزيد معاناة

المواطنين.

وقال الحاج أبو عادل: أنا رجل مسن أعاني من مرض الربو، والروائح والغازات السامة التي تنبعث من المولدات تفاقم وضعي الصحي، معتبراً أن انتشار ظاهرة المولدات كبديل عن قطع الكهرباء مصيبة كبيرة حلّت على شعبنا خصوصاً المرضى منهم.

 

لا يمكن الاستغناء عنه

والى احد صالونات الحلاقة المجاورة لهم، قال طاهر فيصل وهو احد العاملين في الصالون «نعتمد على مولد الكهرباء الصغير معظم الوقت، لكن الإشكالية تكمن في عدم قدرة المولد على تشغيل جهاز التكييف الموجود بالمحل بصفة مستمرة»، ليكمل صاحب المحل عماد عبد الله  «منذ فترة طويلة ونحن نعتمد على المولد وهذا يكون لمعظم الوقت وليس لفترة بسيطة كما الحال في المحلات الأخرى وما نطلبه وضع حد لمعاناتنا .

 

توتر العلاقة بين الجيران

 

صالح محسن (50 عامًا) من سكان الدائري , يعيش مع عائلته في عمارة مكونة من ثلاثة طوابق, مبينًا أن له جارًا بيته ملاصق لبيته بشكل كبير, ومؤخرًا اشترى مولدًا كهربائيًا يشغل خمسة طوابق, وكان هذا المولد سببًا أساسيًا منذ مجيئه في توتر العلاقة بين الجيران وهو ما لم يكن موجودًا سابقًا.

يقول صالح: طلبنا من جارنا أن يضع مولده الكهربائي في أحد الحواصل في بيته بدلًا من وضعه أمام منزله في الشارع وذلك للتخفيف من صوته الهادر, إلا أنه رفض وتعنت في موقفه”.

وبين أنه وبعد أن ملَّ من الحديث مع جاره في هذا الموضوع؛ اضطر إلى شكواه للشرطة, ولكنه فوجئ عندما تحدث مع ضابط الشرطة يقول له: “وماذا في ذلك, أنت لهذا الوقت تعيش بدون مولد كهربائي, يا رجل إذا كنت تغار من جارك اذهب واشتري مولدا كهربائيا!”.

وأكد صالح أن عائلته تأثرت كثيرًا بصوت المولد الكهربائي الذي أصبح يمثل لها كابوسًا شديدًا, فما أن يدخل الليل حتى تبدأ ” الموسيقى” الخاصة بجاره, وهنا يبدأ معه الصداع والتوتر والانزعاج والحالة النفسية السيئة والتي تلازمه هو وعائلته.

وأشار صالح  إلى أن العديد ممن زاروه في بيته اشتكوا كذلك من الصوت العالي للمولد الكهربائي, حتى وصل الأمر في بعض الأوقات إلى عدم سماع أصوات بعضهم البعض وهم يتحدثون, وكل هذا بسبب تعنت جاره من وضع مولده في داخل الحواصل بدلًا من وضعه في الشارع.

 

كابوس مزعج

من جهتها مريم وليد (18 عامًا) طالبة أنهت الثانوية العامة هذا العام, تقول: “إن المولدات الكهربائية في فترة الامتحانات كانت تمثل لي كابوسًا شديدًا لم أستطع تحمله أبدًا”, مشيرة إلى أنه لا يوجد مولد كهربائي في منزلها, وكان اعتمادها في الدراسة يعتمد على الشاحن الكهربائي وفي بعض الأوقات على لمبة الكاز أو الشموع.

وبينت أن هذه البدائل كانت أفضل لها بكثير من المولدات الكهربائية التي لن تفيدها في شيء في الدراسة لامتحاناتها, ولكنها في الوقت ذاته أوضحت أنها لم تسلم من أصوات المولدات الكهربائية التي كانت تضج بها الشقق المجاورة لها.

ولفتت مريم والتي تسكن في أحد  الشقق السكنية في حي شملان إلى أن الكثير من الجيران كانوا إما يضعون مولداتهم الكهربائية  في البلكونات أو  أو على سطح البناية, وعلى كل الأحوال كانت أصوات المولدات تصل إلى بيتها وكأنها تعيش في مصنع لتصدير الضوضاء فقط لا غير, كما تصف.

وأوضحت أنها في فترة الامتحانات النهائية تعرضت لضغوط شديدة من الأجواء المحيطة بها بسبب الأصوات الناتجة عن المولدات الكهربائية وعدم قدرتها على التركيز في الدراسة, حتى بدأت تخاف على مستقبلها من الرسوب المحتمل في ظل استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي وعمل المولدات الكهربائية بديلًا عنها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى