تقارير

من صنعاء إلى عدن صراع المفخخات الخليجية “الإرهاب” سلاح “السعودية” و”قطر” في المن

الهوية|خاص.

لم تستطع والدة احد شهداء مجزرة “الصولبان الثانية” تحمل وقع مشاهدتها لجثة ابنها الشاب ضمن ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف مجندي قوات الأمن الخاصة صباح الأحد الفارط، إذ لحقت الوالدة بابنها سريعا، لتجعل من حزن أسرتها مضاعفا، حيث أن الوالدة المسنة فارقت الحياة مباشرة، بعد مشاهدتها لجثة ابنها في مستشفى الجمهورية بخور مكسر.

أكثر من (100) ما بين قتيل وجريح، هم حصيلة تفجير “الصولبان” الأول قبل أيام من إضافة أكثر من (100) في الصولبان الثاني الذي تبناه تنظيم “داعش” أيضا، وقال إن من قام بتنفيذه هو “أبو هيثم الردفاني” (مجيد فارس علي الفقيه)،الذي التحق قبل سنتين بجماعات متشددة في لحج قبل أن تنقطع أخباره عن أسرته.

لكن، تبني “داعش” للعمليات الإرهابية في اليمن لم يعد مقنعا لكثير من الجهات المحلية والدولية، والتي لم تعد تتعاطى مع ما تعتبرها بيانات المطابخ السعودية التي تنسب إلى تنظيم “داعش”، وهو ما دعا إليه سياسيون وخبراء في شؤون الجماعات الإرهابية إلى الكف عن التعامل مع البيانات التي تصدرها المطابخ السعودية وتنسب إلى تنظيم “داعش”، فيما يتعلق بالتفجيرات والهجمات الانتحارية التي تشهدها اليمن، والمحافظات الجنوبية خصوصا، سعيا إلى خلط  الأوراق وإرباك عمليات التحقيق وللحؤول دون ملاحقة مدبري الهجمات الإرهابية التي تنفذها كتائب إرهابية متطرفة مدعومة من النظام السعودي.

وأشار الخبراء إلى البيان الذي أصدرته مطابخ السعودية، أغسطس الماضي، ونسبته إلى تنظيم “داعش” وادعى فيه مسؤوليته عن هجوم إرهابي على قاعة العزاء في الصالة الكبرى بصنعاء في محاولة مكشوفة من النظام السعودي استخدام أدواته التضليلية وإبعاده عن تحمل مسؤولية الغارات الوحشية التي استهدفت قاعة العزاء وأدت إلى استشهاد وإصابة 750 شخصا من المشاركين في مجلس العزاء.

وقال مراقبون لـ”الهوية” إن التفجيرات والعمليات الانتحارية والاغتيالات التي تشهدها عدن حاليا، كانت شهدتها صنعاء في السابق، وأنها لا تختلف عنها. مشيرين إلى أن “السعودية” و”قطر” التي تمول هذه العمليات، نقلت اللعبة من صنعاء إلى عدن، حيث كانت تستهدف العمليات الإرهابية في صنعاء “الحوثيين” وأتباع الرئيس السابق على عبد الله صالح، واليوم في عدن تستهدف “الزبيدي”و”شلال” والجهات الموالية لـ”الإمارات”.

وأشار المراقبون إلى أن “بحاح” الذي كان مواليا لـ”الإمارات” وتم إقالته، كانت الجماعات الإرهابية استهدفته، في حين أن “بن دغر” بعيدا عن أي تهديد، وهذا ما يعد دليلا بأن الهدف هم الموالون لـ”الإمارات”.

 

ومن المفارقات، أن “القاعدة” تبرأت من مجزرة “الصولبان” الأولى، واتهمت الإمارات في بيان لتنظيم القاعدة نشرته وسائل إعلام سعودية اتهم الإمارات بالوقوف وراء جريمة تفجير معسكر الصولبان. وفي ذات البيان توعد تنظيم القاعدة “الإمارات”.

بالمقابل، وعقب تفجير الصولبان الثاني، رفض “هاني بن بريك”، وزير الدولة في حكومة هادي، توجيه الاتهام للرئيس السابق علي عبد الله صالح بالوقوف وراء التفجير الإرهابي.

ووجه الوزير الموالي لـ”أبو ظبي” إصبع الاتهام نحو أطراف أخرى – لم يسمها – قال بأنها المسئولة والقادرة على تفريخ مثل هذه الأفكار التكفيرية. وقال:”بؤر المفجرين المنتحرين هي المساجد الحاضنة لفكرهم ومن المؤسف أن نجد من يقف ضد تطهير المساجد من دعاة هذا الفكر الإجرامي فلابد من وقفة حزم صارمة”.

ويقول مهتمون بالشأن المحلي بأن الوزير الجنوبي يوجه أصابع اتهامه نحو حزب التجمع اليمني للإصلاح، مبررين هذا الرأي بالخلاف المستعر أصلاً بينه وبين الحزب منذ عدة أشهر، بالإضافة إلى استخدامه مفردة “التكفيريين” وهي مفردة يدأب “الحوثيون” على وصف حزب الإصلاح بها.

بدوره، أصدر “الإصلاح” بيانا شديد اللهجة بحق “بن بريك”، متهما إياه “بمحاولات متكررة لخلق الفتنة في وسط الشرعية”، ومنها ما يتعلق بالأحداث الإرهابية الأخيرة. لكن تجدر الإشارة إلى أن مدير الأوقاف في عدن، قام بتغيير أئمة المساجد الوسطيين والمعتدلين والقريبين من الطريقة الصوفية والسلفية الدعوية بآخرين متطرفين وقريبين من “الإصلاح” و”الوهابية”.

وكان المحلل السياسي الجنوبي “الدكتور حسين لقور” انتقد ما قال أنها شماتة بات يبديها بعض أعضاء حزب التجمع اليمني للإصلاح تجاه ما يحدث في مدن الجنوب من أعمال تفجيرات. وقال “لقور” معلقا على ذلك، شيء مؤسف أن يصبح بعض الإخوان الجنوبيين في حزب الإصلاح حاملي أبواق الشماتة فيما يجري من حرب إرهابية دنيئة ساهمت فتاوى مشايخهم في تأجيجها منذ 1994م علي الجنوب و صاروا ينتظرون إي جريمة ضد أهلهم ليبدؤوا سيمفونية شماتة تعزفها اوركسترا إعلامهم الرخيصة.

وفي السياق، قال المتحدث باسم المقاومة الجنوبية علي شايف الحريري، أن حزب الإصلاح بعد كل عملية انتحارية يروج إشاعات استقالة “عيدروس” و”شلال”. نافيا ما نشر في وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح، والتي تناقلت خبر استقالة مدير أمن عدن اللواء شلال شايع.  وأضاف الحريري “الإرهابي ينفذ التفجير والمواقع الإصلاحية، ونشطاءهم يروجون للخبر ويوظفون الحدث لمصالحهم”.

وفي السياق أيضا، أصدر فصيل من الحراك الجنوبي الموالي لـ”السعودية” بيانا هو الأول، يطالب إقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير الأمن شلال شائع، وهو ما أعتبر أنه يأتي في إطار تقاذف تهم الفساد والقتل الجماعي بين قوى “التحالف” وأدواته في اليمن، ليستمر نزف الدم والقتل الجماعي للجنوبيين أمام صناديق “الشرعية” المصرة على التفنن في مسك الجنود وإخضاعهم ثم تخييرهم بالموافقة على الذهاب إلى جبهات القتال السعودية ضد اليمن أو الموت على أبواب المعسكرات، في عملية إذلال ممنهجة من دون أدنى مراعاة للشرف العسكري أو للكرامة الإنسانية.

وكان بارزا ما كشف عنه من ملفات الفساد التي تطاول باستمرار المحسوبين على دولة الإمارات، إذ سُربت وثائق لمشاريع حكومية تثبت تورط محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، وفريقه من خلال تهديده لوضعية الأراضي (عقارات) العامة والاستيلاء عليها بعقود مزيفة وبصورة مخالفة للقانون، وتقدر قيمتها بملايين الدولارات الأمريكية، في وقت يعيش الجنوب اليمني حالة من الفوضى، منذ أن سيطرت عليه القوات السعودية الإماراتية وأفرغته من أي وجود للجيش اليمني منتصف عام 2015م، الأمر الذي أوجد مناخاً خصباً لتقوم الجماعات الإرهابية بتثبيت قواعدها على الأرض، وممارسة أنشطتها بكل حرية.

وكثيرة هي الصحف الغربية التي تكلمت عن جذور المملكة السعودية، والتي عنونت عن علاقة المملكة بتنظيم “داعش” الإرهابي ودور الوهابية في بث الفكر المتطرف الذي يعتنقه إرهابيو “داعش” وغيرهم.

ولا يتوقف العامل المشترك بين السعودية و”داعش” عند تبني المعتقد الوهابي لكلٍ منهما، فالدور السياسي لكل من المملكة والتنظيم، تخطت حد العلاقة الأيديولوجية، ولا يخفى أن الفصائل السورية المسلحة تلقت تمويلاً وتسليحاً وتدريباً من السعودية بتسهيلات تركية ومباركة أمريكية.

ويؤكد المراقبون أن التدريبات السعودية للجماعات المسلحة السورية حولت من كانت تعد نفسها معارضة سياسية إلى جماعات إرهابية، بأشكالها المتعددة، من “جبهة النصرة” و”داعش” إلى “جيش الإسلام” و”فتح الإسلام”.

وفي حين لا يبدو للسعودية أفقا متينا للبقاء في عدوانها على اليمن، تستمر المملكة في تدريب التنظيم وتوسعة غطائه أكثر في اليمن على غرار ما جرى في سوريا والعراق، إذ ذكرت تقارير إعلامية أنّ عناصر تنظيم “داعش” فرت من سوريا إلى اليمن، برعاية سعودية قوية، بالتزامن مع معارك تحرير مدينة حلب السورية من قبضة المسلحين.

أكّد موقع “فوكاتيف” الأميركي في فبراير الماضي، أن “داعش” يعتبر حركة “أنصار الله” عدوه رقم واحد في اليمن، مستنداً إلى بيانات نشرها التنظيم في وكالة “أعماق” التابعة له، وبين فيها عملياته ومكاسبه في اليمن التي أوهنتها الحرب.

وكشفت مصادر عسكرية عن إنشاء تنظيم “داعش” معسكراً لتدريب عناصره في منطقة “قف الكثيري”، في صحراء حضرموت، شرق البلاد، وهي المنطقة المحاذية للحدود مع المملكة، فيما لم تطال “داعش” غارات التحالف السعودي المستمرة على المناطق المأهولة بالسكان في صنعاء وصعدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى