تقارير

مزامير “الريوي”.. المركز الوطني للمعلومات.. ديكتاتورية الفساد

أبو إلياس الظفاري

من غرائب العقيد معمر القذافي، وفقا لقرآنه ” الكتاب الأخضر ” كان شعار ” البيت لساكنه “, لذلك من كان يسكن في الدار أو يستأجره، له الحق في امتلاك الدار, أي بمعنى آخر سرقة الدار من مالكه الحقيقي.

ولقد وصل الحال بـ”معمر”، إلى استبدال القرآن الكريم بـ”الكتاب الأخضر” ، وحرص على طباعته بحروف مماثلة للحروف التي تطبع بها المصاحف. كما تبرع العقيد القذافي بمبلغ (1.5)مليون مارك ألماني، لأحد الأندية الألمانية للتزحلق على الجليد، مقابل الدعاية لـ”الكتاب الأخضر”, من خلال لافتات دعاية للكتاب ووضع صورة القذافي على فانيلات اللاعبين.

حينها، أجمع خبراء نفسيون، بعد قراءة قرآن العقيد، على أن صاحبه “يعاني مرضا نفسيا يجعله منعزلا ولا يستمع إلّا لنفسه”. ونتيجة لمعاناته من عقدة النقص، وهي شعور  الشخص بأنه أقل شأنا من الآخرين، بطريقة أو بأخرى. فتتولد لديه الأفكار ذات شحنة انفعالية قوية، تدور حول ما يشعر به الشخص من قصور حقيقي، وهي عقدة الخصاء اللاشعورية المصاحبة لعقدة “أوديب”، مما يؤدي إلى ضروب سلوكية لا تحقق التوافق مع الواقع.

لربما، اعتقد الناس، أن جنون العظمة، دفن مع القذافي بعد مقتله، غير أن الشواهد الحية تحكي عن انتشار المرض، على نطاق واسع في العالم العربي، فالمسئول المصاب بعقدة النقص، يسعى إلى أسلوب آخر داعم لسياساته، فتجده يهيمن على كل شيء، ويوجهها باتجاه مصالحه، وتجد ان مفهوم السلطة والمسئولية لديه، محدد في جهة واحدة هي تعظيمه وإضعاف من حوله ، موظفين أو أتباع. وقد يدعم ذلك أيضا بدراسات تؤكد شرعية أعماله  في كافة ممارساتها.

ربما هذه الصورة التشخيصية، تضع كثيرا من اليمنيين داخل إطار هذه الشريحة المفخخة بجنون العظمة وعقدة النقص، فممارساتهم تظهر أنهم لربما أكثر معاناة من غيرهم.

لربما، اعتدنا في اليمن،  أنه أي يمني يغادر اليمن إلى دولة أخرى، لأية غرض كان، الدراسة أو العمل، لا يعود إلّا وقد صبغ بكل جينات وثقافة النظام السائد في الدولة التي عاد منها ، فمثلا من عادوا من أفغانستان، عادوا إرهابيين، وهكذا ينطبق على بقية البلدان التي يهاجر إليها اليمنيون.

في اليمن لدينا أمثلة كثيرة عن من يعتنقون المذهب القذافي، والمصابون بعقد النقص وجنون العظمة، ولنجعل الصورة أوضح، نضرب مثلا في رئيس المركز الوطني للمعلومات الدكتور يحيي محمد الريوي، والذي يسعي إلى تمرير مشروع” الشبكة الوطنية للمعلومات ” على دراسة قديمة أعدت في 2004م  تتضمن مخالفات وتجاوزات” تقدر بمبلغ 60 مليون دولار”.

الريوي.. نعم هو ليس ممن عادوا من أفغانستان، لكن خطره على اليمن لا يقل عن خطر الإرهابيين ، فـ”الريوي”، الذي يقول أنه حاصل على دكتوراه في المعلوماتية الإدارية” حاسب آلي ونظم معلومات”, قسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات, كلية الإدارة – جامعة الاقتصاد الوطني والعالمي صوفيا- بلغاريا. ربما هذا يؤكد أنه ليس بإرهابي، فـ”بلغاريا”، ليس لها صلة في الإرهاب.

بلغاريا، التي عاد منها “الريوي”، دولة تشتهر بالفساد المالي والإداري والاحتيال، وتعانى من الفساد والجريمة المنظمة بعد ٢٣ عاماً من انتهاء الحكم الشيوعي، وحسب تقارير الاتحاد الأوروبي، لا تزال محاربة الفساد والاحتيال بأموال الاتحاد الأوروبي تشكل تحديا بالنسبة إلى أوروبا.  وبلغاريا مثال سيء، لـ”إساءة استخدام الأموال الأوروبية”، حيث يخسر الاتحاد الأوروبي سنويا أكثر من 120 مليار يورو بسبب الفساد والاحتيال. كما تشير التقارير إلى أن البلغار يدفعون للموظفين الحكوميين، نحو 2مليون رشوة سنويا.

عموما، ماذا نتوقع أن يعود شخص عاش سنوات في بلغاريا، بالتأكيد، لن يعود إمام جامع، لذلك، فمن الطبيعي، أن يشهد المركز الوطني للمعلومات هذا الفساد الكبير، في ظل أن من يأتي على رأس هرم الجهاز مسئول، حصل على دكتوراه في الفساد المالي والإداري، من بلغاريا.

حيث كشفت وثائق رسمية عن محاولات المركز الوطني للمعلومات في تمرير مشروع تحت مسمى ” الشبكة الوطنية للمعلومات ” يتضمن الكثير من المخالفات والتجاوزات بما يقدر بمبلغ 60 مليون دولار.

وتشير الوثائق إلى ان المشروع المبني على دراسة قديمة، أعدت في 2004م ، تجاهل إيضاحات اللجنة الإشرافية لمشروع الحكومة الالكترونية والمختصين في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، التي أوصت بتعليق إجراءات طلبات تمويل مشروع الشبكة الوطنية للمعلومات نظرا لكون المشروع له علاقة بكافة القطاعات في الحكومة ما يعني كثيرا من التداخلات مع مشاريع تلك الجهات وتكرار المشاريع وتضاعف الاستثمارات وربما تعارضها.

وبناء على اقتراحات دراسة أعدتها منظمة الاسكوا بناء على طلب من المركز، فإن المشروع يتطلب أولا:

إعادة جاهزية الجهات الحكومية من حيث الربط بالانترنت والنظم المعلوماتية المتوافرة والأطر البشرية في مجال التطبيقات المعلوماتية والشبكات الحاسوبية، واستكمال البنية التشريعية اللازمة للتطبيقات المعلوماتية، وإعداد خطة تدريب وتوعية للكوادر البشرية في المجالات المطلوبة في المشروع .

وتلقت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد شكوى بالمخالفات في إجراءات المشروع قالت إنها تشير إلى ” شبهة تلاعب وفساد في مكونات المشروع ” .

ففي الوقت الذي تقدم المركز بطلب رسمي إلى وزارة التخطيط والتعاون الدولي لتمويل تحديث الدراسة الخاصة بالمشروع كونه لا يمتلك الموارد للقيام بذلك ، وإفادة وزارة التخطيط بتوفير التمويل اللازم لتحديث الدراسة وفق مناقصة، إلا ان المركز بعث برسالة إلى وزارة التخطيط في وقت لاحق ليؤكد انه قد تم تحديث الدراسة، وهذا يثير علامات استفهام حول من قام بتمويل تحديث الدراسة ؟ والإجراءات القانونية التي اتبعها المركز في تحديث الدراسة؟.

المشروع المقترح تحت مسمى الشبكة الوطنية للمعلومات والذي يسعى المركز لتنفيذه تبلغ تكلفته 60 مليون دولار.

لكن تبقى المشكلة الأكبر، في أن رئيس المركز يبدو أنه يعاني من عقدة النقص، ويبحث عن ما يعوض به هذه المتلازمة التي تنكد عليه حياته على كرسي المركز، لذلك، حرص على أن يعد الدراسة مع شلته، وطبعا، يبحث عن مخارج لـ”بعزقة” (60) مليون دولار، بالرغم أن وزارة التخطيط، كانت خصصت (100) ألف دولار، لهذا الغرض، ومن المفترض أن تقوم بهذه الدراسة شركة محايدة.

الريوي، من أجل أن يعوض عقدة النقص، وحين بلغ به جنون العظمة مبلغ كهنة المذهب القذافي، أتى بثلة من قساوسته، لتلحين مزامير “الريوي”، وتلاوة معشر “المركز للريوي” حسبما تشدد عليه الديانة القذافية، في تلمود “البيت لساكنه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى