تقاريرعناوين مميزة

مجلس الأمن يدعو أطراف الصراع في اليمن إلى العودة للمفاوضات ووقف دائم لإطلاق النار أمريكا تخطط لتسوية في اليمن بمقاسات سعودية

 

9نيويورك – الهوية – وكالات:

دعا مجلس الأمن مختلف أطراف الأزمة اليمنية إلى تجديد التزامهم بوقف إطلاق النار بشكل مستدام يحترمه الجميع والمشاركة في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

وقال سفير لأوروغواي الذي تترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن ألبيو روسيلي إن أعضاء مجلس الأمن رحبوا بعد مشاورات مغلقة الليلة الماضية بالتقدم الإيجابي المحرز في المحادثات التي يسرت الأمم المتحدة عقدها بين الـ 15 والـ 20 من ديسمبر الماضي ووضعت أساس المرحلة المقبلة من عملية السلام.

وأضاف ” إن أعضاء المجلس حثوا أيضاً الأطراف اليمنية على الوفاء بالالتزامات التي قطعوها خلال المحادثات كما حثوا مختلف الأطراف على المشاركة في جولة جديدة من المحادثات منتصف يناير الجاري والبناء على الإنجازات المحرزة “.

وتابع ” إن أعضاء مجلس الأمن دعو الأطراف إلى الانخراط في المحادثات بدون شروط مسبقة وبحسن نية بما في ذلك حل خلافاتها عبر الحوار والتشاور، ورفض أعمال العنف لتحقيق الأهداف السياسية والامتناع عن التحريض وجميع الأعمال الأحادية التي قد تقوض الانتقال السياسي “.. مؤكدين دعمهم لجهود المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن.

وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء الوضع الإنساني الصعب في اليمن الذي يستمر في التدهور .. داعين في هذا الصدد مختلف الأطراف للامتثال لالتزاماتها تجاه تيسير وصول البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية والوقود للأغراض المدنية لجميع أنحاء اليمن.

يرجع بطء المسار السياسي في اليمن، بمعظمه، إلى محاولات الولايات المتحدة إيجاد مخرج للسعودية من العدوان يضمن وصايتها على اليمن. ورغم التعثر السعودي الأميركي في الميدان يوماً بعد يوم، فتحت المفاوضات الأخيرة، التي اختبرت خلالها واشنطن القدرة القتالية والصمود اليمنيين، قنوات سياسية يصبّ فيها المسار الميداني.

وعبر تبنّيها للعدوان السعودي على اليمن، توّجت الولايات المتحدة سياسة قديمة قائمة على دعم السعودية للهيمنة بواسطتها على جزيرة العرب، مقابل تماهي الرياض مع المشروع الأميركي بالعمل على الوقوف في وجه دول محور المقاومة والممانعة. وشاركت واشنطن حليفتها السعودية في العدوان على اليمن، مقدمةً لها دعماً استخبارياً واسعاً.

واستمرّت في تحديث بنك الأهداف لها، وتزويد الطائرات الحربية بالوقود جواً، إضافة إلى عقود تسليحية عُدّت الأكبر عالمياً.

في الجانب السياسي، تولّت واشنطن تعطيل المؤسسات الدولية، وتطويعها لتسهيل العدوان والتعمية على الجرائم والمجازر، والمساعدة على التدمير الممنهج للبنى التحتية لأفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.

إلا أن الحليف السعودي فشل في تحقيق أهدافه، وغرق في أوحال الميدان اليمني. فحساب الحقل لم يطابق حساب البيدر، مع ما يعني ذلك من هزيمة دول «التحالف» وارتداد مفاعيلها على الخريطة الجيو إستراتيجية للمنطقة. وسارعت واشنطن إلى ملء مستودعات السعودية بالسلاح والذخيرة، رغم صدور بعض الأصوات المحتجة من كتّاب ومفكرين ومشرّعين غربيين، كذلك أقدمت على فتح الأبواب الخلفية بالتواصل مع دول إقليمية نافذة في الصراع القائم في اليمن، وبحثت معهم التوصّل إلى حل سياسي.

لكنها في كل مرة كانت تضع سقوفاً غير قابلة للتنفيذ على الأرض، كذلك فإن المعادلة الميدانية لم تسمح لأي طرف إقليمي بالتصرف بالنيابة عن الدولة اليمنية، التي تصرّ دائماً على وقف العدوان مع تساهلها في ما يخص المعادلة الداخلية والقبول بالآخر على أساس الشراكة الوطنية.

وتكمن مشكلة واشنطن في إيجاد معادلة للحليف السعودي تضمن وصايته على البلد بأكمله. جلّ ما قدم حتى الآن هو القبول بالمكونات الرئيسية في صنعاء، في إشارة إلى مكوّني «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام»، ولكن تحت سقف الوصاية السعودية.

التعثر الميداني السعودي واتساع رقعة الحرب لتطال الأراضي السعودية لأول مرة منذ إنشاء المملكة، ألحقا ضرراً كبيراً بالسمعة الأميركية. كذلك، جعل سقوط منظومة السعودية التسليحية على الحدود هيبتها على المحك، لا سيما أن «الإعلام الحربي» اليمني استطاع تظهير صورة هذه المنظومة وهي تحترق علي أيدي أفراد القوات اليمنية المسلحة بأسلحة قديمة وغير متكافئة.

واستطراداً، فإن السمعة السيئة لكفاءة السلاح الأميركي ليست الوحيدة على الحدود السعودية اليمنية. سبق أن فشلت القوات الإسرائيلية (المسلّحة أميركياً) في عدوانها على لبنان في تموز عام 2006 وفي الحروب الثلاث اللاحقة على غزة، إضافة إلى العجز الأميركي عن مواجهة المقاومة العراقية واضطرار واشنطن إلى الانسحاب من العراق بصورة مخزية.

ولم يعد أمام دول «التحالف» والرعاة الدوليين (واشنطن ولندن وغيرهما) مجالاً لإقفال الباب الدبلوماسي، أو الاستخفاف بالحرب والاسترخاء في علياء الإنكار؛ فموازين القوى على الأرض ظلّت ثابتة لم تتغير، في وقتٍ استُنفدت فيه وسائل الجذب والإقناع والإغراء. كذلك، تدفع التحولات في الإقليم، المترابط مثل حبات الخرز، عجلة المعادلات التي سوف تعكس ظلالها على عدوان هذه الدول على اليمن، وذلك بالتزامن مع تثبيت القوى المعادية لواشنطن والرياض.

قبل المفاوضات اليمنية الأخيرة في مدينة بيال السويسرية، عمدت الولايات المتحدة إلى الضغط على السعودية للانصياع للسير في إجراء فتح قنوات سياسية والبدء بعملية دبلوماسية بواسطة الأمم المتحدة، معتبرةً أن الوقت المعطى للحرب قد انتهى. على الأثر، انعقدت المفاوضات بين الأطراف اليمنية في سويسرا، حيث حضر الرعاة الدوليون في الفناء، وكانت الكلمة الأخيرة للسفير الأميركي ومفادها: «أطلقوا سراح المعتقلين الخمسة الكبار، وفكوا الحصار عن تعز». يفهم من ذلك أن واشنطن أرادت من المفاوضات إجراء اختبار للقدرة القتالية واختبار حالة الصمود الشعبي والسياسي للقيادة والجيش والشعب اليمنيين. وقد جاء اقتصار المفاوضات على «بندين غير رئيسيين» والإصرار عليهما، دليلاً على عدم جاهزية واشنطن وحلفائها لتسوية متوازنة خارج الوصاية السعودية.

مفاوضات بيال هدفت إلى إقامة مسار سياسي ودبلوماسي مساوٍ للمسار العسكري والميداني، بمعنى أن تصبّ النتائج الميدانية في القنوات السياسية، كذلك فإن واشنطن رمت من المفاوضات إلى تشييد، وإن متأخر، لإستراتيجية الخروج من العدوان، يمكن تفعيلها عند الحاجة.

ويستعد «التحالف» في المرحلة المقبلة للعمل على خطين متوازيين؛ الأول، الحشد والتجهيز والتدريب، استعداداً لجولات عسكرية في أكثر من جبهة. والثاني، الإعداد لجولة مفاوضات أخرى غير واضحة المعالم، في التاريخ والمكان وجدول الأعمال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى