استطلاعاتخاص الهويهشريط الاخبارعناوين مميزة

كيف يعيش اليمنيون تحت القصف بعد ثلاثة أسابيع من العدوان

 

كيف يعيش اليمنيون تحت القصف بعد ثلاثة أسابيع من العدوان

يمنيون تحت القصف

مع استمرار عمليات “عاصفة الحزم” التي تقودها السعودية على مواقع أنصار الله في اليمن، واتساع نطاق المعارك، يزداد الخطر على السكان. ما دفع منظمات دولية وإنسانية إلى التحذير من تدهور الوضع الإنساني ودعوة أطراف الصراع إلى احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين. الهوية في هذا الاستطلاع تتحدث إلى مجموعة من المدنيين في اليمن لمعرفة مجريات حياتهم جراء القصف اليومي.

استطلاع : صابرين المحمدي

نزوح العوائل من صعدة مع استمرار القصف؛ واليمنيون يتوعدوا
نزوح العوائل من صعدة مع استمرار القصف؛ واليمنيون يتوعدوا

فقدنا الحياة الطبيعية

تقول فاطمة، التي تبلغ من العمر 20 عاما و النازحة من حي الجراف إلى شيرتون “القصف كان في كل مكان حولنا، فهربنا، وركضنا بكل ما أوتينا إلى هنا، فقد كانت الشظايا تنهمر في كل مكان.”

ومنذ ذلك الحين، وبين فترة وأخرى، يرجع أفراد العائلة إلى منزلهم كي يجمعوا بعض أمتعتهم.

وبينما كانت فاطمة تروي قصتها، دوى انفجار جديد من فوق، فقالت: “كلما وقع قصف من هذا القبيل، يصبح حالنا لا قوة له.”

وتتملك أم فاطمة الهواجس، فهي في خوف دائم من أن تفقد أطفالها، وتقول إنها “تشعر أن قلبها سينفجر مع دوي كل انفجار.”

أما فاطمة فتؤكد عادة لأمها أن “الانفجارات بعيدة وليس ثمة مبرر للخوف،” لكن في بعض الأحيان التفجيرات قريبة جدا .

وتختم قولها بحسبنا الله ونعم الوكيل فيكم يا آل سلول و في كل خائن للوطن وبائع لأهله وناسه .

 

رغبة في الحياة والاستمرار

من جهته يصف أبو عمر التعامل مع القصف المتكرر بأنه الرغبة في الحياة والاستمرار، وهذا ينطبق على الأطفال.

وقال “بما أننا غير قادرين على توفير جو أكثر أماناً لهم، فيجب أن نتركهم ليعيشوا حياتهم، دراسة ولهواً، فلربما يساعدهم ذلك على نسيان الخوف والقصف”.

كما يقول أبو وسام كنا نخاف في بداية الأحداث ونهرب بأولادنا إلى القرى و الأرياف، نقضي أياما هناك هربا من القصف، لكن استمراره دفعنا للبقاء في منازلنا، والسماح لأطفالنا بإشباع هواياتهم، لا نريد دفنهم أحياء”.

 

في كل بيت قصة حزينة

تقول غادة وهي ربة منزل: قصف وعصف خراب ودمار بيوت مدمرة فيها جثث متحللة. صواعق تعصف بالأطفال وتنهيدة أمهات مقهورة وجرحى، الأسرة اليمنية قسمت وفككت كل بيت فيك يا ارض بلقيس قصة حزينة وأنا في قمة حزني. وتنهي كلامها. لماذا يحدث لنا هكذا يا ربي ؟

 

تعودنا علي القصف

تقول ليلى محمد في أول أيام قصف قوات تحالف لصنعاء، كان هناك تخوف كبير من الخروج أو ممارسة الحياة بشكل طبيعي، ولكن مع استمرار القصف اليومي أجبرت نفسي على الانسجام مع ما يحدث والخروج لممارسة عملي.

من المؤكد تأثري بهذا القصف بطريقة غير مباشرة، والخوف الأكبر هو من الأعيرة النارية ومضادات الطيران التي تطلقها جماعة الحوثيين بشكل كبير في كل مساء من عدة مواقع من بنيها أحياء سكنية.

تحدثنا ليلى عن معاناتها الشخصية قائلة “يسيطر علي القلق والتوتر بشكل كبير خاصة في المساء حيث يكون صوت الانفجارات عاليا جداً، وهذا أيضاً أثر على نومي حيث أصبح السهر حليفي إلى ساعات الفجر الأولى، كون منزلي قريب من مقر دار الرئاسة. هذا إلى جانب انقطاع الكهرباء من ساعات المغرب حتى فجر، واعتقد أن أكبر تأثير هو التأثير النفسي نتيجة ما يحدث الآن في البلد خصوصاً حينما أرى قتلى وجرحى أبرياء ليس لهم أي ذنب فيما يحدث بين الأطراف المتصارعة”.

وحول الأوضاع السياسية الحالية تقول ليلى “أنا ضد الحوثيين منذ استخدامهم قوة السلاح في السيطرة على معظم المحافظات اليمنية، اعتدائهم على حقوق الشعب وحريته، واستخدام العنف ضدهم، وضد اعتدائهم على الشرعية اليمنية وعلى الدستور، ولكن في ذات الوقت أنا لست مع التدخل العسكري الخارجي المتمثل “بعاصفة الحزم”، كونه لن يعالج أزمة اليمن، بل دمر البنية التحتية لمعسكرات جيش اليمن، وكان سبباً في مقتل عشرات المدنيين سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أنا ضد مواجهة العنف بالعنف”.

 

“نعيش على هامش الحياة”

من جهتها تقول مريم “نعيش على هامش الحياة”

وأضافت: “إننا دائمًا عصبيو المزاج وخائفون. وعندما يبدأ القصف، أخبئ أولادي وأطلب منهم أن يبقوا رؤوسهم منخفضة. فدائما ما أخشى أن يصيبهم مكروه أثناء الضرب.”

و في مثل هذه الظروف، ليس لدى الأشخاص من أمثال مريم الوقت لمناقشة الإجراءات الحكومية أو الوقوف موقف المتفرج من قبل دول الغرب، الذي أعطى المتطرفين الفرصة التي اقتنصوها. فكل ما يهم هؤلاء ممن يعيشون نفس ظروف مريم هو البقاء على قيد الحياة اليوم .

 

الأطفال في الحرب

وللأطفال رأي مشابه، فهذا عبد القادر ترك مداعبة الكرة برهة ليتحدث للهوية قائلاً “يزعجنا القصف عندما يكون قريبا من البيوت، فنضطر لترك اللعب لنتحرى عما إذا كانت الضربة أصابت أحدًا من الحي أو هدمت منزلاً”. وقال الصبي وسيم بنبرة ملؤها التحدي “فليقصفوا ما شاؤوا، سنلعب كما نريد، سحقاً لهم”.

وكان غريباً رأي الطفل مصطفى الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، حيث اعتبر أن حياته لا معنى لها وأن روحه ليست أغلى من أخيه الشهيد الذي قتل في أحداث 2011، وأنه سيفعل ويعيش كما يريد، ولن يبقي كما يقول “مسجون هنا، لا شيء يخسره، ليس هناك فرق كبير بين حياتنا والموت، ربما الموت أسهل من الحياة”، قالها بلامبالاة، ثم هرول عائداً ليواصل لعب كرة القدم مع رفاقه.

أيضا رعب الحرب يكسب الأطفال طباعًا أخرى، هبة طفلة في الحادية عشرة من عمرها، أصوات الطائرات والقذائف سلبتها حاجتها الأساسية من الطمأنينة والأمان، لكنها فاجأت عائلتها بشجاعة تمردها حينما أخبرتهم بقوّة «ماما تريد مني أن انزل البدروم مع أخواتي لما يكون في قصف، وأنا لا أريد أن أعيش وأهلي يموتون، أنا لن أكون مبسوطة إذا بقيت عائشة بدون ماما .

و”لا تفرق جمانة (5 أعوام) التي تسكن شمال صنعاء بين صوت الرعد وصوت القصف الذي تردد طيلة الحرب؛ موضحة أنها تخاف كثيراً من صوت الرعد وتختبئ في الأماكن ذاتها التي كانت تختبئ فيها خلال الحرب، وهي إما في خزانة الـملابس أو خلف باب غرفتها.”

وتابعت: “ولا يختلف الأمر مع جارتها لـمى محمد (10 أعوام) التي تقول: ‘اعرف إنه مش قصف وإنه رعد وبرق وعاصفة، بس رغم ذلك بخاف كثير وأبطل أعرف أذاكر رغم توقف الدراسة أو أركز بأي شيء، فكل انفجار للرعد يذكرني بانفجارات الطائرات ويحرمني من الحياة العادية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى