تحليلات

كيف تحكّمت السعودية في عمل مجلس الأمن في الحرب على اليمن هل يتم تمزيق دفتر الشيكات السعودي؟

الهوية – صنعاء.

نجحت السعودية، بسطوتها الدبلوماسية وبدعم حلفائها في الغرب، في التلاعب بعمل مجلس الأمن الدولي في الملف اليمني، وعلى مدى أكثر من عام من الحرب على اليمن، أدارت السعودية في الظلّ حرباً موازية، بواسطة دبلوماسيتها وتأثيرها على القرار الدولي.

لكن وفيما بدا انهيار شامل لدبلوماسية الشيكات التي طالما انتهجها النظام السعودي في المحافل الدولية خلال أكثر من سنة من عدوانه الهمجي على اليمن نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريرا شاملا، كشفت فيه الجانب المظلم في النفوذ الدبلوماسي السعودي الذي منحه لها حليفاها الرئيسيان “واشنطن” و”لندن” لإدارة دور مشبوه في دهاليز القرار بالأمم المتحدة ومجلس الأمن.

التقرير سلط الضوء لأول مرة على دبلوماسية الشيكات التي مارسها النظام السعودي خلال العام الماضي لعرقلة أي أعمال للأمم المتحدة أو مداولات في مجلس الأمن تجاه ملف الحرب الوحشية التي شنها النظام السعودي على اليمن تحت مظلة التحالف.

التقرير سلط الضوء على الضغوط الدبلوماسية التي كبحت محاولات دولية وأممية لتسليط الضوء على المجازر التي ارتكبها العدوان السعودي في حربه على اليمن وحجم الخراب المريع الذي تسببت فيه زهاء 80 ألف غارة شنها بعنجهية ووحشية على المدن والقرى والأحياء والمنازل والطرق والجسور ومرافق البنية التحتية.

رغم أن التقرير أدان بشدة دبلوماسية الشيكات والضغوط غير الأخلاقية التي استخدمها النظام السعودي لتوفير الغطاء الدولي لحربه الهستيرية على اليمن، إلا انه بالمقابل لم يخل من إدانات غير مباشرة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اعتبارا من مسؤوليتهما المباشرة في تفويض نظام همجي بهذا القدر للتعاطي مع ملف الأزمة اليمنية.

ولعل أهم ما نشره التقرير هو تأكيده أن واشنطن ولندن هما من فوضا العام الماضي النظام السعودي بالتعامل مع ملف الأزمة اليمنية باحتضان فريق الخيانة والعمالة في الرياض وأداة حرب شعواء على اليمن بدعوى مواجهة الانقلاب وعادة الشرعية، وتأكيده بان واشنطن ولندن شعرتا في الأشهر الأخيرة من العدوان بالقلق حيال ما سماه التقرير “الحرب الطائشة” التي تسبب بالكثير من الدمار ناهيك بالعدد الكبير لضحاياها المدنيين.

التقرير كشف أدوارا مروعة للنظام السعودي أداها خلال العام الماضي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن متسلحا بالنفوذ السياسي والدبلوماسي للولايات المتحدة وبريطانيا، ووصل إلى حد مذهل أفصح عنه نائب مدير شؤون الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش والذي قال ” إن السعوديين يستطيعون تشكيل أي جلسة مناقشة بشأن اليمن واللعب عليها حتى عندما لا يكونون متواجدين في غرف الأمم المتحدة”.

نشر التقرير في مجلة “فورين بوليسي” التي تعد النافذة الرسمية المعبرة عن مواقف البيت الأبيض وسياساته الخارجية أفصح عن تحولات كبيرة في الموقف الأميركي منسجم إلى حد كبير مع مواقف عواصم عالمية كثيرة تجاه النظام السعودي والحرب الهستيرية التي يشنها على اليمن وهي الحرب التي أنتجت  مأساة إنسانية كبيرة وانتشارا كبيرا لخطر التنظيمات الإرهابية من القاعدة وداعش وغيرها دون ان تفلح في  تحقيق أي من أهدافها السياسية.

انهيار جدار النفوذ الدبلوماسي السعودي في المحافل الدولية بهذه الصورة المريعة يعني بلغة السياسة والدبلوماسية رفع واشنطن ولندن يديهما عن حليفها الهمجي وتركه وحيدا يتجرع بتخبط فاتورة حماقاته وجرائمه، وهو موقف لا يبدو أن سيقتصر على العاصمتين  الأكثر نفوذا بالعالم بل يجتاح عواصم العالم بسرعة قياسية، غبرت عنه المواقف الأوروبية في الكويت بما في ذلك ألمانيا والصين وغيرها من العواصم الكبرى.

التداعي الذي يحاصر النظام السعودي من جهات عدة تجلى أيضا في البيان الأخير الصادر عن مجلس الأمن بشأن اليمن والذي لوح بإسقاط الذرائع السعودية المتمثلة بالبيان الأممي 2216، وتصريحه علنا نقل ملف الأزمة اليمنية من دائرة النفوذ السعودي إلى مائدة الأطراف الداخلية وكذلك في الموقف الدولي والأوربي الذي بدا أنه قد قرر عزل النظام السعودي كليا عن طاولة مفاوضات التسوية الجارية بالكويت.

مؤشرات هذا التداعي ازدادت وضوحا في التحريك الأميركي اللافت لملف هجمات 11 سبتمبر وفي التحركات الدولية لفرض عقوبات على النظام السعودي من طريق وضعه في قائمة الأنظمة المارقة المحظور تصدير السلاح إليها وفي المساعي الحقوقية لإدانة نظام آل سعود بارتكاب جرائم حرب، وفي جهود تسليط الضوء على الدور السعودي المشبوه بتوسع خطر التنظيمات الإرهابية، وغيرها  الكثير.

علينا التأكيد هنا أن الصمود الأسطوري للشعب اليمني في وجه العدوان الغاشم لأكثر من سنة كان وحده السبب وراء هذا التداعي العالمي وكان وحده المحفز الأبرز لكل هذه التحولات.

وقوة إرادتنا بالحياة وصمودنا في وجه العدوان وقوته الغاشمة وبسالة جيشينا ولجاننا الشعبية هي من فتحت كل الأبواب التي أوصدها العالم في وجوهنا ساعة أن أعطى هذا النظام الهمجي وحلفاءه صلاحيات كاملة لقتلنا وتدمير بلادنا بلا هوادة.

المجد والخلود للشهداء.. الخزي والعار لكل العملاء والخونة وكل المغفلين والحمقى الذين لا يزالون يمارسون السياسة تحت تأثير أفيون البروبغاندا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى